سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الجمعة، 27 ديسمبر 2013

ماقل و دل: وما أكثر المعقدين في الأرض ..!! بقلم /حامد أبوعمرة

سأل أحد الصغار والده فقال مامعنى قوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا " ..؟ رد عليه ذاك الأب الذي يُدّرس مادة الرياضيات بكلمات طلسمية معقدة ،كما هو واقعنا اليوم وكما يتعمد الكثيرين تعقيد كل شيء وتنغيص حياتنا ..حيث قال الفرق يابني بين الاعتصام والانسلاخ أو العزلة بين الناس ن كالفرق بين الكسور ، والأعداد الصحيحة فأي كسر مهما علا أو كبر شأنه وقيمته فهو فتات أرقام مبعثرة ، لذلك تلك الكسور أقل من الواحد الصحيح ..!! ما فعله ذاك الأب يذكرني بأحد الأشخاص الذي قام بمداهمة باب إحدى الغرف ،وقام بكسرها ،و لو ادار مقبض الباب لفتحه بكل سهولة ،ويذكرني ذلك أيضا بالعالم نيوتن والذي كانت في داره قطة كلما أغلق عليه بابه وقعد الى مكتبه ومباحثه أقبلت تخرمش بأظفارها فتشغله عن عمله حتى يقوم فيفتح لها فلما طال عليه المر كد ذهنه وأطال بحثه فاهتدى الى المخلّص ففتح لها في اسفل الباب فتحة تمر منها فاستراح بذلك من شرها لقد تصور أن الأمر حسم وانتهى لكن بعد فترة وجيزة ، ولدت لها أي القطة الأم ثلاث قطيطات ففتح لكل واحدة منها فتحه هكذا لم يستطع هذا العقل الكبير الذي وسع قانون الجاذبية الأرضية أن يتسع لحقيقة صغيرة وهي أن الفتحة تكفي لقطة الم واولادها ..!!لا أعرف حقيقة لما يميل اولئك الى التعقيد ...كم تمنيت ان يحُدّث ذاك الأب ابنه بلغة الدين وبلغة العقيدة حيث البساطة والاستقرار وتهذيب النفس ..وهو الأمل المنشود في الإصلاح ..!!

المقالات السياسية: رأس نورس بقلم/ عبد الرازق أحمد الشاعر

في الخامس عشر من ديسمبر الجاري، تجاوزت نورس النعيمي عتبة بيتها في طريقها المحفوف بالرصاص نحو الحقيقة، لكنها لم تستطع اجتياز عتبة العشرين لأن أربعة أعين جاحظة كانت بانتظار طلتها المألوفة. وما هي إلا بضع رصاصات غادرة، حتى تلوى جسد الفتاة الغض حتى آخر نبضة في وحل شارعها البارد. وفي ومضة برق، كانت الكاميرات الموصلية تلتف حول رأسها الصغيرات لتبث رسالة رعب للنابشين في قبور الحقيقة في بلد يقتل المرء فيها دون أن يدري فيم قتل. 
وبين يدي القاتل، وقفت أم نورس هازئة برأسه المتدلي من مشنقة الندم تؤكد له في نبرة واثقة أنها ليست غاضبة منه، فلقد حمل عن حماقة وزر فقيدتها فوق ظهره ليلقى الله يوم الدين بيدين تقطران دما، بينما زفت الملائكة ابنتها إلى الجنة في عرس جنائزي مهيب. لكنها عادت بقلب مكلوم وخور ثكلى لتصب في أذنيه رصاص كلماتها مذابا: "أنت جاهل يا ولدي، لكن ابنتي تجيد لغتين."
رحلت نورس بعد أن تركت بقعة دم متجلطة فوق كتابها "مدخل إلى حقوق الإنسان" الذي وجد في حقيبة يد شدت حزامها حتى آخر قبضة، فلم يظفر سيف وليد حسينة المولى من فعلته الشنعاء إلا بحقيبة جلدية بلا حزام، وجملة من الشهادات التي لم تعد تفيد أحدا بعد نورس، وأوراق امتحان تعرضت له في يوم مقتلها، ولعنات متتابعة إلى يوم الدين من حلوق لن تذوق راحة بعد رحيل نورس. 
وسط أوراقها المغضنة، تركت نورس صورة لم تكتمل لوجه صغير لن يبتسم بعدها إلا لماما. ذلك الوجه الذي لم يبتسم للكاميرا التي رافقت أصابعه الصغيرة وهي تخرج ما تبقى من دماء في بقايا أخته المغدورة من كيس بلاستيكي لم تخرج به. وعلى قناة الموصلية، ظهر وجه نورس، لكنه لم يكن باسما، وفوقه شريط أسود وذكريات بائسة.
وبموت نورس، ارتفع عدد الصحافيين القتلى في الموصل إلى سبعة على مدار ثلاثة أشهر أخيرة، ناهيك عمن صادفه الحظ ولم يخرج من بيته يوم وقف أمامه المتربصون. ورغم هذا، لا تعتبر الموصل بدعا من المدن، صحيح أنها ثاني أكبر مدن العراق بعد بغداد، إلا أن عدد القتلى وسجناء الرأي فيها لا يختلف كثيرا عن بقية مدن الحمق العراقية. فقد وزعت الفتنة الطائفية على المدن حصصها من الدماء والحزن والفقد منذ عقد ونيف. 
وهكذا، قرر عام 2013 الثقيل أن يضم رفات نورس لقافلة من الشهداء والقتلى تجاوز عددهم السبعة آلاف قتيل ليسجل رقما جديدا في سجلات الإفساد البشري الذي تنبأت به الملائكة ذات خلق. تستطيع العراق الآن أن تباهي سائر الأمم بإنجازاتها غير المسبوقة في القتل والتشريد والعنف الطائفي غير المسبوق، ويستطيع العراقيون أن يعلنوا في خيبة أن عشرة أعوام من القتل على الهوية لم تكن كافية لتسوية خلافاتهم المذهبية، وأن مجاهدي العراق أولى برؤوس أهلها.
حين سقط صدام، ظن الطائفيون من الجانبين أنهم قادرون على ابتلاع محيط البشر من حولهم، وأن حربهم المقدسة ضد الجلود ستؤول إلى ملك لا يبلى. ومرت السنون، وتوالت الجنازات وكثر الهرج، ولم يحظ أحد الفريقين بما سولت له أحلام اليقظة من خلافة. وسقط عراق الحضارة في هوة من المؤامرات العابرة للرؤوس، ليدفع العراقيون البسطاء من دمائهم شريانا جديدا لفرات حقد لا ينتهي. 
ولأن أم نورس تعرف يقينا أن رؤوس الأصابع التافهة التي حملت مسدسا محشوا بالكراهية لا تحمل فكرا ولا تستطيع تغيير مسار أحداث، توجهت المكلومة بنداء لرئيس وزراء العراق نوري المالكي تناشده اللقاء. صحيح أن الرجل مشكورا لبى نداءها وأعلن أنه سيلتقي بها، لكنني أشك في قدرة الرجل على إعادة الهدوء إلى شوارع الموصل، لأنها أصبح جزءا من معادلة الفشل التي يدور في فلكها العراق. 
فعراق اليوم في حاجة إلى رجل يقدم المصالحة على الثأر والاستقرار على الانتصار في حرب لا خاسر فيها إلا الوطن. صحيح أن أحدا لن يستطيع أن يستعيد رأس نورس، أو يتمكن من إعادة الكاميرا إلى كتفها، إلا أنه بوسع الحاكم المنحاز لقضايا شعبه أن يزيل بقعة الدم المتجلطة من فوق كتاب حقوق الإنسان الذي تركته نورس في حقيبة يد بلا حزام. ويستطيع المواطنون التخلي عن أحزمتهم الناسفة بعد عقد من الفشل الذريع والفساد الأعظم. أما أن يكتفي المالكي بلقاء يغازل فيه الصحافة والإعلام، ليدعي أنه حريص على رؤوس الصحافيين المتطايرة، فهذا نوع من الدجل الرخيص والدعاية الكاذبة.
عبد الرازق أحمد الشاعر
أديب مصري مقيم بالإمارات
Shaer129@me.com

دراسات: نثر - شعر: المشهدية فى أعمال دان براون الأدبية بقلم/ مروان محمد

هذه القراءة الانطباعة أقدمها لكل محبى أعمال الكاتب دان بروان و أعتقد أن أول شىء أفتتح بهذه القراءة الانطباعية هو ذكر ملامح سريعة عن حياة دان براون فلقد ولد فى العام 1964 في ايكسيتير،نيوهامشير، الولايات المتحدة الأمريكية, كان والد بروان يعمل أستاذاً لعلم الرياضيات أما والدته فكانت عازفة للموسيقى الدينية، وهكذا نشأ دان في بيئة تجمع بين العلم والدين. تزوج دان من بلايث وهي أستاذة في علم تاريخ الفن ورسامة وكثيراً ما ترافقه في رحلاته الاستكشافية.

تخرج دان من جامعة آمهيرست وأكاديمية فيلبس اكستير حيث عمل لبعض الوقت كمدرس للغة الإنجليزية قبل أن يتجه بعد ذلك إلى الكتابة. و استخدم حبه لفك الشفرات وأسرار المنظمات الحكومية فى تأليف أول رواية له بعنوان الحصن الرقمي والتي سرعان ما أصبحت رقم 1 في أكثر الكتب الإلكترونية مبيعاً على المستوى المحلي.

اعتبرته مجلة التايم بعد أن أصدر روايته الشهيرة شيفرة دا فينشي أنه واحداً من أكثر مائة شخص أثروا في العالم. ظهر دان براون على قناة سي إن إن وبرنامج توداي شو وراديو ناشونال وصوت أمريكا وتصدرت صوره صفحات الجرائد والمجلات, تم ترجمة رواياته ونشرها لأكثر من 40 لغة حول العالم.

و بسبب روايته شيفرة دافنشى ثار جدل فى الوسط المسيحى حول مدى ارتباط دان بروان بالمسيحية من عدمه و عندما سُئل عن كونه مسيحياً، أجاب : "نعم. فإذا سألت ثلاث أشخاص عن معنى كون المرء مسيحياً فستحصل على إجابة من ثلاث: بعضهم يعتقد أن المعمودية تكفي لأن يكون الشخص مسيحياً، والبعض يعتقد بحتمية قبول الكتاب المقدس على أنه حق مُسلم به، بينما يعتقد البعض الآخر بوجوب قبول المسيح كمخلص شخصي للحصول على الخلاص وإلا ذهبت إلى الجحيم. أنا أعتبر نفسي دارساً لعدد من الأديان وكلما تعلمت المزيد، زادت أسئلتي ", و كما هو واضح من إجابته فأنه لم يعطى إجابة شافية حول هذا الأمر و راوغ فى الإجابة و ذلك لأنه فى راويته شيفرة دافنشى أعلن صراحة أن المسيحية كذبة استمرت لألفين سنة.

يتميز أسلوب دان براون الروائى بأنه يعتنى جدا بالمشهدية, بشكل أكثر وضوحا يعطى للتفاصيل أهمية قصوى فى وصف المشاهد الموجودة بالرواية للدرجة أنه يهتم بوصف تفاصيل المكان الذى تدور فيه الأحداث سواء كان مبنى أو غرفة أو أى شىء من هذا القبيل, أسلوب كتابته أقرب إلى الأفلام السينمائية فهو يهتم بشكل خاص بكل حركات الأشخاص الانفعالية سواء فى نبرات الصوت أو لغة الجسد و التأكيد على نبرة الصوت و ارتباطها بالموقف أو الحدث الذى تعيشه الشخصية.

كذلك لغة الجسد تأخذ حيز مهم جدا فى أعمال دان بروان الروائية كما أنه لديه ولع شديد بالأغراق فى المعلومات التاريخية و خاصة الرموز الدينية و الإسهاب فى وصف نظريات المؤامرة سواء كانت دينية كما يظهر ذلك جليا فى روايتى ملائكة و شياطين و شيفرة دافنشى أو نظرية مؤامرة حكومية كما يظهر جليا فى روايته حقيقة الخديعة.

و أرى أن إسهابه المفرط فى ذكر المعلومات التاريخية داخل النص الأدبى قد يفقد متعة القارىء للنص الأدبى و تتحول الكثير من صفحات الرواية إلى ورقة بحثية بحتة و ذلك قد يخرج القارىء من الجو الأدبى الذى يحاول أن يصنعه الكاتب داخل عمله, أيضا إغراقه المفرط فى ذكر تفاصيل كثيرة و دقيقة للغاية تجعل روايته فى بعض أجزائها تجنح إلى الملل و تفقد القارىء قدرته على التواصل مع أحداث الرواية الشيقة و لكن كل ذلك لم يقف عائقا أمام إبداع أدبى واضح فى أعماله الأدبية.

بالإضافة إلى إتسام عمله الأدبى بالضخامة من حيث عدد الصحفات نتيجة لكمية المعلومات التى ترد فى عمله الأدبى و إغراقه فى التفاصيل و لكن كل ذلك لا يفقد القارىء متعته فى متابعة أحداث الرواية الشيقة و لا تسيطر على القارىء حالة ممل تؤثر فى رغبته لمواصلة القراءة , فمهارات دان بروان فى صياغة الأحداث و تلاحقها و غرز عناصر التشويق فيها تجعل القارىء يتغاضى عن كل هذه الشكليات لمواصلة قراءة العمل الأدبى بدون ملل و استمتاع.

من يجب هذا اللون الأدبى أتصور أنه إذا أقدم على قراءة رواية لدان براون لن يتوقف عن قراءتها حتى ينهيها بالكامل فى غضون يومين أو ثلاثة على الأكثر على الرغم من ضخامة العمل الأدبى.

كما أن دان بروان يهتم جيدا بالمعلومات التاريخية المثيرة للغاية و التى تكاد تكون حقيقة أغرب من الخيال و يدلل على مصداقية المعلومات التاريخية أو العلمية التى يثيرها فى عمله بحيث لا يتطرق الشك إلى القارىء فى مصداقية هذه المعلومات على الرغم من غرابتها الواضحة التى قد تصور للقارىء أنها من صنع خيال المؤلف و لا تمت للواقع بصلة و لكن براعته و قدرته على إذهال القارىء تتلخص فى أنه يدفع إليك بحقائق مثيرة قد تكون مستنكرة و لا تتصور أنها حدثت بالفعل و يبرهن على مصداقيته التامة و قد تجلى ذلك واضحا فى عمله الأكثر شهرة " شيفرة دافنشى" خاصة فى الأماكن التى أرتداها بطل القصة بصحبة المفتشة الفرنسية و التى قد يتصور القارىء للوهلة أنها أماكن متخيلة و لكن يعترى القارىء الشعور بالدهشة عندما يعلم أن الوثائق و الأماكن التى يعرض لها كاتب العمل الأدبى حقيقية بالفعل و موجودة على أرض الواقع.

نحن أمام ظاهرة فريدة فى العالم الأدبى قادرة على أن تدخل كل عناصر المفاجأة على القارىء بمعلومات حقيقية تماماً و أن قدرة الكاتب على أدهاش القارىء بمعلومات واقعية أقوى و أكبر بكثير من إبهاره بخياله البحت. 

فضلا عن قدرته عن توظيف هذه المعلومات المثيرة فى قالب أدبى جيد, لأنى أتصور أنه من الصعب جدا و المرهق أن تحاول أن تضفر بحث تاريخى قائم على معلومات معقدة فى قالب أدبى و لا يخرج مملاً, فربما حاول أدباء غيره أن يفعلوا المثل و لكنهم تورطوا فى مأزق الملل الذى يسيطر على القارىء لدى قراءته للعمل و المباشرة الواضحة فى عرض المعلومات و التى لا تجد صدى لدى هذه العوامل السلبية فى الأعمال الأدبية لدان بروان.

مثلا روايته حقيقة الخديعة و هى تتناول موضوع مذنب من المريخ اكتشتفته وكالة ناسا فى العام 1994 فى ثلوج الألسكا و قدر عمره بملايين السنين و تدور أحداث الرواية حول مبارزة علمية بين علماء من خارج وكالة ناسا مع علماء من داخل وكالة ناسا حول إثبات تزويير علماء ناسا فى نسب هذا المذنب إلى المريخ و قد أعلنوا أنهم وجدوا مستحثات على هذا المذنب تشير إلى مظاهر حياة أولية على المريخ و أن الفريق العلمى الأوربى يحاول أن يكشف زيف هذه المعلومات و أن هذا المذنب تم صناعته فى وكالة ناسا فى محاولة لتلميع ناسا علمياً و تبرير حصولها على دعم مادى يقدر بمليارات الدولارات سنويا من ضرائب المواطنين الأمريكيين.

و اعتمد فى هذه المبارزة العلمية بين إثبات مصداقية المعلومات التى أوردتها ناسا حول المذنب من عدمه على معلومات علمية معقدة جداً و تجلت براعة المؤلف دان بروان فى عرض هذه الحقائق العلمية المعقدة جدا كأنها حلوى تقدم فى طبق شهية للغاية و سهلة الهضم.

و هو أعتمد فى صنع روايته على قصة حقيقية أعلنت فيها وكالة ناسا عن الكشف عن مذنب سقط من المريخ على كوكب الأرض منذ ملايين السنين و وجد عليها مستحثات تشير إلى مظاهر حياة أولية على سطح المريخ و قدم رواية رائعة للأسف لم تنال نفس شهرة الروايتين اللتين تتناولان أحداث تاريخية و هى شيفرة دافنشى و ملائكة و شياطين, ربما لأن المعلومات العلمية ليست قادرة على إبهار القارىء بأكثر من المعلومات التاريخية المثيرة للجدل حول مسلمات استمرت لعقود طويلة من الزمن.

هذه لمحة بسيطة عن الإبداع الأدبى الذى قدمه لنا دان بروان من خلال خمس روايات و هم كالتالى: الحصن الرقمى – حقيقة الخديعة – ملائكة و شياطين – دافنشى كود – الرمز المفقود.

المقالات الاجتماعية: محو الأمية و دورها فى نمو الحريات بقلم/ مروان محمد

فى كل البلدان التى تحكمها أنظمة شمولية استبدادية تجد أن نسبة الأمية مرتفعة فيها, لأن أى نظام استبدادى يحرص تمام الحرص على أن يبقى قطاع كبير من الشعب لا يعرف القراءة و الكتابة, لأن القراءة و الكتابة مفتاح الأمم نحو حريتها, و معرفة حقوقها و المسارعة إلى المطالبة بها كما تحدث عنها عبد الرحمن الكواكبى فى كتابه طبائع الاستبداد.

ليست فقط العوامل السياسية و الاقتصادية هى التى تعوق التنمية فى بلدان العالم الثالث و لكن يتدخل عامل الأمية كعامل حاسم فى تأخر نمو هذه الأمم و إنطلاقها نحو الديموقراطية و أى حكام مستبد يخشى من الأمة المتعلمة لأنها ستكون واعية بحقوقها و تستطيع أن تصل إلى المعرفة من مصادر متعددة بدون الحاجة لأن تتجرعها من خلال قنوات النظام التى تحدد النسق المعرفى الواجب على المواطن تلقيه.

محو الأمية يحد من قدرة الحاكم المستبد على الاستبداد بشعبه و من الممكن أن تسقط ذلك الحاكم المستبد فأى حاكم مستبد يتحكم فى شعبه عن طريق الجهل المعرفى و هذا ما نعانى منه فى مصر خاصة و فى العالم العربى عامة و هو أرتفاع نسب الأمية إلى حدود قياسية مفزعة, ففى مصر ما يقرب من نصف السكان أميين أو تسربوا من التعليم فى مراحل التعليم الأبتدائى.

من خلال انتشار الأمية تستطيع أى جماعة سياسية سواء كانت فى الحكم أو فى جناح المعارضة أن تحرك ذلك القطاع الأمى و تبث فيه أنساق معرفية معينة تخدم على مصالحها و لكن القضاء على الأمية يحد من سيطرة أو تحكم هذه الجماعات السياسية الحاكمة أو المعارضة على شعوبها.

نحن أمام تحدى عظيم و هو القضاء على الأمية و لأننا نحيا فى ظل أنظمة استبدادية فلا يمكن أن نعول على هذه الأنظمة فى إرساء مشروع قومى للقضاء على الأمية لأن ذلك يعد سلاح خطير موجه إلى وجه و صدر هذه الأنظمة و يجب أن نضطلع نحن أفراد الشعب بهذه المهمة, فشل الثورة المصرية جانب كبير منه بسبب نسبة الأمية المرتفعة.

حتى الأنظمة الديموقراطية أو التى تنتهج الآليات الديموقراطية من إجراء انتخابات و استفتاءات لو وجدت فى مجتمع نسبة الأمية فيه أعلى من نسبة المتعلمين أو حتى نسبة الأمية فيها مرتفعة فهى بالتالى تتحول تدريجيا إلى أنظمة استبدادية تلبس ثوب الديموقراطية الشكلية دون ممارسة جوهر العملية الديموقراطية لأن من السهل السيطرة على مجتمع أمى بالآليات الديموقراطية و تسيره فى المخطط التى تتخذه هذه الجماعات السياسية فيتحول الأمر من ممارسة الديموقراطية إلى ممارسة ديكتاتورية تم تزينها بملامح ديموقراطية هشة.

من السهل وقتها التأثير على مجتمع تتفشى فيه الأمية و قيادته لاختيار اختيارات تفرضها عليه تلك الجماعات السياسية من خلال الآليات الانتخابية و ذلك لأن مصدر المعلومات الوحيد سيكون وقتها النظام القائم المتحكم فى العملية الديموقراطية و لن يكون أمام هذه المجتمع المتفشية فيه الأمية مصادر أخرى حرة ينتقيها بنفسه للبحث عن المعرفة بطريق غير طريق النظام.

فبالتالى للوصول إلى عصر الحرية و ممارسة ديموقراطية شكلاً و جوهراً, يجب أن نتخلص من الأمية و هذا كما أسلفت لن يتحقق من خلال تلك الأنظمة و لكن من الممكن أن يتحقق من خلال المبادرات الفردية و الجماعية على مستوى مصر كلها.

يجب أن يقوم كل فرد متعلم بمحو أمية عشر أشخاص على الأقل كل عام, من خلال الجمعيات الأهلية أو المساجد, يجب أن نفرغ جزء من وقتنا لإداء هذا المشروع القومى الهام, لأن ذلك سيساعدنا مستقبلاً فى الوصول إلى الحرية و لا يتوقف الأمر عند حد الوصول إلى الحرية و لكن أيضاً المحافظة عليها من الضياع أو من تأثير النظام الحاكم أو جماعات الضغط من محاولات التضليل و الخداع المعرفى التى ستقدمها إلى جمهور ترتفع فيه نسبة الأمية وقتها و من السهل التأثير عليهم, و لكن مع محو الأمية سيجدون أنفسهم وقتها أمام شعب تنخفض فيه معدلات الأمية إلى أدنى مستوياتها فلن يسهل خداعهم عن طريق نسقهم المعرفى المضلل الذى يهدف إلى إحكام السيطرة على هذا الشعب, لا يمكن القول أن هذا الشعب سيتخلص بشكل كامل من مظاهر السيطرة و الاستبداد و لكن سيحد منها إلى حد كبير.

لذا من المهم جداً أن تكون هذه مهمة الأجيال الحالية فى محو أمية المجتمع و أن طال أمد هذا المشروع لمدة عشر سنوات فلا بأس من أن يكون مشروع تطويل الأمد و لكن ستتغير الخريطة الاجتماعية للشعب المصرى وقتها بعد عشر سنوات من الأن, لقد أصرفنا الكثير من الطاقات فى صراعات ثانوية استنزفت أغلب جهودنا و خرجنا من معركة الثورة خاسرين و حتى تنجح الثورة مرة أخرى و تحقيق حلم الديموقراطية و الحرية علينا أن نمحو أمية هذا الشعب بقدر المستطاع من خلال المبادرات الفردية و الجماعية فيمكنك أن تتخيل إذا قام كل شخص بمحو أمية عشرة أشخاص كل عام لمدة عشرة أعوام و لك أن تتخيل أن من انخرط فى هذا المشروع القومى ربع مليون شخص متعلم قام بمحو أمية عشرة أشخاص كل عام لمدة عشرة أعوام فأننا سنكون وضعنا الأمية فى أدنى مستوياتها خلال عشر سنوات فقط. 

نتكلم بعد عشر سنوات من الأن عن محو أمية 25 مليون شخص, هذا رقم خيالى و لكن ممكن الاقتراب منه أو تحقيقه, يمكنك أن تشاهد هذا المجتمع بعد عشر سنوات من الأن كيف سيكون حاله و وعيه المعرفى , سيكون متقدم جداًً لأن كل شخص سيتم محو أميته سيدرك الفارق الهائل بين أميته سابقا و بين محو أميته لاحقاً و سيكون حريص أشد الحرص على أن ينال أولاده قسط من التعليم يفوقه بمراحل.

سنتخلص من الأمية بشكل حاسم بعد عشر سنوات فقط من الأن, ما أقوله ليس ضرب من الخيال أو الأحلام و لكنه السبيل الأنجح و الأكثر تأثيرا فى التخلص من الأنظمة الاستبدادية لأن وقتها سيكون كل إنسان على أرض مصر قادراً على انتقاء مصادر معرفية مختلفة وفق ما يروق له و يطمئن له و لن يضطر إلى أن يتلقى النسق المعرفى من مصدر واحد فقط و هو السلطة الحاكمة و لكن ستتنوع وقتها مصادره مما يعنى اتساع أفقه المعرفى مما يعنى نضوج وعيه السياسى و المجتمعى و تشبعه لقيم الحرية و الممارسات الديموقراطية و سيتعرف وقتها على حقوقه كمواطن عصرى و سيخرج للمطالبة بها بكل قوة لأن نور المعرفة قادر على أن يحرك كل هذه الكتل الكسولة التى ارتكنت إلى كسلها لجهلها المعرفى, إذن العوامل الاقتصادية و السياسية قد تكون مؤثرة فى تأخر التنمية التى نطمح إليها و لكن هناك من وجهة نظرى عامل أجتماعى آخر أشد خطورة و أكثر أهمية و هو الأمية.

سأكرر ما قلته فى صدر المقال و هو أن أى نظام استبدادى يحرص تمام الحرص على أن تبقى نسبة الأمية مرتفعة فى الشعب الذى يحكمه لأنه سيسهل من قيادة هذا الشعب لأن النظام الحاكم سيكون المصدر الوحيد للمعرفة أما بمحو الأمية فسنفتح أبواب المعرفة و ستتنوع مصادرها أمام هذا الشعب فيستطيع أن يميز و يقيم و يحلل و يفكر و من ثم يبادر بأخذ الخطوات و يبنى الأراء التى تتوافق أو تختلف و يقف بالمرصاد وقتئذٍ للنظام الحاكم و لا يترك له المجال بعد ذلك لأن يتلاعب به و يضلل تفكيره.

المقالات الفلسفية: احتضار الفلسفة شىء حتمى بقلم/ مروان محمد

كثيراً ما يجول بخاطرى سؤال حول الفلسفة, ما هى أهمية الفلسفة فى الوقت الراهن؟, كل المنتمين إلى الفضاء الفلسفى سواء فلاسفة أو محبى الفلسفة سيذكرون لك عشرات الأسباب التى تقوى من أهمية الفلسفة فى الوقت الراهن و ضرورتها الحيوية فى الإجابة على تساؤلات تأملية هامة و المعترضين على الفلسفة و المناهضين لها سيذكرون لك عشرات الأسباب التى تضعف من شأن الفلسفة اليوم و جدوى استمرارها.

هذا السؤال ليس الأول من نوعه و لكنه جدل قديم و مثار لنقاشات فكرية متواصلة لم تتوقف و لم يقتنع فيها أى طرف من الطرفين بحجج الطرف الآخر حول أهمية الفلسفة فى العصر الحديث.

من المعلوم أن الفلسفة فى العصر اليونانى تعتبر أم العلوم كلها ( الطبيعية و الإنسانية) و لكن مع تطور الحضارات الإنسانية بدأت تلك العلوم فى الانفصال تدريجيا عن مدار العالم الفلسفى و تصبح علوم مستقلة بذاتها, فتحولت الفلسفة مع مرور الوقت إلى مجرد تأملات فكرية و خواطر إذا أمكن قول ذلك مع تحفظ الفلاسفة الشديد على قولى هذا, و لكن إليست هذه هى الحقيقة فى أبسط صورها؟!, ما هو الدور المقدر للفلسفة أن تلعبه فى الوقت الراهن سوى إرهاق العقل البشرى فى مجموعة من التأملات و التساؤلات التى سبق و قتلت بحثاً و فكراً و إجابة عليها و ما يحدث الأن هو إعادة إنتاج لنفس القوالب الفكرية مرة أخرى, حتى أن التكرار فيها أصبح محفوظ و مستنفذ من وجهة نظرى و هذا رأى سيهاجمه أى محب للفلسفة بشدة و هذا حقه و لكنى أرى أن الفلسفة أفرغت من محتواها فى ظل تقزم دورها فى فكرة خواطر فكرية تسمى الأن فلسفة! 

فرانسيس بيكون من أشد المهاجمين للفلسفة و هو يرى أن دور الفلسفة أنتهى من خلال النهضة العلمية الواسعة التى شهدتها أوربا, و يرى أن الفلسفة ركدت ريحها فى حين أن العلم يزداد قوة و نمواً و كان على إيمان قوى بأن العلم قادر على الإجابة على كل تساؤلات البشر و أن هذا لم يعد دور الفلسفة.

و أنا أرى أن الفلسفة تحولت إلى فرع من فروع الأدب ليس ألا, مجرد مفكرة لتسجيل خواطر إنسانية حول أمور شتى فى الحياة. 

و نجد أن الفلسفة بالإضافة إلى أنها تعيد بشكل ممل الإجابة عن تساؤلات فرغ منها العلم أو سبق و إجابت عليها الفلسفة فى عقود مضت, ألا أنها بالإضافة إلى كل ما سبق وقعت فريسة لصراعات مختلقة حول فكرة التلاعب بالألفاظ و محاولة مفتعلة لخلق مفاهيم فلسفية جديدة تكون محور للجدل و النقاش لا تعود على الإنسان بأى نفع يذكر, قد يرى الكثير من المشتغلين بالفلسفة هذه السطور الأخيرة على أنها مؤشر على ضحالة ثقافية واضحة لكاتب المقال و أنا أراها برهان دامغ على خلو موضوعاتهم من أى أهمية حقيقية, الفلسفة الأن لا تساعد فى تقديم حلول لمشكلات الإنسان اليومية أو حتى على المستوى الإنسانى العالمى.

الفلسفة لا تقدم إجابات أو نتائج قائمة على البحث و التجريب و لكن قائمة على التأمل و الاستنتاج و المنطق و الرأى و الهوى و هذا لم يعد مقبولا فى العصر الحالى بأى حال من الأحوال.

لماذا لا يؤمن المشتغلين بالفلسفة أن الفلسفة أدت دورها ثم ماتت و احتضرت و ما يتم الأن هى محاولات سخيفة لإحيائها و إعادة بعثها, فهى أصبحت حالياً جسد بلا روح بل تحولت من وجهة نظرى إلى مسخ يعملون جاهدين على إخضاعه للمئات من عمليات التجميل الجراحية ظناً منهم أن الفلسفة من الممكن أن ترجع مرة أخرى لها أهمية كما كانت منذ قرون ولت.

الفلسفة فعليا ميتة إكيلانيكيا و يجب نزع كل أنابيب الحياة التى تحاول أن تحافظ على هذا الجسد من العفن الذى سيصيبها فور نزع هذه الأنابيب عنها, يجب أن ترتاح الفلسفة و تذهب إلى مقبرتها فى احتفال يليق بها و لا تطل علينا برأسها مرة أخرى لأنها ستكون إطلالة بلا جدوى لأنى كما أرى أن الفلاسفة هم الوحيدين المشتغلين حاليا و المهتمين فقط بالشأن الفلسفى و العالم كله قد انصرف عنهم و لن ينظر ورائه مرة أخرى على ما أظن, الفلسفة تحولت إلى مجرد تراث فكرى مثل غيره من أرث إنسانى فكرى طويل ممتد, يمكن أن نقرأه من باب الثقافة و التعرف على نتاج فكرى سابق و لكن محاولة بعثه و البحث عن أهمية وهمية له يشوه من هذا النتاج الفكرى الذى كان له أهمية يوما ما لم تعد موجودة حاليا بأى حال من الأحوال.

مقالات أدبية: انفصال الكاتب عن القارىء بقلم / مروان محمد

كاتب القصة أو الرواية عندما يشرع فى كتابة عمله الأدبى هل يضع فى حساباته القارىء؟, سؤال مهم يحتاج إلى أن نبحث عن إجابة واضحة عنه, هل شعار مثل الفن من أجل الفن شعار واقعى أم هو مثالية مبتذلة؟, إلى من يتوجه الكاتب بكتاباته؟, هل يخاطب جمهور القراء أم هو يكتب لنفسه؟, هل يقدح فى قيمة العمل الأدبى أن يتجاوب الكاتب مع طموحات و رغبات القارىء؟, إليس هناك خلط واضح بين العمل الفنى التجارى و العمل الفنى الذى يخاطب الجمهور الواقعى و ليس الجمهور المتخيل فى ذهن الكاتب؟

ما أطرحه فى هذا المقال ليس جديداً, و كثر الكلام حول هذه الأسئلة و أكثر منها و لازالت هذه الأسئلة مطروحة و الكثيرون ملوا من محاولة الإجابة عليها و البعض يبحث عن مناطق رمادية للوصول إلى أفضل الإجابات التوفيقية.

هناك أمثلة كثيرة من الروايات التى تصدر فى هذه السنوات الأخيرة و هذه الأيام و القصص القصيرة تعبر عن فكرة أنفصال الكاتب عن عالم الواقع و أنه يجنح إلى أن يخاطب نفسه فى أعماله الأدبية و لا يهتم بجمهور القراء.

الوقت الراهن و العصر الذى نحياه اليوم يتطلب أى نوع من الكتابات, بمعنى أكثر وضوحاً, هل يكفى أن يسبح الكاتب فى خيالاته و ينزلها على الورق ليقرأها الناس أم أن الكاتب اليوم عليه أن يحدث من أدواته ليقدم رواية أو قصة بذل فيها الكثير من البحث و المعلوماتية لأن هذا النوع من الروايات هو الأقرب الأن إلى رغبات القارىء. 

لنكن واضحين أكثر فى محاولة الإجابة عن هذه الجزئية تحديداً, فى رأى لم يعد كافياً أبداً أن يكتفى الكاتب بإفراغ خيالاته على الورق و حسبه ذلك, و لكن فن صناعة الرواية أو القصة هذه الأيام يتطلب منه أن يملاء روايته أو عمله الأدبى بالكثير من المعلومات المثيرة و المدققة, أن يصنع عمل أدبى كامل قائم على بحث علمى منهجى.

على سبيل المثال رواية النبطى ليوسف زيدان, ما الذى جعل هذه الرواية مميزة إلى حد كبير؟, هل طبيعة الأحداث التى يسردها الكاتب أم البيئة المعلوماتية الغنية لعصر من العصور لا نعرف عنه الكثير و قد ضخ من خلال عمله الأدبى الكثير من المعلومات التاريخية المثيرة المتعطش إليها القارىء و ذلك الذى وضعها فى هذه المكانة المميزة.

روايات أحمد مراد على الرغم من فقرها الأدبى من وجهة نظرى ألا أنها غنية بمناطق مثيرة للجدل و لشغف القارىء و أكثر ما يميزها أنها تعتمد على البحث و دقة المعلومات التى لا تحاول أن تخدع القارىء بخيالات الكاتب و لكنها تصوغ له صور حياتية غريبة عن القارىء و فى نفس الوقت حقيقية جداً و غير مخادعة, أليست هذه براعة تحتسب لصاحب العمل الأدبى و هذا ما يتطلبه سوق الأدب الأن؟!

هل يجوز أن ننظر إلى الأدب باعتباره منتج استهلاكى يجب أن يدعمه الكاتب بجودة من نوع مميز حتى تلقى الرواج فى السوق الاستهلاكى بشكل عام؟, هل من العيب النظر إلى الأدب من هذا المنظور؟

لا أتصور أن كل ذلك من الممكن أن يسىء للأدب و أن الذين ينفرون مما أقوله الأن و ذلك لأنهم يخلطون بين الاستهلاك التجارى القمىء و بين الاستهلاك التجارى الاحترافى, و يجعلون الأدب الاحترافى مرادف للتجارة المبتذلة لقيمة فنية فتفسد هذه القيمة الفنية.

إذن الإشكالية الحقيقية ليست فى الوصف الذى نحن بصدده و لكن فى بعض الأراء التى تصور هذه الأوصاف على أنها قيم سلبية يجب على أى مشتغل بالعمل الأدبى أن يتخلص منها و ألا ستتلوث قدسية عمله الأدبى.

هذه التابوهات و الإشكاليات الخزعبلاية التى وضعها هؤلاء هى التى افترضت ذلك الصراع الوهمى الذى لا أساس له من الصحة و فسرت الكثير من الأمور على نحو سلبى.

فبالتالى النظر إلى المنتج الأدبى باعتباره سلعة استهلاكية ليس عيباً فى ذاته و لكن العيب فى المحتوى الأدبى الذى قد لا يحمل أى مضمون أو قيمة فنية حقيقية تجعل شروط العمل الأدبى الجيد تنطبق عليه.

إذن مثل تلك الشروط و القيود السخيفة التى يضعها البعض هى التى أوقعتنا فى هذه الإشكالية الوهمية, علينا أن نتخلص من هذه القوانين الهزلية التى وضعها البعض و أصبحت مثل عقيدة راسخة لا يجب أن نحيد عنها.

فكر كهنوتى بحت سلطوى استطاع أن يحصر الأدب فى شكل معين لا يجوز الخروج عليه و ألا لاحقت اللعنات من خرج عن هذه القوانين ضيقة الأفق, أن الأدب صناعة احترافية و هى لا تنبع من داخل الكاتب لترتد إلى داخله مرة أخرى, لم يكن الأدب يوما ليخاطب الأديب نفسه فقط و لكنها لمخاطبة الطرف الآخر المنتظر على الرصيف المقابل يطلب منك منتجات أدبية تشبع رغباته الأدبية الملحة.

قرأت مؤخراً العديد من الأعمال الأدبية التى أرى فيها انفصال جذرى بين الكاتب و بين القارىء, و كأن كاتب هذا العمل قصد أن يكتب هذا العمل من أجل استمتاعه الشخصى فقط بصرف النظر عن البيئة المحيطة به و إن حاول من هم على شاكلتى الاعتراض على هذا النوع من الفكر المبتذل يتم قذفه بقوائم اتهام مجهزة مسبقا تخرجك من جنة الأدب التى افترضوها لأنفسهم.

انصراف القارىء عن قراءة الأعمال الأدبية ليست فقط لغلو سعر الكتاب أو ندرته أو غياب ثقافة القراءة فى مجتمعنا العربى و لكن أيضا لانصراف الكاتب عن معالجة الحياة اليومية للقارىء أو على أقل تقدير طرحها على أوراقه الخاصة ليعلن تضامنه مع القارىء و أنه يشاركه نفس مشاكل الحياة اليومية و أنه يرسل له رسالة أننى أعى ما تمر به لأنى أمر به مثلك و أشاطرك نفس الهموم و الأحزان الجمعية.

فبالتالى يجد القارىء نفسه متورطا مع كاتب يخاطب نفسه فقط و يترفع عن أن يناقش الهموم اليومية للقارىء العادى لأنها من الممكن أن تبعد الأدب عن قدسيته التى صنعوها بقوانينهم الهزلية فبالتالى يكون عقاب القارىء حاضراً و هو أنصرافه عن أعمال هذا الأديب أو إعلان ثورته على الجنس الأدبى كله بشكل عام, إعلان صريح من القارىء أمام كل الكتاب أن أعمالكم الأدبية لا تعبر عنا.

هناك من يربط بين من يحاول أن يتناول الوقائع اليومية لحياة المواطن أو الهموم العامة للوطن فى عمله الأدبى و بين أن ذلك مؤشر على فقره الأدبى و وقتية عمله الأدبى و أنه حجم عمله الأدبى زمنياً فى حقبة معينة بمجرد تجاوز هذه الحقبة الزمنية سيحترق هذا العمل الأدبى فبالتالى يجب أن يرتقى العمل الأدبى عن تناول هذه الأمور التافهة من شئون الحياة و يرتفع إلى مناقشة أفكار سامية كما يحبوا أن يطلقوا عليها ليعيش هذا العمل إلى الأبد و تقرأه الأجيال الحالية و القادمة.

هذه أفكار هزلية كلاسيكية من المخجل أن يتم تداولها إلى اليوم فى الصالونات الأدبية, و لكن للأسف يتم تناولها بكثرة و ينظر إلى من يخالفها بالكثير من الاستهجان و التكبر.

أما أن يعيد الكاتب و الأديب ربط نفسه بالعالم الواقعى للقارىء و أن يقدم له عمل أدبى يتم التخديم عليه معلوماتياً و يقوم على البحث المنهجى كأنه يقدم ورقة بحث علمية و ليس فقط عمل أدبى ليستطيع استقطاب القارىء مرة أخرى أو ينزوى بأدبه فى بركة النسيان و لا يتساءل بعد ذلك أين جمهور القراء؟, فأنت من صرفت جمهور القراء عنك بغرورك الأدبى و ترفعك عن أن تتشارك مع القارىء أحلامه البسيطة و همومه اليومية.



شخصيات: بيل جيتس و قصة نجاح بقلم/ مروان محمد

بيل جيتس أغنى أغنياء العالم و صاحب أحد أكبر الشركات على مستوى العالم (مايكروسوفت) هو وليام هنري غيتس الثالث المشهور ببيل غيتس، رجل أعمال ومبرمج أمريكي. أسس عام 1975 شركة مايكروسوفت مع بول آلان, ولد بيل في سياتل، واشنطن في 28 أكتوبر 1955, و من تتبع السيرة الذاتية لبيل جيتس نجد أن تكوينه الشخصى الفذ و لفهم أيضا القفزة التكنولوجية العملاقة التى قام بها فى مجال البرمجيات و كيف أصبح أغنى أغنياء العالم يجب تسليط الأضواء أولاً على تاريخ عائلته التى نشأ بيل فيها لأنها ستلقى الضوء على الكثير من الأسباب التى أفضت إلى ما أصبح عليه بيل غيتس اليوم, نشأ بيل في عائلة ذات تاريخ طويل بالاشتغال في السياسة والخدمة الاجتماعية. عمل والد جده محافظاً وعضواً في الهيئة التشريعية للولاية، وعمل جده نائباً ًلرئيس بنك وطني، وكان والده محامياً بارزاً. كما شغلت والدته منصباً إدارياً في جامعة واشنطن، وكانت عضواً بارزاً في مجالس لمنظمات محلية وبنوك.

شغف بيل جيتس بالحاسوب لم يكن محض صدفة و لكن كانت جذوره الأولى فى مدرسة لايك سايد حيث قررت المدرسة في العام 1968م شراء جهاز حاسوب لتعريف طلابها بعالم الحاسبات، وكانت أجهزة الحاسوب في ذلك الوقت كبيرة الحجم و ذات كلفة عالية جداً، ولم تتمكن المدرسة من تحمل نفقات شراء جهاز حاسوب، من أجل ذلك قررت المدرسة شراء حسابات محددة بمدة زمنية للاستخدام ، مقدمة من شركة جينيرال إلكتريك. ونظم مجلس الأمهات في المدرسة حملة تبرعات تم من خلالها جمع بضعة آلاف من الدولارات لتحمل النفقات.

ومنذ تلك اللحظة أصبح بيل مهتماً بالحاسوب- وكان وقتها طالباً في الصف الثامن, أمضى غالبية وقته في غرفة الحاسوب في المدرسة منشغلاً بكتابة البرامج وتطبيقها للدرجة التى جعلته يهمل واجباته بالإضافة إلى أنه تغيب عن صفوفه الدراسية في بعض الأحيان. وفي هذه الغرفة تعرف بيل على بول آلن، طالب آخر يتقاسم معه الاهتمام بالحواسيب، وخلال وقت قصير نمت بينهما صداقة قوية استمرت لسنوات عديدة. و سرعان ما انتهت الفترة الزمنية المحددة لاستخدام الحاسابات ولم يتمكن مجلس الأمهات من تحمل أي نفقات إضافية، مما دفعهم للتفكير في مصدر آخر يوفر لهم حاسباتٍ مجانية وبزمن غير محدود.

أتفقت المدرسة لاحقاً فى نفس العام مع شركة أخرى تعرف باسم Computer Center Corporation - CCC لتزويد الطلبة بمزيد من الزمن المخصص على الحاسوب، وكان نظام هذه الشركة يعمل على جهاز حاسوب من نوع(PDP-10)، وأقبل بيل وبقية الطلاب على هذا الحاسوب بشغف وكانوا فضوليين تجاه نظامه، لم يمر وقت طويل حتى تعرض نظام تشغيل الحاسوب التابع للشركة للكثير من الأعطال و ذلك لأن الطلبة تمكنوا من كسر نظام الحماية على الحاسوب، كما قاموا بتعديل ملفات الحسابات الخاصة بهم للحصول على مدة زمنية أطول لاستخدام الحاسوب، مما دفع الشركة لحرمانهم من استخدام النظام لعدة أسابيع.

بعد انتهاء مدة الحرمان توجه أربعة من طلاب المدرسة: (بيل غايتس، بول آلن، ريك ويلاند ، وكنت إيفانس إلى شركة CCC، وقدموا عرضاً يقتضي بأن يساعدوا الشركة لإيجاد أخطاء النظام والتي سببت الخروقات التي قام بها الطلاب مقابل أن تمنحهم الشركة زمناً مجانياً وغير محدود لاستخدام النظام. وبما أن الشركة قد ملت من تعطل النظام عدة مرات فقد وافقت على العرض المقدم من الطلبة الأربعة.

شكل الطلاب الأربعة مجموعة أطلقوا عليها أسم: مبرمجوا لايك سايد (Lakeside Programming Group). وأتاحت هذه الفرصة للمجموعة إمكانية دراسة برامج النظام، واكتسبوا خبرة برمجية واسعة في لغات برمجة كانت شائعة في ذلك الوقت مثل بيسك (BASIC)، فورتران (FORTRAN)، ليسب (LISP)، وحتى لغة الآلة (Machine Language) كما قاموا بإنتاج بعض برامج الألعاب.

هذه الأحداث هى التى استطاعت أن تشكل عبقرية بيل جيتس البرمجية و التى غيرت طريقة تعامل المستخدم العادى مع الحاسوب إلى الأبد حتى وصلت إلى أنها انتجت برنامج تشغيل الحاسوب يوندوز 95 و الذى يمثل قفزة عملاقة فى علاقة المستخدم العادى بالحاسوب, حتى وصلت شركة مايكرسوفت إلى ما وصلت إليه اليوم فى عالم البرمجيات.

في العام 1970م واجهت شركة CCC مشاكل مالية مما دفعها للإغلاق. وبدأت المجموعة من جديد بالبحث عن من يمنحها فرصة لاستخدام الحاسوب، فوفر لهم والد بول آلن فرصة لاستخدام بعض حواسيب جامعة واشنطن حيث كان يعمل, وبعد عام واحد طلبت شركة Information Sciences Inc من المجموعة كتابة برنامج يحسب رواتب موظفي الشركة باستخدام لغة البرمجة كوبول (COBOL) ولأول مرة حصل الطلاب على ربح مادي. وبالإضافة لذلك منحت المجموعة حقوقاً للملكية على برامجها.

فيما بعد تبلور مشروع بيل وبول آلن و هو إنشاء شركة صغيرة خاصة بهما فقط أسمياها (Traf-O-Data)، وقاما بتصميم جهاز حاسوب صغير يهدف لقياس حركة المرور في الشوارع، وأستخدما في تصميمه معالج إنتل 8008. حققت هذه الشركة الصغيرة ربحاً مقداره 20000 دولار أمريكي في عامها الأول، وكان بيل وقتها في المرحلة الثانوية، وأستمرت الشركة في العمل حتى دخول بيل الجامعة.

في العام 1973م ألتحق بيل بجامعة هارفارد، و الغريب أنه التحق بمدرسة الحقوق التمهيدية ، و لكن لم ينقطع شغفه و حبه للحاسوب؛ فكان يقضي الليل ساهراًً أمام الحاسوب في مختبرات الجامعة ومن ثم يقضي النهار نائماً في الصفوف الدراسية, كان صديقه بول آلن قد التحق بجامعة هارفارد أيضاً، وكانا يتقابلان بشكل مستمر ويتابعان التفكير والحلم بمشاريع مستقبلية لتطوير البرمجيات ونظم التشغيل.

نقطة التحول فى حياة بيل غيتس و آلن بول بدأت في شهر ديسمبر من العام 1974م، وبينما كان بول آلن متوجهاً لزيارة صديقه بيل توقف أمام متجر صغير ليطلع على بعض المجلات، فوقع نظره على مجلة (Popular Electronics) حيث ظهر على غلافها صورة لحاسوب " Altair 8800"، مرفق به عنوان: " أوّل حاسوب ميكروي مخصّص للأغراض التجارية"، فاشترى بول المجلّة و ذهب لرؤية بيل ليتناقشا حول هذا الحاسوب و قد أدركا أن هذه فرصتهما ليحققا نقلة نوعية أخرى فى علاقتهما بمشاريعهم البرمجية المستقبلية و خلال أيام اتصل بيل بشركة ميتس الشركة المنتجة للحاسوب " Altair 8800"، وأخبرهم أنه قد طور هو وزميله بول آلن برنامج للحاسوب مكتوباً بلغة البرمجة بيسك "Altair BASIC - interpreter ".

و الطريف فى الأمر أن بيل وآلن لم يكتبا سطراً برمجياً واحداً لهذا الحاسوب ولم يشاهداه إلاّ في صور المجلة فقط ولم يمتلكا حتى معالج إنتل 8080 الذي يعمل عليه الحاسوب، لكن الشركة وافقت على مقابلتهما وتجريب النظام الجديد مما دفعهما للبدء بالعمل وبسرعة على كتابة البرنامج. كانت عملية كتابة البرنامج مسؤولية بيل غايتس، بينما بدأ بول آلن العمل على إيجاد طريقة لعمل محاكاة للحاسوب "Altair 8800" على أجهزة حاسوب" PDP-10 " المتوفرة في الحرم الجامعي لتجريب البرنامج عليه. وبعد مرور ثمانية أسابيع من العمل المستمرّ ، أصبح البرنامج جاهزاً، فاستقلّ بول آلن الطائرة متوجهاً إلى شركة ميتس لعرض البرنامج.

في اجتماع عقد في شركة ميتس وبحضور رئيس الشركة إد روبرت حمّل بول البرنامج على الحاسوب "Altair 8800"، وبدأت عملية تشغيل البرنامج الحقيقية لأوّل مرّة. و المذهل أن البرنامج عمل بكل سلاسة ودون أية أخطاء.

تعاقدت شركة ميتس مباشرة مع كل من بيل وبول لشراء حقوق الملكية للبرنامج، وعين بول آلن نائباً لرئيس قسم البرمجيات في الشركة. وبالمقابل ترك بيل جامعة هارفارد وأنتقل للعمل مع بول في تطوير البرمجيات.

في منتصف العام 1975م، وبعد النجاح الملفت للأنظار الذي حققه كل من بيل غايتس وبول آلان مع شركة ميتس، قرر الاثنان إنشاء شركة خاصة بهما لتطوير البرامج، أسمياها " Micro-Soft" وتشكل هذا الاسم من الكلمتين " Microcomputer" و"Software " امتلك بيل غايتس نسبة 60% من حجم الشركة بينما حصل بول آلان على ال40% الباقية، و كانت نسبة بيل الأكبر لأنه تفرغ للعمل فى الشركة فى حين أن بول كان ما يزال موظفاً بدوام كامل لدى شركة ميتس. 

مع نهاية عام 1976م، تم تسجيل مايكروسوفت رسمياً كشركة مستقلة، وبلغت أرباحها ما يقارب 104 ألفاً و216 دولاراً أمريكياً. واستقال بول آلن من شركة ميتس للعمل بدوام كامل لدى مايكروسوفت، واستمرت مايكروسوفت في تطوير البرامج للأنظمة المختلفة.

في العام 1980م بدأت شركة IBM العالمية مشروعاً عرف باسم مشروع مانهاتن لتصنيع حاسوب شخصي جديد عرف باسم " IBM" PC ليستخدم في المكاتب والمنازل، وكانت الشركة بحاجة لنظام تشغيل للكمبيوتر الجديد؛ لذلك قامت بالاتصال بشركة مايكروسوفت في محاولة للحصول على النظام. لكن شركة مايكروسوفت لم تكن تمتلك نظام تشغيلٍ جاهزاً في ذلك الوقت، فقامت باقتراح نظام تشغيل CP/M والذي طورته شركة "Digital Research"، وبالفعل عملت شركة IBM باقتراح بيل وتوجه مندوبون عن الشركة لمقابلة غاري كيلدال مؤسس شركة "Digital Research"، لكن شاءت الأقدار ألا يتم هذا اللقاء، فلم يكن غاري متواجداً أصلاً وقت اللقاء حيث كان قد ركب الطائرة متوجهاً لمقابلة زبون آخر

وعادت شركة IBM تطلب مساعدة بيل غايتس، وهذه المرة قرر هو أن يلبي حاجتهم ويزودهم شخصياً بنظام التشغيل المطلوب. فقام بيل غايتس وبول آلان بشراء الحقوق الكاملة لنظام التشغيل الجاهز (Quick & dirty Operating system) من المبرمج تيم باترسن والذي كان يعمل حينها في شركة سياتل لمنتجات الكمبيوتر مقابل 50000 دولار أمريكي- ولم تعلن مايكروسوفت آنذاك لشركة سياتل عن السبب الحقيقي لشراء هذا النظام- وكان هذا النظام ملائماً للعمل مع معالج إنتل المستخدم في تصنيع جهاز حاسوب " IBM PC ". وقامت مايكروسوفت بإعادة تسمية النظام مبدئياً ليصبح "PC-DOS".

في اتفاق الشّراكة الذي عقد بين مايكروسوفت و IBM، أصرّ بيل غايتس أن تكون مايكروسوفت هى المتعاقد الوحيد لتزويد شركة IBM بأنظمة التشغيل لكل الكمبيوترات الشخصية التابعة للشركة IBM. وفي المقابل، يحق لشركة مايكروسوفت الاحتفاظ بالحقوق الكاملة لتطوير وبيع نظام التشغيل الخاص بها لمن تريد من الأفراد أو الشركات في محاولة منها للهيمنة على سوق البرمجيات.

وبالفعل قامت مايكروسوفت بطرح نسخة من نظام التشغيل في السوق باسم جديد هوMS-DOS في العام 1981, و كانت من براعة بيل غيتس التسويقية أنه جعل نظام التشغيل الذى يبيعه شديد الأغراء بالنسبة للمستخدمين و ذلك لأنه يباع بسعر ثابت وللجميع دون تخصيص لهوية المشتري , ففي السابق كانت أنظمة التشغيل تباع حصرياً لشركة معينة ليتم تشغيلها على أجهزة هذه الشركة فقط دون سواها، أما مع نظام التشغيل MS-DOS فالبرمجيات أصبحت في متناول الجميع وكان بيل غايتس يهدف من خلال ذلك لبناء قاعدة هائلة من مستخدمي منتجات مايكروسوفت فيصبح بذلك المزود الرئيسي لكافة المستخدمين. وقدم المبرمج تيم باترسون استقالته من شركة سياتل لمنتجات الحاسوب ليصبح موظفاً لدى شركة مايكروسوفت.

في 12 أغسطس 1981م أعلنت شركة IBM عن الصدور الرسمي للحاسوب الشخصي IBM PC

في أعقاب هذه الأحداث نشب خلاف بين شركتي مايكروسوفت وسياتل لمنتجات الحاسوب أتُّهم فيه كل من بيل غايتس وبول آلن بالتصرف بطريقة تنافي أخلاقيات المهنة. فعندما قاما بشراء نظام التشغيل "QDOS" من شركة سياتل لم يذكرا أبداً أنهما في مفاوضات مع شركة IBM لتطوير نظام تشغيل لها. وقامت شركة سياتل برفع دعوى قضائية على شركة مايكروسوفت على أساس الاحتيال والاستغلال لاتمام صفقة رابحة من خلال إخفاء معلومات مهمة عن طبيعة العلاقة التي تربطها بشركة IBM. وانتهت هذه القضية لاحقاً من خلال إجراء تسوية مالية خارج المحكمة بين الشركتين.

و لم تكون هذه القضية الأولى التى ستخوضها شركة مايكروسوفت ضد شركات أخرى فى مجال البرمجيات, يمكن القول أن أسم شركة مايكروسوفت أرتبط إلى حد كبير بالدعاوى القضائية التى تتهم الشركة بالاحتيال و النصب و احتكار السوق مثل شركة آبل.

في نهاية عام 1982م، أصيب بول آلن بمرض هودجكين، وهو نوع من أنواع السرطان النادرة التي تصيب النظام اللمفاوي في الجسم. وعلى أثره استقال بول آلن من شركة مايكروسوفت ليتفرغ للعلاج، و ترك بول آلن مايكروسوفت للأبد، لكن ذلك لم يمنع من استمرار الصداقة التي نشأت باكراً بين رفيقي لايك سايد.

في العام 1985م انتجت مايكروسوفت النسخة الأولى من نظام تشغيل ويندوز1.0(Microsoft Windows1.0)، والذي استخدم واجهة التطبيق الرسومية (GUI) المستوحاة من نظام (Xerox PARC) بالإضافة لبعض أجزاء الواجهة المتوفرة في نظامي أبل ليزا وماك (وقد سمحت شركة أبل للحاسوب لمايكروسوفت باستخدام هذه الأجزاء بناءً على اتفاق جرى بين الشركتين). وكان هذا النظام بديلاً لنظام التشغيل MS-DOS ومنافساً لأنظمة التشغيل الأخرى المتوفرة في السوق. مكن هذا النظام الجديد المستخدمين من استخدام مؤشر الفأرة، والتنقل بين عدة نوافذ في نفس الوقت، مع احتوائه على عدة تطبيقات مثل: برنامج المفكرة ، وتقويم سنوي، وساعة، وبرنامج الآلة الحاسبة.

في عام 1987 م انتجت شركة مايكروسوفت النسخة الثانية من نظام التشغيل ويندوز2.0(Windows 2.0)، وأضافت له بعض التحسينات مثل زيادة سرعة المعالجة وزيادة حجم RAM المستخدمة. بالإضافة لدعم النوافذ بخاصية التراكب(overlapping)، والتي تعني إمكانية فتح عدة نوافذ فوق بعضها البعض.

في أعقاب صدور النسخة الثانية من ويندوز، رفعت شركة أبل للحاسوب في عام1988 م دعوى قضائية ضدّ شركة مايكروسوفت تتهمها فيها بسرقة بعض العناصر الخاصّة بواجهة التطبيق الرسومية لحاسوب أبل ماكنتوش واستخدامها في نظام التشغيل ويندوز. وفي عام 1990 م وبعدما أنتجت شركة مايكروسوفت النسخة الثالثة من نظام التشغيل ويندوز3.0 (Windows 3.0)، أضافت شركة أبل إدّعاءات إضافية بالسرقة لدعواها القضائية.

أدعت شركة أبل في دعواها القضائية أن شركة مايكروسوفت سرقت الشكل والمضمون "look and feel" لنظام تشغيل ماكينتوش، كاستخدامها بعض خواص النوافذ؛ من إمكانية فتحها على سطح المكتب وتغيير حجمها وتراكبها، وكونها مستطيلة الشكل، وتحتوي على شريط العنوان .

وبعد جدل طويل في القضية، أصر القاضي أن تقدم شركة أبل قائمة محددة بالعناصر المسروقة، فقدمت الشركة قائمة مكونة من 189 عنصراً. وبعد دراسة لهذه القائمة قرر القاضي أن 179 من هذه العناصر كان من حق شركة مايكروسوفت استخدامها بناءً على الاتفاق الذي أبرم بين الشركتين عام 1985 م، وقبل صدور النسخة الأولى من نظام التشغيل ويندوز. وأن العناصر العشر الباقية ليست ملكاً لشركة أبل كون بعضها كان مستوحا أصلاً من نظام Xerox. وبذلك خسرت أبل دعواها القضائية، بعد أربعة أعوام (أي عام 1992 م) من النقاش الساخن. يظن بعض النقاد أن شركة أبل لم تكن ترجو إدانة شركة مايكروسوفت بقدر ما كانت ترجو السيطرة على حقوق التصميم الكاملة لواجهات التطبيق الرسومية لكلّ الحواسيب الشخصية في السوق، لكنّ آمالها باءت بالفشل، ولم يثن ذلك من عزيمة شركة مايكروسوفت، بل أعطاها دفعة للأمام وشهرة إضافية، كما ساهم في نجاح الإصدار الثالث من نظام التشغيل ويندوز، حيث باعت مايكروسوفت ما يقارب 10 ملايين نسخة من هذا النظام في أول عامين، مما شرع لها أبواب السيطرة على سوق أنظمة التشغيل ليس في الولايات المتحدة فحسب بل في العالم أجمع.فأنتقلت بذلك لتصبح أكبر شركة برمجيّات في العالم، وجعلت أرباحها من بيل غايتس أغنى رجلٍ في العالم. استمرّت شركة مايكروسوفت عاماً بعد عام باصدار نسخ ناجحة من نظام التشغيل ويندوز مثل ويندوز95،ويندوز98،ويندوز2000، ويندوز إكس بي، أما بالنسبة لويندوز فيستا فلم يحظ بمثل نجاحات أشقائه.وقامت الشركة بإصدار نظام ويندوز 7 في الثاني والعشرين من أكتوبر 2009م، والانطباعات حتى الآن تشير إلى تقبل الأغلبية بشكل ممتاز للنظام.

في 18 مايو 1998م، رفعت وزارة العدل الأمريكية و20 ولاية أمريكية قضية مدنية ضدّ شركة مايكروسوفت، تتهمها فيه بالاحتكار لسوق البرمجيات في تعاطيها مع مبيعات نظام التشغيل ويندوز ومتصفح الإنترنت.Internet Explorer

بعد إصدار شركة مايكروسوفت لمتصفح الإنترنت Internet Explorer قامت بضمّه لنظام ويندوز ليباع البرنامجان معاً في قرص مدمج واحد، فوصفت المحكمة هذا الفعل بأنه تقييد (غير عادل) للتنافس بين متصفحات الإنترنت المختلفة مثل (Netscape Navigator) و(Opera) والتي لابدّ من شرائها بشكل منفصل عن نظام التشغيل، مما يعني حصول المستخدم على متصفح مجاني من مايكروسوفت، فيفضّل بذلك شراء إصدار ويندوز الذي يضمّ الإصدارين معاً على تحمّل تكلفة نظام التشغيل وتكلفة إضافية للمتصفح.

ردت مايكروسوفت بأن هذه العملية هي نتاج الابتكار والمنافسة الحرّة، وأنّ نظام التشغيل والمتصفّح يمثّلان الآن وحدة واحدة وارتباطاً لا مفرّ منه، فالمتصفح عبارة عن ميزة إضافية لنظام التشغيل (feature) وليس منتجاً منفصلاً (product)، وبإمكان المستخدم الآن الحصول على منافع المتصفح مجاناً فهي بذلك تقدّم خدمة للمشتري.

فرد الادعاء بأن المتصفح Explorer منتج منفصل عن نظام التشغيل ولا حاجة لربطهما معاً والدليل على ذلك وجود إصدار منفصل منه يباع على حدة لمستخدمي نظام تشغيل ماكنتوش (Mac OS). كما أن المتصفح ليس مجانياً فعلياً لأن تكلفة إنتاجه وتسويقه أضيفت لتكلفة نظام التشغيل ويندوز مما جعل سعره مرتفعاً.

وبعد مجموعة من التحقيقات والمداولات والجلسات أصدرت المحكمة حكماً في 3 أبريل 2000م يقضي بأن شركة مايكروسوفت شركة محتكرة ومنتهكة بفعلتها لقوانين حماية المستهلك ضد التلاعب والاحتيال، وعليه فإنّ مايكروسوفت يجب أن تنقسم لجزئين منفصلين، أحدها لإنتاج نظام التشغيل ويندوز والآخر لإنتاج الإصدارات البرمجية الأخرى لمايكروسوفت.

صعقت شركة مايكروسوفت بالحكم، واتهمت القاضي بالانحياز وعدم الموضوعية، وأن حكمه يقيد حرية المنافسة والابتكار، واستأنفت مايكروسوفت القضية في نوفمبر 2001م توصلت مايكروسوفت لتسوية مع وزارة العدل الأمريكية اقتضت بتراجع المحكمة عن قرار التقسيم مقابل قيام مايكروسوفت بالكشف عن عناصر بعض برامجها للشركات الأخرى لإتاحة الفرصة لها بإنتاج برامج منافسة، مما يمنح أسواق الحواسيب مرونة أكثر ويمنع الاحتكار. كما وجب على مايكروسوفت السماح لهيئة مستشارين مكونة من 3 أشخاص ومعينة من قبل المحكمة بالاطلاع على أنظمة مايكروسوفت وسجلاّتها وبرامجها، لمنع أية محاولات احتكارية مستقبلية. وتلتزم مايكروسوفت بهذه القيود مدّة خمس سنوات تبدأ من تاريخ توقيع التسوية.

نجت مايكروسوفت من هذه المحنة، لكنها كانت بداية توالى القضايا المرفوعة ضد شركة مايكروسوفت، فقد أنهالت على مايكروسوفت لاحقاً وابل من قضايا اتهام بالاحتكار رفعت عليها من شركات وهيئات مختلفة، كان آخرها قضية مرفوعة من قبل الاتحاد الأوروبي فى العام 2007م والتي كان من أحد نتائجها إصدار نسخ ويندوز موجهة لدول الإتحاد بدون مشغل الميديا ويندوز ميديا بلاير وذلك أيضاً لاعتبار ضم برنامج الميديا بلاير لنظام التشغيل نوع من الاحتكار.

بعيداً عن السيرة المهنية الذاتية لبيل جيتس و على صعيد حياته الشخصية تزوج بيل غايتس من ميليندا فرينش في العام 1994 وأنجبا ثلاثة أطفال هم: جينفر كاثرين (1996)، روري جون (1999)، فيبي أديل (2002). منذ عام 1996 وحتى 2006 حمل بيل غايتس لقب " أغنى رجل في العالم"، وقد تربع على العرش مرة أخرى عام 2007.

في عام 2000 أنشأ بيل وزوجته مليندا مؤسسة بيل وميلندا جيتس وهي تعنى بالأعمال الخيرية وقدمت هذه المؤسسة الكثير من الدعم المادي لمحاربة مرض الإيدز والأوبئة المتفشية في دول العالم الثالث. كما قدمت المؤسسة المساعدة للطلاب على هيئة منح دراسية، فمنحت ما يقارب 210 مليون دولار أمريكي لجامعة كامبريدج في العام2000.

حمل بيل غايتس مؤخراً اهتماماً جديداً تمثل في تحسين التعليم في المدارس الحكومية الأمريكية. وظهر في عدة مناسبات وبرامج شهيرة (مثل برنامج أوبرا وينفري) في محاولة منه لتسليط الضوء على مشكلة ضعف التحصيل الأكاديمي لطلاب المدارس الحكومية وبذل الجهود لحلها.

حصل بيل غايتس على 4 شهادات دكتوراه فخرية، كان أوّلها من جامعة الأعمال في هولندا عام 2000، والثانية من المعهد الملكي للتكنولوجيا في السويد عام 2002م، والثالثة من جامعة واسيدا في اليابان عام 2005، والأخيرة من جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2007.

كما حصل بيل غايتس في عام 2005 أيضاً على لقب فارس من ملكة بريطانيا الملكة إليزابيث الثانية, عاد بيل غايتس وحصل أخيراً (في العام 2007) وبعد مرور 30 عاماً على تركه مقاعد الدراسة على شهادة جامعية في الحقوق من جامعة هارفارد. وفي الخطاب الذي ألقاه بيل أمام الخريجين في حفل التخرّج قال مازحاً: " أخيراً، سأستطيع أضافة درجة جامعية إلى سيرتي الذاتية ". كما وجّه كلامه لوالده قائلاً: أبي، لقد قلت لك أننّي سأعود وسأحصل على شهادتي الجامعية في أحد الأيام !

تم الاعتماد على ويكبيديا كمصدر للمعلومات 

كلمة الشهر: التاريخ البشرى أكبر خدعة إنسانية - شهر يناير 2014 بقلم/ مروان محمد

النظرة العامة للتاريخ الإنسانى تجعلك تشكك بشكل كامل فى كل ذلك التاريخ الإنسانى فى ظل المقولة الشهيرة أن التاريخ دائما يكتبه المنتصرون فبالتالى هو تاريخ فى السواد الأعظم منه يعتمد على جملة من الأكاذيب, فيضعنا هذا الأمر أمام حقيقة ساطعة كالشمس ستقف أمام أعيننا تبهرنا بضوئها و هو أننا أمام تاريخ إنسانى كامل مزيف!

فضلا عن أن المهزوم يمارس نفس كذبة المنتصر لدى كتابته للتاريخ لينسج الكثير من الأحداث الوهمية التى تبرأ ساحة المهزوم من هزيمته و أن هزيمته كانت قدرا لا مفر منه , فإذا نظرت فى كتابات هؤلاء أو هؤلاء تجد نفسك فريسة لكذبة تاريخية مستمرة منذ آلاف السنين.

على سبيل المثال محمد بن اسحاق هو كاتب السيرة النبوية كتبها فى عهد الخليفة جعفر المنصور الذى طلب منه أن يكتب لابنه المهدى السيرة النبوية, فهل نتصور أن يكتب محمد ابن اسحاق فى السيرة النبوية ما يمكن أن يشين العباس عم رسول الله, أو فيه ما يسىء للدولة العباسية, أو ينصف أى شخص من جانب الدولة الأموية.

هل لو كان أنتصر الأمين على المأمون فى صراعهم على تركة والدهم هارون الرشيد, بماذا كان سيتم وصف المأمون و كيف كان سيعظم الأمين؟!

لو كان أنتصر هتلر فى حروبه على دول الحلفاء, هل كان سيذكر التاريخ الحديث وقتها أن هتلر مجنون و يؤمن بالتنجيم و أنه حاول أن يكون فنانا تشكيليا و لكنه فشل, هل كان سيقال وقتها أن حروب هتلر كلفت العالم 20 مليون قتيل أم كان التاريخ سيلعن دول الحلفاء و ما صنعوه من شرور لا تغتفر فى العالم و أنهم كانوا يريدون أفناء العالم و لكن دولة هتلر النازية أنقذتنا من شرور دول الحلفاء.

لذا أى تاريخ هذا الذى من الممكن أن نثق فيه و كل من شارك فى كتابته تعمد الكذب فيه, حتى التاريخ الحى الذى نحياه اليوم يتم تشويهه من خلال مئات الحكايات الكاذبة أو على أقل تقدير مبالغ فيها, لذا نحن أمام حقل ألغام يسمى التاريخ الإنسانى و الأحداث الصادقة فيه هى مثل أبرة فى كوم من القش, من المستحيل أن تنبش عنها و تصل إليها و تدعى أنك وصلت إلى تاريخ إنسانى بدون تزييف.

حتى تاريخ الأسر الفرعونية و الدول الفرعونية الثلاث هو يحتمل الكثير من الشك, و ذلك لأن الكثير من ملوك الأسر الفرعونية أعتادوا أن يطمسوا تاريخ من سبقوهم و من أبسط صور الطمس أن تجد ملك فرعونى حينما يعتلى العرش يقوم بإزالة أسم الملك الذى سبقه من كل الجداريات و الأعمدة التى تسجل عليها مآثر هذا الشخص و يضع أسمه مكانها ! فبالتالى الملك الذى كنا نعده عظيما ربما هو سرق مآثر و أمجاد ملك سبقه لا نعلم عنه الكثير !

أغلب البحوث و الدراسات التاريخية من جانب المستشرقين أنما قامت لهدف تشويه الحضارة الإسلامية و تاريخ الدول العربية عامة فبالتالى أصبح مجال الدراسات الاستشراقية متهم بالتحيز و التعصب و التوجيه قبل كل شىء.

يمكننى أن أورد مئات الأمثلة التى تعضد فكرة تزوير التاريخ الإنسانى بالكامل, و لكنى أكتفى هنا بما يرد على خاطرى من أجل إيضاح الفكرة بقدر المستطاع لقارىء هذا المقال, نحن أمام كارثة حقيقية أسمها تاريخ إنسانى نتصور أنه يعضد فكرتنا عن الماضى و يجعلنا على اتصال قوى بالماضى و الحقيقى أنه يقدم لنا صورة وهمية عن الماضى لا تعبر عنه فى أى ناحية من النواحى و ما أقوله لا مبالغة فيه.

يكفى أننا نختلف فى التاريخ المعاصر الذى قد يكون مر عليه بضعة سنوات و نبرهن أمام بعضنا البعض بروايات مختلفة حول نفس الحدث و نورد أسباب مختلفة و دوافع مختلفة لنفس الحدث فما بالك بأحداث مرت عليها قرون, هل ما وصل إلينا منها الأن يمكن أن نعده بأى حال من الأحوال أنه يعكس صورة حقيقية أو حتى قريبة مما حدث بالفعل, لا يمكن أن نجزم بذلك, لأن لا يجزم بذلك ألا جاهل أو مكابر.

فبالتالى هل هذه دعوة إلى نسف كل التاريخ الإنسانى السابق, بالتأكيد لا, لا يمكننا أن نلقى بمئات القرون خلف ظهرنا و ندعى أنها لم تحدث! و لكن يمكن أن نظر إلى التاريخ الإنسانى باعتباره كائن مشكوك فى أمره, الظن يداخلنا فى كل رواياته, لم يعد مصدر ثقة كما كنا نتوقعه من قبل.

لا يمكننا أن نقتل بعضنا البعض بعد الأن على تاريخ هو فى حقيقة الأمر أكبر خدعة فى تاريخ الإنسانية, إدعاء أننا نضع إيدينا على تاريخ سليم هو محض إفتراء و معاندة و مكابرة لا معنى لها, و يمر برأسى الأن خاطرة عن الشيعة.

كيف لهؤلاء أن يحولوا تاريخ مشكوك فى صحته إلى عقيدة يدافعون عنها و يؤمنون بها و يكفرون من يخالفها و يقتلون الآخرين دفاعا عنها و هى فى الأصل جملة من الحكايات المشكوك فى صحتها, حدثنا بها راوى لا ثقة له و يمكن إلى حد ما أن أوجه نفس السؤال إلى السنة و لكن أرى أن السنة أيضا لم يحولوا التاريخ و أن كانوا يقدسونه فى كثير من الأحداث إلى عقيدة إيمانية موازية لعقيدة التوحيد كما يفعل الشيعة.

التاريخ الذى نقتتل عليه لألف و أربعمائة سنة هو محل شك فعلى ماذا نقتتل؟!

تاريخ: محمد الفاتح و ملحمة فتح القسطنطينية بقلم/ مروان محمد

السلطان محمد الفاتح الذى ظلمه التاريخ الإسلامى و لم يقدم لهذه الشخصية الإسلامية العظيمة كما ينبغى و لا أبالغ بالنسبة لنفسى على الأقل إذا قلت أنه أكثر أهمية من صلاح الدين, فصلاح الدين كان مشغولا باستعادة القدس من الصليبين الذين احتلوها من المسلمين و لكن محمد الفاتح أنشغل بفتح القسطنطينة.

و كم بذل من الوقت و الجهد و المال و التخطيط و الإرادة و العزيمة و الإصرار و التحدى حتى أستطاع أن يجتاز أقوى الأسوار فى التاريخ وقتها و يسقط هذه المدينة العظيمة فى يده.

للأسف الكثير من الأجيال الحالية لا تعرف من هو محمد الفاتح, أنا نفسى لم أعرف الكثير عن محمد الفاتح ألا منذ سنوات معدودة و توثقت معرفتى به أكثر من خلال الفيلم التركى التاريخى عن محمد الفاتح و قررت أن أقرأ ما تيسر عن هذا الرجل لأقترب منه أكثر بصورة أوضح و أتعرف على شخصيات عظيمة فى تاريخنا الإسلامى خاضوا حروبا لا أبالغ مرة أخرى أن قلت أنها أعظم من الحروب الرومانية فى نواحى كثيرة و لا أقول ذلك لأن هويتى الإسلامية هى التى تملى على ذلك و تجعلنى أضخم من شأن هذا الحدث التاريخى الهام فلو كنت مبالغا لن يقف ذلك حائلا أمام أى باحث تاريخى أن يعرف أن كنت أبالغ أو فعلا أقول الحقيقة بدون أى تضخيم أو تعظيم كما أعتاد عدد من مؤرخينا لا سماحهم الله, أن يضخموا من أحداث لا تستحق فى مقابل إسقاط تاريخ كامل من الأمجاد يستحق أن تعرفه الأجيال القادمة, فمن يطلع على تفاصيل الحروب التى خاضها محمد الفاتح من أجل فتح القسطنطينة سيقدر جيدا ما أقول.

السلطان محمد الفاتح هو السلطان السابع من سلاطين الدولة العثمانية و هو من سلالة آل عثمان و يلقب بجانب لقب الفاتح بالقيصر و هو اللقب الذى توارثه من خلفه فى الحكم بعده و حكم ما يقرب من الثلاثين عاماً توسعت فيه رقعة الخلافة الإسلامية توسعاً كبيراً.

وحد السلطان محمد الفاتح ممالك الأناضول و توغل فى أوروبا حتى وصل إلى بلغراد و المثير فى شخصية محمد الفاتح أنه لم يكن فقط قائد عسكرى عظيم و لكنه كان صاحب فكر مميز فى الجانب الإدارى للدولة حيث أنه قام بدمج الإدارات البيزنطية القديمة فى جسم الدولة العثمانية المتوسعة فى ذلك الوقت.

من المعلومات المثيرة التى تعرفت عليها من خلال إطلاعى على بعض المعلومات من سيرة هذا الرجل, أن أحد أباطرة روما السابقين المسمى ليون الرابع لديه أصول خزرية و الخزر قوم من الترك أشبه بالبدو الرحل كانوا يقطنون سهول شمال القوقاز.

بالعودة مرة أخرى إلى محمد الفاتح يمكنى أن أضيف إلى الجانب الإدارى و العسكرى المتميز لمحمد الفاتح أنه كان شغوفاً بالعلم و العلماء و يتكلم العديد من اللغات مثل الفرنسية و اللاتينية و الصربية و الفارسية و العبرية و العربية, إذا كانت هذه المعلومات دقيقة فأننا أمام رجل فذ لن نجد مثيل له فى تاريخنا الإسلامى بشكل عام.

عمل السلطان محمد الفاتح بعد وفاة والده على أن يتمم الفتوحات التى قام بها والده من قبل فى بلاد البلقان و أن يفتح مدينة القسطنطينية فيضمن اتصال جميع ممالكه فلا يتسلل إليها أى عدو و لذلك أهتم بتقوية الجيش العثمانى من حيث القوة البشرية حتى وصل تعداده إلى قرابة المليون جندى و بالمناسبة هذا هو التعداد البشرى للجيش الصينى حالياً و هذا العدد من القوة البشرية فى جيشه مقارنة بجيوش الأمم فى عصره هو عدد قد يكون فيه قدر من المبالغة إلى حد ما و لكنه يلقى الضوء على أن جيشه كان أقوى الجيوش قاطبة فى ذلك العصر.

قرر السلطان محمد الفاتح أن يحصن مضيق البوسفور قبل أن يحاصر مدينة القسطنطينية حتى لا يأتى لها أى مدد عسكرى من قبل مملكة طرابزون و لذلك أقام قلعة على شاطىء المضيق فى أضيق نقطة من الجانب الأوربى, فضلا عن قلعة أخرى أسست على الجانب الأسيوى فى عهد السلطان بايزيد و لما بلغ أمبراطور الروم هذا الأمر أرسل إلى السلطان سفيراً يعرض عليه دفع الجزية التى يقررها فرفض الفاتح طلبه و أصر على البناء لما يعلمه من الأهمية العسكرية لهذا الموقع حتى أكتمل بناء القلعة و التى كانت عالية و مصحنة فوصل ارتفاعها إلى 82 متراً و أطلق عليها أسم قلعة روملى حصار و بالتالى أصبحت القلعتين متقابلتين و المسافة الفاصلة بينهما 660 متراً و هاتين القلعتين تتحكمان فى عبور السفن من شرقى البوسفور إلى غربه و تستطيع نيران مدافع القلعتين منع أى سفنية حربية معادية للأمبراطورية العثمانية من الوصول إلى القسطنطينية.

أعتنى الفاتح بجمع الأسلحة اللازمة لفتح القسطنطينية و من أهمها المدافع التى أخذت منه اهتماماً خاصاً حيث أحضر مهندساً مجرياً أسمه أوريان أحد أبرع مهندسى المدفعية فى ذلك العصر, فأحسن استقباله و وفر له جميع الإمكانيات المادية و البشرية و تمكن هذا المهندس من تصميم و تصنيع العديد من المدافع الضخمة كان أهمها على الأطلاق المدفع السلطانى و الذى يذكر أن وزنه كان يصل إلى مئات الأطنان و أنه يحتاج إلى مئات الثيران القوية لتحريكه و قد أشرف السلطان بنفسه على صناعة المدافع و تجريبها و ذلك لأن أسوار القسطنطينية كانت منيعة للغاية و لا تستطيع المدافع العادية بمقاييس ذلك العصر هدم تلك الأسوار العملاقة .

و يضاف إلى ذلك الاستعداد ما قام به محمد الفاتح من عناية خاصة أيضاً بالأسطول العثمانى حيث عمل على تقويته من خلال تزويده بالسفن المختلفة لتكون جميعها مؤهلة للقيام بأدوارها المطلوبة فى ميدان المعركة لأن القسطنطينية مدينة بحرية و لا يمكن أن يكتمل حصارها دون أسطول قوي و قد ذكر أن السفن التى أعدت لهذا الأمر بلغت أكثر من أربعمائة سفينة بينما هناك روايات أخرى عن أرقام مبالغ فيها و أنا أحاول فى هذا المقال أن أأخذ بأكثر الأرقام موضوعية.

أما من الناحية السياسية فلقد عمل قبل هجومه على السقطنطينية على عقد عدد من المعاهدات مع أعدائه المختلفين ليتفرغ لعدو واحد فعقد معاهدة مع إمارة غلطة المجاورة للقسطنطينية من الشرق و يفصل بينهما مضيق القرن الذهبى كما عقد معاهدات مع جنوة و البندقية و هما من الإمارات الأوربية و لكن هذه المعاهدات لم تصمد حينما بدأ هجومه على القطسنطينية و أنبرت جميعها و غيرها للمشاركة فى الدفاع عن المدينة. 

فى هذه الأثناء كان السلطان يعد جيوشه لفتح القسطنطينية و استمات الأمبراطور البيزنطى فى محاولاته لثني محمد الفاتح عن الهجوم بتقديم الأموال و الهدايا و محاولة رشوة بعض مستشاريه ليؤثروا على قراره و لكنه كان عازماً على فتح المدينة بأى ثمن و لما رأى الأمبراطور البيزنطى إصرار السلطان على فتح المدينة عمد إلى طلب المساعدات من مختلف الدول و المدن الأوربية و على رأسها البابا زعيم المذهب الكاثوليكى , فى الوقت الذى كانت فيه كنائس الدولة البيزنطية و على رأسها القسطنطينية تابعة للكنيسة الأرثوذكسية, و كان بين الكنيستين الكاثولوكية و الأرثوذكسية عداء دينى شديد.

اضطر الأمبراطور البيزنطى إلى التقرب إلى بابا الكاثوليك من أجل المدد العسكرى فوعده بأن يعمل على توحيد الكنيستين الشرقية و الغربية, على غير رغبة من الأرثوذكس و قام البابا وقتها بإرسال مندوب منه إلى القسطنطينية ليخطب فى كنيسة آية صوفيا و دعا للبابا و أعلن توحيد الكنيستين, مما أغضب الجمهور الأرثوذكسى و قامت حركات أرثوذكسية مناهضة لهذا العمل الأمبراطورى الكاثوليكى المشترك حتى قال بعض زعماء الأرثوذكس: "إننى أفضل أن أشاهد فى ديار البيزنط عمائم الترك على أن أشاهد القبعة اللاتينية"

عمل السلطان على تمهيد الطريق بين أدرنة و القسطنطينية لكى تكون ملائمة لجر المدافع العملاقة حتى المدينة و قد تحركت المدافع من أدرنة إلى قرب القسطنطينية فى مدة شهرين و قد وصل إلى القسطنطينية و قد جمع قرابة مائتين و خمسين ألف جندى و خطب فيهم محمد الفاتح خطبة قوية يحثهم فيها على الجهاد و طلب النصر أو الشهادة و ضرب السلطان الحصار على المدينة بجنوده من ناحية البر لمدة 53 يوماً و بأسطوله من ناحية البحر و أقام حول المدينة أربعة عشر بطارية مدفعية وضع بها المدافع التى صنعها أوريان و قد قيل أنها تقذف كرات من الحجارة وزن الواحدة منها 1716 كيلو جرام تقريباً و يصل مدى القذف إلى ميل و لكن هذا الوزن يقر بعض المؤرخون أنه مبالغ فيه للغاية لأن القنطار يساوى 143 كيلو جراماً و لكن ربما كان المقصود 12 رطلاً و الرطل يساوى 406 جرام فبالتالى فأن وزن الحجارة الواحدة هو أربعة كيلو جرام و نصف و هذا هو الأقرب إلى الحقيقة.

فى هذا التوقيت كان البيزنطيين قد قاموا بسد مداخل ميناء القسطنطينية بسلاسل حديدية غليظة حالت بين السفن العثمانية و الوصول إلى القرن الذهبى و الأكثر أنها أستطاعت أن تدمر الكثير من السفن التى حاولت الاقتراب من ميناء المدينة ألا أن الأسطول العثمانى أخيراً نجح على الرغم من ذلك فى الاستيلاء على جزر الأمراء فى بحر مرمرة, و استنجد الامبراطور قسطنطين آخر ملوك الروم وقتها بأوروبا فاستجاب له أهالى جنوة و أرسلوا له إمدادت مكونة من خمس سفن و كان يقودها القائد الجنوى جوستنيانى يرافقه سبعمائة مقاتل متطوع من دول أوربية متعددة فأتى هذا القائد بسفنه و أراد الدخول إلى ميناء القسطنطينية فاعترضته السفن العثمانية و نشبت بينهما معركة بحرية و انتهت بفوز جوستنيانى و دخوله الميناء بعد أن رفع أهل القسطنطينية المحاصرون السلاسل الحديدية ثم أعادوها بعد مرور سفنه , حاولت القوات العثمانية تخطى السلاسل الحديدية التى تتحكم فى مدخل القرن الذهبى و أطلقوا سهامهم على السفن الأوربية و البيزنطية و لكنهم فشلوا فى تحقيق النصر فارتفعت بذلك الروح المعنوية للمدافعين عن المدينة.

أخذ السلطان يفكر فى طريقة لدخول مراكبه إلى الميناء لإتمام الحصار براً و بحراً فكانت هذه الفكرة أحدى الأفكار العبقرية فى الحروب العسكرية على مر التاريخ الإنسانى و هو أن ينقل السفن على البر ليتجاوزوا السلاسل الموضوعة و تم هذا الأمر بأن مهدت الأرض و سويت فى ساعات قليلة و أتى بألواح خشبية دهنت بالزيت و الشحم ثم وضعت فى الطريق الممهد بطريقة يسهل بها أنزلاج السفن عليها و جرها, و بهذه الطريقة تمكن من نقل نحو سبعين سفينة و إنزالها فى القرن الذهبى على حين غفلة من البيزنطيين. 

استيقظ أهل المدينة فى الصباح و فوجئوا بالسفن العثمانية و هى تسيطر على ذلك الممر المائى و لم يعد هناك حاجز مائى بين المدافعين عن القسطنطينية و بين الجنود العثمانيين و لقد عبر أحد المؤرخين البيزنطيين عن إعجابهم بهذه الفكرة العبقرية فقال «ما رأينا ولا سمعنا من قبل بمثل هذا الشيء الخارق، محمد الفاتح يحول الأرض إلى بحار وتعبر سفنه فوق قمم الجبال بدلاً من الأمواج، لقد فاق محمد الثاني بهذا العمل الأسكندر الأكبر».

و لكن الشىء الذى يحسب للبيزنطيين أن ذلك لم يفت فى عضدهم أو فى عزيمتهم فى الدفاع عن مدينتهم بأى ثمن و أزدادوا إصراراً على محاربة القوى العثمانية المحاصرة للمدينة, أرسل السلطان محمد الفاتح إلى الأمبراطور قسطنطين رسالة دعاه فيها إلى تسليم المدينة و وقف إراقة الدماء و تأمين خروجه هو و عائلته من المدينة و كل من يرغب فى مغادرة المدينة سيعطيه الأمان فجمع الأمبراطور مستشاريه ليشاروهم فى الأمر فنصحه البعض بالتسليم و نصحه البعض الآخر بالقتال حتى الممات فمال إلى راى القائلين بالقتال و رد رسول محمد الفاتح برسالة يعلن فيها عن نيته لدفع الجزية و أما القسطنطينية سيدافع عنها بحياته حتى يدفن تحت أسوارها فلما وصلت الرسالة إلى الفاتح قال: «حسناً عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر».

و هجم الجند العثمانى فى الواحدة صباحاً على المدينة بقرابة المائة و خمسين ألف جندياً و تسلقوا الأسوار و أدت المدافع دورها أيضا فى إحداث فجوات واسعة فى أسوار المدينة خاصة المدفع السلطانى فتمكن جند السلطان من النفاذ إلى داخل المدينة من خلال تلك الفجوات و دارت معارك شرسة بين الجيشين حتى أنتهت بانتصار الجيش العثمانى و الاستيلاء الكامل على المدينة و لما دخل محمد الفاتح المدينة وجد أن بعض جنده قاموا بالنهب و السلب فأمر بوقف الاعتداء فورا فساد الأمن المدينة و تقدم محمد الفاتح من كنيسة آية صوفيا و قد تجمع فيها عدد كبير من أهالى القسطنطينية و قد داخلهم خوف عظيم من بطش محمد الفاتح بهم و لكنه آمنهم على حياتهم و طلب منهم أن يعودوا إلى ديارهم فزال عنهم الخوف و قتل الأمبراطور البيزنطى و هو يدافع عن القسطنيطينة كما وعد.

و أمر محمد الفاتح أن يرفع الأذان فى كنيسة آية صوفيا و أن يتحول إلى مسجد و أقر حرية الاعتقاد للمسيحين و أن يتولى رجال الدين الحكم فى شئونهم المدنية وفق التعاليم المسيحية و جمع القساوسة لانتخاب بطريرك جديد فانتخبوا جورجيوس كورتيسيوس سكولاريوس و أعطى المسيحين نصف الكنائس الموجودة فى القسطنطينية و حول النصف الآخر من الكنائس إلى مساجد و سمى القسطنطينية أسلامبول أى مدينة الإسلام.

هذه ملامح سريعة أو أقرب إلى أن تكون ومضات حول تاريخ هذا الرجل العظيم فى واحدة من معاركه الحربية التى شكلت فارق فى التاريخ الإنسانى وقتها و فى التاريخ الإسلامى خاصة و الحق أنها أحدى المعارك التى غيرت مجرى التاريخ الإنسانى إلى الأبد و هذه واحدة من معاركه العظيمة التى خاضها فى سلسلة فتوحاته المتعددة لبلاد جديدة يضمها إلى الأمبراطورية العثمانية, أتمنى أن نرى فى المستقبل القريب هذه الشخصية يدرس تاريخها إلى طلاب المدارس ليعرفوا بعض من أمجاد التاريخ الإسلامى الذى أغفل عن عمد أو سقط سهواً من ذاكرة الأمة و لا نناقش هنا الأسباب التى أدت إلى إغفال تاريخ رجل بهذا القدر العالى من البراعة العسكرية و العبقرية العسكرية الفذة و أيضا المعاملات السياسية و الإدارية للدولة, ربما سيأتى جيلاً عما قريب ينصف مثل هؤلاء الرجال و يعيد لهم مكانتهم التى يستحقونها.