سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الخميس، 29 أغسطس 2013

نقطة حوار: علاء إبراهيم: الكتابة بلغة الشارع تحتاج لموهبة حاوره: مروان محمد

الشاعر/ علاء إبراهيم

أحد شعراء العامية السكندريين الذى ربما يكون غير معروف إعلاميا و لكن أشعاره خير سفير و ممثل له, يمكنك أن تكتشف شخصية الشاعر بوضوح من خلال قصائده العامية, تجد أن قصائده كثيرا ما تناقش البيئة المحيطة التى يحيا فيها و الظروف المجتمعية التى تمر بها الأمة العربية عامة و الأمة المصرية خاصة, ليس شاعر مغترب نفسيا يكتب لنفسه و لكنه يكتب شعر يريد أن يقرأه الآخرون و يتشاركون معه فى التجربة و الرأى حول موضوعات متنوعة فى حياتنا, صدر له حديثا ديوان حاجة ضد الوسوسة من خلال حروف منثورة للنشر الإليكترونى, من حوارنا معه وجدناه مقتضب فى الحديث, يرد فى حدود السؤال و لا يسهب فى الإجابة, دقيق فى إجابته و لا يثير موضوعات فرعية  خارج نطاق السؤال, يتميز أيضا بصراحة لا نعهدها فى مبدعين كثيرين و هو يتحدث عن ديوانه الذى صدر مؤخرا و كان لنا شرف هذا الحوار معه.


كم عدد الدواوين الشعرية التى أنتجتها حتى الأن؟

ديوان واحد هو ديوان حاجة ضد الوسوسة

هل قمت بنشر هذه الدواوين أو أحداها ورقيا؟

هذا الديوان نشرته ضمن مطبوعات قصر ثقافة القباري

هل شاركت فى مسابقات شعرية من قبل؟

لا لم أشارك في أي مسابقة شعرية من قبل

هل جربت تجربة النشر الإليكترونى لدواوينك الشعرية؟

هذه هي المرة الأولى التي أخوض فيها تجربة النشر الإليكترونى من خلال موقع حروف منثورة.

كيف ترى مستقبل الشعر العامى فى مصر؟

إن شاء الله يكون مستقبل باهر نظرا ً لما تمرّ به البلاد من ظروف تحتاج لمن يعبر عنها بلغة قريبة من لغة الشارع

دخل كثيرون لمنطقة الشعر العامى و للأسف الكثير منهم لا يتمتع بأى موهبة شرعية و لكن تم أحتسابه على شعراء العامية, إلى أى حد يؤثر وجود مدعى الشعر العامية فى الساحة الإبداعية؟

الكتابة بلغة الشارع تحتاج لموهبة أعظم من الكتابة باللغة العربية فاللغة تحكمك فيها قواعدها أمـّا اللهجة فتضعك في تحدي أن تصنع مغايرة للغة الشارع مع الاقتراب منه في نفس الوقت

كيف ترى وزراة الثقافة الأن فى ظل حكومة ما بعد 30 يونيو؟ 

من يوم 25يناير 2011م حتى اليوم شكلت وزارات و استقالت و أقيلت حكومات وأنا لا أرى في مدة السنتين وسبع شهورهذه ما يمكن الحديث عنه كوزير قدّم إنجاز أو مستوى الاقتصاد المصري بفروعه و لا التعليم و لا الثقافة ................إلخ

هل حاولت أن تكتب شعر غنائى و عرضه على مطربين معروفين أم أنك لا تهتم بهذا اللون من الفن؟

كتبت أكثر من أربعين أغنية و قدمـّت منهم خمسة لأناس ٍ متفرّقين في خمس تجارب منفصلة ظننت مع كل واحد منهم أنـّي أمام مصدر ثقة و نظراً لعدم تفرغي كنت أترك الأمر كله للشخص المتقدّم إليّ و في المرّات الخمس لم يحدث أي شيء

كيف تقيم تجربتك الشعرية فى ديوان " حاجة ضد الوسوسة"؟ 

تجربة قد تكون جيدة لأنـّها متنوعة الألوان الشعرية وقد تكون جيدة لأنـّي صبرت عليها و لم أطيع إلحاح الكثيرين علي طيلة السنوات السابقة ،لكن الأحبـّاء القريبين منـّي أكـّدوا أنـّي كان من الممكن أن أقدّم أفضل من ذلك

هل من الممكن أن يجتمع لمبدع موهبة الشعر و كتابة القصص و الروايات فى نفس الوقت؟

نعم ، لكن التركيز و الإبداع الحقيقي لن يكون إلا في مجال واحد منهم أيـّا كان

كيف ترى مستقبل الثقافة فى مصر ؟

إن شاء الله ينتظر مصر مستقبل باهر

هل المأزق الإبداعى فى مصر ناتج عن قلة عدد القراء أو عدم قدرة المبدعين على التواصل مع الجمهور و إنتهاج سياسة الاغتراب فى العمل الإبداعى مما يخلق حاجز بين القارىء و المبدع أم كل هذه الأسباب مجتمعة و لو لديك أسباب أخرى نحب أن نعرفها؟

للأسف اقترابي من العديد من الشعراء و كتاب القصة عبرالانترنت أكـّد لي أنّ مصر بها مهارات عالية و إبداعات خارقة و لكن قلة القراء تحدث بتراً في مسيرة الإبداع لفقدانها هذا الجزء الهام

أذكر لنا أهم شعراء العامية الذين تأثرت بهم خلال مسيرتك الشعرية و كيف أثروا تجربتك الشعرية؟

على مستوى الصداقة كان أستاذي الأول محجوب محمد موسى و هو أوّل من علـّمني بحور الشعر تلاه الشاعر الغنائي طاهر سعيد و كان له دور دور رائع في توثيق قواعد الكتابة الشعرية و كان ثالث الأساتذة هو صديقي أحمد محمد حنفي و كان يحثني دائماً على القراءة المتنوعة بشكلٍ وسـّع مداركي بشدة ، أمـّا على مستوى القراءة فكانت قراءتي لصلاح جاهين من المؤثرات في حياتي كلها

هل سيكون فى المستقبل القريب الكلمة العليا للنشر الورقى أو الإليكترونى؟

النشر الورقي سيظل له مذاقه الخاص لكن للأسف سيكون الانتشار الأكبر للنشر الالكتروني

كيف تقيم الأعمال الإبداعية المنشورة على مختلف المواقع الإليكترونية سواء شعر أو قصة أو رواية؟

عندما أقرأ لأحد المبدعين في الشعر و القصة أكون في قمة السعادة كيف أنّ حظـّي أتاح لي التعرف بهؤلاء المبدعين بعد الانقطاع عن حضور الندوات مرغما ً

الأربعاء، 28 أغسطس 2013

مقالات سياسية: ماذا جناه الشعب من ثورة الانقلاب؟ بقلم/ مختار الأحولى



ولأنّ العمليّة برمتها كان مشكوك في درجات نجاحها لعلم المستعمر بمدى نفاذ النظام لكامل تفاصيل الحياة داخل الوزارات السياديّة وغيرها وحتى الحياة الاجتماعيّة عبر شبكة معقّدة مخابراتية يقبض من خلالها على كامل تفاصيل الدولة والشعب بأسره"حتى أنه لم يظهر في الصورة حتى الآن على الأقل. من وزارة الداخليّة مثلا إلاّ فرقة بعينها صغيرة العدد مهمّة من حيث القيمة العمليّة بينما تركوا لبن علي ما كان بمثابة الطعم لكي يبتلع الحالة بدون الشكّ الذي حتما كان سيحبط العمليّة كلها"(وهنا أسئل قيادات الجيش عن قصّة وأسباب وتفاصيل "إعدام ذكيّ"أو ما سمي آنذاك. سقوط المروحيّة الشهيرة برئيس أركان الجيش وعناصر رئيسة من المخابرات العسكريّة مجتمعين فيها بقيادة الجنرال سكيك؟).
وما الوقفة المشهودة للكونغرس سوى وقفت افتخار بنجاح الثورة الهادئة التي عوّضت المخطّط الأول للغبي بوش الابن الذي نهج الاستعمار العسكري المباشر. الذي وضع الجيش الأمريكي وقوّته الضاربة في عمق هدف الأعداء لمطامح الامبرياليّة الأمريكية. مع استنزاف الكثير من ثورات الشعب الأمريكي في خزائن لا فقط دافعي الضرائب فيها الذي يعمّرها ولكن أيضا بيوت مال المسلمين. ولا نتحدث عن تأثيرات الحرب المباشرة على واقع ومستقبل أمريكا في المنطقة لتصاعد الكره الشعبي والغضب الذي حتما سيبرز قيادات مرحلته المناوئة لأمريكا وعملائها في المنطقة. وحتى في المناطق التي تعتبر أكثر حلفاءها تواطأ وعمالة. لذلك كانت تلك الوقفة متقاسمة بين أوباما وإدارته التي نجحت في اختبارها الرئيسيّ من جهة وعلى قوّة إرادة شعب أعتبر عند الجميع على أنه من أكثر الشعوب خضوعا وخنوعا حدّ الخوف الجحيميّ. هذا الشعب الذي أذهلهم ليس بالإرادة القويّة فحسب. وإنما بهبّته كرجل واحد عصيّ على كلّ آلات القمع القاتلة ليكون نجما تنحوا نحوه الشعوب في حاضرنا الذي نعيش. لذلك نقرّ بكونها ثورة يراد لها أن تغتصب لتكون مثالا لبقية الشعوب أنه لا غنى عن أمريكا في تقرير مصائرها.
ماذا نسمي وليدنا يا شعبي؟ 
بالنهاية لن نختلف في تسميتها ثورة ولم تكن هادئة.لأن الثورات لم تكن كذلك حين يسقط فيها شهيد واحد فما بالك بأكثر من ثلاث مائة شهيد وما يقارب الثلاثة آلاف من الجرحى. ولسنا هنا في هذه المحاولة لتقصّي الحقيقة بصدد التقليل أو نفي الثوريّة عن شعب ثار وقدّم ما قدّم ليكون حرّا متألقا على الدوام. وصانع ليس لتاريخه وحسب وإنما لتاريخ الفقراء والكادحين وكلّ المقهورين الحالمين بالكرامة والحرّية والعدل والمساواة. لكن لمعرفة من يقف وراء حاضرنا فاللعبة لم تنتهي بعد في مسألة تقرير المصير. هل يعود للشعب أم لمن يخدم أجندة ومصالح آخرين؟
وهل هؤلاء الآخرين يرضيهم ذلك؟ويرضوا بما يقرّره الشعب الثائر؟أم سيحسبون تدخّلهم لدعم الثورة بضربة قاضية أحكموها حتى تكون البلاد مستعمرة لدكتاتورياتهم التي يصنعوها مثلما صنع من جلبابهم وجبتهم بن علي وأذياله وأتباعه؟وهل ما يقع على عاتق الشعب الآن من مهام استكمال المراحل الثوريّة استوعبته نخبها لتفوز بالوطنيّة التي لا توهب وإنما تفتكّ غصبا فهي مفتاح الحرّية والكرامة الوطنيّة والعدل.
- ما بعد الانتخاب الديمقراطي جدّا:

على إثر تصعيد ورقة الإخوان التي يرعاها الشرق الذي هو راغب أشدّ ما يكون الرغبة على العودة إلى زمن الإمبراطوريّة"الإسلاميّة" ولو كلاعب ظلّ ومسخ لراعيه ومبدع أطوار نموّه في المشهد السياسي على إثر انهيار مصر في الضمير الشعبيّ لا فقط في ضمير الساسة والنخب.بحيث أصبحت في عزلة عن الشارع مما عجّل كعامل من العوامل بسقوط سلطة مبارك وأعوانه المكشوفين على الأقل.وعدم القبول شعبيّا بسلطان عثماني جديد هو في وجوده شريك مكشوف للصهيونيّة في العالم وعلى رأسها إسرائيل العدوّ التاريخيّ للعرب.إذا فالمجال تصوّروه مفتوحا وسهل ولوج ذلك الفضاء الذي طالما صرف على نواة منه حتى تنشر فكرهم المؤسس على تأويل للنصّ الإسلامي المقدّس مجمّع من عناصر عرفت لا بولائها المطلق لسلطان يمثّل مصدر ثرائها وسلطتها التي جرّبت بقوّة السيف ونفعت في محيط خليج خال من كلّ احتكاك فكريّ بالعقل الإنسانيّ الحديث عدى ما رحم ربّي من استهلاك حميريّ لمنتجات العقل البشريّ القادم من بلاد الكفّار طبعا(وأعني عبد الوهاب وابن تيميّة مثالا وليس حصرا).والذي سبق وجود هؤلاء الكفّار بمنتجاتهم التي تغطّي كامل تفاصيل الحياة اليوميّة بكلّ أوجهها فينا. فتوى تبيح التعامل معهم في نطاق التجارة لسابقة للرسول الأكرم في التعامل مع اليهود متغافلين على ما وقع بعد ذلك التعامل بعد خيانتهم له وللعهود التي تربطهم به.والتي أجمعت صحف التاريخ الإنساني وحتى صحف كتابهم المقدّس على أنها أصل في تركيبة تفكيرهم وآلية تعاملهم مع غير اليهوديّ وبوصاية دينيّة صرفة يعتمدونها كمعطى أساسي لبقائهم وبقاء ونقاء سلالتهم وانظروا تقسيم المجتمع اليهودي الذي لم يكتفي بالتقسيم الترتيبي بين أشكيناز وسفرديم بل مواطنين بتقسيم من الواحد للخامس من الدرجات. والتي تحمي وجودهم الذي كان الرسول قد أزاله إثر تفطنه لخياناتهم وتآمرهم مع أعداء الإسلام بحدّ السيف من حصونهم التي كانوا يتصوّرون أنها درعهم الحامي الذي يشاكل في هذه الأيام دروعهم العسكريّة التي غذّوا عقل العربيّ البسيط أنها خرافيّة وقاتلة ومبيدة له إذا ما تقدّم نحو حصونهم الحاليّة.التي أثبتت أحزاب(كحزب الله وائتلاف أحزاب غزّة) وليس جيوش دول بطمّ طميمها تدّعي الثوريّة والنضاليّة والعروبة أنها قادرة على اختراقه وهدم تلك الخرافة الوهميّة التي هم أنفسهم(أعني الإسرائيليين)صدّقوا كذبتهم و يتوهّمون سلطانا يصنعون له عناوين مضحكة"كقبّة ودرع صاروخيّ وغيره) وكشفوا عورتهم أمام جيوش مهزومة بقرار سياسي تآمري عربي.رغم الشواهد التي منحتها المقاومة على هشاشتهم ليس على المستوى العسكري فحسب وإنما حتى على مستوى جبهتهم الداخليّة. 
وهاهي قطر وليدة زمن المال القذر والسقوط السياسي. وبرعاية آل سعود أصحاب مرجع نظرهم في طرق ووسيلة "تهويد" العرب وبوسائل معدّة سلفا في دوائر الصهيونيّة والامبرياليّة العالميّة من موساد وسي أي إيه وأم 6 البريطانيّة وغيرها كثير حتى أنه يصعب الآن حصر وجودها وتمركز وتموقع عناصرها.لكن الأصل في المخطط واحد ليشكّل وضوح التحرّك فرديّا كان أم جماعيّا. خصوصا وأن تماثل وتشابه الأدوات أيضا تشكّل المدخل الرئيسي لاكتشافهم في أي حلقة هم مندسّون. وخلف أي ستار يتوارون. وما يفضحه العنصر الوهابي.العنصر المكشوف والواضح والجليّ والذي يستر ويغطّي ما سنكشف ما توصّلنا من خلال الأحداث صعوده للحلبة من أعداء الثورة.والصراع المفتوح بينهم للقيادة وتزعّم المشهد السياسي المزوّق الجديد الخادع فقط لمن لا عقل له يتابع ما يشهده من أحداث ونوعيّة الملفّات المطروحة على الأقل.
فبعد تصعيد الداء استوجب زرع المصل المضاد لخلق موازنة هي متنفّس دائم ووجهين لعملة واحدة اختصاصها الأساسي ودورها الذي هو من أولويات عملها(وإن اختلفت الأشكال الآن من مساند لتحركاتهم ومغازلتهم سياسيا بقصد ربحهم كرقم على الخارطة وبين من انتهت فترة التعامل وجاهر بالعداء بحكم تولّيه سلطة الحكم ولو مؤقّتا)وهذا كلّه لأجل حرق طريق صعود من وضعوهم موضع أعدائهم التاريخيين وأعني تحديدا اليسار بكلّ أطيافه والمنظّمات التاريخيّة كالإتحاد العام التونسي للشغل مثلا.وهم الموجودين أصلا على الخارطة السياسية"ولو بنسبة تمثّل رقما صعبا"وبعد تشكّل جبهة الشعب التي حالها حال المنظّمات وعلى رأسها الإتحاد العام التونسي للشغل هي قادرة على التوسّع على خلفيّة عملها السياسي المواجه لتطورات الأحداث ودرجات فعلها الواعي والمسئول على الساحة ليس الداخليّة وحسب وإنما تفاعلها مع المنظّمات الدوليّة ذات البعد الإنساني المساند لحركات تحرّر الشعوب في العالم.واعتمادها أساليب الفضح لكلّ دور مشبوه وفي حينه من خلال ما يتوفّر لديها من فرص حضور إعلامي رغم الحصار المفروض نتيجة الصراع الأول بين طرفي ووجهي العملة الواحدة وبينهما والاتجاه الثوريّ الحقيقي. 
وما وضع الخلايا المشكوك فيها وفي أدائها والأخرى المعروفة بولائها وتعاملها مع مداخل المستعمر كجمعيات زرع المال القذر لشراء الو لاءات كجمعيات دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة الأوروبيّة والأمريكيّة وغيرها. وكذلك التفاعل إيجابيّا مع الوضع الذي تفرضه أجندات تعمل من خلال أرضنا ووضعنا. لرهن مواقفنا في الداخل والخارج مع الرهن الاقتصادي وهجمة شراء ثروات الشعب.على قلّتها.وما شراء الذمم الذي سبق تدافع رؤوس أموالهم القذرة التي وجدت فينا المطهّر والغاسل لها حتى تكون في وضع يسمح لها لدخول نوادي الاستعمار كدافوس ونادي أوروبا الموحّدة وغيرها. وصناديق قتل الشعوب كصندوق القروض وغيره. بما يفتح للمستعمر موطئ قدم مفتاح وطريق سالكة لبلع المنطقة برمتها خصوصا منها التي بها الثروة الأم"النفط والغاز".وأعني ليبيا والجزائر كمرحلة ممهدة لإفريقيا. ونقطة ضخمة الإنتاج والمخزون تكون مفتاح بقيّة ما وراء الساحل والصحراء من غابات وغيرها هي الحديقة اللازمة لضمان إصلاح ما أفسده غازات صناعاتهم للتوازن الطبيعي للعالم.وضمان للثروة المائيّة التي هي مفتاح من مفاتيح الحياة المستقبليّة بعد ما أثر الاحتباس الحراري في"كليماتولوجيا" الكون.
إذا فإن تواجد عنصر السلفيّة بتفصيلاتها من"القاعدة في شمال المغرب العربي" بتحديد للمنطقة على الخارطة من الاسم هو يغني لتوضيح حدود المهام الموكلة إليها. والتي ولدت لها ومن أجل تحقيقها.وبقوّة داخليّة من الشباب الذين غرّر بهم ليكونوا يد العدوّ الطائل بحكم خصوصيّة معرفتها الميدانيّة وافتقارها وفقرها الشبه كلّي للوعي وللمعرفة التي تخصّ حتى الشأن الذي قاموا من أجله(الدين ونشره والتأسيس على منوال السلف)الذي دخلته في السابق الإسرائيليات وفيما بعد حرّفت غايته بالتجزئة المتعمّدة والاقتناص الذي يدسّ في عقول المراهقين سنّا وفكر.لتجنيدهم لمعركة هدم وحرق ما بلغته نخبهم الوطنيّة من نضج خافوه وخشوا بأسه فسارعوا بالانقلاب على ثورة شعب حرّ وسيعيش حرّ غصبا عن كلّهم لا بعضهم. 
وما الإضراب العام الذي دعا إليه الإتحاد العام التونسي للشغل ليوم 13/12/2012 (سواء نجح أو لم ينجح جزئيّا)إلاّ بداية معركة وثورة على جيوب الغادرين والمتآمرين على حرّية وخبز الشعب المفقّر والملعوب ليس بعرقه وكدحه فقط بل بكلّ حياته.
والثورة مستمرّة

الطهارة من فلسفة المجتمع الفاسدة بقلم الشيخ/ محمد الزعبى

أركان الإسلام بين الكهانة والديانة- الحلقة الثامنة: 

ومن معاني الطهارة القرآنيّة التحرُّرُ من مشروع الكفر ومن سلطانه ومن ثقافته وقيمه ومفاهيمه (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)[آل عمران55] ولذلك لم يطق قوم لوط أن يروا المؤمنين مع لوط يعيشون بينهم (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)[النمل56] فلا يمكن أن يكون إخراج المؤمنين واضطهادهم لأنّهم يغسلون أجسادهم بالماء المطلق، أو لأنّهم قد اتّفقوا أو اختلفوا على نجاسة فرث البقر، إنّما أخرجتهم الجاهليّة لأنّهم قد تطهّروا من قيمها ومفاهيمها وسلطتها.. الطهارة من العمالة والفتنة: ومن معاني الطهارة القرآنيّة التطهّر عن العمالة لأعداء الأمّة، وتطهير المجتمع من عملاء العدوّ وجواسيسه (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)[التوبة] فمن أيّ شيء يحبُّ الرجال في مسجد التقوى أن يتطهّروا؟ لَمَّا كان الحديث عن مسجد الضرار أنّ غايته الضرر والنفاق وبثّ الفرقة بين المؤمنين والتجسس لصالح العدوّ، فهذا يعني أنّ رجال مسجد التقوى يحبّون أن يتطهّروا من كلّ تلك الموبقات.. قتلة الحسين يتنَزَّهون عن دم البعوض!! إنّ حرص الإنسان على الطهارة الحسيّة لجسده وثوبه، ثمّ انغماسه في الولاء للطاغوت لا يُغني عنه شيئاً، ولذلك ورد في صحيح البخاري عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ قَالَ: كُنْتُ شَاهِدًا لاِبْنِ عُمَرَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا، يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا» [وهو في مسند أحمد وسنن النسائي والترمذي]، رجل متورط في دم الحسين عليه السلام سواء بالمشاركة في قتله أو في تخلّيه عن مناصرته أو في سكوته أو دفاعه عن قَتَلَتِهِ... يسأل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن دم البعوض يصيب الثوب!! ولكنّ ابن عمر يرفض إعطاءه حتّى الحكم الفقهيَّ، لأنه ماذا سيفيده هذا الحكم الفقهيّ وهو كان يشهد إخماد ثورة الحقّ والعدل التي قامت ضدّ سلطة الظلم والباطل، ولم يقف إلى جانب الثورة ولم يناصرها؟!! ماذا سيفيده التنَزُّهُ عن دم البعوض وهو كان يشهد ريحانة قلب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تقتطعها أيدي الجَوْرِ، وتسحقها خيول الظلم والظلام، ولم يحرِّكْ ساكناً؟!! اذهب يا هذا ودَعْكَ من السؤال عن دم البعوض، اذهب وانغمس في كلّ النجاسات الحسيّة، فإنّها لا تؤثّر عليك ما دُمْتَ قد انغمست في النجاسة الكبرى، وهي التخلّي عن مناصرة ثورة الحقّ والعدل، اذهب فحالك كحال القائل «أنا الغريقُ فما خوفي من البَللِ».. في الحلقة القادمة: الطهارة بالماء.. مادّة الوجود الأولى.. عود إلى الفطرة الصافية- الماء.. رمز الحياة والنماء- ويثبت به الأقدام

شعر: عامية - فصحى: لو شائت الاقدار بقلم/ مروة نصيف الجبوري


لو شائت الاقدار لامتنعتُ عن خذلانكِ

لو شائت الأقدار لسارت بنا الدروب حيثُ تشاين

وماكنتُ لأعترض

لو شائت الاقدار لتسلمتُ منكِ الرايةَ

وابدلتُكِ جنانَ الياسمين

لو شائت الاقدار لأشرعتُ قانونَ السلامِ

واتممتُ صومَ ثلاثيني وأنتضرتُ عيداً 

قد يَهِلُ لو شائت الاقدار

لو شائت الاقدار لما ارهقتُ كاحلاً بالجنانِ موعوداً

فشائت الأقدار ان اسوقَ الرحلَ بلا بوصلة

في ليلةِ غماء

وانتي ترقُبينَ عجزي ولا تكلينَ صبراً

سامحيني واغفري لي ذنبي

فلو كان للأزمانِ هضاباً من تضحياتِ

لصنعتُ لي مخدعاً عند حافهِ الهضبِ

حيثُ أواري ذنبي وتقصيري

القصة القصيرة: الحب فى زمن النهضة بقلم/ محمد الجعيدى


أن تحب أفلام الكاراتيه شىء وأن تتزوج بطلة كاراتيه شىء آخر......صدقني عندما أقول ذلك

كنت أجلس مع زوجتى على البحر تحت إحدى الشماسي ذات الألوان الكارثية بينما الهواء المشبع برائحه اليود يزكى أنفاسى عندها قررت أن أقص عليها إحدى معاركى القديمة

- هل أخبرتك من قبل يا عزيزتى أننى ضربت أربعة رجال بمفردى

أنا لا أكذب عليك بالتأكيد لقد حدث هذا ذات مرة عندما .... ماذا... تريدين منى أن أبعد الرجل الذى يقف أمامنا 

نهضت من مقعدى مستلسما لأمرها ..كان الرجل مفتول العضلات كأحد أبطال كمال الأجسام سأحاول أن أتحدث معه بهدوء حتى لا أثير غضبه ولو أننى أعلم أنه من أول كلمة سوف ينهال على ضربا .... 

دائما ما يحدث ذلك لأمثالى فى الأفلام مع احتمال أن أموت ليكبر ابنى الحبيب بعد ذلك ليصبح بطلاً فى الكاراتيه ثم يبدأ رحلته المقدسة من أجل الانتقام لى وفى خلال ذلك سوف يقوم بتهشيم وتكسير عظام العشرات من الرجال الذين لا فائدة منهم فى الحياة سوى الموت على يديه القويتين 

إلى أن يستطيع الوصول إلى هذا الرجل والذى ستدور بينه وبين ابنى عندئذ معركة شرسة تكون نتيجتها الحتمية انتصار ابنى وقتله لهذا الشرير لتنتهى تلك الدراما بأغنية سعيدة وربما أخرج عندئذ من قبرى لأرقص عشرة بلدى احتفالا بما حدث

تلك هى الأفكار التى دارت فى عقلى وأنا أقول للرجل أن يتنحى جانبا لأنه يحجب عنا منظر البحر

الغريب أن الرجل ابتعد جانبا بكل هدوء لتنهار كل مخطاطاتى الدراماتيكية وقبل أن أعود إلى مكانى فوجئت بزوجتى الرقيقة تنهال على الرجل بمزيج من ضربات الكاراتيه المدروسة التى جعلته يترنح ثم يسقط أرضا ..يكفى ذلك يا عزيزتى.. يكفى 

ماهذا أنت تقضمين يده ..أرجوك ..يكفى ذلك ..هل هذه دماء التى تسيل من فمك ..إنها دماءه ابصقيها يا عزيزتى ....نعم هذا جيد..ابصقى أيضا قطعة اللحم التى خرجت معها.. لا.. لا تمضغيها نعم هذا جيد هناك رجال ونساء فقدوا الوعى دعك منهم لا عزيزتى

أنت ما زلت مصممة على ضرب الرجل.. هل هذه عصا شمسية التى فى يدك.. أنت تنهالين بها على جسده ..لا يا عزيزتى أنت أرق من ذلك.. لا تضريبه على رأسه قد يموت.. على ظهره يفى بالغرض ..أقول على ظهره يا عزيزتى وليس أسفل ظهره ستتسببين له بشىء أسوأ من الموت..

أحسنت اتركيه الآن ..ماذا تفعلين.. أنت تدفنين وجهه فى الرمال ..دعيه ..نعم ارفعى وجهه من على الرمل قد يختنق.. رائع يا عزيزتى ها أنت ترفعين وجهه من على الرمل.. لكن عندى لكِ سؤالاً.. لماذا تحشرين الرمال فى فمه وأنفه ..رائع يبدو انك نسيت عينه ..ها أنت تضعين فيها الرمال كم أنت دقيقة يا عزيزتى

أنت الآن تساعدينه على النهوض يا لطيبة قلبك! ..لكن هذا الحبل الذى تلفينه حول عنقه وترفعينه به يجعلك تبدين كمن يحاول شنقه..بالتأكيد من يعتقد ذلك لهو أحمق أو شخص لا يعلم بطباعك الرقيقة..جحظت عين الرجل وتدلى لسانه خارج فمه..يكفى ذلك يا عزيزتى

رائع أنت الآن تركتِ الرجل وذهبت لتركبى السيارة.. هل ستغادرين وتتركينى؟ 

لماذا تتوجهين بالسيارة ناحية الرجل.. لا أعتقد أنك تنوين دهسه فقط أنت لا تريه ولا تسمعين صراخ الناس وهم يطلبون منك الابتعاد.. أنت مصممة على إكمال طريقك كم أنت مكافحة يا عزيزتى

قفز أحد الواقفين وأنقذ الرجل فى آخر لحظة بينما عبرتِ..لقد نجا المسكين 

الآن نحن نغادر المكان بالسيارة والعشرات يجرون خلفنا ..يبدو أنهم يرغبون فى الركوب معنا ...كلا يا عزيزتى بالتأكيد لا يريدون ضربنا..لا يمكن لأحد أن يرغب فى ضرب إنسانة رقيقة مثلك.. دقيقة واحدة يا عزيزتى هناك شىء بارز من فمك.. نعم ها هو.. يبدو أن ذلك الرجل الهمجى قد نسى إحدى أصابعه بين أسنانك !

الاثنين، 26 أغسطس 2013

مقالات سياسية: ثورة الصحافة .. صحافة الثورة بقلم/ مختار الأحولى


منذ أصبح الإعلام في العالم أداة التغيير سياسي واقتصاديّ وعسكريّ، وسلطة لا منازع لها لتنفيذ برامج المستعمر الإمبريالي الصهيونيّ. صار لزاما علينا تحرير الطاقات الإعلاميّة في بلداننا لمجابهة هذه الهجمة والجبهة المفتوحة لدمغجة الرأي العام واستعماره وتحويل وجهة ثروته وثورته وسلبه كرامته واستقلاله وعزّته . ومنه الإعلام التونسي الذي أصبح له دور رياديّ لو يعلمون. ليس في تونس وحسب وإنما على أصعدة متعددة منذ إنجاز الثورة. لكن لنا في التاريخ القريب ما قبل الزين وأيامه ، ما أسميه مهزلة تسمى صحافة خصوصا . وإعلاما ، عموما. وفي نظرة سريعة ومحدّدة للعمل الصحفي والإعلامي التونسي قبل الثورة. رغم ما عرف ويعرف عن مهام ودور الصحفي والإعلامي من التزام بصوت الشعب ورغباته وطلباته والمهام الثوريّة المناط بعهدته على المستويين القريب والبعيد المدى. إلاّ أن الموجود كان مجموعة من مستكتبين في أفضل الحالات. يقتصر دورهم على إعادة صياغة ما يرسل لهم من القصر من برقيات. والنقل عن الصحف العربيّة التي تكتب إعلامها بحرفيّة في كشف الحقائق . وتعميم الخبر. والسعي خلف كشف المستور من ملفّات القضايا الساخنة والرئيسة في عالم السياسة والاقتصاد وحتى الرياضة التي يتفاخر بعضهم بإنجازات وهميّة يخال وأنه مبدعها وصاحب السبق فيها . وهي لا تتعدى مؤامرات يحيكها إخوة ومنتسب العائلة التي أقول مالكة وليس غير ذلك . فهيا والكلّ يعلم ما مدى التناحر بينها على ريادية وقيادة الفرق التي هي طريق نحو الشعبيّة وإعداد جناح في الشعب باعتماد الشقاق بين صفوف الشعب لإلهائه أوّلا وتخديره . وتأطيره في أجنحة معدّة لتكون ميليشيا الزعامات المتناحرة داخل القصر وخارجه في المحيط الاقتصادي .
حتى أنّ هؤلاء الإعلاميين يتلقّون المعلومة جاهزة عن طريق الهاتف ومن مصادر متورّطة في العمليات الأنفة الذكر لتعبّي جيوبها من فتات خيرات البلاد المغتصبة. التي يدرّها الولاء على منتفعين يمثّلون كما أسلفت ميليشيا الزعيم . 
أما ما يسما بالصحافة الوطنيّة هي لا تتعدى تغطية باهتة لما أمروا للتحدّث عنه وتصويره قبل وبعد ما يسمى إنجازات التغيير والتي يغطى بها عورة النظام وتذرّ كالرماد على عيون الشعب الذي كان يعلم أنها استثمارات لرؤوس أموال محلّية أو أجنبية وفي أفضل الحالات هي نتاج فتات ما تبرّعوا به لصناديق كصندوق 26 /26 . وأعدموا الفكر الحرّ حتى الموالي لهم والمنتمي لحزبهم إلى درجة أننا نفتقر للمقالات التحليليّة سياسيا كان ذلك أو اقتصاديا واجتماعيا إلى غير ذلك مما يوعّي الشعب على حقائق خافوا أن تكون النار التي يكوون بها . لكن جاءهم الخبر من حيث يعلمون ولا يعلمون ها هو الفايسبوك يعوّض هذا النقص ويجعل من شباب البلاد النار التي طردتهم من البلاد شرّ طردة وكنّستهم من ترابها الأبيّ الطاهر "وما يبق في الواد كان حجروا" وحتى لا أعمم كان ثمة من الذين نذروا أعمارهم لقضيّة الوطن من حاولوا اختراق الحجب والإدلاء بدلوهم على قلّتهم والقسوة التي جوبهوا بها والتي كانت حربا جسديّة من خلال الاعتقال أو إرسال من يؤدّبهم أو من خلال حرب نفسيّة قذرة مفتوحة على مدى المحيط الذي يدور فيه هذا الرافع قلمه سيفا في وجه الطغاة مثل الحيّ ووسائل النقل والشارع والمقهى والبيت وغير ذلك مما يمكن أن يكون مكان يرتاح فيه هذا المشبوه ويكتب ما يراه وما بلغه من حقائق .بينما كان الكثير ممن يسمون جزافا بالإعلاميين يغنمون غنائم ما يتستّرون عنه ويجمّلونه ويهبون معارفهم في عالم المهنة لخدمة النظام البائد. ولا يتجرؤون على اجتياز عتبة مكاتبهم إلا للتواجد في المحافل التي تجلب لهم أيام السعد وولائم كفّ الجوع الدائم رغم ما يتمتّعون به من نعم تغيب عن كلّ إعلاميّ شريف . 
فكيف نسمّي إعلاميّا لا يسعى إلى الحقيقة ويجول ليفضح الكوارث والحقائق التي لم تكن بعيدة أو صعبة المنال. من فقر وجوع وتهميش وإقصاء متعمّد . وسرقة وسلب وتشريد وتهديد بالموت لو نطقوا أو فضحوا الحقيقة. وكلّ ما يمكن أن يكون جرائم في حقّ الوطن والشعب. والتي طالت حتى الأمة.؟
كيف نفسّر إعلاما لم نرى كميراته وأقلامه تجول في شارع البطالة والإقصاء والتهميش . بينما ينظّف صورة الطاغية بمجهود وتفاني منقطع النظير من خلال حوارات ومواقف هي مدعاة لسخرية القاصي والداني على عالم صحافة وإعلام البلاد .وهاهم وبلا خجل ولا حياء يطلعون علينا اليوم كشرفاء محكومين ومفعول فيهم . والحال أنهم كانوا مرتاحين ومتنعّمين بينما كان غيرهم يناضل من أجل إبلاغ صوته الذي هم أوّل من حاربه وقتله بشكل أو بآخر حتى يبقوا هم على كراسيهم . وها هم يعمّرون المشهد الإعلاميّ بحضور ثوريّ ملغوم يصنعون من خلاله الطاغية الجديد الذي يمنّ عليهم فتات مائدته من الرأسماليين المتبقّين على الساحة الإعلاميّة مثلا. وهم غبر قادرين على تحرير حتى مقال تحليليّ بسيط لوضع اجتماعي أو تحليل سياسي أو تفكيك للبنية الاقتصادية في البلاد وما يمكن أن يكون مادة لتوعية الشعب وتنويره وتثقيفه بشكل من الأشكال.؟ 
وماذا نسمّي أيضا هذه الهجمة الشرسة على اعتلاء المنابر في المشهد التلفزيّ وتكريس وجوه بعينها معروف سلفا درجة ولاءها وخدماتها للعهد البائد . وما قدّموه من خدمات له لم تشفع لهم وقتها ليكونوا ضمن القائمة المخوّل لها التحدّث في المرئي ليس شكّ في درجة ولاءها وإنما لقلّة قدرتها على الإفهام والانضباط الإعلامي بمفاهيم ما يرغب السرّاق والقتلة إيصاله للبسطاء المغرّر بهم من أبناء الشعب الذي كان ينتظر في وقفة رجال من بينهم رجال الإعلام لفضح وكشف الحقائق التي يعيشون . وهضم الحقوق التي هي أبسط ما يمكن أن يقوم به الإعلاميّ الشريف ؟ 
ماذا نسمّي تأجيجهم للجهويّة كرويّا للتغطية على جرائم النظام وإضافة معطى جديد لشقّ الصفّ وإثارة النعرة والانقسام في صفوف شعب ثروته الوحيدة هي لحمة سواعده وتراص صفّه خلف قيادة وطنيّة تسعى للرقيّ به وتكون من كرامته كريمة وفاعلة على جميع الأصعدة . داخليّا وخارجيّا ؟
ماذا نسمّي الغبن الإعلامي الذي يعانيه كلّ ما ابتعد عن العاصمة أو المركز بمجرّد شبر. وكلّنا يتذكّر ما حصل في الرديّف وقفصه عموما وبن قردان من أحداث قبل الثورة بقليل . أين إعلامنا وقتها ؟ أين نام في أي غيّ ؟ والأمثلة وإن ذكّرت فقط بالقريب لضيق المجال . يمكن أن أذكّر من يرغب بأكثر من ذلك بكثير. 
وحتى أكون صادقا . وأعطي لكلّ ذي حقّ حقّه . فإنّ الصحافة المعارضة أغلبها كانت المنبر الوحيد الذي صدق ولو بنسب متفاوتة وعده رغم كلّ المعانات وقلّة خبرة البعض وانعدام الموارد ومحاربة النظام لأقلامهم ومشهدهم. وأيضا بعض ممن قذف نور في صدرهم أيام الطاغية . من الإعلام الرسمي .وكانوا ضمن قائمة المقهورين والمغلوبين بلقمة العيش . ولم يأبهوا بل واصلوا حتى نفّذ الوعد الشعبيّ وفرّ الطاغية إلى مثواه بالسعوديّة . لكنّهم مبعدون أيضا الآن وفي صميم الثورة عن مواقعهم الأصليّة بحكم تكاثر متسلّقي الثورة ومغتنمي الفرص السعيدة من غنائم الثورة . والذين يهبون كلّهم لأجل البروز في المشهد حتى يكون لهم مكان بيننا . وبلا حياء ولا حتى "حشمة ". وسنعود فيما بعد لدور الإعلام(خصوصا الخاص)الذي لعبه إبّان بعد الثورة... لكن قبل ذلك وحتى نبق في إطار كشف الأسباب الحقيقيّة والتاريخيّة لثورة 14/01/2010 في تونس.كان لابدّ من تخصيص ما يجب أن يخصص من الردّ أيضا على أطفال بورقيبة الذين يحاولون الرجوع بالزمن إلى الوراء(وهم في الأصل بقايا نظام لم ينقطع منذ رحيل بورقيبة) بعد أن أعاد صياغتهم وتوزيع مهامهم ومراكزهم كلّ حسب طاقاته وإبداعه في ميادين قتل الشعب وأبناء الشعب الطامحين للحرّية والديمقراطيّة والكرامة.وعلى رأسها الشغل الذي كانوا بولائهم المطلق وخدماتهم الجاسوسية والتدميريّة يحرزون عليه قبل غيرهم من أبناء الكادحين. وغيره من المصاعب التي كانوا بارعين في إذاقتها وكذلك العذاب لكل مناضل وطني.وها كم نموذج فيه من الذاتيّة ما كان أيضا عاما وبدرجات لكنه مثال ونموذجا ل23 سنة من المرارة والتدمير. 

مقالات أدبية: نقاد القىء و الأسهال بقلم/ مروان محمد

مضى على أسبوع حتى الأن و أنا أقرأ فى كتاب "ما الأدب؟" لجان بول سارتر, الحق أننى لم أفهم من هذا الكتاب أى شىء و قد وصلت إلى منتصف الكتاب!, أما لماذا لم أفهم؟, فهو أمر من الأثنين أما أن مؤلف الكتاب يكتب طلاسم غير مفهومة لا تنم عن ثقافة عميقة و لكن عن حذلقة عقيمة و أما و أن الترجمة سيئة للغاية. 

و لكن خلاصة القول أن هذا الكتاب ينطوى على نمط الكتابات النقدية التى يزعج بها رؤوسنا النقاد الحداثيون أو نقاد الطلاسم و الأحجية و رموز القمر و النجوم الخفية, الذين تخرج من نقدهم الأدبى لأى رواية أو قصة بدون أن تفهم حرفا واحد, سوى أنه حشد أكبر كم من المصطلحات الغربية المعربة بسوء ترجمة و وضعها كلها فى عدة فقرات لا تنظم جملا و لكنها تكون أعلى مستويات التخريف النقدى, و بهذه الطريقة الشاذة فى كتابة النقد يتبين لنا أن النقاد يحاولون أن يبنوا لأنفسهم صروح محصنة كهنوتية من طرق النقد التى يعرفونها هم فقط و لا تعرفها و أن أردت أن تفهم منها حرفا فعليك أن تعود إليهم ليفكوا لك طلاسمها و لن يحدثو جل ما سيفعلونه أنهم سيزيدون الأمور تعقيدا! 

خاصة و إن الناقد الحداثى او أيا كان موقعه الإعرابى هو يشبع شعوره بمركب النقص أن عجزت عن فهم تخاريفه فأحسنت النية و تصورتها كلام ذو معنى و منطق فذهبت لتستفسر منه, فكان ذلك دليلا له على جهلك و علو مكانته الثقافة و العلمية فى عالم ضرب الودع و حك مصباح علاء الدين!, أغلب نقاد الأدب ممن فشلوا أن يصبحوا أدباء أنصرفوا إلى مهنة تعكير صفو الأدباء و الكتاب و المبدعين, ممن يعانون من أزمات نفسية لا تنتهى من نظرة دونية من كل من حولهم كزوجاتهم و أبناءهم و جيرانهم كما وصفهم جان بول سارتر و هو ما أتفق معه فيه بكل قوة عندما شن هجوم قوى على النقاد فى هذا الكتاب أما سائر الكلام فلم أفهم منه حرفا سوى أنه يسبب لى طنين فى الأذن و أتصور أنه ليس عيبا فى جان بول سارتر و لكن عيبا فى المترجم نفسه الذى شوه ما يريد أن يخبرنا به جان بول سارتر و ذلك لأأنه ينتمى لصنف النقاد المطلسمون و ليسوا الحدثيون . 

حتى فى الهوامش التى حاول المترجم فيها أن يشرح لنا ماذا يقصد جان بول سارتر , استغرق أكثر و أكثر فى تغليف ما عجزنا عن فهمه من ترحمته السيئة بمزيد من الغموض حتى لا تفهم شيئا, بهذا هو يتفوق عليك و يعوض لديه مركب النقص الذى يشعر به و هو دونيته. 

أنا و الله لا أسخر منهم و لا أهاجمهم بدون طائل و لكن هم فى حقيقتهم هذا الرجل, أعلم طالما قام مجموعة من الرجال بتكوين جماعة نقاد و سموا أنفسهم بالنقاد و وضعوا أسلوب غريب يصعب على أى مثقف و ليس الرجل العادى أن يفهمه فذلك لأنه يخلق طبقة من الكهنة العارفين الذين سيشرحون لأمثالك و أمثالى ما لا نفهمه من تخاريفهم, فأعلم أنه مدعى و نفسيته زاخرة بالعقد النفسيةو الأمراض المستعصية. 

يكفى أن يراك أنت كرجل طبيعى تحظى بحياة طبيعية و هو لا يحظى بمثلها و لن أقول حياة لامعة رائعة و مسلطة عليك الأضواء, هو يحسدك لمجرد ما لديك من حياة طبيعية لا تتوفر لمأفون مثله لكى يحاول أن يتعالى عليك بتخاريف كتبها لا يفهمها فلن تفهمها فيمارس عليك دور الأستاذ العارف و أنت بين قدميه تصيغ السمع إليه كتلميذ أبله. 

أرفض أن ألعب هذا الدور, قررت فقط أن أقرأ بعض من الكتب و التنظيرات الأكاديمية فى فن كتابة القصة و الرواية و النقد الأدبى و الخطابى و تحليل النص من أجل فقط أن أبرهن لنفسى أن هذا فى أغلبه عالم من الكتابات العبثية لا عمق فيهت و لا خير من الممكن أن يقدموه و لكن يقدمون فقط كائنات مشوهة فى الأغلب الأعم و الذى يترك نفسه لمثل هؤلاء المخرفين, سيناله من جرب الفكر ما يفسد عليه موهبته فى الحال, فلكل موهوب مبدع لا تقرأ ما يكتبون و لا تشترى كتبهم و لا تجهد نفسك فى معرفة آرائهم, سأضطلع أنا بهذه المهمة بالنيابة عنك و أقرأ كل الغثاء الذى يكتبونه لأبرهن لك مرة أخرى و لنفسى أن ما كتبوه لا يستحق عناء القراءة و ليس لأكون مرآتهم أمام أنفسهم فمهما قلت و قال غيرى من عقود و لعقود أخرى قادمة سيظلوا يحيون فى كهوفهم متصورين أنهم كهنة عظام لهم مريدين و أتباع يأتونهم من كل فج عميق و هم نعاج على عروش أوهامهم لا يرتاد الخرابات التى يحيون فيها سوى من كان على شاكلتهم و على جنونهم! 

هؤلاء مثلهم مثل من يدعون أنهم فنانين تشكيلين تخرجوا فى كلية الفنون الجميلة و سكبوا بقع لونية بامتداد اللوحة و قالوا أن هذا أعلى و أسمى درجات الفن و تعبر عما يدور فى معدته من تقلص معوى و قولون عصبى بحت!! 

هم أصلا أنضموا إلى كلية الفنون الجميلة بفضل التنسيق و المجموع و أن مجموعهم لم ينال شرف كليات القمة كما كانوا يتمنون, فساقهم تنسيقهم و حظنا التعس أن يكونوا هؤلاء فنانين و لانهم يفتقرون إلى الموهبة و حتى النية فى تعلم الرسم على أسس سليمة فيخرفون أيما تخريف و يطلقون على تخاريفهم فنون و خلق و ابتكار و إبداع, هؤلاء هم الفشلة العجزة فى كل شكل فنى من أشكال الفن يعظمون من فشلهم و يشكلون نقابة للفشل و يتباهون بانها مركز عالمى للفنون المبهرة !!, شأنهم شان النقاد, فشل فى أن يكون موهوبا فى أى شىء فنظر من حوله لم يجد سوى مهنة واحدة من الممكن أن تحتويه و هى النقد و أن يعكر مزاج كل مبدع إنتقاما منه على أنه لم يكن مثله مبدع هو الآخر, قلة من القناد هم من تجد ليدهم العلم و النقد الموضوعى أهم ما فيه أنه مفهوم الكلمات ليس مجموعة من أبيات الشعر المصابة بتشنج عصبى أو كلمات شخص يهزى لا تعلم هل هو سكران أم مصاب بالحصبة الألمانى؟! 

هؤلاء لا يحتاجون إلى شهادات مختومة بختم النسر على أنهم قد حولوا روؤسهم إلى بنك المصطلحات الشاذة! و لكن تظهر عبقريتهم مما يكتبونه من نقد يستطيع أن يقرأه الجميع و يفهمه بسهولة و يسر بدون مرشد سياحى لطلاسم الخبل و الهبل, هؤلاء من يستمتع المرء منا بقراءة تعليقاتهم, هؤلاء معظمهم كتاب موهوبين كتبوا عن كتاب آخرين موهوبين مثلهم فلأنهم لا يحتاجون إلى الإدعاء أو شهادت بختم الدولة على أنه يفهم و يقرأ كثيرا خرجت كلماته بسيطة تصيب الهدف و لا تتفرع و لا تزخرف القول بمصطلحات القىء و الإسهال! 




القصة القصيرة: الصباحيات المتبقية بقلم/ مروان محمد

(1)

و لأنه صباح غير أى صباح عهده, و لأن الشعور الغريب راوده اليوم فأدرك أن حديث عمه السخيف عن الشعور المبكر بالموت أصبح يخنق الهواء الداخل إلى صدره, جلس على سريره فى تلك الحجرة المشتركة بفندق النوبة الجديد الكائن بمحطة مصر و التقط سيجارته الأخيرة من علبة الكليوباترا الحمراء و أشعلها بالثقاب قبل الأخير و أهتز جسده بضحك مكتوم.

- أيام نحس لا تنتهى.

مال نحو الكومدينو يتطلع إلى الوقت فى ساعة يده فوجدها الخامسة صباحا فاعتدل فى فراشه و هو يسحب الكوفرتاية التى تكومت فى نهاية السرير حتى فخذيه و غرق فى تفكير غير مبرر, بالتأكيد لاحظ بعد دقيقتان أن السيجارة توشك على الأنتهاء لذا أطفاءها فى سطح الكومدينو و حبس النفس الأخير قبل أن يفلته ليتكور بلونه الأبيض فى هواء الغرفة شبه المعتم.

ابتسم لصوت طرقعة أصابع قدميه و أرخى ظهره إلى ظهر السرير مغلقا جفنيه المرهقتين و عقله قد شرد فى وجوه كثيرة تعترضها دائما صورة سلمى.

(2)

جلس بجانب الشيش المغلق يتطلع من فتحاته الضيقة على ميدان محطة مصر و يدخن سجائر العلبة الجديدة الواحدة تلو الأخرى و قد نبه على الرجل العجوز الجالس فى مدخل الفندق الضيق أن يخبر جميع من يسأل عنه بأنه غير موجود فعرف منه على فترات متفرقة أن شكرى قد زاره و شقيق سلمى قد أتاه.

لم يبدى أى أنفعال اتجاه زيارة أيا منهما و لكنه ظل يتابع من خلف الشيش المشهد العام لميدان محطة مصر, و رأسه المرهقة لا تفكر فى شىء محدد ألا أنها مملوءة بذكريات متناثرة و أفكارا غير منسقة أو جدية تتشابك كلها فى حزمة واحدة تملاء خلايا مخه فتسبب له صداع متعب فى خلفية رأسه حتى أن حدقتيه تضيقان عندما يشتد عليه الألم, على الرغم من تواضع أثاث الغرفة الطويلة ألا أنها نظيفة, دخل عليه فتى فى الخامسة عشر من عمره يمسك بعود بخور قائلا:

- عود بخور يا أستاذ.

هز عاطف رأسه و تابع الفتى فى حركته و هو يثبت عود البخور فى فرجة بين حلق الباب و الحائط ثم أشعله بعود كبريت, التفت إلى عاطف مضيفا:

- رائحته ذكية.

لم تتغير ملامح عاطف الجامدة فأنصرف الفتى و هو يحدث نفسه بصوت غير مسموع, لا يعرف عاطف إذا كان يسبه أم لا؟

(3)

استقبل الشارع الضيق و سيجارة يدسها بين شفتيه, لم يسأل نفسه إلى أين تكون وجهته, فقط أحتاج إلى أن يتمشى قليلا, اليوم تجاهل كم لا بأس به من الزوار و التليفونات و لم يهتمبتغيبه عن العمل لليوم الثانى على التوالى و شعر بسعادة لأنه تجاهل نوبتجيته الليلية لأول مرة مع عم حسنى لذا رفع عينيه عندما خرج من الزقاق إلى نافذة معينة بالطابق الثالث عشر, ضوء النيون يرتعش كما هو رغم الاستارتر الجديد!

يعلم أن عم حسنى يجلس الأن وحيدا يشتمه لأنه تركه وحيدا هذه الليلة و هو الذى لم يعتاد الوحدة و اتجه فى خطوات متكاسلة إلى كشرى مدهش و طلب طبق كشرى دوبل بالكبدة.

أفرغ طبق الشطة فوق طبق الكشرى و بدأ يأكل بسرعة كأنه فى عجلة من أمره, حاسب الواقف دون أن يدع له مجال لأخذ أى بقشيش ثم مضى متجها إلى فندق النوبة... توقف عن السير و هو يراقب عمه ينزل من ميكروباص (الموقف – محطة مصر) فى صعوبة و يمشى ببطء متكئا على عصاه ... توقف ليسأل أحد الباعة المتواجدين داخل موقف الميكروباصات ثم أكمل سيره المتعثر, مر عمه من أمامه دون أن يلحظه معتليا الرصيف المقابل له, فكر عاطف أن يستوقفه و لكنه تراجع و هو يشاهده يقطع بصعوبة شريط الترام و كلما حدثته نفسه أن يلحق به يتردد و يظل يتابعه حتى التحم جسد عمه بالأجسام المتزاحمة على رصيف الترام فغاب عن نظره فى حين تحرك هو نحو مينى ميكروباص ليركب فى المقعد الأمامى بجوار السائق متجها إلى فيكتوريا.

(4)

نزل فى فيكتوريا مستقلا ميكروباصا آخر يتجه إلى أبو قير, هى المرة الأولى التى يسلك فيها هذا الاتجاه بعد خمسة و عشرين سنة, طريق الأمس البعيد يختلف عن طريق اليوم تماما, و يتذكر أن جدته التى لم يزورها منذ أن دفنت كانت تصحبه فى رحلتها هذه, كان وجهها حزينا جدا فى هذا اليوم, يذكر أيضا أنها أول كل شهر كانت تذهب إلى مكان بعيد, لما كبر بعض الشىء رفض أن يصحبها فى مشوارها هذا, و لما كبرت هى و لم تعد تقوى على الذهاب بمفردها رفض مرارا أن يصحبها إلى هناك رغم بكائها و استجدائها المستمر فكان لا يلين لطلبها أبدا, لا يعلم لماذا الأن بعد خمسة و عشرين عاما يذهب إلى نفس المكان الذى يكرهه جدا و يكره ذلك الشخص الذى يزورنه فيه, هل هو مرتبط بهواجس الشعور الذى يصاحبه الأن؟

- سوف أنزل هنا يا أسطى.

لم يسمعه السائق أول مرة فكرر بصوت أعلى حتى هتف السائق:

- من ينادى؟

فصاح به راكبان آخران:

- قف يا أسطى.

توقف الميكروباص إلى جانب الرصيف و نزل عاطف متجها إلى متسشفى النبوى أسماعيل ليزور ذلك الشخص الذى يمقت زيارته جدا, اليوم يشتاق إليه ربما لأنه يذكره بوجهها الطيب فهو يحمل نفس ملامحها تقريبا.

(5)

فاجئه أن يجد عمه و هو يتكأ بيديه على رأس عصاه و يسند ذقنه على يديه و يجلس بجوار رجل الاستقبال المسن أسفل البناية فى مدخل الفندق الضيق جدا, رفع عمه رأسه متطلعا إلى الداخل فلما رأى عاطف وقف و ابتسامة واسعة ترتسم على شفتيه قائلا فى لهجة حانية معاتبة:

- أين أنت يا رجل؟

سلم عليه عاطف و بعض من تأنيب الضمير يداخله و فى ذات الوقت مستغربا من رد فعل عمه الذى بدى له غريبا لأنه لم يكن مكسوا بأى رنة غضب:

- كنت فى مشوار.

ربت عمه على ظهره فوجد عاطف نفسه يندفع قائلا رغما عنه و قد أحس أنه لا يستطيع أن يحبس سره بصدره أكثر من ذلك, كان يريد أن يلقيه بين يدي شخصا آخر ليحمله معه, صدره المختنق بدخان سجائره لم يعد يحتمل حمل الأسرار كلها فكان لزاما عليه أن يطرح بعضا منها عنه.

- حاولت أن أزوره و لكنهم رفضوا لأنى أتيت بعد مواعيد الزيارة الرسمية.

لم يفهم عمه ما يرمى إليه حتى قال عاطف:

- أقصد خالى رأفت, هل تعرفه؟

ربت عمه مرة أخرى على ظهره فالتفت عاطف لرجل الاستقبال قائلا:

- عمى سيبيت معى الليلة يا عم جمعة.

قال جمعة بصوت متحشرج:

- ماذا بك يا أستاذ عاطف و هل قلت شيئا؟

اصطحب عاطف عمه إلى الدور الثالث و هو يمسك مرفقه, تكلما بصوت عالى فى ذلك الوقت المتأخر من الليل, يضحكان على ما يتبادلاه من حديث, عم جمعة يسمع حديثهما الضاحك و يضحك فى صمت على ضحكهما المجلجل حتى سعل فى الوقت الذى غاب فيه صوتهما عنه.

27-7-2004

الإسكندرية

شعر: عامية - فصحى: مصر بتوجعنى بقلم/ أميمة محمد

يونيو 2012

مصر يا أم الدنيا

عمالة بتوجعينا

بتشيلينا وتهربدي فينا 

أختاري ولادك بتأني.

متغلطيش يا أمي أكمني.....

نسيت حقك في الدنيا اللي ......

ملهياني وملهياكِ عن دمي ....

.فيه ناس بتزور من الآخر .....

وبتطلع أفجر من الاول ....

.يا أما حاسبي عليا ..

ده ولدك لسه بيخطو الخطوة الأولانية 

يا أما الضربة بتيجي قوية ..

.من ناس غلابة مش مستقوية ..

الجهل عشش فيهم وخايف منهم عليكِ وعليا ..

وناس لسه خايفة من تيارات إسلامية !

يا مصر حني شوية 

عشت فيكي زي الصخرة 

تتنحت من أيديكِ الطاهرة 

وبتتفتت من ميتك العطرة 

وبيجي ولادك البررة يلعبوا جنبي شوية 

بس السنين من عمري فاتت ...

مش عارفة أعوضها أزاي ؟

عيالك يا أما ماتت وحضنك بقي فاضي عليا ..

سامحيني يا أمي ..

بس أنا خايف ..

خايف من الفرقة ....

والعسكر ... و أحزاب الكتلة المصرية ..

وفلول الحزب الغير وطنية ..

ياريت تسامحيني يامصر......

ياللي واجعاني ومجوعاني

مقالات دينية: الطهور شطر الإيمان بقلم الشيخ/ محمد الزعبى

أركان الإسلام بين الكهانة والديانة- الحلقة السابعة: 

طهارة الفكر والحس والشعور والقيم الطهارة شرط أساسيّ لصحّة الصلاة، وهي لا تقف عند حدود طهارة الجسد والثوب والمكان عن الحدث أو الخبث، بل إنّ الطهارة عن الحدث أو الخبث يجب أن توصل إلى طهارة الإنسان عن النجاسات الفكريّة والخبائث العقائديّة والسياسيّة والدنيويّة التي يحاول الكفر العالميّ أن يحاصر الإسلام بِها، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّ الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» [مسند أحمد بن حنبل وصحيح مسلم]. وطبعاً هذا لا يعني إهمال الأعمال الظاهريّة للعبادات، فلو لم تكن مهمّة لما أمرت بها نصوص الشارع، ولكن حتّى تقبل هذه العبادات ولا تُضْربَ في وجه صاحبها لا بدّ من الالتفات إلى ما تحمله من معانٍ وأبعاد، قال شيخ الإسلام الإمام الغزالي في الإحياء: «يبعد أن يكون المراد بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "الطهور نصف الإيمان" [صحيح مسلم ومسند أحمد] عمارة الظاهر بالتنظيف بإفاضة الماء وإلقائه وتخريب الباطن وإبقائه مشحوناً بالأخباث والأقذار هيهات هيهات»، وقال ابن القيّم في كتاب أسرار الصلاة: «والوضوء له ظاهر وباطن: فظاهره طهارة البدن وأعضاء العبادة، وباطنه وسرّه طهارة القلب من أوساخ الذنوب والمعاصي وأدرانه بالتوبة؛ ولهذا يقرن تعالى بين التوبة والطهارة في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة : 222] وشرع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم للمتطهِّر أن يقول بعد فراغه من الوضوء أن يتشهّد ثم يقول اللهمّ اجعلني من التوّابين، واجعلني من المتطهّرين [الكافي وبحار الأنوار وسنن الترمذي والمعجم الأوسط للطبري]» وفي مصنّف ابن أبي شيبة «أنّ أبا العالية رأى رجلاً يتوضّأ فلما فرغ قال اللهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين. فقال: إنّ الطهور من الماء حسن ولكنّهم المطهّرون من الذنوب». طهارة الفكر والحسّ والشعور والقيم: ولذلك ورد الأمر بالطهارة منذ بداية الدعوة، وربّما قبل أن تفرض الصلاة (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ)[المدثر] وقد اتّفق المفسّرون أن تطهير الثياب لا يقتصر على معنى الطهارة الحسّيّة، ففي تفسير ابن كثير وفي تفسير الطوسي عن ابن عباس رضي الله عنهما "(وثيابك فطهر) معناه من لُبْسِها على معصيته". وفي لغة العرب قد يكنى بالثياب عن القلب أو الذات، كما ورد في قول عنترة: فَشَكَكْتُ بالرمح الأصمِّ ثيابَه ليس الكريمُ على القنا بِمحرّمِ أو في قول امرئ القيس: وَإن تَكُ قَد ساءتك منّي خَليقَةٌ فَسُلّي ثِيَابي مِن ثيابِك تَنْسُلِ كما نقل ابن كثير في تفسيره عن سعيد بن جبير: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) قال: وقلبك ونيّتك فطهِّرْ. ويقول العلامة الشهيد سيد قطب في تفسيره ظلال القرآن: «(وثيابك فطهّر).. وطهارة الثياب كناية في الاستعمال العربيّ عن طهارة القلب والخُلُق والعمل.. طهارة الذات التي تحتويها الثياب، وكل ما يلمّ بِها أو يَمَسّها.. والطهارة هي الحالة المناسبة للتلقّي من الملأ الأعلى. كما أنّها ألصق شيء بطبيعة هذه الرسالة. وهي بعد هذا وذلك ضروريّة لملابسة الإنذار والتبليغ، ومزاولة الدعوة في وسط التيّارات والأهواء والمداخل والدروب؛ وما يصاحب هذا ويلابسه من أدران ومقاذر وأخلاط وشوائب، تحتاج من الداعية إلى الطهارة الكاملة كي يملك استنقاذ الملوَّثين دون أن يتلوَّث، وملابسة المدنّسين من غير أن يتدنّس». ويقول العلامة آية الله السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره من وحي القرآن: «وربما كان المقصود به المعنى الكنائيّ، بأن ترمز طهارة الثياب إلى طهارة الذات والأخلاق، بحيث لا يلحقه شيءٌ من القذارة الروحيّة والفكريّة والعمليّة، وهذا ما ورد التعبير عنه بطهارة الذيل ونقاوة الثياب ونحو ذلك... ولعلّ هذا هو الأقرب إلى جوّ الساحة الرساليّة التي تفرض في الداعية أن يملك النقاء الأخلاقيّ الذي يجعله في مستوى التلقّي للوحي الطاهر، وفي مستوى القدوة للآخرين، لأنه إذا لم يكن نقيّاً في ذاته، طاهراً في أخلاقه، فإنه لا يستطيع أن يحصل على الثقة برسالته، كما أنّه لا يملك أن يمنح الناس شيئاً من حركة الطهارة في مضمون الرسالة، لأنّ الناس يعملون دائماً على المقارنة بين الرسالة والرسول، كما أنّ فاقد الشيء لا يعطيه». الطهارة من البخل والخوف والجبن: إذاً فالطهارة لا يجوز أن تُفْرَغَ من مضمونِها لتُقصر على المعنى الحسيّ، الطهارة القرآنيّة تحمل أبعاداً أوسع من الطهارة الكهنوتيّة الطقسيّة: فمن معاني الطهارة القرآنيّة الطهارة عن الشحّ وعن البخل وعن مال الطاغوت وكلّ المال الحرام (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[التوبة103]. ومن معاني الطهارة القرآنيّة تطهير المجتمع من سلطة القهر والخوف، ليكون دينُ الله وبيتُهُ مثابةً لكلّ المظلومين والمقهورين والمستضعفين (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)[البقرة125] فالآية هنا تخبر أن بيت الله هو المثابة والمأوى والأمن للناس، وحتى يكون كذلك يجب على إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام أن يطهِّراه، ولا شكَّ أنّ تطهيره من سلطة القهر والخوف هو من أبرز مصاديق الطهارة حتّى ينسجم مع جعل البيت مثابة للناس وأمناً.. في الحلقة القادمة: الطهارة من فلسفة المجتمع الفاسدة- الطهارة من العمالة والفتنة- قتلة الحسين يتنَزَّهون عن دم البعوض!!