سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

السبت، 14 ديسمبر 2013

مقالات تربوية: إن مشكلتنا تربوية بقلم/ ديفيد ج. كوج

إن التربية كما يقول ديوي ضرورة من ضرورات الحياة, وهذا صحيح تماما. فالتربية بوصفها اعداد الطفل منذ مرحلة الطفولة ليكون مواطنا صالحا في المجتمع في المستقبل او ليكون شخص ناجح في حياته علي الصعيدين الشخصي والاجتماعي؛ مهمة جدا.
يمكنني ان اصف التربية علي انها ظاهرة طبيعية في الجنس البشري وبمقتضاها يصبح الفرد وريثا لما حصلته الانسانية من حضارة. اي ان تعلم الطفل الماضي كي يساعده ذلك في التعامل مع المستقبل اي انه يتم اعداده للمستقبل. ولكي يتم ذلك لابد من ان تتم هذه التربية لاشعوريا, عن طريق المحاكاة بحكم وجود الفرد في المجتمع, وبذلك تنتقل الحضارة من جيل الي اخر. فالانسان بوصفه كائن اجتماعي يعيش في محيط اجتماعي كفرد يؤثر ويتأثر, لذلك يجب ان ذلك بتوضيح وتمثُل القيم الانسانية العليا امام الطفل. كما ان التربية المقصودة بطبيعة تقوم علي العلم بنفسية الطفل من جهة ومطالب المجتمع من جهة اخري. فالتربية ثمرة علمين هامين هما علم النفس وعلم الاجتماع. 
لذلك اري ان زعمي في عنوان المقال ان مشكلتنا تربوية تتضح في انه لم يتم تعليم الاطفال (القادة بالتحديد) ايام الصغر بالطريقة الصحيحة, لم يتم توريثهم حصيلة الانسانية من حضارة ولا اخلاق ولا طرق العيش الشريف. وهذا كله يعود الي عدم المام القائمين علي الامر؛ سواء كان في البيوت في المدارس, يعود لعدم المامهم بمناهج التربية الحديثة. 
فمثلا ولكي يكون الطفل شخص صالح اجتماعيا في المستقبل لابد ان يعلم القيم المجتمعية المحيطة به, وما اقصده بالقيم هو ما يعتقده الناس انه يجب ان يسير عليه الحياة. وكذلك المعايير الاجتماعية, وهي تلك المعايير التي تحدد ما هو صحيح وما هو خاطئ للطفل. وبذلك يمكن للطفل ان يعيش بطريقة جيدة ويكون صالح في المستقبل. ولكي يتم ذلك لا يجب ان نعيش الطفل في عالم يوتوبي مفصول تماما من الواقع بل ان نوضح له امور مع بعض الامثلة.
لو اردت ان اخرج طفلا او اطفال غير قبليين فاني ساقول لهم, ان القبلية ليست جيدة واعطيهم السبب وهو ان القبلية تضعفنا وتشتت قوانا وكل ما كنا ضعفنا استحال علينا انجاز اي شئ؛ اي شئ علي الاطلاق, واضيف ايضا مثال او اثنين, مثل ما جري في رواندا عام 1994م بين التوتسي والهوتو وكيف خسرت رواندا اناس كان يمكن ان يقدموا لها الكثير ان عاشوا, كما ان ما حدث في رواندا واحدة ان لم تكن اسوأ انتهاك لحقوق الانسان في القارة السمارء منذ مطلع القرن العشرين. 
وايضا تجربة النازية في المانيا في عهد هتلر, الذي تفنن في قتل اليهود الابرياء بدعوي انهم سبب المشكلة في المانيا (خسارة الحرب العالمية الاولي, مشكلة الاقتصاد) . ولكن الحقيقة هي ان كان للنازيين نوايا عرقية وذلك انهم يرون ان الشعب الالماني وهم الجنس الاري طبعا افضل من وطئت قدماهم هذه الارض. واشرح له كيف ان ذلك قاد الي وفاة الملايين من البشر وتشريد الكثيرين.
ثم اقول ان اصبحت ذا نزعة قبلية او قومية فالنتيجة حتما ستكون واحدة من ما ذكر انفا وهي اسوأ ما يمكن ان يبتلي الجنس البشري, ان مثل هذا الكلام سينمي ثقافة السلام والتسامح لدي الطفل وينمي فيه روح المسئولية ايضا. وبذلك نكون قد نقلنا له ولو القليل من ما حصلته الانسانية من حضارة, ان السبيل الي التقدم دائما يكون باختيار وتبني المناهج الصحيحة التي لا تأذي الاخرين ايضا.
وهذا يعني الالمام بنفسيته ومحيطه الاجتماعي ايضا, فالطفل الذي من المفترض ان يتم اعداده للمستقبل هو الطفل الذي يكون لديه وعي متنامي بمتطلبات مجتمعه وبالتالي المجتمع الانساني, ولديه وعي عالي بالسلام والتسامح بطبيعة الحال, يكره ويبتعد عن كل ما يأذي الاخرين.
ولذا يكون دور المدرسة مهمة ايضا ودور المدرسة تكون كالاتي:
i. ان المجتمع جهاز معقد التركيب فيه نظم اقتصادية, سياسية, دينية, وفنية يصعب علي الفرد فهمها اذا ترك وشأنه, ووظيفة المدرسة تهيئة بيئة مبسطة يفهم الاطفال منها الحياة الاجتماعية.
ii. ان تخلق المدرسة للناشئة مجتمعا مصفي من الشوائب, وتؤكد لهم ما في المجتمع من محاسن, فتصبح بذلك اداة للرقي كأنها تطهر العادات الاجتماعية الموجودة وتسمو بها.
iii. إقرار التوازن بين مختلف عناصر البيئة الاجتماعية من عقائد دينية واجناس متباينة وغير ذلك, فتكون المدرسة هي البوتقة التي يصهر فيها افراد المجتمع ويتقاربون في مشاربهم وتقاليدهم وعاداتهم.
iv. توحيد نفسية الفرد حتي لا تتجاذبه طوائف الامة المختلفة فتتفكك نفسيته.
ان هذا بالضبط هو ما نحتاجه في الجنوب لننشئ اجيالا يعتد بها في المستقبل القريب والبعيد, فمشكلتنا الاولي والاخيرة كما ازعم تربوية بحتة. 
ان ما نعانيه اليوم من سوء تخطيط, انحطاط اخلاقي, الابتعاد عن القيم الانسانية, تفكك في العلاقات الاجتماعية ولاسيما العائلي, فساد, اللاتسامح, العنصرية الزائدة (المتمثلة في القبلية), غياب الضمير, والوعي الجمعي, والايثار, والواجب. 
كل هذه الاشياء نعاني منها لانه لم يتم تربيتنا بالطريقة المثلي, لم يتم تعليمنا لا في المدارس ولا في بيوتنا ان الاعتداء علي المال العام خطأ اخلاقي وبالتالي جريمة تعاقب عليه القانون. او ان التمسك بالقبيلة يجعلنا عنصريين وبالتالي متخلفين. 
لم يتم اخبارنا ان الفساد بمختلف انواعه سواء ماديا او اخلاقيا لا يساعد علي النمو وانما التخلف والتقوقع فقط. لم يخبرنا احد لا في البيوت ولا حتي في الكنائس ان المواطن الجيد هو الذي يعامل الكل معاملة حسنة كانه من واجبه ان يعاملهم هكذا.
ان غياب التربية والمفهوم التربوي الحديث تركنا عرضة لكافة الامراض المستشرية اجتماعيا في عالم اليوم, اعني العالم المابعد حداثي عصر العولمة الذي كسر فيها كل الحدود الجغرافية وكذلك الاجتماعية اما الاقتصادية فحدث ولا حرج. 
فلكي يتم حل هذه المشكلات لابد من تبني منهج تربوي حديث, بمعني نبذ التربية القديمة التي تقوم علي الحفظ والتلقين, وتبني تربية يقوم علي التفاعل في المدرسة بين الطفل ومدرسيه وكذلك مع اقرانه, اما في البيوت فيجب الاهتمام بحاجات الطفل النفسية والمعرفية ايضا, عكس ما هو سائد وهو انه لو تم تلبية حاجات الطفل المادية فقط فان كل شئ علي ما يرام, ان مثل هذا الكلام هراء, خاوي من اي حقيقة منطقية لن تساعد ولو خطوة الي الامام. 
لابد من تدريب المعلمين جيدا لكي يدرسوا الناشئة ايضا جيدا وبشكل يتماشي مع تطلعاتنا اليوم وغدا, فالتربية يقوم علي اعداد الطفل علي التعامل مع الاخرين جيدا وشخذ ذهنه بالقيم الاخلاقية الجيدة والرفيعة, بينما التعليم يعني شحذ ذهنه بالمعلومات العلمية, ولا ننسي ان التربية يأتي قبل التعليم, وليتم ذلك لابد من وجود بيئة جيدة ايضا ليتعلم الاطفال فيها, بيئة فعلا مهيئة لهم ليتعلموا فيها كل ماهو جيد ومفيد لمستقبلهم حتي لا يعانوا من المشاكل القبلية والتخلف والفساد التي نعني منها اليوم.
كما يجب علي العائلات ان يركزوا علي تعليم ابنائهم جيدا, وزرع القيم الطيبة فيهم, قد يبدو هذا الكلام مجافي للواقع اي ارجاع مشكلتنا الي التربية, بينما قد يقول قائل ان المشكلة سياسية او اقتصادية...الخ. 
نعم ان السياسة المتمثلة في ادارة البلاد لها جانب فيما يحدث من مشكلات وويلات اليوم وجونقلي ليست بعيدة عن اذهاننا, ولكن ان الفشل في ذلك يعني عدم المام او جدية القائمين علي الامر في الاستفادة من التنوع الذي كان يجب تحويله الي الاختلاف وبالتالي التكامل قبل ثماني سنوات من الان, اما الاقتصاد فكلنا يعلم سوءا التخطيط وغياب الوعي عن الواطن العادي الشئ الذي يجلب لنا المتاعب دائما, فمثلا عندما اعلن الحكومة ايقاف ضخ النفط خرج مسيرات في مختلف الولايات وهللوا للقرار غير مدركين ما يمكن ان يجلبه ذلك من متاعب بالنظر الي ان البترول هو المورد الوحيد الذي يجني الجنوب اليوم من وراءه النقود.
الا ان كل هذه الاخفاقات وغيرها تعود الي التربية, لانه لو تم تربية الناس كلهم تربية جيدة وتمت شحذ اذهانهم بالمعلومات اللازمة للحياة العالم الواقعي لما كنا نعاني – علي الاقل – ما نعانيه اليوم من ويلات. فالتربية بحاجة الي الاهتمام واعادة النظر فيها وهذا مهمة كل المواطنين دون استثناء, كما ان الاستفادة من تجارب الاخرين, مثل تجربة رواندا بعد المجازر العرقية حتي الان, او حتي التعلم –ولو قليل- من المعجزة الالمانية, وبقية الامم التي تقدمت بفعل الارادة الحرة, الارادة الخيرة التي دفعتهم للامام وتجربة النمور الاسيوية غير بعيدة عن الاذهان. فالتربية تمهد الطريق نحو التطور التنمية الحقيقة. لان التربية تعدنا جيدا لمواجهة المستقبل, وتعطينا الاسلحة المناسبة لخوض معترك الحياة, التي تتمثل في بعض جوانبها, الاخلاق, القيم, المعايير, مواجهة الفساد والقبلية التي ظلت في التنامي كل يوم.

الجمعة، 13 ديسمبر 2013

كلمة الشهر: أطفال الجليد - ديسمبر 2013 بقلم/ عبد الرزاق أحمد الشاعر

في مدينة الرستن، وعلى مقربة من سدها الذي بناه عبد الناصر ذات وحدة، تخثرت الدماء في شرايين رضيع لم يحبو فوق شهره الثاني عشر بعد. وبهذا يصبح أليكسا رقما جديدا في معادلة القهر التي يتعرض لها القادمون في الزمن الخطأ من أطفال سوريا والذين لم تتشكل بصمات أصابعهم بعد. صحيح أن طفل حمص يتفوق على طفل حماة الذي سبقه إلى رفيق أكثر دفئا في الثاني عشر من يناير الماضي بخمسة أشهر قمرية، إلا أن عينيه البريئتين تشهدان أنهما لم تسجلا تفوقا يذكر في مجال البراءة. فكلاهما ماتا بأعين شاخصة نحو الأفق وكأنهما يفتشان في السماء المكفهرة عن بقايا أمل أو سلم ترقى به أرواحهما الغضة نحو آخرة لم ينعموا أولاها.
ولأن جسر الرستن الممدود في حوصلة التاريخ كزئبق يابس لم يعد يربط شمال البلاد بجنوبها كما كان يفعل في القديم. ولأن شاحناته لم تعد تحمل أي وقود لطفل يحتضر بردا، ولأن الهياكل البشرية المتناثرة فوق جبين الوطن المتصدع كبثور سرطانية كالحة لم تعد تحمل في صدورها المقوسة شفقة لعينين صغيرتين تستغيثان للنجوم، قرر الطفل أن يفر من الربيع اللاهب إلى الشتاء القارص في موجة يأس أليكسية باردة.
لا فرق بين موت وموت أيها السوري الرضيع، ولا فرق بين أسلحة تتدفق عبر الحدود وأخرى تنزلها الطائرات العابرة لمحيط الآدمية البائسة. لا فرق بين أجسام متفحمة نزت شحومها كمدا على رصيف وطن دون أن يلتفت إليها العابرون إلى شئونهم الصغيرة، وأخرى تيبست دماؤها وتجمدت الأنفاس في رئاتها فلم تقو على إصدار أنين مكتوم أو صيحات استغاثة. وطالما أن الموت مقدور على أصحاب القلوب الضعيفة مثلكم، وأن المارون فوق أجسادكم النحيلة لا يفرقون بين رؤوسكم الصغيرة وكرات الثلج، فلا حاجة بكم للصراخ، لأن أحدا في النهاية لن يهتم.
أيها الصغار الواقفون على رؤوس توابيتكم الصغيرة، لا تؤمنوا لمن تاجر بأحلامكم البريئة، ولا تثقوا بمن يذرف الدمع الساخن عند أجساد رفاقكم المقددة عند التلال، ولا تعتقدوا أن تجار السلاح الذين يمنون عليكم بكرات اللهب خيرا ممن يبكون عند قبوركم وفي أياديهم مدافع محشوة بالكراهية، ولا تنتظروا دمعة ساخنة من وراء الحدود لأن رفاق الربيع الزائف مشغولون عنكم بصيحات كاذبة في متاهات سياسية ضالة. ولا تظنوا أن كل من يرفع يديه نحو السماء بدعوة عن ظهر غيب شريك طهارة، فأغلب الذين ناصروكم بقلوبهم وبخلوا على أجسادكم الزرقاء بغيض من فيض دفء يغمرون به أطفالهم السمان كل مساء ليسوا أفضل حالا ممن بالوا ككلاب ضالة فوق قبوركم الخرساء. 
اليوم نشهد مأساتكم أيها الراحلون من مدن البلادة في صمت قبوري مهيب نحو سماواتكم الرحيبة لامبالين، وغدا تشهدون ذعرنا وعرينا وقلة حيلتنا حين نقف وإياكم في صعيد طاهر لنجازى دما بدم وصقيعا بلهيب. ستمر جنازتك أيها الصغير المتجمد أمام مقاهينا الدينية المشغولة بسن الرماح وتعبئة زجاجات الدين بسارين الكراهية دون أن يقف حدادا على روحك الذكية أحد من الذين يملؤون ملاءات الفضائيات ببقع الخطب المنبرية، وسترحلون دون أن تتركوا فراغا في نفوسهم المشغولة حتى النخاع بالإعداد لجمعة الرحيل وجمعة الخلاص وجمعة الثأر وجمعة القصاص. سترحلون ولا هم لسياسيي عالمكم البائس الفقير إلا الرقص فوق حبال الفضائيات المشدودة لسرقة ما تبقى من آثار أجسادكم الغضة فوق تلال الثلج المكومة عند التلال.
سترحلون نحو السماء وتبقى عللنا المزمنة طابورا خامسا لا يمد جسرا ولا يقيم سدا، ويبقى الدين علكة لا طعم لها في أفواه المتاجرين بلحاهم الكثة وأصواتهم الجهورية وعممهم الملونة. وسيرحل أليكسي كما رحل الربيع الكاذب عن ربوع الميادين، ويذوب الثلج من فوق مروجنا المعممة بالبياض، لكن برودة واقعنا لن تزول بالضرورة، ولن تفور الدماء في عروقنا كما اعتادت أن تفور. فجليدنا الروحي لا يرتبط بالمواسم ولا تذيب شمس المشارق كتله اللاهية. 
أما أنتم أيها المتاجرون بصور الأطفال اليابسة في مواقع التواصل، فلا تعتقدوا أن كثرة الصور المبثوثة من كاميراتكم الثمينة عالية الدقة قادرة على بعث أرواحنا الراقدة في توابيت الأنانية منذ عقود. لأنها تحول أنهار البؤس في واقعنا إلى جزر من جليد، فالتعود على الصورة يقتل الإحساس بها ويميت التعاطف في قلوب لا تجد إلا النبضات المكتومة لتتصدق بها على أجساد لم تجد التعامل مع تلال جليدنا العربي المتراكمة. أما أنتم أيها المارون نحو الإله من فوق أجداث أطفالنا الغضة، حتما لن تجدوا ربا هناك. وحين ينحسر مد الفتن عن شواطئنا الملوثة بفتاوى الكراهية، ستحاصركم أرواح الأطفال التي لم تتيبس كلحومهم الغضة في أسافل التلال، ويومها ستدفعون الثمن.
عبد الرازق أحمد الشاعر
أديب مصري مقيم بالإمارات
Shaer129@me.com

المقالات الاجتماعية: الإشكالية السودانية بقلم/ مبارك آدم

أن الممارسات السياسية لأي مجتمع ما هي ألا انعكاسات للأنفعالات النفسية الاجتماعية لأي مجتمع كان, فبالتالي تتميز النشاطات السياسية في تطبيقاتها بالبصمة الاجتماعية المعنية حيث الأمراض الاجتماعية تتجلى بصورة واضحة من خلال الممارسة السياسية لأن المضمار السياسي يحوي ما هو خير للمجتمع وما هو مدمر للبنية الاجتماعية نتيجة إتباع سياسات هوجاء في القضايا المفصلية وحتمية الممارسة السياسية الرشيدة يحتم انفعالات نفعية اجتماعية رشيدة ودلالة العطب السياسي والفكري السوداني ما هو الأعطب في التركيبة الاجتماعية .
وضمان الحل السياسي للإشكال السوداني هو حل حتميته الصفرية أكيدة على ضوء الرواهن السياسية المتمثلة في التيارات الهمجية المناهج لأن الإشكال في الأساس هو إشكال تركيبة اجتماعية جمعية قاعدية جزرية صعبة التفكيك آنياً وأنما بعد عناء زمني قابل للتمديد والتعقيد في ظل تنامي الجشع العولمي لأن التركيبة الاجتماعية للشعب السوداني لم تصل بعد لمرحلة التركيبة القومية ولم تخرج بعد من أطار دائرة العشيرة والانتماءات الضيقة المسارب وفي بعص الأحايين تركيبة انطباعية تتماشى مكانيا ًوليس تواكبياً وتتشتت الانتماءات على حسب تموضع الشروط المكيالية للرموز الايدلوجية وتعاطيها مع المشكلات.
والنفاق الاجتماعي المتبع عند الممارسات الاجتماعية المتداخلة ماهي ألا ضرورة مرحلة إجبارية فرضتها الأحداثيات الجغرافية للسودان لأن الطبيعة الإنسانية هي غبية في الغالب ولا تتعامل ألا على أساس القوالب الجاهزة ولا وقت أو مجهود مبذول للتمحيص والتصديق اليقيني هي السمة الغالبة حيث تنتهج كإخلاص أو تسليم يقيني حتى ولو من جانب عدم المعلومية لسببية عدم تصديق العكس والخوف من المجهول وليس البحث عن المكنون التصحيحي لها و أنما فقط تشبثاً بالمقدسات اليقينية الايدلوجية منها والاجتماعية المفرغة من المضامين الأخلاقية الكونية وهناك سببية أخرى ألا وهي المؤالفة القاتلة للأحساس وهو عبارة عن سجن اختياري تبعث إلى الراحة واللجوء إليها ينتج عنه نوع من السكون الوهمي وعدم الرغبة في ما هو جديد ووضع العقل في أفق ثابت أحادي المنحى,  والمحاربة من أجلها ضد أي محاولات انتشال دون الإجابة على أي سؤال بصورة منطقية أو إبداء أي أسباب منطقية مع العلم التام أنه لا يقرب عن المنطق العقلاني بشئ.
وطريقة الكيل غريبة بعض الشئ تتمثل في أطلاق الأحكام الجزافية المتمترسة حول التشبث المنغلق في الدوائر الحلزونية عديمة المخارج حيث إنعدامية التناول العقلاني للموضوعات.
لأن تشكل الرؤية الموضوعية للعناصر الإشكالية تعتمد على الخلفية التفسيرية عند الشخص والمحمول العقلاني وطريقة الاستنتاج والتغذية التوعوية والأفق الإدراكي والذاكرة القاعدية للتصور الموضوعي وعندما تكون هذه الذاكرة الموضوعية فارغة المضامين يكون التمثيل الموضوعي لأي إشكال ضئيل والمحتوى التحليلي للإشكال تتميز بالبساطة القاعدية للأشارات والرموز التحليلة والتمثيلية مما يؤدي إلى حتمية فقدان المعنى الحقيقي للإشكال بحيث يكون الفهم المغاير هو سيد الموقف ويبرز عنصر مؤثر في مثل هذه الحالات الشخصيات التعبوية حيث لا يسلم هو من هذه الأعراض لأنه في نفس الحال من حجم الضآلة من حيث المحتوي التمثيلي التحليلي للإشكالات ويكون الترسيخ للمواضيع عديمة الرموز الاستيضاحية والرموز التعبوية في غالب الأحايين, قد يقومون بأدوار سلبية في ترسيخ المضامين بانتهاز حتمية القناعة بعدم المعرفة الموضوعية عند الغالبية الجماهيرية والتحرك نحوها لمعرفتها واستكشافها والدخول في متاهات مغامرات استفسارية تعد ضرباً من الكفر بما هو مسلم به عند الجمهور وخصوصاً عند الجماهير المتشبعة بالايدلوجيا الميتافيزيقية, حيث يكون السلوك التفسيري المتبع لحل المشكلات ليست على ضوء الفضاءات الإشكالية للموضوع و أنما على أساس الخلفية الرمزية المترسخة في المخيلات.
وهنا يأتي احتمالية القناعة بحوارات تعددية مع المختلف يكون وفق الخلفية الرمزية المترسخة واحتمالية الحوار لخلق هوية اجتماعية وقاعدة سلسة سياسياً تقوم على أساسية الحوار لتمثيل الشرط الديمقراطي الاجتماعى, في البدء يجب تغذية هذه المخيلات بالرموز التمثيلية والتفسيرية للحوار التعددي تغذية تلقائية وليست بتلقينية كما هو الحال الايلوجي في التغذية الفكرية

الأربعاء، 11 ديسمبر 2013

دراسات: نثر - شعر: فيزويولوجيا الانحراف : شيزوفرينيا والغوص في الفراغ بقلم/ عدنان أبو أندلس

إن التوجس حالة خطيرة يمر بها الفرد تربك حياته وتجعله يتوقع الخطر في كل لحظة سواء كان ذلك حقيقيا

أوهما يطارده فهو يخال أن نكبة ما توشك أن تقع عليه بهذا المعنى استهل القاص( ريسان جاسم ) قصته الغرائبية (شيزوفرينيا ) ضمن المجموعة القصصية (فيزيولوجيا الانحراف) الصادرة في العام 2008/ الطبعة الثانية والتي ضمت بيت طياتها ( 15) نصا قصيرا كل واحدا ينوء بطلاسمه المغلقة ويقول لقرينه أنت عصي عن الفهم منها ( انحراف المستقيم _أعناق الحياد النافرة _رأس ضفدعة _شيزوفرينيا_وشم في طيلة عنق...) عناوين حديثة تتسربل بالغموض والتشويش وحينما تسترسل في قراءة أين منها ،فانك تغوص في أعماق لانهاية لها ولا طائل من ورائها .... ذات إسقاطات لاواعية ،و سرابيةابعاد وجهات متلاشية وافق يتولد كل حين وفراغ لازمان له فلا للحواس اثر فعال ،فكل شيء انحراف ..حتى يخال إن المرءيتارجح في ارض متموجة فقدت جاذبيتها ويختل التوازن فتصاب بالدوار .

أن العطاء المز كز والمكثف يعطي متعة ما ورائها وشحنة تضاف إليه أو مناعة فكرية تحمي هذا الشرود في أية لحظة .ولولا ولعي الشديد بهكذا إعمال لما أبحرت طائعا وغامرت بسرج ما تبقى لدي من وعي كي أطوف في ضباب كثيف من عطا ءات القاص ذات التكتيك العالي المشروع للإبداع في مناخان تعج بالواقعية والكلاسيكية وترفع بيرق الريادة لها ؛

حقيقة وللأمانة الأدبية أقولها إن للقاص وعي مركز وله إلية نفسية يعبر عن مكنونات شاعريته تحت اطر سريالية تضعه في مراكز متقدمة في ضليعة أدباء المدينة ؛ مع كل ما طرحه القاص من أفكار والغاز محيرة عصية على الفهم إلا إني واصلت قراءة المجموعة وخاصة القصة( شيزوفرينيا )مرات عدة إلا إني لازلت أتهجى الكلمة الأولى منها. ان أرضية القصة _هوة عميقة بلا مديات محددة ومفازة شاسعة متحركة لايمكن مسح أطرافها ،مومياء نفضت ترابها عن عبء زمانها وابتكرت حسابا آخر وصرخت في قبو لإقرار له

استهل القاص –قصته هذه ب

_ الجثة-ودارت حولها استفهامات عدة مرورا بالشارع الأسود مثابة ترتكز عليها بنية النص ثم المتلذين –الصناديق المغلقة –أرصفة متلاشية –الطب العدلي-التحاليل الجنائية-هواجس –إرهاصات –طقوس ممسرحة

،المحقق) كل هذه استدلالات تقضي حقائقا لم تقع اصلا بدليل ان القتل لم يقع لانه سابق اوانه بدليل حرف (س) سوف تسبق الفعل تجدوني –ستجدوني-في المستقبل (قتيلة- منتحرة )( دلال منصور ) الشخصية التي تمحورت عليها القصة وهي( فيزيلوجيا الانحراف) مصابة بمرض انفصام الشخصية (شيزوفرينيا) والتي تعيش وضعا نفسيا لايطاق اختلط عليها الماضي بالحاضر مرورا با لمستقبل يذكرني هذا العمل الجاد للقا ص بمسرحية( شاهد

ماشافشي حاجة ) ويستمر الحدث مرئيا كما في السطر (5) ص62 (ثلاث طعنات متباعدة ،لتوحي بان المرتكب أراد إنهاء حياة امرأة تقول على ظواهرها أنها ابعد ما تكون عن أي نقص في التكوين الأخلاقي )

ان الطعنات الثلاث واهية وأراد –أي المرتكب لا تعني إنهاء حياتها ،والنص الذي يليه سطر 16-اشعر بأنك اليوم لست عائدة الي ...سيريحني ان تؤجلي التحاقك بعناصر اكتمال الخشبة –ان سوف –س –لاغبار عليه لم يكتمل الفراق هي معه اللحظة ...وهلم جرا مع تقاطيع مبدعة للقاص حتى خاتمته المدهشة وغير المتوقعة انا ...كتبت ما على هذه الورقة ،اعتراف ابيض جريء كونها سطور (شخابيط ) لاتعني شيئا كل هذه مغمورة في دماغ القتيلة الحية من هذيان –تقمص –حوارات لاواعية –اسقاطات ذهنية حادة –تناسخ –هواجس –غيبوبة –هلوسة –انفصام-.ان فيزييولوجيا الانحراف-عنوان مبهم جمع بين علم الوظائف البشري كلمة حية يقابلها ابعاد او اشكال مديات ،ربما هندسية جامدة غير ان هذه الكلمة تسري الى صفة لملازمة اعمال شخص ما ،كذلك غرابة الملغوم كما ورد في ص 63السطر 11 منه(ما تصوت ان المراة المتباعدة تسندك – بكل هذا الصدق – وانت ترتقين قمه ليس على الناظر ان يرفع راسه ليملا عينيه من اتساعها – لكنك شممت رائحة الانحراف بين انفاس خائف المردودات) عجيب جدا ان هذا المقطع الغائز في سرياليته من ورائه معنى تلثمه مداركنا الحسية أجلا بل قل هذيان تحت سطوة التخدير او النوم المغناطيسي او ماشابه ذلك من السيطرة عتى القدرات ، ان الرسالة او الورقه المبعثرة ارسلت بالهواء وكتبت بالماء الى امراة مجهولة من مفقود بلا عنوان تلائم هذا التقعير 00

فعلا ان عمل القاص المبدع ريسان ياخذ في الحسبان لاهميته الحداثويه المواكبه لعملية التطور بمعناها المطلق لابتعادة عن البهرجة ولخروجه عن الما لوف والسائد الى اطر جديدة تعتريك الدهشة حين مطالعه او استقراء اعماله منها –اميدادات ضاحكة في افق يبكي والهجوم الثاني لحصان طروادة وقصته هذه شيزوفيرينيا حبكة فنية مرصعة بغموض ملذ وشيق ومحتشم لطرحه بدائل الانحراف ( منعطف –استقامة-منحنيات –مراة محدبة –التواء-هياكل منتصبة ) هذه هي فسلجة الاعضاء بالانحراف الى الرذيلة –السرقة –القتل -...الخ )

ان من الوسائل المحببة في الادب اضفاء شيء من الغموض على النص كي يشحنه بطاقة لطيفة جذابة يستلذ من ورائها القارىء وهذا ما اجاد به القاص والشاعر (0ريسان جاسم ) –الثائر والعصامي والمتمرد والشاب والباحث عن زمن ضائع في هوة لاساحل لها ولاحتى ضفاف في خفايا الذات0

مقالات أدبية: فاصل، ولن نواصل بقلم/ عبد الرازق أحمد الشاعر

ذات مساء أوبرالي، اصطحب أحد المغرمين بالمسرح الغنائي طفلته لتشاهد "عايدة". وعايدة لمن لا يعرفها أميرة أثيوبية خلبت لب راداميس قائد الجيش المصري الشجاع الذي استطاع أن يرد كيد الإثيوبيين في نحورهم ويكبدهم خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات. لكن زحف القائد المغوار توقف عند عيني عايدة التي بادلته نظرة بابتسامة، وسلاما بكلام. وفي غمضة أسر وانتباهتها، وجد راداميس قلبه معلقا بسلاسل من عشق في خلخال صاحبة الحسن والدلال عايدة. وفي جنح ليل لم يكتم على المحبين سرهما، قرر العاشقان أن يوليا وجههما شطر الحبشة ويخلفا وراءهما تاريخا من الدماء والحروب القذرة.

لكن أحد الوشاة سعى إلى فرعون البلاد بالنميمة، وأفشى سر العاشقين. فأدركهما الفرعون وجنوده، وأوثقوا أقدامهما الفارة إلى الجنوب بالحبال، وحملوا القائد المظفر إلى المشنقة لينال جزاء سنمار على ما أبلى في حرب لم يخرج منها بشاة ولا بعير. وهكذا التف حول رقبة قائد الجيش المنتصر حبل صنع في مصر لتنتهي قصة حب حرّمته السياسة على روحين ظنا أنهما قادرين على اجتياز حدود الكراهية بين الشعبين اللدودين. 
الغريب أن القصة مصرية مولدا وجنسية، لكن كاتب تقاسيمها فرنسي، يدعى ميريت باشا، ومخرجها من تحت رماد وادي النيل عالم آثار فرنسي يدعى "أوجست ماريتا"، لكن الأعجب أنها ترجمت بأمر خديوي من إسماعيل باشا ليقوم الموسيقار العالمي فيردي بنسج موسيقاها مقابل 150 ألف فرنك من الذهب. وهكذا تحولت قصة الغرام المصرية المنشأ، إلى عمل فني مدهش يجوب الآفاق، ويزور مصر التي تحرم الحب العابر لأسلاك الكراهية وتجد آلاف المبررات لفتاوى القتل والذبح على النصب، ولكن بلهجة سوبرانو. 
وحتى لا نخرج من حظيرة المعنى بلا دجاج ولا بيض، دعونا نعود إلى قصة صاحبنا الإيطالي الذي قرر أن يقهر طفلته كمدا بقصة درامية بائسة تحكي قصة شعب يجيد القتال ولا يجيد الدفاع عن حقه في الحب والحياة، لنرى ما فعلته مأساوياتنا بوجوه الطاليان وإن كانوا أطفالا. 
في أحد المشاهد المفصلية في مأساة عايدة، انطلقت أصوات نشاز تحاكي أصوات الجمال والخيول والفيلة والقطط الضالة، وعندها نظرت الطفلة بعينين بريئتين لأب كادت الدموع تنهمر فوق خدوين أحمرين مكتنزين قائلة: "هل يجوز أن أضحك هنا يا أبت؟" لكن ضحك الفتاة هنا لم يكن كالبكا كم اعتاد المصريون أن يغزلوا من خيوط كل مناسبة دموع تماسيح باهتة. لكنه كان ضحكا من نوع مختلف، فقد كان ضحكا بلغة السوبرانو. 
أقام الخديوي إسماعيل مبنى الأوبرا بتصميم "أفوسكاني" و "روسي" ليكون العرض أجنبيا خالصا ويتجنب الرجل إحراج رجال البلاط الذين يتحدثون المصرية بلكنة تركية مضحكة، ليرفع الستار يوم احتفال كبير بافتتاح قناة السويس، لكن لحكمة يعلمها الله، تأخرت الملابس الفرنسية التي أعدت خصيصا للعرض، لكن البديل السوبراني كان جاهزا كالعادة. لا حاجة إذن للاستعانة بالجلابية المصرية والشال الصعيدي طالما أن المتطوعين من رجال السوبرانو مستعدون للهبوط فوق السواحل عند أول إشارة. وهكذا سقطت "عايدة" لتحل محلها أوبرا "ريجوليتو" وليرفع الستار أخيرا على رجال ونساء ليس بينهم قائد جيش مصري ولا عايدة إثيوبية.
كاذبون من قالوا إن الأدب محايد، والشعر محايد، والسوبرانو لغة كونية. صحيح أن المياه التي تتدفق من إثيوبيا لم تكن بردا وسلاما على المصريين الشرفاء في أي عهد وإن كان فرعونيا، إلا أن الحب الصادق وحده كان قادرا على تجاوز حبات الرمال الجافة والغصات المتلاحقة بين الشعبين. وصحيح أن الحب وحده لا يكفي في زمن المؤامرات العابرة للأمن الوطني، إلا أنه مطلب غير فرعوني للقضاء على ظاهرة التصحر التي أصابت قلوبنا بالعقم وعقولنا بالتيبس. 
سقط قائد الجيش المصري الذي استطاع أن يهزم الكراهية بنصف راية ووقف كمراهق بين عيني سوداء حبشية، ولكنه لم يسقط في معركة الدفاع عن الحمق، بل سقط مجندلا بين يدي فرعون لا يجيد لغة العيون التي تتدفق معها المشاعر من شمال أو جنوب ولا تعيقها الجغرافيا عن تدمير سدود الكراهية. لكننا اليوم لا نملك قوة راداميس ولا بياض عينيه. فكل ما حولنا مضحك بامتياز، لكنه ضحك كالبكا، هكذا تعلمنا حكمة المتنبي وقسوة المتنبئين. فتضحكنا حتى الثمالة أصوات بائسة لا تعني الكثير بالنسبة لقصة مأساوية يعيشها شعب تعس لم يعد يقف على أطراف الحضارة وإن بإخمص إصبع. لكنه ضحك لن يستمر طويلا قبل إسدال الستار على أحد المشاهد المفصلية في مأساتنا المخجلة.


Shaer129@me.com

دراسات: نثر - شعر: إشراقات الحس الصوفي-شطحة البدائل بقلم/ عدنان أبو أندلس.

قصيدة-نهارات مؤجلة- للشاعر نادر عمانوئيل.

إن إقتحام موضوع التجليات شيء عسير على ذهنية المتلقي,لما يبذل من جهد مكثف للوصول الى حقيقة راسخة,هذا في ما إذا حصل وضوح يفضي الى الهدف, إن الإشعاع الفكري بفيوضاته المعلنة يخلق عوالماً ناطقةخاصة به,إذ أستثمرت على وجه اليقين دون مداراة تحفها حالة من الوصايا , حيث إبتكار مساحات مزدحمة من البياضات الزاخرة بالتأملات العرفانية والشطحات الصوفية- أضفت على أفق النص حالة من السمو ,كبدائلاً مماثلة من صيغ عرفانية إستنطقها الشاعر وهذا ما لمسته في قصيدته -نهارات مؤجلة-ومستهلها يعلن بدء ذلك:
هنا ........
في هذه النهارات المؤجلة
حيث 
ينتحل
الليل
صفة البياض
هذا التقديس الزمني طرأ في حالة ديمومة الليل وإستمرارية إمتداده -تجلياُ مكشوفاُ وإشراقاً يضيء حافات العتمة-
إن إنتحال صفة البياض النوراني كي يبقى الكاهن في صومعته يرتل مزاميره على نغم قدسي ويواصل الليل بالنهار, وبتحويله سر مخفي لا يدرك أصل ماهيته إلا من إستشرق شطحة صوفية -عين أخرى-قد تكون الثالثة-حدساً غير مرئي, وقد لاطفت مفرداته فيضاً قدسياً معانفاً رؤاه الحافلة بموروث إنعكس إيجاباً لحالته والتي منها هذه الإشعاعات الحلمية-التعميد -المصابيح -الطريق-التراتيل -أرملة محاصرة-اله محتمل-وغيرها من ادوات إشتغالاته والتي أبعدته عن الأنا الراسخة في الشعور -وهذا موجب يحتسب له,حيث تمكن من لملمة فيوضات إشراقية وإقترابه من حافات أو نهاياته العدميّةمثل-
على مقربة من دعاء
على حافة طريق
على سطح غيمة
عن اله محتمل 
,وهكذا يشعرنا عمانوئيل بأن البدائل معمول بها , وتنذر لحالات مصانة من وعي مركز وحلم بيقين ودراية ,امنياتي الدائمة له بمزيدِ من العطاء والتألق والإبداع.
كركوك—أيلول-2013.

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

دراسات: نثر - شعر: هذه هي الشاعرة العراقية / د. سهام جبار (14) بقلم/ عدنان ابو أندلس

للفترة من 13-7-2013 إلى 19-7-2013.
قديماً مثل هيباشيا- للشاعرة د.سهام جبار
لائمة إسترجاع الماضي بعين الحاضر.

إن الشاعر يتأثر بحدث لحظوي قد يعكسه على بديل خارجي لما لتشابهه عياناُ مع حدثه الآني ,قد يكون مصادفة ويوقظه بدافع الصدمة في لحظتها, حيث إنها شديدة الوطأة أي -الصدمة-على نفسيته والمتلقي أيضاُ,فما لوقعة الشاعرة من تشابه حد التطابق , فكان إسترجاع الماضي -فلاش باك-البديل بعين الحاضر-اللحظة- إلا تأكيداُ ولوماُ ,وكأن حال لسانها يقول: قديماُ مثل هيباشيا- أي اصبحت مثل المضحية -هيباشيا.
وما قصيدتها -قديماُ مثل هيباشيا-بنفس إسم المجموعة إلا واقعاُ ملموساُلحالتها ,وإسترجاع تأثرها بحالة الباحثة -إستاذة الرياضيات المصرية-هيباشيا-في الزمن البعيد والتي ضحت من أجل بلادها كي تبنيها على أُسس منطقية لديمومة أستمرارها رياضياُ وفلكياُ وفلسفياُ, إلا هذا لايروق لهم إطلاقاُ حيث إتهموها بتهمة عِدائِها للمسيحية تارة ,وأُخرى خشية من إزدياد أتباعها
ومريديها ,وهنا تاكيد لنا من أن حالة التطابق قد سرى للشاعرة د.سهام من تأثرها بتطابق الحالة وقد أكرموها وجازوها بطلقة يقال إنها طائشة من جاهل- خرف- اُمي-في كتفها الذي كان يحمل ثقل أرشيف الصوت الإنساني النقدي والذي قال:
"قديما مثل هيباشيا
سلخوا جسدي
وكنت أحسب العلاقة
الرياضية
لبقاء الأزمنة
على الأجساد
ومثلما رتّقتُ ذلك الجلد
إعتصرت المشاهدة من العيون
فإذا بهم ليسو هم 
وإذا بي ما زلت انا"
كل ماقلت آنفاُ ,إن هذا النص مثقل بفلسفة وتجربة رياضية,هو إختبارات لفسلجة وتجارب لمعرفة وإحتساب لتجارب علمية لبقاء الأجساد في مختبر وهكذا جرياً للظواهر العلمية البحتة وصبرها الموسوم بشجاعة.
.كركوك- 16-7-2013.

دراسات: نثر -شعر: هذا هو الشاعر العراقي / فضل خلف جبر (13) بقلم/ عدنان أبو أندلس

للفترة من 10-11-2013 إلى 18-11-2013
تضادات الواقع الجمعي , سردياً
الشاعر فضل خلف جبر في قصيدة - زغردن يابنات سومر.

إن مقطع القصيدة هذه ,هي من المجموعة الشعرية – طق إصبع - والتي تحمل بدلالتها وتأويلها معنيين وصورتين للمتلقي لحظتها ,أولهما تلائم نقطة إنطلاق الصوت المفرح – زغرودة - هذه المثابة الراسخة حدّ الثبات في ميثولوجيا الشعوب , بدءاً من تأريخ الآلهة و تركه المدينة التي تحطمت بفعل الدمار في سهل شنعار والى يومنا هذا , الموروث المتقلب / الفرح/ الحزن- مما إستهل بعنوان القصيدة – زغردن – المفردة التي حملت دلالتها معنى الفرح العام بدلالات نفسية وإجتماعية في التكوين الروحي والمتجذر بعاطفة نحو متغيرات آنية أو لاحقة بدليل الصوت السّار , ثانيهما ربما لائمة للنفس بالخيبة مما جرى من بعد خذلان لم يتوقع , كأن تقول/ للمخذول- للراسب – للخائب – زغردن لهذا من باب الخيبة وكمحفز وكردع لمحاولة أخرى يبنى عليها:
زغردن يابنات سومر 
إنه الوليد الموعود 
زغردن في الهور والريف والمدينة 
في الفقر والغنى والمسغبة 
في الجبل والوادي ومابينهما
إنه يهيب – بنات سومر – من إظهار الفرح والتعبير بإطلاق صوت الإبتهاج – زغرودة- بالمولود الموعود –ربما هو – المخلص – المنقذ – الحجة- بإنقاذه لهذه الأمة المتسربلة بالجور الذي لحق بها جراء أعمال حاكميها _ولولا المقطع هذا – إنه الوليد الجديد – لكان عنوان القصيدة يحمل أو يتحمل تأويلات أخرى بلائمة الآخر وبتقريع مستديم كما ذكرت بصورتين أو تأويلين – حيث إستعمل الشاعر هذا السرد القصدّي بذكر الأضداد كحالة صراع حياتي قائم حتى القيامة , إن لم يتغير الوضع الذي عليه بسيرورة الحالة الراهنة.
في النوم والصحو 
والحلم واللجاجة
زغردن فرحاً وأثلجن صدور الآلهة
طق..طق..طق
هذه الثلاثية في الحركة - طق- تمثل المطابقة مع لحن الصوت – زغرودة- اليد /إصبع--الفم /اللسان الية إشتغال حديثة لم تخطر ببال مبدع آخروبصيغة شعرية أراها مبتكرة بتقنية فائقة , تعمدها بقصدية فجاءت مطابقة حركياً , وقد بنيت القصيدة بمعمارية فنية في أساسها وبتدفق أظهرت سيولة متساوية وشمولية تعم الجميع من تأثيرات الضدية على الواقع ومداليله المحملة بالتناحر المستبطن بين ضديات الحياة /الغنى –الفقر –والمسغبة الحالة الأقوى فقراً مع مجاعة وتعب مضني ,والجبل والوادي وما بينهما –الصحراء-الحلم واللجاجة-مع هذا الظلم فإن المظلوم يضبط نفسه أمام هذه الموجة العارمة من القهرية والإستلاب المستشري عياناً بكمال العقل الراجح, خشية من خصومه وعناد الأراذل المتعنتين بمكانهم.
وأنتم الحالمون على أرائك الآلهة 
أيها الكسبة والسماكون
وحمالو الأسواق وجامعو النفايات(...)
إحلموا قبل أن تستفيق الحقائق الأخرى
كلها(...)
نعم قد عاودت فكرة اللائمة ذاتها على سوء الحظ والطالع السيء بحلم الأرذال من تبوء ارائك الآلهة والتصرف الاهوج في مستقبل الشعوب ,هولاء المهمشين بأحلامهم لهم الحذر قبل إستفاقة الحقيقة وكشف المستور المخيب – حقيقة هذه النبوءة نتوقف عليها برهة من شهق النفس لمعاودة إستقرائها وقراءتها مجددً , إنها تشكل رعباً لو نتقصى واقعها – الحقائق الأخرى- مخيفة وستتحقق –كلها –وستزغرد بنات سومر مجددً على حلم جمعي ,أو الصورة الثانية للتأويل الكسبة والسماكون وغيرهم ركائز التغيير خازني الأحلام ربما الإستحالة الأنية من سوء التدهور لأزمة إستفحلت أو صورة أخرى لمشهد مجيب للآمال المرجوة من وطن يئن بخراب متعمد من العسير التماشي معه بهذه الخصومة والتي باتت معروفع للجميع.
كركوك 14-11-2013.

دراسات: نثر - شعر: هذه هي الشاعرة العراقية / د. خلود المطلبي (12) بقلم/ عدنان أبو أندلس

للفترة من 4-11-2013 إلى 10-11-2013 
إنهيالات دافقة لتأجج الإشتعال
قصيدة – إشتعالات الجسد للشاعرة / د. خلود المطلبي.

كما في إستشهادها بمقطع من قصيدة الشاعرة الأمريكية – سيلفيا بلاث- والتي إنتحرت في مستهل الستينات من القرن الماضي عن خيبة أملها بإستمرار حياتها وذلك لإستحالة الخلاص من مرض الكأبة لفقدانها الإحساس الحياتي هكذا تشتعل بقولها : تومض أنت – لا استطيع أن المسك/ أضع يدي بين اللهب ...لا شيء يحترق.
وفي قصيدة الشاعرة خلود يستهل إشتعال الحزن بجذوة خافتة تستعر رويداً لتلهب على نسمة هواء تؤججها لتقول:
محزن جداً أنك لن تقول لي
مرة أخرى
Hi
لأن بحر المانش الذي تجمّد 
فجأة 
قد إبتلع الخمسة عشر عاماً كلها
هذا المقطع يبدأ بجذوة الإشتعال الأولى ومفرداته الزاخرة بالتوهج لإسترجاع إستذكاري وإ‘ستحالة ترحيب-هاي- مرة أخرى , وما إلإستدلال من مفردة (فجأة) إلا التأكيد القطعي –الموت- وهي المثابة وتأجيج الدفق الإثاري بالموت المفاجىء –الإنجماد- قد قلب موازين القوى بإستحالة اللاعودة لذكريات خمسة عشر سنة من الوهج الشعوري الشفيف بالإشتعال في غرق وإنجماد لذاك المكان المشتعل برودة والذي بنيت عليه معمارية القصيدة:
تلك التي كنا سنتبادل ُ
فيها الأدوار 
مرة تكون أنت أبي 
ومرة أخرى 
أصير بها –أُمك
تبادل الأدوار عن تعاشق روحي للمبعدين عن مؤانسة كانت حميمية لذا جاءت وفق سياق أكون أنا / أنت لدرء غربة طالت ومنفى إستطال بإشتعال ذاكراتي على مبنى حواري قائم بإشتعال وإتقاد لا يخبو .
ثم نجلس قرب النافذة 
لنكتب رسائلنا 
للأصدقاء الذين إكتشفوا 
بأن البيوت
التي ليس لها نوافذ أو أبواب
هي الأكثر صدقاً.
إستكمالاً للحوارية القائمة عبر نافذة تطل على القلب ودفقة شعورية تستأنس من كتابة رسائل وما أحوجنا لها في البعاد , حيث تعمل على إتقاد روحي ببث سطورها , وما المخيال إلا التقاط حروفها كي تشتعل بالجسد بطقوس دينامية كمفعول لمنشطات التجدد الحيلتي.
كما أن (الفيس بوك) الذي أنشأه الأمريكي 
لم يكن سوى محاولة –لمغازلة 
مخيلة إمرأة ثملة بالشعر والرجال 
ولذلك إشتكى الأحباب 
نزوة المنافي –وإشتكيت أنا 
إنثيالات صمتك الصاخب 
الذي أطبق على قبلاتي 
أعواد ثقاب لمحرقة قائمة.
الإشتعال المتأخر هذا هو خلاصة الإتقاد وإنثيالات متأججة لإثارة المخبوء العاطفي من إشتعالات الجسد –الفيس بوك الأمريكي – تقنية مصطنعة للتوهج الحديث- المغازلة –نزوة – إنثيالات – هي أدوات الإغراء والتوطئة للمناورة بالإشتعال , فصمت الصخب المفارقة الناجحة جداً في تدفقها الحسي وتأجيج الإتقاد الفاعل في الإشتعال , أعواد الثقاب متهيأة بقدح لشرارة لا تنطفىئ من جذوةالحزن المستديم قهرياً.
كركوك -5-11-2013.

دراسات: نثر - شعر: هذه هي الشاعرة العراقية/ رفيف الفارس (11) بقلم/ عدنان أبو أندلس

للفترة من 18-11-2013 الى 25-11-2013
البعد الدلالي في رغبة الكشف
الشاعرة – رفيف الفارس في مقطع من قصيدتها- ناسِك البحر.

الرغبة لغة جاءت من المصدر – رغب- أي تاق الى الشيء ، تمناهُ- إشتهاهُ- فالأماني المذخورة في نفسية المرء وأعماقه ، رغية مكنونة الغرض منها تحقيقها لغاية معينة وامل منشود, لم تكتشف إلا بدلالة المضمر على صيغة بوح- رغبة أو رهبة ، كإعتراف بمكنون المذخور ، فالناسك المتعبد في أمكنة دينية بعيدة عن أعين الخلائق كما في الدير والكهوف , كزهد في الحياة هي رغبة الوصول الى حقيقة المرغوب فيه بأن يبقى إحساسه أسير روحه دون دراية أحدٍ:
مِن زمنٍ الإعتراف الأول
ماكان للموجِ مستقرٌ
ما كان للشمسِ مَنفذ الكبرياء
الإعتراف هو الإقرار بالخطاْ القصد- الغفلة / ووفق صيغة كشف متسلسل, وبخطوات إتباعية يقّر بها الآخر, بدلالات تكون أقرب الى حقيقة ذلك العمل وبمثاباتها الدّالة على الفعل ربما الجّرمي - فتحديد قصد الفعل هو دالة –إلإعتراف الأول- بنصية قدّ تدّل ُ على زلةٌ كبرى رجّت عالم الحياة منها / إضطراب الموج –كسوف الشمس –أشياء كونية تتأثر بفعل الخطيئة كما إستجابة الطبيعة لها , فالصبر على فقده ازاح عوالماُ أمام مغريات دنيوية :
أيها الشاسعُ
الساكنُ في أورِدة النخيلِ والجبال ِ
سأسهر فيكَ 
قمراُ يرسمهُ دَمُكَ المجنون
إن البعيد النائي –راسخ في الأعماق , متأصل في عراقة الشيء , مكنوناً في سمو بإرتفاع –النخيل –الجبال –هنا قد منح الأمل في شواخص حياتية – فالكشف معلن في إضاءة الروح بالتامل في القمر-حيث السهر يتعاطى مع القمر – ثنائية هادفة بتمعن ودراية في رؤية محدقة صوب رغبة الإكتشاف :
اُناديكَ بعذوبةِ الفنارات الوحيدة ،
على رمالِكَ المقهورةِ
تَحطمتْ تعاويذ الوجل ِ
وعصفتْ المنايا القادمات
المناداة دلالة كشف بُعدي عبر ركيزة –أ ناديك – من بُعدٍ , والفنارات المنتصبة على حافة الرحيل والترقب تأخذ بعداً مشهدياً لرصد الحالة , وما التعاويذ إلا تميمة لدرء الشّر عن مكمن الرغبات المتسارعة في تحقيق الآماني القادمة من متخيل حِسي ينبىء بالحدوث اية لحظة .
كركوك-25-11-2013.

دراسات: نثر - شعر: هذه هي الشاعرة العراقية/ فينوس فائق (10) بقلم/ عدنان أبو أندلس


للفترة من 26-11-2013. الى 2-12-2013.
إشكالية تناوب الأسئلة العالقة
قصيدة – خَلف النافِذة للشاعرة فينوس فائق.

إن عنوان القصيدة مبهم شكلاً من حيث السياق العام , إلا أنه يبدو جلياً بعد تناوب تكراره , حيث يعطي إنطباعاً للمتلقي لحظة القراءة بأنه رغم غموض بناه ,يحمل بعداً دلالياً و كماً بديعاً من المشهد الحِسي , من حيث ركيزة المعنى الملاصقة له,وما خلف النافذة إلا حالات عدة يمكن تأويلها وفق الرؤى المختلفة كلُ حسب ذائقته فيتمثل له- إنه حالة إنتظار- ترقب حدث ما-إ طلالة على الحرية- الضياع – الأمل – دموع – حنين –ذكريات – وهذا الكم التأويلي راسخ في شعور جمعي سببه المغلق, أما المفتوح على فضاء آخر فيرى غير ذلك.
إن النص مبني على ركائز ثلاث من الأسئلة المتناوبة للبحث عن أجوبة عالقة بإستدلال الرؤية النافذة من الداخل الى الخارج –البصر الممتد حتى حدود الأمل :
خلف النافذة أرى طريقاً
لا أدري هل جئتُ منهُ
أم ذهبتُ
هذا المقطع أرى فيه تناص مع قصيدة الطلاسم للشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي وبأسإلته – لستُ أدري- وقد وظفتها الشاعرة – فينوس- بأبهى إبداعها من إسلوب رصين بأسِلته بـ -لا- مما زاد في تناوب الأسئلة المحيرة لأجوبة تكاد أن تكون شبه مستحيلة وتبقى عالقة تبحث في مستجدات الوضع بعتمته مع سرد الحالة –هذه الإشكالية سارت معها حتى نهاية النص بغموض يستدرجنا لإكماله أي –النص- فـ/خلف – معناه هنا –وراء- النافذة – الكوة التي ينفذ منها الضوء الى الداخل-يتحمل العنوان الى معنى - من خلف النافذة. فالرؤية من الداخل للعين - ومن الخارج للضوء كلاهما متبنيان التبادل المنطقي:
خلف النافذة 
الأشجار تغتسل تحت المطر 
لا أدري إن كان ذلك
إبتهاجاً بقدومك 
أم حزناً بغيابك
تتوالى الفصول بالتناوب على نفسية الذي يرزح تحت القيد ربما – في الضائقة التي لا يبدو فيها الأمل بالإنجلاء – الحزن الطاغي على الفرح المتبدد في مكان الحدث-الحجز –المحجر..
خلف النافذة شمس
بالكاد تنير نهاري
تُرى 
هل أقفلت الباب على الضياء 
أم الضياء بغيابك قد أفل
إن العتمة تجلت في هذه الفقرة حيث النافذة الى الأعماق هي المشاعر –والنافذة الى المكان هو الضوء – فتناوب الدور ظهر هنا – حبس الضياء – والغياب يتمثل بالضوء الروحي للمحب – فما عاد الشمس من دور في تبديد الظلمة وإنارة المشهد برؤية العين والتي هي أساساً نافذة الجسد , ونتساءل في الحيرة والتي تبقى مواكبة للنص بفقراته الثلاث وعبر أسئلة بأداة إستفهام ترصع اللغز الأخير .
كركوك -28-11-2013.

دراسات: نثر- شعر: هذا هو الشاعر العراقي / حسن رحيم الخرساني (9) بقلم/ عدنان أبو أندلس

للفترة من 2-12-2013 إلى 9-12-2013.
تصدع الذات المشخصة حصرياً
قصيدة إلى ..منى فقط – للشاعر حسن رحيم الخرساني

بدءاً بالعنوان الذي يسحبنا دون دراية للقراءة بشوق , وكأنه إهداء بمعناه العام, إلا إنه مشخصاً بإسمٍ واحد لا غير ,يجعل المتلقي غير مشمول به, إنها المعنية الوحيدة والمشخصة بمفردة فقط, هذا الحصر دال على مواءمة مفردات اُخر وظفها الشاعر في النص لمطاولة النفس الشعري منها /غريق – هو / أنتِ – هي – التوحد ربما المشترك بينهما – تتصدع الرؤية وذلك لإعطاء ثنائية دالة بخيط همٍ ممتد بينهما لا إنقطاع فية /أنا – أنت / كنا وحيدين , وإستمر النص يتماوج بتصدعه المشخص بهمٍ موحد / مشترك كما اسلفنا:
وللمساءِ خريفُ الزنابق ِ
يا كرنفال الربيع 
تناثرتُ حباً .. غريباً
كهمس الكهوف 
وروحي حنين يهاجرُ ..ذكرى 
زج في هذا المقطع من التنافر المحبب مايكفي بمفارقة تزحزح التشكيل عن أُسسه , التعاشق ظهر في بنية معمارية رغم تنافر مفردات راسخة في المألوف ,تشكلت برصانة لتدفق إستمرارية بناء النص , فالمساء – نهاية نهار / الخريف نهاية صيف – اواخر العمر – فالزنابق رهيفة التكوين- قصيرة العمر تلائم مفردة – الخريف – بتشكيل رائع أبدع فيه جداً.
إن إستنجاده بكرنفال الربيع ماهو إلا شحن لطاقة الخريف المتلاشية ببقايا روح تخضر في يباب نفسية المتوحد المنهارة – غريبة أطيافها هموماً – تناثرت – تصدعت – تفرقت وتشتتّت تلائم شخصنة الهم الوحيد – الغياب – وما همس الكهوف المتسربل بعتمة وروح راجفة تتوق إلى مؤاساة بأُلفة للقاء يبدو ماعاد إلا أطياف ذكرى :
تنثُ بصدى حيث التّوحدِ – كنا 
وحيدين بطيفٍ غريقِ بحلم الليالي 
هناك يَهُزُ الشواطئِ
وحبل الطريق 
غياب النوارس أنتِ
فالصدى إنعكاس لصوت مخنوق يشعُ خوفاً في ذاكرته حيث التوحد إضطراب الذات – المقهورة – المقموعة – المذعورة – كما الغريق يزاور عن حلم لياليه المرعبة ,ففسحة الأمل تهز شواطئ روحه بفرحة قادمة وحبل الطريق – دليل المواصلة بالسير قدماً, وما الغياب للنوارس إلا تصدع الأمل الأبيض المبهج هو – أنتِ- منى النفس القابعة في عمق كيانه حصرياً وإلى الأبد.
كركوك -4-12-2013.

دراسات: نثر - شعر: التشكيل الدائري للمناورة الحتمية بقلم/ عدنان أبو أندلس

قصيدة شروط اللعبة - للشاعر و الناقد سامي مهدي.

يبدو للوهلة الأولى, وحين إلقاء نظرة عجلى على عنوان القصيدة , يتبادر لنا بأنها لعبة عابرة نمارسها في حياتنا اليومية ولها شروطها البسيطة, ولا تشكل أية ذهنية للتفكير بها ,شأنها شأن أية لعبة أخرى ولكن حين التحديق بها ملياً يبرز لنا آفقها البعيد بمدلوله الفلسفي , وكأنه تنبؤ بما تؤول إليه الأحداث لاحقاً ,إنها لعبة على حيز الواقع ومسرح حياتي بلذته وآلامه, لعبة دائرية تكمل آلية شكلها من دورة كونية كاملة - ولادة – حياة –موت – نشور- بعث- وهكذا فشروطها غاية في الدقة والتطبيق – حسية , حيث اللاعبون بها كل البشرية –زمانية وبفترات متفاوتة – أو تتحمل دفقة واحدة, فاللعبة هذه المفردة المنغمة موسيقياً تتواءم مع مفردات أخرى من مقاربات المعنى مثل / لهو – مرح- هزل – مُزاح – تسلية الى آخر ما تستلذه الروح من المداعبة , لكنها ليست عبثية بالمعنى المألوف :
هذا أنا , بدمي ولحمي
متُ ثم بُعِثتُ
ليستْ هذه الأولى 
ولا هي بالأخيرةِ
هكذا هو ما أحس ُ:
هذا التأكيد – أنا- الماثل أمامك والمعني بعذابي – أنت- يمثل نوعاً من التّحدي ويقر بأنها ليست الأولى, ولن تكن الأخيرة – سأُمارس مافي ضميري من أشياء مطلقة لنفسي بتعقل ,هذا إحساس مؤكد لنقاء سريرتي , فأقضي ما أنت قاضٍ , لأن التحدي إعتراف قائم بذاته- وكما في - ولا هي الأخيرة.
أموت كي أحيا
وأحيا كي أموت, 
فدورةٌ هيَ في سهوب الكون 
بين رياضتين: ولادتين/جنازتين, 
وفي دمي يتَخمرُ التأريخ,
والأشياء تستقصي بلاغتها لتقول,
هذا الإحساس المتجلي بفلسفة روحية ومنطق عقلاني يشرح مسار الفكرة – أموت كي أحيا= خلود
أحيا كي أموت= خلود أبدي, هذه المناورة رائعة التطبيق لفكرة شروط اللعبة, كما في حاصل التعويض 
حياة _____الموت
الموت____حياة ثانية, بهذه المفارقة البديعة ,إكتملت الدورة الحياتية لرؤية العالم وبإتساع مدياتهِ المقررة في شروط اللعبة وتدرج المسيرة في التشكيل الدائري هذا- ولادة – حياة – موت – بعث – نشور – حياة أخرى/ هذه المراحل الدائرية من الولادة ----الى الحياة الثانية .
ثانية (خلود أبدي)وبين رياضتين المعادلة الحتمية في الحياة, ولادتين --------الأولى / ولادة طفل – الثانية __موت إنسان
جنازتين--------المهد /ا لأولى= الكفن / الثانية
لكن ْ لا حلول ولا تناسخ.
ربما هي لعبة عبثيةٌ يلهو بها غيري 
ليفسد رغبة الجلاد في قتلي
ولكني سألعبها بكلِّ شروطها , 
فأموت كي أحيا 
وأحيا كي أموت.
وفي دمي يتخمر التأريخ أي يكمل مسيرتهُ السيرورية بتعقل, وكما الأشياء تستقصي كمالها في بلاغة القول لأنسنتها بالنطق آخروياً كغاية لوجودها شاهدة على ماننطق بهفوات غير موفقة, وتستمر حلقة اللعبة الدائرية , فليس هي إنتقال الروح من بدن الى آخر , أو إحلال القدرة في بدن العارفين , وليست هي لعبة عبثية أبطالها مسرح االسِأم والتضجر من الحياة ,أو هي الروليت الروسي بمناورة الرصاصة ,لكن لها شروطها وتوطئاتها قبل الإقدام على ممارستها, بل تضحية أملتها العقلانية للروح البشرية كي تفوت الفرصة على الجلاد لئلا يستلذ بلعبته المفبركة بحقد دفين أبدي التجهيز والتحضير الممهد لها بإنتهاء اللعبة المصطنعة.
كركوك-8-11-2013.

الاثنين، 9 ديسمبر 2013

المقالات الاجتماعية: رفقاً بالقلوب بقلم/ هدى محمود


رفقاً بالقلوب التي غادرتها الأفراح..وسكنتها الآلام..فقد أضنتها الأيام,فتارة بالحرمان,وآخري ,بالآلام..فلتترفقوا بهذه القلوب..
وسأجعل هذا مدخلاً لي كي أتحدث عن ظاهرة,ليست بجديدة في مضمونها ,ولكنها جديدة في مظهرها ..فهي علي الطريقة التكنولوجية الحديثة,مواكبتاً للعصر ..فنحن العرب ,لا ندع كل ما هو جديد أو حديث ,الا ونضع بصمتنا التي بالطبع ,تكون مختلفة ,حتي عن الغرض الأساسي الذي صممت له ..ولن أطيل عليكم الحديث ..وسأدخل الي ما أرنو إليه ..
فقد أطلعتنا دراسة حديثة ,مؤخراً ,عن زيادة عدد من يعانون من مرض العصر "الأكتئاب" بدرجاتة ,وأنواعه,وكانت هذه الدراسة قد أجريت علي رواد مواقع التواصل الأجتماعي ..فكانت النتجة ,أن القاعدة العريضة من رواد تلك المواقع ,هم من أكثر الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض..
والسؤال هنا الذي يطرح نفسه..إذا كانت مواقع التواصل هذه ,بالنسبة لنا ,كأغلب العرب..لا تستخدم الا للترويح عن النفس,وقتل الوقت ,إذن فلما تأتي بنتجة عكسية؟!
وبعد تأمل ,,في تلك المواقع ,وأحوال رواد هذه المواقع..علي الصعيدين الأفتراضي ,والواقعي ..أظن أنني قد وجدت إجابة ..
فقد وجدت أن أغلب هؤلاء الرواد ..تقتصر أنشتطهم علي كتابة التفاهات الشخصية _وعذراً إن كنت لا أجد مصطلحاً أكثر دبلوماسية أكثر من هذا _ولكنها الحقيقة! وتغير الصور للملفات الشخصية ..وما أدراك ما الصور الشخصية لكل رائد عظيم من هؤلاء الرواد ..والذي يتفنن كل منهم في ابتكارها ,وتغيرها بصورة مستمرة ..فهنا في أحد الملفات الشخصية ,فتاة قد أكرمها الله بزوج ,فتجد ملفها قد تحول من أيات القرآن الكريم ,والأحاديث الشريفة ,وأحبك ربي ..ولسوف يعطيك ربك فترضي..الي صور لقلوب ,وورد ,وصوراً لمشروع الزوج المنتظر ,وكلمات الحب ,والهيام..والتفنن في أن تلتقط لها الصور من كل حدب وصوب ,لتبرز لك في صورها كم هي سعيدة ,حتي ولو لم تكن سعيدة بالواقع!
أو حتي راضية تمام الرضا عن هذا الزوج! ..وعلي الرغم من أنها تعلم أن ملفها يعج بأصدقاء لها ,ومثيلات لها ,ممن لم يوفقهم الله بالزوج بعد ,ومنهن من من تخطوا سن الزواج القياسي الذي يضعه مجتمعنا العقيم ,وكأن ان تجاوزت الفتاة هذا السن قد أصبحت منتهية الصلاحية ,ليزفها المجتمع بلقبها الجديد (عانس) وكأنها علبة من المعلبات إن لم تؤكل في الوقت المناسب ,ستتلف ولن تكون صالحة بعد الآن ,وعلينا التحذير منها لذا نطلق عليها عانس كإشارة تحذيرية منها !!َ
فتجد النفوس قد باتت حزينة علي ما أل اليه أمرهم ..وكأن بتلك الصورة قد بات الجرح الذي كان يُعتقد فيما مضي أنه أندمل ,ولكنه الآن غائراً ,فيبيت القلب يتحسسه ,مصدراً لآنات الألم ..

وأخري قد رزقها الله بطفل ..فتلتقط له الصور ,والمزيد من الصور المبالغ فيها ..لا لحفظ الذكريات الجميلة ,كما هومعهود بالصور ..وانما لرفعها علي مواقع التواصل الاجتماعي وعلي سبيل (الفشخرة) ..التي صارت مرضاً مزمناً بمجتماعتنا العربية لآسف..فتراها من لم يقدر لها الله بطفل ..فتتذكر عجزها ..وتتألم هي الأخري.

وقس علي ذلك الكثير من المواقف ,والأفعال التي بات كل منا يفعلها فقط علي سبيل (الفشخرة) ..والتفنن في إلام الآخرين ..علي الطرق الحديثة .

والآن الا نتوقف ولو قليلاً عند هذه القلوب التي اوجعها الألم ,وأضنتها الأيام ..الا نكف عن غرورنا ,ونتنازل ولو قليلاً أيضاً لنشعر بغيرنا ..فالأيام دواليك ..لاحزن يدوم ,ولا فرح يدوم ..فلنترفق ببعضنا البعض ,ونكف عن إظهار "النقص" الذي نعاني منه ,ولا أعلم نقص فيما علي وجه التحديد ,ولكن من المؤكد أنه نقص في شئ ما لدينا .

وليكن مبدأ أو شعار لنا "رفقاً بالقلوب" ..فربما تدور الدائرة..وتكن أنت القلب الذي يتألم.

ومن الملاحظات الغريبة التي جعلتني أظن أنه كل ما يتعمد إلام الآخرين ,حتي وان كان بمجرد صورة وأنت تعلم أنها ربما ستألم غيرك ..لا يبارك الله في مثل هذه الفرحة أو مثل هذا الرزق ..ولله الحكم من قبل ومن بعد ..فهو الواحد الرزاق ..وله ما يعطي وما يأخذ ,

وتلك ملاحظتي ,,أن أغلب من يحرصوا علي مثل هذه الأفعال والتفنن فيها ..لا تجدهم سعداء الا وفقط في صورهم تلك !!!!
وسأترك لك التفسير أيضاً عزيزي القارئ..

دراسات: نثر - شغر: هذا هو الشاعرالعراقي /د. سعد ياسين يوسف (8) بقلم/ عدنان أبو أندلس

للفترة من 26-10-2013 إلى 3 11-2013
مجهولية الزمن والتأطير المحدّد
قصيدة- أشجار خريف موحش- للشاعر سعد ياسين يوسف.


إن عنونة هذه القصيدة تخبىء في مضمونها عناوينً فرعية أخرى , قد تكون بمناورة دقيقة من قبل الشاعر بتكثيفه وإختزاله معاً , كي يلائم الحس الذوقي الجمعي للمتلقي , كأن تكون – أشجار خريف- بصيغة يحسبها السامع إنها نكرة , لكنها معرفة حتى لو لم يضيف لها مفردة – موحش- لأنها مكتفية بحالها – خريف موحش –بنفس المدلول – حيث يحملان – أشجار خريف ...........وخريف موحش- دلالة معنوية يرتكز عليها التأويل المعرفي , وهي – أي خريف- مثابة – مثابة العنوان وآليتهِ الحركية والتي تضفي للجملة معانٍ عدةِ , ولا يخفى بأنها أهم العناصر المفتاحية التي تفصح عن مضمون النص .
أما إذا بقيت على عنوانها – أي القصيدة- أشجار خريف موحش , فيمكن أن تأول على صيغة معلومة / مجهولة- نكرة / معرفة- ظرف زمان / مكان- فلو أبعدنا العنصر الزمني عنها ونجعلها طليقة / مجانية ولا نقول – ذات أشجار ......خريف ......موحش- أو من غير المعقول نسبقها بـ/ سوف- سوف تكون .....إلا إنه - أي الشاعر - ولمرعاة الواقع الراهن قد حسمها بـ/ الراهن /الحالي- اللحظوي – لما فرضته الحالة القهرية –القسرية بسبب الخصب الحاضن للتخلف والكره للحياة من قبل كارهي الدنياً نفاقاً, 
حتى أضحى الجمال قبح , والحسن بلاء والأمل رذيلة , والنور مثلبة- هذا التقعر وصفه الشاعر بمتن نصه الزاخر بالصورالبديعة العاكسة لمناخاتنا الملبدة بالعتمة القصدية .وما الخريف إلا مفردة من حدود النهايات المعلومة للبشر والكائنات الأخرى يقول في نصه:
عند ضياءِ
يوصف فجراً 
وصلنا كتف البحر 
نثار زوارقنا يطفو خشباً أدماه الموج
يستهل مقطعه هذا بـمفردة –عند- ظرف الزمان/المكان يلائم للحالتين معاً أثناء التوظيف في جملة تحمل المعنى, عند ضياء والتي تعني للمتلقي – ذات ضياء , في-لـ/الفجر الإشراقي بعد عتمة , والفجر وقت التغيير والمفاجأت لذا وظفها بهذه الصيغة الموفقة , حيث إشتغاله على مجهولية وإخفاء نادرين بصراع مريرعلى عتمة الحقت الخسائر التي لم يوضحها بل أبقاها على عهدة المتلقي:
رؤوس الأطفال المذبوحين 
بنهم نبي كاذب
عيوناً ترنو ....أبعد من مملكة الضوء 
أحلام الخشب المسلوبة لون الشمس
هذه المشاهدات المؤلمة كانت مجاهيلاً حيث وضحها بهذه الصيغة المفجعة ومفردات ضاجة بالوحشية والقساوة- الذبح نبي كاذب- المسلوبة-نهم – أبعد من مملكة الضوء /هذا المجهول وكأنه غيبي – ماورائي –مملكة الضوء / إستحالة مايشبه خرق للعقل البشري /الوهم.
أزهار يبست 
صوراً للنخل الواقف 
ثملاً فوق الجرف 
يلوح لضفاف أخُرى.
إنها إستغاثة بوقت الجفاف واليباب ربما تقصد بهذه الصورة , ولكون النخلة تحمل صفة إنسانية تتمثل بالرأس – إن قطع تموت فهي بهذه الصفة تشبه حالة البشر , وكأن المتلقي يرى جذعها واقف – ثمل بالعطش القهري /القسري – شاخصة فوق الجرف تطلق نداء إستغاثة , فعلاً بهذا الإستسلاب إنها /أشجار خريف موحش/ ترنو كبشر الى ضفاف أخرى ثملة بإرتواء ونماء وخصب – لربما هي أشجار ربيع زاهرأبدي الخضرة .
كركوك-27-10-2013.

دراسات: نثر - شعر: هذه هي الشاعرة العراقية / آمال الزهاوي (7) بقلم/ عدنان أبو أندلس

للفترة من 11-10-2013 إلى 18-10-2013 
تصريح معلن لإنتشاء الروح
رؤى في قصيدة- إعلان حب – للشاعرة آمال الزهاوي

إن اية خطوة يتخذها المرء ,لابد أن تسبقها إستحضارات من شانها أن تعزّز من خطاه تلك,كي يكون الهدف أرصن والغاية تأكيدية , كدعاية تروج أوإعلان يعممّ,وما قصيدة الشاعرة آمال-إعلان حب- إلا القصدية من بث مشاعرها بهذا السياق المباغت , وكأنه تحذير يشمل الجميع وجواب لما يختزن في الشعور وإكتفت – إنها أعلنت الحب الصادق لتسمو الى الصفاء الروحي,حيث هناك إرهاصات تخمرت في محتوى الشعور وصرحت بما يخالجها ,وإتخذت القرار وفق صحوة إنتابتها نضوحاً فكان –الحب- والذي إستهلته بحرف السين المؤجل بقرار-الفوري بصحوة تقول:
سألعب في كوى الأفراح
وأعطي للندى جسدي
أعلبهُ بغابات من القداح 
وأغسله بماءِ النرجس الفواح
لكي تصفو به روحي 
فهذي الروح يسكن ومضها فيه
وتصدح نشوة تصبو 
الى جسد لها لماح
إن هذا المقطع المكثف بحرف الحاءقد شكل موسيقاه بنفسه عفوياً سواءً بالقافية او بمفرداته الأُخرى قد ورد بصيغة ملائمة لإحتواء النفس على ضنك وكمد ولكي تريحها رُصعت النص بهذه الدلالات الزاخرة في التعبير عن الراحة بنطق الحرف حاء – آح-عن مزاج رائق فسلجياً,فمثلاعند إرتشافنا للماء نتذوقة برهافة وكأننا عبَرنا عن المزاج المناسب للنشوة القصوى بإرتواء لذيذ,وما مفردات المقطع المقفى /الأفراح-القِداح-الفواح- لماح-هذه المشعة إحتراقاً - إرتجاجاً وبإضاءة تتقبلها النفس بكينونتها من جرس صوتها وهدوء نطقها وصفاء نغمها,كلها مقدمات آسرة تموضعت في غابة تعج منها روائحاً وينز منها العطرالباذخ لتغذية الروح من مشتهاتها.
وفي مقطع آخر تقول:
ولمّا تعطب الأجساد
تتركها وتجفوها
تحل عهودها عنها 
وتنضو لهفة اثوابها 

لتحلق الأرواح
أليست هكذا تتحول الأرواح؟
وتتركنا الى الحزان
..تترك عندنا جسداً ثقيلاً
ذابلاً
يرتاح.
من ثقل الماديات التي جذبتها للارض بحكم الخلق وتأثيرها على النفس أصابها العطب ,لذا حتمت الحالة الحدسيّة لها من أن تكمل مقتضيات الصقل العرفاني بان تطهر النفس وتزكيها من لوثة أردان الدنيا لنيل السعادة الأبدية بالتحليق والخفة الروحية ,لذا إقتضت الصحوة تلك أن تنزع الثوب والمتحول الى سواد بعطبه, وإرتداء كساء آخر بديلاً عنه يتلالا بياضاً-نصاعة –كصفة قلبية تمثل الطهارة والنقاء –هكذا تتحول الأرواح من حالة لأخرى ضمن الصفة التي تجعلنا في حالة من التكامل المعنوي.
كركوك-13-10-2013

دراسات: نثر - شعر: هذا هو الشاعر العراقي/ كريم جخيور (6) بقلم/ عدنان أبو أندلس

للفترة من 4-10-2013 إلى 10-10-2013
الإفتراض والتخمين الشعري, رياضياً
قصيدة - إيمان- للشاعر البصري-كريم جخيور

إستقطب الشعر علوماً اخرى ولاقحها بنائياً فهندس لذلك أساساً رصيناً - من أسس ونظريات تبناها فرصع قوالبه بحداثة -وما مدخلنا هذا ,إلا هو قصيدة- إيمان- للشاعر الذي زج برقم إفتراضي في متنها وراح يراقب ماتؤول اليه التاويلات اللاحقة -حقيقة هذه القصيدة إحتفظت بها منذ مدة حيث عزمت أن أفك لغزاً محيراً حسابياً لا يقبل المقاربات الوسطية للحلول -بل يتوخي الدّقة فيها.
هذا ما جعلني افكك وأركب دون نتيجة تذكر لنص الشاعر المحيّر والعصي على المدارك لأنه ذكر رقماً رياضياً لا يقبل التخمين ولا الإفتراض-في قصيدته إيمان والتي قرأتها لمرات عدة دون ان أسبر اغوار الرقم فيها- تفحصتها وتوقفت كثيراً عند الرقم -1339-دقيقة-هذا اللغز أرهقني وكأنه غيبي-إلا أن إستحالة إدراكه جعلني أسطر هذا الإيضاح يقول في مستهل نصه:
صحيحُ
صحيحُ جداً
إن الله خلق الكون
في ستة أيام 
ولكنه إنشغل فيك
خمسة ايام و1339 دقيقة
هذا إذا كان يوم الله ,سابقاً,24 
ساعة
أكدت المصادر العلمية والدينية على خلق الكون ونشأته وتقارب الأراء رغم بعض الإختلافات الطفيفة -فالقرأن أكد ذلك في ستة أيام وأقرته مصادراً أخرى بذي الرقم -مما إنسجمت المعلومات العلمية الحديثةمعاً بالموضوع .لكن الأرقام الخيالية البعيدة عن مداركنا لا نستوعبها لقصورنا العقلي بذلك-يوم الله ربما يحسب بسنوات ضوئية لا يمكن أن تستوعبها مداركنا الحسية إطلاقاً مهما إستخدمنا تقنيات مبتكرة.
تدرج في مسلسل القصيدة وبتناص من القرأن والخلق والغواية وخيال الشعراء مما جعل القصيدة تضج بمدلوات رمزية ناجحة .
وفي ختام هذه المداخلة والأيضاح يمكننا أن نقول ربما يعني الشاعر الرقم خمسة ايام و1339 دقيقة في خلق الدنيا والجمال اي أن إيمان مؤنث والدنيا كذلك-مع العرض سألته عن الرقم في جلسة معه في مهرجان المربد الأخير ولم يرد الجواب بل إبتسم وناولني سيجارة ودخنا سوية -حقيقة يمتلك الشاعر رؤى حديثة بكتابة قصيدته النثرية.امنياتي له خيراً.
كركوك7-10-2013.

دراسات: نثر - شعر: هذا هو الشاعر العراقي / نصيف الناصري (5) بقلم/ عدنان أبو أندلس

للفترة من 19-10-2013 إلى 25-10-2013 
التموج القهري والشكل المقلوب

قصيدة- جان دمو يذهب الى أمريكا- للشاعر نصيف الناصري.
يكفي إنه –نصيف الناصري! فله الحق بما يحتج وتحت أية يافطة , فذاك عذره وفي جيبه يقبع ترخيص أولي ,مختوماً من قرينه الإستثنائي – جان دمو- للمكافأة على الولاء الأبدي.
إن التمرد حالة طبيعية يمر بها المرء, كأزمة قد يراها هو ,وقد وصلت الى مرحلة لم يستمكن من تجاوزها والسكوت عنها منطقياً, مما حدا به الرضوخ للأمر وبصورة مؤقتة, و تقبل الواقع المرير بمضض, حيث طرأت عليه حالات من الإحتجاج لحظتها, وعلى إثرها رفض الواقع الماثل بعصبية حادة من تراكم الضيم القسري, فتراه يهيج كردة عكسية يخفف من وطأة الحدث القابع في مخيلته أبداً,مما يتطلب التعبير عن ذلك بأشكال مختلفة من حركات تمثل أمامه من رقص-غناء-رسم ومظاهرة وغيرها ضد السائد, وما قصيدة الشاعرالعصامي –نصيف الناصري-جان دمو يذهب الى أمريكا إلا بهذا النسق المنوه عنه-هذا النمط الشعري الحديث الملغز والعبثي بلغة إحتجاجية –اقرب الى اللغة السنسكريتية من تقطيع حروفها ولكنتها والتي نمت عشوائياً كالتحديق في مرآة محدبة, وفضاء حاد من إمتلاء بخبطة سوريالية, ولثغة طفولية ذات إصرار على المسيرة ودون إكتراث من السائد المتمنطق بإخلاق وعرف وضوابط خانقة ,تعيق من حريته ,مما حدا به رفض الواقع المعتم ببارود الحروب وتشظي مواطنيه في شتات الأصقاع البعيدة, ورفع يافطة معلناً المخطوطة / الصرخة, والتي قطعتها على هذا الشكل كي تتقبل التنغيم :
جان ها......جان هانانا
جان كا.....جان كانانا
كركوك , بغداد, بيروت ،هافانا
إن هذا المقطع الغائر والمتسربل بغرائبية عجيبة ,إستهل بإسم- جان- نديمة الأثيري,وبتأكيده المستهل –جان ها- ربما يدخل تأويلاً في باب مناداة إستغاثة- ترحم –وغيرها من الفاظ التوجع,ويكمل السطر- جان هانانا- وما تكرارها إلا التحذير أولاً,وإعطاء النص تناسقاً لفضياً بموسيقى حركية سائرة كمسيرة راجلة- من موروث سومري زاخر بإِحتشاد وتحدي- متابعاً رحلته من كركوك الى- نيويورك والتي لم يرها-أما هافانا فقد ذكرها للضرورة وتناغم لحني بلغة طفولية مغناة زجها مضطراً كي توائم حركة الإحتجاج ووقع الخطى في المسيرة الراجلة:
في نيويورك جان سكران بيرارا
جغ:جغ:جغ:جغ:جغ:
جغ:جغ:جغ:جغ:جغ:
ميري ماري ميرارا را را را را را
عن وصف هذه الحالة بمأساوية حادة وحسرة لاتبرد ,علماً إنها لا تشي إلا الى ضحكة مخنوقة من قبل متذوقي المألوف والسائد في بيئة لا تقبل التجديد, ربما قصد – جان – بلهجة عراقية أي، كان سكران , وميري – وماري إلا الشفيعة بنظره , وما لحقها من تقطيع لحروفهما إلا الوجع الدائم ,إن وصف هذه الحالة والتي تلازمه بهذه العبثية في التنافر ,إن لم نقل التشتيت والتبعثر في المعنى والمضمون ولما يحدث له وهو يتأبط ارصفة الحرمان في موطنه وها قرينه المآوى المستديم يغادره ,تأسف عليه بلفظة الآسى جغ-المكررة -5-مرات- -ومثلها –را- كي تتوازن كفة الصوت المنغم الإحتجاجية-إنه سيندم إذا غادر .
ونختم القصيدة بمقطعها العصي حال سابقه من التفكك والتشتيت الذهني:
بانك بانك....كانك كانك
ديلي ديلي....بيلي بيلي
دلدل دلدل....ولول ولول ...سوانا
عن الحركة المضطربة في إيقاعية هذا المقطع وتقعر الفاظه عصيّ على المدارك ,فيه من آلية الحركة والتي حطمت الشكل واخفت وأبعدت فيه كل معنى ممكن قابلاً للتأويل, بعد اخذ نفساً وإسترجاع ذهني مغادر,حيث نلاحظ الفوضى العارمة والتي لا يمكن حل رموزها بأية صيغة من التحايل النقدي المتحامل على هكذا غرائبية من رفض العقل وإزاحته جانباً ,حتى أضحى الأمر في غاية الصعوبة لحل لغز واحد في هذه الأحجية ,غير إني اقول :إن المعنى مختفي في تقاطعات النص بقصدية أراد الشاعر العبثي بدادئيته هذه ,ان يشغلنا كي يستدرجنا نحو حركته هذه ويزجنا في مسيرته كحشد يجابه بنا مراده,ولو ننقي من كل مفردة حرفاً واحداً يمكننا أن نؤلف نصاً شعرياً بومضة خاطفة,كما فعلت الدادائية في قرعة إنتقاء الكلمات من كيسها ,بهذا اختم هذا الإنطباع عن قصيدته وما زلت اتهجى اول حرفاً في كلمة –جان=هكذا –ج.....ا....ن- هذا الأسم السحري في شفرة الناصري الأبدية.
كركوك 24-10-2013

دراسات: نثر - شعر: هذه هي الشاعرة العراقية د.أنعام الهاشمي (4) بقلم/ عدنان أبو أندلس

للفترة من 26-9-2013 إلى 3-10-2013
شعائر كاشفة لنقاوة الروح والجسد
قصيدة مناسك كاهنة - للشاعرة د.أنعام الهاشمي.

إن المناسك مفردة إشعاعية مضاءة بقوتها القدسية رسماً ومعنى - لفظاً وشكلاً - تأتي بمعناها الشعائر التي تطبقها الخلائق في مكان مقدس تحفه هالة من البهاء النوراني المحسوس عرفانياً-والمتعبدة -بمعناها اللغوي -الأشراف المعنوي على تقديم القرابين وفق طقس روحي تتخلله أصوات مرددة ببهاء المكان وأنغام المحفل - هذه الوظائف الدينية لها مدلولات عميقة في نفسية العوام - لذا جمعت الشاعرة هاتين المفردتين في عنونة القصيدة- مناسك كاهنة- حيث اضفت للمتن المدلول العميق قبل إسترسالنا بقراءته .
إن ترادف القافبة في النص بمفردة - منسك- مسك ماهي إلا لعبة أنيقة أوجدتها كي تطرز لوحتها بهذا اللون الإيحائي الملفت لنظر المتلقي -ومفردة مناسك تقابلها مساكن التي لم تذكرها- بل نوهت عنها بخاتمة القصيدة بالمعني المخفي- وكأنها تناور ذلك بظرورة شعرية يراد منها إشعارنا بالغور داخلياً وإستقرائها معرفياً.
بدءً في مقطع مستل من قصيدتها المشحونة بطاقة شعورية قد جعلت من العنوان مثابة لايمكن تجاوزها أو الحكم عليها بغير نقاء وطهارة مستهلة القصيدة:
وطلاسم الكون معها
قد غفت 
مابين روحي وبينك
الطلاسم هذه الأرقام المشفرة المحيرة الملغزة التعويضية بحسابات حركة الأفلاك وغيرها تستدرجنا لسبر أوار الإبهام والكشف عنها سحرياً-فكها ما يكون إلا لساحر متمرس خفة ربما إرتباطها بروحانيات الكواكب العلوية مع الطبائع السفلية ولأنها من تكوين مشترك - الطبائع الربعة/ الماء-النار - الهواء - التراب- مائي / ناري/ ترابي/ هوائي- والمزاجات - حار - بارد - خامل - صاخب- المزاجات المتعكرة من تأثير الكواكب.
نقاء ومسك
أمسكت به بلسماً
لما فات
وليوم قيامتي
التقارب بين هذه المكونات في هذا المقطع ,قد أعطته وظيفته الدينية مثل -مسك -بلسم -تقابل كلمة الشفاء المخبوءة .بذات المفعول الدائمي الى يوم حشر الخلائق-
فبارك بها
وأدخل مناسكها 
آمناً 
مرضيا.
ما أن ينكشف السر بزوال غشاوة التشفير عن الذوبان والإحتواء الذهني ,فكان النقاء والتطهير الروحي والجسدي وصقلهما إلا إستشعار في الدخول الى المناسك واجناسها الناقص -المناسك -المساكن -فبهما النقاء والطهارة -فالدخول آمناً الى المساكن أقرب من الدخول الى المناسك -أي كليهما ذات فناء -هذا ما جادت به الشاعرة د.أنعام
كركوك -29-9-2013.