سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

السبت، 17 أغسطس 2013

مقالات دينية: الصلاة معراج الواعين ومأوى الثائرين بقلم الشيخ/ محمد الزعبى

 " من لبنان"

أركان الإسلام بين الكهانة والديانة- الحلقة الخامسة

صلاة الكهانة :

صلاة الكهانة تدعوك لأداء أعمال الصلاة كطقس يوميّ يرتبط بحياة المسلم، فهي فرض يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وحتّى تؤدِّيَ هذا الفرض لا بد أن تعرف أركان الصلاة وشروط صحّتها ومبطلاتِها، ثمّ بعد ذلك فالأفضل أيضاً أن تعرف سننها وهيئاتِها ومكروهاتِها، هذا كلّ ما عليك أن تعرفه وتؤدِّيَه لتكون صلاتك مقبولة عند الله سبحانه. وكم قامت حلقاتٌ ودروس فقه في المساجد والمعاهد والحوزات والجامعات، تُدَرِّس أحكام الصلاة دون أن تقدِّم صلاةً تحرِّك الإنسان والأمّة نحو التكامل والارتقاء، وتوجّهها لتقود العالم نحو خلاصه وكماله وسعادته ..
صلاة الكهانة تُزَوِّر مفهوم حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟» قَالُوا لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا. قَالَ: «فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا» [البخاري والنسائي وابن ماجه وأحمد وهو في من لا يحضره الفقيه باختلاف يسير] فتُصَوِّرُ الصلاة كممحاة يوميّة تمحو خطايا الإنسان، ولذلك فمهما علق بدين الإنسان من درن الذنوب والخطايا، فإنّ ممحاة الصلاة لن تبقي على شيء منها، من هنا لا يجد الطاغية والعميل والجاسوس والخائن تناقضاً بين صلاته وبين طغيانه وخيانته وعمالته، بل على العكس من ذلك إنّه يرى في صلاته تكفيراً عن جرائمه، ولا يدرك أنّ صلاته هذه مضروبة في وجهه يوم القيامة، وأنّ صلاته التي لا تنهاه عن الخيانة تصبح ذنباً يضاف إلى ذنوبه الأخرى، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بُعْداً» [بحار الأنوار للمجلسي والمعجم الكبير للطبراني] 

صلاة الديانة : 

وقبل أن نبدأ بِتَدَبُّرِ تفاصيل الصلاة نقف قليلاً عند لفظ "الصلاة": فجَذْرُ هذا اللفظ هو الصاد واللام والياء، وهو يدلّ على اللزوم والإقبال الكلّيّ، ومنه جاء معنى الدعاء للصلاة، ومنه حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا دُعِيَ أحدكم إلى طعام فليجب، فان كان مفطراً فليأكلْ، وإن كان صائماً فليصلِّ» [صحيح مسلم وبحار الأنوار للمجلسي] أي فليَدْعُ لأصحاب الطعام؛ والدعاء لا يسمّى صلاة إلا إذا كان فيه إقبال كلِّيٌّ من الداعي. ومنه أيضاً معنى اللزوم كقولك صَلَى النار يصلاها إذا لزمها بكلّيّته، وصلَّيت العود بالنار إذا عرَّضه لصِلاء النار حتى يلين ويستقيم [معجم المقاييس لابن فارس]. إذاً فاختيار اسم الصلاة لهذه العبادة له مدلولاته وإشاراته الواضحة: إنّها إقبال من الإنسان بكلّيّته على الله سبحانه، إقبال على مستوى العبادة الفردية، وإقبال على مستوى الدولة والمجتمع.. إقبال بالكلّيّة.. وهي لزوم كلِّيٌّ لجانب الله سبحانه ولجانب أوليائه المصلّين (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)[المدّثّر] ولزوم كلِّيٌّ لأمر الله ولرسالته، وهي احتراق بحرقة العشق والتوق للكمال. يقول العلامة إبراهيم بن عمر البقاعي في تفسيره نظم الدرر: «الصلاة الإقبال بالكلّيّة على أمر، فتكون من الأعلى عطفاً شاملاً، ومن الأدنى وفاء بأنحاء التذلّل والإقبال بالكلّيّة على التلقّي».

استضعاف الإنسان واحتكار الإنتاج.. مبطل للصلاة:

بِهذا المعنى نفهم كيف يكون تضييع الصلاة (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[مريم59] فالإضاعة لا تكون إلا لشيء موجود قبل الإضاعة، فمعنى إضاعة الصلاة لا ينحصر في من تركها أو تكاسل عنها، بل مِن أخطر مصاديق تضييع الصلاة هو تضييع معانيها الرساليّة (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)[الماعون] فالآيات هنا تُهدِّد بالويل للساهين عن الصلاة، وتصفهم بأنَّهم مصلُّون، فاسم الفاعل "المُصَلِّين" يدلُّ على اتِّصافهم بفعل الصلاة، ولذلك جاء الضمير العائد إليهم مُتَّصلاً بالصلاة "صلاتِهم" لهم صلاةٌ ولكنّها صلاة كهنوتيَّة طقسيَّة، صلاة حركات وألفاظ، بينما عقلهم وقلبهم ساهٍ عن مفاهيمها وقيمها، ويل للمصلّين إذا لم تغرس فيهم الصلاةُ عمقَ الشعور الإنسانيّ.. إن الذي لا يُحِسُّ بألم الإنسان، فيطرد اليتيم ولا يحضُّ على طعام المسكين، ولا يشعر بألم الجوع إلا إذا عضَّ مَعِدته، ولا ينتفض لآلام الجياع في العالم، ولا يثور ضد الرأسماليَّة والاحتكار، ولا يسعى لإسقاط العولمة ونظام عيش الأغنياء على حساب جُهْدِ وجوع وعَرَق الفقراء، هذا الإنسان تصبح صلاتُهُ رياءً (الذين هم يراؤون) والدليل على رياء صلاتِهم أنّهم يمنعون الماعون، والماعون كما في معجم الصحاح للجوهريّ «كل منفعة وعطيّة»، وفي أنيس الفقهاء للقونوي: «الماعون ما هو عون لأخيه في حوائجه» فالذين يحتكرون المنفعة وأدوات الإنتاج، والذين يُكَرِّسون هذا النظام الاحتكاريَّ، ولا يحضُّون على تغييره، ولا يعملون لإنقاذ العالم من قيم النفعيَّة، ويرضَوْن أن يكونوا خدماً لمشاريع الرأسماليَّة المتوحِّشة، والذين يساعدون أمريكا في محاصرتِها ومنعها التكنولوجيا النوويّة عن الشعوب المستضعفة (لأنّه بحسب المعاني اللغوية لكلمة "ماعون" فإنّ منع التكنولوجيا النووية يدخل ضمن منع الماعون) هؤلاء جميعاً مراؤون في صلاتِهم، ولن يُحَصِّلوا من صلاتِهم إلا مزيداً من الويل.. في بحار الأنوار للمجلسي أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يطع الصلاة وطاعة الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر»، وكذلك أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قيل له: إن فلاناً يطيل الصلاة. قال: إن الصلاة لا تنفع إلا من أطاعها، ثم قرأ (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).. ولذلك أنكر قومُ شعيبٍ (ع) عليه صلاته، لأنهم رأوا فيها ثورة ضدّ قيمهم الموروثة، وضدّ ثقافتهم وعقائدهم، ورأوا فيها تقييداً لرأسماليّتهم الجشعة، وتقييداً لحريّة التملّك والتصرّف بالمال على حساب جوع الفقراء (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)[هود87] ولذلك كان رسول الله محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يتعوّذ بالله من صلاة لا تنفع «اللهم إني أعوذ بك من نفس لا تشبع، وأعوذ بك من صلاة لا تنفع، وأعوذ بك من دعاء لا يسمع، وأعوذ بك من قلب لا يخشع» [سنن أبي داود وصحيح ابن حبان وبحار الأنوار والكافي] وبهذا المعنى وردت أحاديث عدّة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن العبد لَيُصلّي الصلاة لا يُكتب له سدسها ولا عشرها، وإنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها» [أحمد والنسائي وأبو داود وبحار الأنوار] فالصلاة تَهدف إلى زرع قيمٍ ومفاهيمَ، ولا يكتب للإنسان من صلاته إلا بمقدار ما يعي عقله من قيمها ومفاهيمها. «ركعتان مقتصدتان في تفكّر، خير من قيام ليلة والقلب ساه» [بحار الأنوار وكنز العمال وابن أبي الدنيا] «تَفَكُّرُ ساعةٍ خيرٌ من قيام ليلة» [الفصول المهمة وبحار الأنوار والكافي والزهد لابن حنبل وشعب الإيمان للبيهقي] «كم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والعناء» [مسند أحمد ومستدرك الوسائل للنوري الطبرسي] «أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِى يَسْرِقُ مِنْ صَلاَتِهِ» [صحيح الحاكم ومسند أحمد وبحار الأنوار ووسائل الشيعة] وغير ذلك من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. 

لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى:

لقد نَهى القرآن المؤمنين -قبل تحريم الخمرة- أن يقربوا الصلاة وهم سكارى، وعلّة ذلك أنّهم لا يعلمون ما يقولون (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)[النساء43] فالقضيّة ليست متعلّقة بالسكر حتّى تسقط بسقوطه، بل هي متعلقة بإدراك معاني الصلاة وقيمها ومفاهيمها وأبعادها، فلا معنى لأن يقرب الإنسان الصلاة إذا لم يعِ أبعادها (حتى تعلموا ما تقولون) في العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:«من لم يعرف تأويل الصلاة فصلاته خداج» [بحار الأنوار]. ولذلك إذا قرأنا الآيتين قبل هذه الآية قد يتّضح هذا المعنى أكثر (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (42) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)[النساء] فكأنّ الآياتِ تقول للمؤمنين: لا يغرَّنَّكم ما عليه الكافرون والعصاة من سلطة ومال وتَقَلُّبٍ في البلاد، ولا تشعروا بأدنى نقص تجاههم، لأنّهم في نِهاية المطاف سيعيشون أقسى مرارات الندم، وحتى تحتفظوا بوضوح الرؤية من خلال مقاييسكم الإيمانيّة عليكم أن تَعُوا ما تقولون في الصلاة، وأن تعيشوا هذه المعانِيَ في الحياة، وعليكم أن تجتنبوا أيَّ سكر يُضْعِفُ في وَعْيِكم معانِيَ الصلاة، فلا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى بأيِّ أنواع السكر، سواء السكر بشرب الخمرة أو سواها من المسكرات أو السكر بحبِّ الدنيا أو السكر بالمصالح الأنانيّة أو السكر بالحرص على رضى الطواغيت أو السكر بالعصبيّة القوميّة أو الطائفيّة أو المذهبيّة... لأن القضيّة ليست قضيّة السكر هنا، بل القضيّة قضيّةُ وَعْيِ ما تقولون في صلاتكم. ثمّ إنّ الآية لم تذكر السكر من الخمرة، ولا دليل على حصر معناها في السكر من الخمرة، كما إنّ "السكر" في اللغة يشمل كلّ ما يضعف قدرة الإنسان على العقل والتدبّر «السكر غفلة تعرض لغلبة السرور على النفس بمباشرة ما يوجبها» [التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي] «السكر الإغلاق هو يعم الإكراه والغضب والجنون وكل أمر يغلق على صاحبه علمه» [الكلّيّات لأبي البقاء] «السين والكاف والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حَيرة. من ذلك السُّكْر من الشراب. يقال سَكِر سُكْراً، ورجلٌ سِكِّير، أي كثير السُّكْر. والتَّسْكير: التَّحيير في قوله عزَّ وجل: (لَقَالُوا إنَّما سُكِّرَتْ أَبْصَارُنا)» [معجم المقاييس لابن فارس]، وقد استعمل القرآن في عدّة آيات "السكر" بغير معنى سكر الخمرة (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)[الحجر72] (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)[الحج2] (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ)[ق19].
والأصل في الصلاة أنّها تُقام لذكر الله سبحانه (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)[طه14] (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت45]، والذكر ليس عملاً لسانيّاً بل هو عمل ذهنِيّ قلبِيّ، فالذكر لا يقابله الصمت في معناه اللغويّ، وإنما يقابله الغفلة والنسيان، فمُهِمّة الصلاة الأساس أن يذكر الإنسان الله سبحانه، وأن يبقى موصولاً به في زحمة الحياة الدنيا وفي ضجيجها وعجيجها، فإذا تراءى الطغيان أمامه مختالاً بقوَّته، أو حاول أن يحاربه في رزقه تذكَّرَ أن الله هو الرزّاق ذو القوة المتين، فَعَقَدَ العزم ألا يخاف من مخلوق لا حول ولا قوة له، وأن يطلب رزقه في أرض الرزّاق الواسعة، فذِكْرُ الله سبحانه يمنح الإنسان الطاقة والقوّة والإرادة والعزيمة والصبر والفطنة والذكاء والوعي والسمو...
في الحلقة القادمة: الصلاة وقود من أجل الحركة - اسجد لتتمرد - الصلاة.. مشروع للوحدة.. والتحرير

مقالات سياسية: اليمن "السّعيد".الثورة المغدورة بقلم/ مختار الأحولى

 " من تونس"

حين يلهمنا التاريخ(ومنه القصّ القرآني والتوراتي)قصّة سيدنا سليمان. يخبرنا أولا عن مملكة لا تغيب عنها شمس الحياة بجميع تفاصيلها(من عقل يبني إلى كادح يشيّد إلى أرض كانت رمز جنّة عدن "تجري من تحتها الأنهار". وأيضا والأهم ثراء أهلها بما منحوا من ثروات أصلها الماء والشمس.وكانت سبأ رمز أسطوريّ لبداية العدّ العكسيّ لهذه المملكة التي أنجبت العرق العربي الأول"القحطانيين"فثرواتهم كانت محلّ أطماع اليهود منذ الزمن الأول ليس لقربها من الكيان فقط وإنما موقعها الجغرافي الرابط بين قارات آسيا وإفريقيا وجزيرة العرب وحتى في خروجهم كانت أهم مناطق الاحتماء وطلب الحماية مثل منطقة حرّان وغيرها التي وجد فيها تراث يهوديّ مطمور فعدّت هذه الأرض من بقيّة مملكة اليهود الإسرائيليين)إن هذه الالتفاتة لتاريخ اليمن السعيد هو أهم مدخل وجدته لربط الحاضر بماضيه الإنساني والاستعماري. فعمليّة تفقير وتجويع هذا البلد الذي له شرعيّة التاريخ العرقي لعموم العرب. هي أهم عنصر يغيّب التاريخ ليصنع بديل له بعد توفّر تراكم كبير للمال النفطيّ الذي يشتري من نسّابي العصر شرعيّة الريادة والقيادة باسم التاريخ الذي جزّء هو الآخر بمعطيات مصالح هذا النسّاب(القويّ المهاب والمستعمر الطاغية) وليس بمعطيات الأصل والفرع. فبعد تحطّم سد مأرب الكارثيّ كانت الهجرة وتوطّنت عروش(قيل أنها قبائل)والحال أن أصلها مازال يعاني إرث الفاجعة حتى يومنا هذا.
نسبة فقر تتجاوز 60% ونسبة بطالة تفوق 40% نسب لا تقارن حتى بدول فقيرة في إفريقيا في مجال الصرف الصحّي والكهرباء والماء الصالح للشراب. في بلد مأرب وجنّته عدن. 
كلّ هذه المعطيات التي تعطي شرعيّة للثورة التي قامت في اليمن الذي وحّد بقوّة سلاح الخليج ومساعداته العسكريّة التي غلّبت الطاغية علي عبدالله صالح على يمن كان يعيش نموذجا(رغم كلّ سلبياته)إلاّ أنه كان طرحا مؤمنا ومنذ زمن مبكّر بمسائل الحرّية والكرامة الوطنيّة والتشارك في الثروة. ورغم أخطاء علي سالم البيض ولجنته المركزيّة. إلاّ أن الحدّ الأدنى من الكرامة والتساوي والحرّيات. وأيضا ضروريات العيش الكريم كانت على قلّتها تتوفّر لكلّ شعب اليمن السعيد. لكن في جوار خليج يولد في رحم الإمبرياليّة ليس ثمّة مكان (للكفّار حسب اعتقادهم بكلّ الجهل الذي تحتويه هذه الكلمة بالفكر الإنسانيّ عامة وخاصة). فكان الدعم العسكري المباشر لتحطيم هذا النموذج الذي يحرج وجودهم ويهدّد مشاريعهم التي مشاريع الامبريالية والصهيونيّة العالميّة. وهو الذي على أكثر من مقربة من ممالكهم الغنيّة بالنفط والذي احتكروه لخاصتهم. ويرمون بفتاته. تارة على شعوبهم لإسكاتها وإيهامها بصحّة خياراتهم اللا وطنيّة واللا قوميّة. وأخرى على مشاريع المستعمر الذي يحمي كراسيهم وكراسي حلفائهم من العرب العاربة والمستعربة. وفي هذا الصدد يغدقون بأكثر سخاء من صاحب الحلّ والعقد الذي يحمي وجودهم على كراسيهم من غضب الجماهير الشعبيّة أكثر مما يسمونه خطر الأعداء. ومن هوّ هذا العدوّ الذي يتربّص بحكّام مهزومين أصلا؟.
وكانت تحت شعار الوحدة اليمنيّة.تلك الحرب التي أصبحت مسمار جحا لحكم اليمن.وهو أول المقتنعين بدور أمريكا ومن ورائها أموال الخليج من أسس وانتصر في هذه الحرب إن لم أقل قادها ميدانيّا. هذه الوحدة التي أطلق من خلالها يد المنتصر لينهب ما توفّر من الدخل العام والخاص والدعم الذي رصد لشعب قيل أنه رغب في الوحدة.(تحت شعار أعمار اليمن) كان النهب وطغيان كغيره من حكّام العرب الشرفاء. وزرع أصول التعمير في الحكم وحتى توريثه. الشقاق في شعب لم يرتقي حتى زمننا هذا إلى المدنيّة رغم التجربة الاشتراكية التي زرعت المبادئ التي قامت عليها ثورة اليمن هذه التي تمّ غدرها ونحرها من جديد. من خلال السعوديّة ودورها. ومن وراءها بقية دول الخليج النفطيّة.تحت غطاء "يمن آمن نفطنا آمن وكذلك وجودنا آمن". فأي تغيير في اليمن له ردّة فعل في السعوديّة الجارة وبقيّة الممالك والإمارات والسلطنات في ظلّ اشتعال نار تقسيم الخارطة إلى رقاع صالحة للعبة شطرنج الزمن القادم للاعبين متحكمين(بوهم القوّة)في حكّام خارطة الصراع وليس شعوبهم. 
ولم يكتفي صالح بل زرع الفقر والجهل المدقع. حتى تناما عنصر العصابات التي تهرّب الأطفال للتسوّل في بلدان الجوار وعلى وجه الخصوص السعوديّة. وحتى أصبح اليمن محطّة إفراغ الكابت السعودي. وأيضا لم يكتفي بمحاربة الحوثيين بل زرع أهم أداة للبقاء والمساومة مع الدول المانحة ليس للشرعيّة في الحكم فقط بل والدعم المادي والتسليح. زرع القاعدة(حتى أنه وقبل مغادرة الحكم وطّنهم وجعل لهم محطّة وموقعا على الأرض اليمنيّة القابلة للانفجار بالفرقة والانفصال التي تحكمها من قبليّة وغيرها).فعمليّة التفجير في القصر التي أصابته اتضح أنها مدروسة بشكل يعيق تفكير صالح في البقاء في الحكم من جهة. وإن مات انتهوا منه وكفاهم شرّ القتال. وإن بقي حيّا"وهذا ما حصل بالفعل"لن يعاند أكثر وسيتجه للمشورة(والأصل هو مناقشة شروطه للخروج من الحكم ليس بالفرار كزين العرب أو المحاكمة والسجن كمبارك والسحل كالقذافي. لكن بكامل الثروة التي غنمها طيلة حكمه لليمن. وضمان سلامته وأهله وحاشيته وبطانته التي غنمت أيضا من خيرات الشعب اليمني المفقّر والمجهّل والثائر الذي لا يراد له أن يبني يمنا يكون مرجعا للتاريخ القديم أيام جنّات عدن التي أسلفنا ذكرها في البداية.وحتى القيادة العسكريّة التي بقيت حتى آخر وقت تسند صالح وتدين له بالولاء. رغم أن أصل ولاء الجيش يجب أن يكون للشعب الذي ثار على الطاغية وليس أن يكون أداة من أدوات الطغاة لحكم شعوبهم تحت أي ذريعة. 
وهم"أي الخليج ومن ورائهم اليهود بآلتهم الأمريكيّة"أعلم الناس بما يكنزه اليمن من طاقات وعقول قادرة على أن تكون. وتبني يمنا سعيدا. قولا وفعلا. لذلك فإن بقاء اليمن في قبليته وتخلّفه وعدم بناء الدولة المدنيّة بمرجعيّة شعبيّة هو أكبر حام للممالك والإمارات والسلطنات بأن تبقى بعيدا عن الوعي الجماهيري المتحرّك والذي يخشون وصوله لممالكهم.و الذي يهدّ كيانهم وثروتهم التي هي ثروة شعب وليست ثروة خاصة. إذ لم يوصي ربّك الأكرم في محكم قرآنه بثروة النفط لقبيلة أو عائلة أو حاكم بل جعلها ثروة تبني بلدا أكرمها بدينه القويم. إن لم أتجاوز وأقول دعامة أمة أرادها خير أمّة قد أخرجت للناس.
فكان الحلّ مهزلة ثورة تغدر. وبأداة من الداخل(أي ما يدعى بالمعارضة الوطنيّة) التي كانت تتقاسم وعلي عبدالله صالح أدوار المسيرة أيام حكمه والتي لا ترغب في تفويت الفرصة لإثبات الجدوى من وجودها أمام الخليج وعلى رأسهم السعوديّة مفتاح الامبرياليّة القديم لبلوغ السلطة. وبمساعدة ومؤازرة قطريّة . لذلك لم يلتفت ولم يستشر الشعب الثائر بل صادروا صوته مرّة أخرى وصعّدوا خليفة واحدا أوحد في انتخابات صوريّة فيها من الريبة ما يستفزّ أي مواكب للثورة اليمنيّة الشعبيّة. لمرحلة قيل أنها انتقالية والأصح انتقائية إذ أنها تبني لحكم من ذات الجبّة (الصالحيّة) وبذات المعطيات السياسية التي تحافظ على عدم انتصار الشعب في آخر المشوار بل انتصار قوى الردّة لتحكم بما يفرض شروط تعايش وعيش الممالك والسلطنات والإمارات النفطيّة ومن يحكمها فقط. وكلّ تلك الأسماء التي اختفت الآن بقدرة قادر ليكون الانتخاب الديمقراطي نتاج المسيرة الثوريّة للشعب اليمني فيها ولها مرشّح واحد هو نائب الرئيس صالح الذي نجح ب99% على عادة الانتخابات العربيّة الديمقراطيّة جدّا. 
إذا ما الفرق بين انتخاب نائب الرئيس الراحل"غير مأسوف عليه". والذي لم يفوته قبل رحيله ليوفّر"كآخر خدمة لأسياده الذين منّوا عليه بحلّ حصانته"بأن وفّر لهم على الأرض.الأرضيّة السانحة للتدخّل الفوريّ إذا ما فتحت أبواب الانفصال. أو تعاظم خطر من زرعهم وأهداهم موقعا على الأرض من بقايا تنظيم القاعدة. عند انحراف ما يؤسسوه لليمن الجديد بعده.أو حتى إعلان العصيان من طرف آل الأحمر أو الحوثيين أو الانفصاليين. أليست هذه الملفّات فخاخ مفخّخة للسلف أورثها بإضافات الراهن ومعطياته للخلف حتى لا يحيد عن تفاعلات الرسم البياني صعودا ونزولا مع نبض الشارع.وهي التي زرعت بعناية منذ زمان لإعاقة اليمن السعيد؟ألم يكن كافيا تلك الحصانة التي فرضت على الثوار (لصالح) وذويه ومقرّبيه ممن انتفعوا بخيرات اليمنيين طيلة زمن كان فيه الشعب اليمني ضائع بين القات وبين معارضة لم تتجاوز حدود المرسوم لها سلفا حتى من عبدالله صالح ذاته؟ وهذا الحال ليس مفردة يمنيّة بل تشترك فيها كلّ الشعب العربيّ الثائر من تونس مرورا بمصر واليمن وسوريا والبحرين وغيرها كثير.
وما الفرق بين نائب الرئيس الذي هو نفسه من كان يسهر على ذات البرامج التي جعلت من اليمن من أكثر الدول فقرا في العالم."ورغم أنه مؤقّت على شاكلة الثورات التي يراد لها الغدر" ولا تبعد عن ثراء الأثرياء من ذرّيتها ونسلها، سوى بعض ميل؟ وما الجدوى من الثورة حين تعود باليمن إلى نائب الرئيس الذاهب؟ وب99 %. أليست هذه ثورة أخرى غدرت في مهدها الأول؟ بينما هناك حتى الآن من تعاند وتجاهد في سبيل نجاحها وبأقل خسائر ممكنة؟ وتحاول الفكاك

شعر: عامية - فصحى: أذهب كما تريد بقلم/ محمد حميدة


نعم يا حبى الأوحد
أذهب كما تريد
و أمضى كما تشاء
أذهب فلا طريق للرجوع
و لا خلاص إلا بالدموع ،
أذهب و لا تعد ،
فأنت قد أخترت الذهاب
و لا سبيل إلى الإياب ،
أذهب فربما عندما تذهب
تجد من يعطيك ما لم أعطيك
و يهديك ما لم أهديك
أهديتك حبا فطلبت أكثر
أهديتك قلبا فطلبت أكثر
أهديتك حياتى فطلبت أكثر
أهديتك آمالى فطلبت أكثر
أهديتك نفسى فطلبت أكثر
و مازلت تطلب أكثر 
فأكثر ....
فأكثر .... 
و أنا لا أملك إلا ما أعطيتك

القصة القصيرة: قلب و وردة بقلم/ أحمد مختار



منتصف الليل 

جالساً وحيداً بمكتبى ومن حولى كتبى وأحزانى وبيدى وردة ذابلة لكنها لقلبى قاتلة, نعم أظل طوال الليل أنظر إليها ودموعى الساخنة تنساب وتسقط عليها لترويها بحزنى وألمى .
وهنا دخلت أبنتى بهدوء شديد حتى أنى لم أشعر بها ألا و يدها تمسح دموعى وتقول لى:
- يا والدى أنك تقتلنى بتلك الدموع ما بك؟, لم فى هذا التوقيت كل يوم تأتى إلى هنا وتنظر إلى تلك الوردة وتبدأ فى البكاء؟, أنى أراقبك كل يوم من بعيد لكن لم أعد أحتمل بعد الأن أرجوك أخبرنى ما بك وما قصة تلك الوردة؟
فنظرت فى عينيها الحزينتين والفضول قد لاح فيهما.
- حسنا يا بنيتى سأخبرك الأن فأنتِ لم تعودى صغيرة وأنا أريد أن أطُلعك على قصة الوردة هذه.
******* 
فى مثل هذا التوقيت منذ نحو عشرون عاماً فى ليلة عاصفة حزينة كان يسودها الكآبة أستيقظت على صرخات أمك تلك الصرخات المليئة بالألم, كانت صرخاتها مفزعة فهرعت بها إلى المشفى سريعاً وبعد أن أجرينا الفحوصات تبين أن والدتك مصابة بورم فى المخ فى مكان قاتل وأخبرنا الطبيب بأن لم يعد لها فى الحياة سوى أسابيع قليلة وبأن هناك عملية سيجرونها لها لكن نسبة الشفاء بسيطة جداً لكن هناك أمل, تلقت والدتك الخبر بكل جلد وإيمان وصبر لكن أنا لطالما كان قلبى عليل ومريض وذلك الخبر نزل على كالصاعقة ولم أحتمل الخبر المشئوم فتدهور حال قلبى وأصابنى المرض الشديد وكان كل يوم يمر على وأنا أرى والدتك تنتظر الموت يضعف قلبى أكثر فأكثر وعندما أنظر إليكِ وأنتِ مجرد طفلة ستحرم من أمها قريباً, كل هذا كان يقتلنى يومياً ًومرت العديد من الأيام حتى جاء هذا اليوم الذى تعالت فيه صرخات أمك من الألم, و ذهبت إلى المشفى مسرعاً فوضعها الأطباء فى العناية المركزة وقالوا أنها تحتضر ولابد لها من عملية فوراً ووسط كلام الطبيب وجدت المكان يدور من حولى ووجدت نفسى أفقد الوعى تدريجياً و الأنوار تخفت من حولى تدريجياً و الجميع من حولى يصرخ ويهرول ويقول الأطباء أنى أحتضر, قلبى ضعيف جداً, لابد من عملية زراعة قلب لكن من أين و وسط كل هذا فقدت الوعى تماماً ثم فتحت عينى لأجد نفسى على سرير بغرفة العمليات فصرخت عالياً, ماذا حدث؟, أين زوجتى؟, أين زوجتى؟, فأتى الطبيب نحوى وقال لى:
- سيدى لقد فارقت زوجتك الحياة.
وكأنه قد طعننى بخنجرٍ فى صدرى فقلت له:
- هل ماتت أثناء العملية؟ 
فقال:
- لا ياسيدى لم نقم بالعميلة حتى, بعدما سقط بقليل سمعنا صوت صافرة قادم من غرفة العناية وعندما وصلنا وجدنا زوجتك قد نزعت الأجهزة واستسلمت للموت ووجدنا على صدرها ورقة ووردة تركتهما لك.
فتناولت الورقة والدموع من عينى تنسال كالسيول فوجدت بها كلمات تقول: 
" أيها الأطباء أنى أهب قلبى لزوجى, أما أنت يا زوجى العزيز لطالما كان قلبى ملكاً لك منذ أن رأيتك وتلك الوردة التى أهديتها لى يوم زواجنا الذى اعتبره يوم ميلادى الحقيقى هى لك الأن كما هو قلبى أحبك حباً شديداً وداعاً يا حبيب عمرى.
******
نعم يا أبنتى أن قلب أمك ينبض بداخلى الأن, ينبض بداخلى لكى أعيش أنا!

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

مقالات دينية: شهادة الفطرة الإنسانيّة بقلم الشيخ/ محمد الزعبى

 " من لبنان"

أركان الإسلام بين الكهانة والديانة- الحلقة الرابعة


وكذلك فهذه الشهادة ليست مشروعاً غريباً عن الإنسان يضاف إلى كينونته، بل هي من صميم فطرته (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) [الأعراف172] إنَّ خِلْقَةَ الإنسان وتركيبه العقليّ والنفسيّ الشعوريّ وحتى الفيزيولوجيّ مصمَّمٌ بما يتلاءم مع تحقيقه لمشروع الشهادتين، فالعقل لو عمل وَفْقَ قوانينه العقليّة البحتة بعيداً عن تأثير الهوى والموروثات، لا بدّ أن يتوصّل إلى صحّة حقيقة الشهادة، وأحقّيّة مشروعها كمشروع وحيد صالح ليأخذ بيد الإنسان نحو سموِّه وكماله وسعادته الآنيّة والأبديّة. وكذلك على مستوى الشعور والغرائز والشهوات والحاجات والرغبات، فإنّ كلّ محاولة للبحث عن سبل إشباع تثمر طمأنينة من دون أن تَهتدي بِهدى الشهادتين لن تزيد الإنسان إلا شقاء وضنكاً وقلقاً واضطراباً؛ ونظرة خاطفة إلى ما يعانيه الإنسان في الغرب تُرِينا مدى الشقاء الذي أنتجه بُعْدُ الإنسان عن فطرته واغترابُهُ عن ذاته، عندما أعرض عن شهادة الفطرة.
وقلْ مثلَ ذلك عن جسده الذي فُصِّلَ ليكون مجهّزاً للعبادة: من مفاصله المتلائمة مع حركة الركوع والسجود والسعي في الأرض، إلى بصره المهيَّأ ليتأمّل جمال وجلال آيات الله في الكون... إنّها فطرة العقل وفطرة الشعور وفطرة الجسد التي فُطِرَتْ شاهدة أن الله هو الربّ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم30].
ولذلك وردت رواية في صحيح مسلم لحديث أركان الإسلام تجعل العبادة عموماً ورفض مشاريع الكفر ومقاومتها محلّ الشهادتين، للإشارة إلى أنّهما واحد: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بني الإسلام على خمس: على أن يعبد الله ويكفر بما دونه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصوم رمضان».
اختيار وقرار:
بقيت إشارةٌ وهي أنّ لفظ التشهّد جاء بصيغة المفرد، تقول "أشهد" لا "نشهد"، دلالة ذلك أنّك قد شهدت هذه الحقيقة بنفسك لا نقلاً عن أهلك أو بيئتك أو تاريخك، واللافت أنّنا في القعود في الصلاة نتشهّد بصيغة المفرد "أشهد" بينما نسلّم بصيغة الجمع «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» ونقرأ الفاتحة بصيغة الجمع "نعبد، نستعين، اهدنا" فأنت مع أمّتك لا تستطيع أن تنفصل عنها حتّى في صلاتك الفرديّة وأثناء خلوِّك لمناجاة الله، ولكن عندما تصل إلى هذه الشهادة التي تُمَثِّلُ أصل اختيارك للإسلام، فإنّك تتبنّاها اختياراً شخصيّاً واعياً، لا تقليداً للآباء، ولا انسياقاً مع الجماعة بغريزة القطيع. إنّ معرفتك بصدق هذه الحقيقة وصلت إلى حدِّ المشاهدة، بحيث تستطيع أن تشهد بِها، لأنّ الشاهد لا يشهد إلا بناء على المشاهدة الذاتيّة، وليس له أن يشهد بناء على الإخبار مهما بلغت ثقته بِهذا الإخبار.
بناء على ما سبق فأنت عندما تقول "أشهد" يجب أن تستحضر في وعيك وعزمك القرار التالي: إنّني أعلم أنّه لا إله إلا الله، وأعلم مقتضياتِ هذه الشهادة وما يبنى عليها، وإنّني أعلن بملء إرادتي اختيارَ هذا النموذج من العيش وتبنّيه كقضيّة مصيريّة، وكمشروع وحيد صالح لقيادة الإنسان نحو السموِّ والكمال، وأعلن انتمائي إلى أولئك الشاهدين الذين التزموا تحريرَ الإنسان وإنقاذَه من ظلمه وظلامه واغترابه عن ذاته، من أجل إعادته إلى فطرته الصافية، ومكافحة كلّ طاغوت أراد أن يشوِّه الحقيقة الإنسانيّة (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة256]. 
«لا».. إعلان ثوري:
وهذه الشهادة ترتكز على "لا إله إلا الله" فأوّل كلمة في هذه القاعدة كلمة "لا"، إنّها "لا" في وجه الطغيان، إنّها ترفض ترويض الشعوب على ترداد "نعم"، فالشعب الذي تعوَّد على "نعم" على قاعدة «يسقط الذاهب والآتي يعيش» [الشاعر أحمد مطر] هذا الشعب لا يمكن أن يبدع شيئاً، وسيبقى يعيش تحت أقدام وسياط أسياده.. 
"لا" هذه هي التي أطلقها إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم في وجه طاغوت عصره، "لا" هذه هي التي جعلته يكسر حاجز الخوف ليقول للنمرود وزبانيته: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[الأنعام81]. 
"لا" هذه هي التي أطلقها موسى في وجه فرعون، ولولا هذه الـ"لا" لبقي بنو إسرائيل في قيد الذلة والخنوع، ولبقي آلاف العبيد يموتون كل يوم تحت سياط الطغيان من أجل أن يبنوا قبوراً لفراعنتهم، ولا تزال الأهرامات في مصر معلماً أثرياً بارزاً يحكي لنا حكاية الظلم والاستبداد الذي مارسه المستكبرون على المستضعفين لإشباع غرورهم المنتفخ الفارغ. 
هذه الـ"لا" هي التي أطلقها سيد الأحرار والأبرار محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم في وجه طغاة مكة، ورَدَّدَها من خلفه عمار وبلال وسمية وياسر وكلّ ذلك الموكب الكريم، ردّدوها في وجه أميّة وأبي جهل وأبي لهب وأبي سفيان وكلِّ الذين اختبؤوا خلف آلهة مزوَّرة ليزيِّفوا وعي الجماهير ويستغلّوها، ويدافعوا عن امتيازاتِهم ومصالحهم ومكاسبهم بحجة الدفاع عن دين الجماهير وتراثهم (ما أغنى عنه ماله وما كسب).. 
"لا" هذه أطلقها باب مدينة العلم عليّ بن أبي طالب عليه السلام في وجه من لبسوا قميص عثمان واستغلُّوا دمه ليتسلَّقوا من خلاله إلى كراسيّ السلطة.. "لا" هذه أطلقها أبو ذرّ رضي الله عنه في وجه من سرقوا مال الناس تحت شعار «المال مال الله».. أطلقها سعيد بن جبير وعبد الله بن الزبير وحُطَيْط الزيّات وكلُّ الذين استُشهدوا في مواجهة طغاة بني أُمَيَّةَ وحَجَّاجهم: يروي الغزالي في إحيائه «أنّ حطيطاً الزيات جيء به إلى الحَجَّاج فلما دخل عليه قال: أنت حطيط؟ قال: «نعم سل عمّا بدا لك فإنّي عاهدت الله عند المقام على ثلاث خصال: إن سُئلت لأصدقنّ، وإن ابْتُليتُ لأصبرنّ، وإن عوفيت لأشكرنّ». قال فما تقول فيَّ؟ قال: «أقول إنّك من أعداء الله في الأرض، تنتهك المحارم وتقتل بالظِّنَّة». قال: فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان؟ قال: «أقول إنّه أعظم جرماً منك، وإنّما أنت خطيئة من خطاياه!!» فقال الحجاج ضعوا عليه العذاب. قال فانتهى به العذاب إلى أن شُقِّقَ له القصب ثم جعلوه على لحمه وشدُّوه بالحبال، ثمّ جعلوا يمدّون قصبة قصبة حتى انتحلوا لحمه فما سمعوه يقول شيئاً» ويروي ابن حبان في كتاب الثقات أنّه عرض عليه الماء قبيل استشهاده فأبى وقال: «لا أشرب إلا من ماء الحياة إن شاء الله عزّ و جلّ». 
"لا" لماء الذلة والمهانة والموت من يد الحجاج، "نعم" لماء العزة والكرامة والحياة عند الله عزَّ وجلَّ.
"لا" هذه أطلقها الإمام الحسين عليه السلام في وجه الطغاة الذين أماتوا السنة وعطّلوا الشريعة «قد نزل من الأمر ما ترون، وإنّ الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها وانشمرت، حتّى لم يبق إلا كصبابة الإناء، إلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحقَّ لا يعمل به، والباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله.. وإنّي لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برماً» [حلية الأولياء لأبي نعيم والإحياء للغزالي وتاريخ الطبري وتاريخ دمشق لابن عساكر] "لا" لخسيس العيش مع الظالمين ، هكذا فهم الحسين عليه السلام معنى شهادة أن لا إله إلا الله وهكذا طبَّقها..
"لا" هذه هي التي أطلقها كلُّ الذين قادوا الثورات ضدّ الاستعمار، وهي التي أطلقها الإمام الشهيد حسن البنا ضدّ الإنكليز وعملائهم، وهي التي أسقط بِها الإمامُ الخميني طغيانَ الشاه وغطرسة أمريكا، وهي التي لا زالت تطلقها المقاومة الإسلاميّة في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان ضدّ الطغاة اليهود والأمريكان...
إنّك في قولك «لا إله إلا الله» ترفض كلَّ تألُّهٍ من دون الله، ترفض تأليه الطغاة، وترفض تأليه العظماء، وترفض تأليه التاريخ وتأليه التراث وتأليه البيئة وحتى تأليه الذات (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ)[آل عمران79] «لا إله إله إلا الله» ترتقي بك إلى الربَّانيّة التي تتجاوز كل جدران الذاتيّة سواء ذاتيّة الفرد أو ذاتيّة القوم أو ذاتيّة الطائفة والمذهب... (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) إنّك تعلن أنّه بإمكان الإنسان أن يقول لا لظروفه وأوضاعه الاجتماعيّة والسياسيّة وحتى تراكماته النفسيّة، «لا إله إلا الله» تمنحك الثقة بقدرتك على الاختيار في إعادة صياغة ذاتك، إنّها تحرّرك من سلطة تاريخك، ومن سلطة موروثاتك، ومن سلطة تراكماتك النفسية وماضيك، لتختار لنفسك حياة جديدة محرَّرة من كلّ تلك الأثقال والأغلال (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)[الأعراف 157]..
إنّ «لا إله إلا الله» تعلمّك الرفض الدائم لواقعك ولواقع أمّتك ولواقع الإنسان سعياً نحو واقع أكمل، لتظلّ تطلب الارتقاء الدائم (اهدنا الصراط المستقيم)..
محمد رسول الله.. الإنسان الكامل:
وهذا التصوّر لمفهوم "لا إله إلا الله" ليس تصوّراً مثاليّاً لا يتحقّق في واقع الحياة، فقد تجسّد هذا واقعاً عينيّاً في كلّ الأنبياء والأولياء والصالحين، وقد بلغ هذا التجسّد ذروته في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك أنت تشهد له بالرسالة، وبأنّه تلقّى هذه الرسالة من الله سبحانه، وتَحَمَّلَ كلّ الأعباء في أدائها على أحسن وجه، وفي إقامة شهادتِها على الناس من خلال تحريرهم من سلطة الطاغوت: تحرير النفس من الخوف من هذه السلطة، وتحرير المجتمع من النظام الجائر لهذه السلطة، حتى يتسنّى للناس أن يختاروا بحرّيّة، بذلك حقّق محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم شهادته على عصره، وبذلك ينبغي أن تحقِّق الأمّة شهادتَها على الناس (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)..
في الحلقة القادمة: الركن الثاني : الصلاة معراج الواعين ومأوى الثائرين

شعر: عامية - فصحى: أنت عنواني بقلم/ أميمة محمد




أحبك و أنت عنواني 

يازهرة داخل بستاني 

يا شجرة بأوراقها تظللني 

في الصيف ومنتصف النهار 

أيا قلب تصابي في الشباب 

ويا عقل صار شباب في المشيب 

رأيتك ملاك بأجنحته يطوقني 

ورأيتك بحر كبير في علاه 

أمواجك تداعبني 

وشطآنك ليست ببعيدة عني 

ففسر لي كيف أحبك هذا الحب ؟

والسياف ينتظرني 

وصياح الديك قريب مني 

وزقزقة العصافير تسمع بأذني 

والأيام المتتالية تأمرني 

ليزداد عشقي ...

مقالات سياسية: المؤامرة الكونية الحلزونية العظمى بقلم/ مروان محمد



فى أطار طرح الكثير من العك المقصود بها "نظريات المؤامرة الحلزونية الفلكية اللولبية" اللى بيخطط ليها أهل المريخ لمصر بس قررت أنى أطرح أنا كمان نظرية المؤامرة الخاصة بيا حوالين المؤامرة الكونية !!!
يعنى باختصار مؤامرة المؤامرة !!!!
دلوقتى النغمة السائدة بعد أنقلاب 30 يونيو أن فيه مؤامرة حلزونية كونية مريخية بامتياز على الجيش المصرى .... فزاعة قديمة استخدمت و اتهرست فى مليون موقف زى اللى أحنا فيه قبل كده. 
هرسها عبد الناصر مليون مرة و هرسها نظام مبارك فى الثورة مليون مرة. 
أصبح الجيش المصرى و قياداته العليا عندهم بتتمثل فى السيسى و أعوانه لو أنت هاجمتهم يبقى أنت بتشارك بوعى أو بدون وعى فى المؤامرة الكونية الحلزونية المريخية على الجيش المصرى. 
يبقى أنت أرهابى. 
يبقى أنت خاين. 
يبقى أنت جاهل. 
نظرية المؤامرة الكونية الحلزونية دى مبنية على العراق و ليبيا و سوريا.
المؤامرة الحلزونية دى ممكن تركب بس على العراق و مع تحفظات أنما استخدامها فى ليبيا و سوريا هو قمة الخيال فى أفلام الخيال العلمى !!!
الثورة الليبية انقلبت بقدرة قادر إلى مؤامرة كونية عظمى لتحطيم ليبيا و تفكيك الجيش الليبيى بقيادة أمريكا و الصهاينة. 
بس اللى فايت أصحاب المؤامرة الكونية دى أن أغلب مكون الجيش الليبى أو بالأدق كتايب القذافى من المرتزقة من تشاد و نيجيريا و غيرها من البلدان الأفريقية الفقيرة و قليل من الليبين المواليين لفلوس القذافى اللى سارقها من الشعب الليبى.
و أن الهدف من تفكيك الجيش الليبى الوهمى بناءاً على نظرية الاستهبال العريقة دى هو الاستيلاء على بترول ليبيا. 
و فات برضه المنظرين لنظرية الاستهبال العريقة دى أن القذافى أصلا كان بايع نفط ليبيا لكل مشترى و يكفى أنه هرب 140 مليار دولار من فلوس ليبيا لحساباته الشخصية فى أوربا و أمريكا من فلوس النفط مش من تحويشه من مرتبه يعنى !!
فأصلاً نفط ليبيا كده كده كان مستباح بالفعل من قبل سقوط القذافى بشكل مرعب و فوق الخيال. 
الفكرة أن أمريكا و الدول الأوربية مش عايزة تخسر السرقة المرعبة للنفط الليبى فتدخلت لصالح الثوار لما أصبح موقف القذافى ميئوس منه و هو أصلاً زى ما قولت مفيش جيش ليبى عشان يتفكك هو كان كتايب ملاكى للقذافى أغلب قوام الكتايب دى من المرتزقة بفلوس يعنى 
ففين الجيش الليبى اللى أتفكك اللى هو أصلا مش موجود ؟!!!
و لو بصينا على الجيش السورى العربى القومى درع المقاومة فى العالم العربى ضد المخطط الصهيونى الأمريكى مع العلم أن مفيش رصاصة واحدة انطلقت باتجاه العدو الصهيونى على مدار 42 عام لتحرير هضبة الجولان و لكن برضه هو درع المقاومة العربية بامتياز!
على الرغم من أن نظام بشار كان بيستقبل كل أعداء أمريكا من السوريين و غيرهم لتعذيبهم فى سوريا و استخراج معلومات منهم لصالح أمريكا !
و لكن يبقى أن الجيش السورى هو كان غطا الأزازة اللى بيحمى المقاومة العربية ضد المخططات الصهيونية الأمريكية !!!
الجيش السورى ده اللى أول الشعب ما ثار على النظام وجه كل رصاصاته و مدافعه و طيرانه و دباباته و صواريخه إلى الشعب الأعزل و لما أفرزت الأحداث الجيش السورى الحر أصبح هو العدو الوحيد للجيش السورى اللى هو حاليا كله من الشيعة !!!
يعنى مش الجيش السورى و لا نيلة. 
اللى هو أصلاً أصبح مكون من العلويين السوريين و الحرس الثورى الأيرانى و مقاتلى حزب الله فعن أى جيش سورى نتحدث يتم تفكيكه لصالح المخطط الحلزونى اللولبى المريخى الكونى !!!
جيش أول ما هب للقتال هب لقتال شعبه و نقول أنها مؤامرة لتفكيك الجيش السورى , هو ليس جيش سوريا و لكنه جيش عائلة بشار و كل المنتفعين بهذه العائلة فقط. 
بس نظرية الاستهبال برضه واخدة مساحتها فى عقول البهايم مع الأسف الشديد. 
نفس نظرية المؤامرة الحلزونية دى بيطبقوها على الجيش المصرى باعتبار أن أى أنتقاد موجهة إلى السيسى أو قادة الأنقلاب العسكريين يعنى داخلة ضمن أطار المؤامرة الكونية على تفكيك الجيش المصرى بعد ما داب فى المحلول 3 جيوش عربية كانت راعبة إسرائيل و أمريكا و العالم كله !!!!
فكل العالم مبقاش قدامه أى شغلانة غير أنه يعمل على تفكيك أقوى أربع جيوش فى المنطقة لصالح الكيان الصهيونى. 
اللى الجيش السورى دخل معاه فى معركة وحيدة فى 73 و فشل فى استعادة هضبة الجولان و بعديها لم يطلق رصاصة واحدة. 
صدام حسين اللى هدد أنه حيولع فى نص إسرائيل و لسه حية ترزق و مضربش عليها غير كام صاروخ أعور وقعوا فى الصحرا و القذافى اللى أول ما عرف اللى حصل لزميله صدام قام على طول مسلم صاوريخه النووية لأمريكا !!
الجيش المصرى الحرب الوحيدة اللى كسبها و على الحرحرك فى 73 و قبليها كان مهزوم هزيمة بشعة فى 67 و بعدين عايشين فى سلام أكتر من 30 سنة لجيش أتحول من صناعة الجندية إلى صناعة المكرونة بـ2.5 جنيه و الحلل الألومونيوم و الأستانلس ستيل و فراخ الوطنية المجمدة !!
و بعدين اللى أوربا و أمريكا و الصهاينة بيعملوا مؤامرة عليه كبيرة قوى عاملين يهنسدوا ليها منذ بدأ الخليقة لتفكيك الجيش المصرى و إضعافه, زعلان فى حديثه للواشنطن بوست أن أوباما مش بيتصل بيه و لا معبره ! و أنه على اتصال دائم بالإدارة الأمريكية لأطلاعها على الموقف منذ زمن مش اليومين دول بس و طلب النصيحة و الاستشارة فى كيفية التصرف فى الوضع السياسى فى مصر !!
أزاى الحدثين و الأمرين يمشوا مع بعض ألا اللى ناوى يطفى عقله و يحطه فى الفريزر و يستقبل فريون من الأخبار الكذابة و يحشى بيها دماغه و يرددها على مسامعنا زى التليفون العملة بدون ما يكلف خاطره يفكر فيها حتى.
و بعدين أحب أفكر الأخوة أصحاب نظرية الكونية اللولبية التآمرية لتفكيك الجيش المصرى أن القضاء التركى المدنى حكم على رئيس أركان الجيش التركى السابق و عدد من قيادة الانقلاب العسكريين فى تركيا بالحكم المؤبد عليهم مدى الحياة و ما بين 30 و 25 سنة و لسه الجيش التركى واقف زى الفل على رجله و مقولوش هناك أنها مؤامرة كونية صهيونية أمريكية مريخية لتفكيك الجيش التركى !!
الكلام ده عندنا فى الدول الأستبدادية فقط, أنه دايما يرسم لك هالة من القدسية على شخصيات بعينها و يرسم لك أن الدنيا كلها بتدور فى فلكهم لو حاولت تشيلهم من مكانهم يبقى استغفر الله العظيم نظام الكون أختل.
يصور لك أن فكرة هجومك أو أنتقادك للشخص أو الكيان ده, يبقى بينطوى على مؤامرة كونية خطيرة مرعبة مكنتش موجودة قبل اللحظة دى و بتظهر فقط فى اللحظات اللى بتهاجم فيها شخصيات معينة فى المؤسسة العسكرية.
الأفكار اللولبية و المؤامراتية دى فقط تلاقيها بكثرة فى الدول الأستبدادية فقط, و ان كل دول الأرض بتتآمر على الدولة الأستبدادية دى و أن الكون كله مشغول فقط بالتآمر على الدولة الأستدادية دى و طمعان فيها و حيموت عليها و بيحقد عليها!!
لازم نتخلى عن الفكر المتخلف ده اللى هو إفرازات الدول المتخلفة النامية الأستبدادية فقط, فكرة أن فيه مؤسسة معينة مقدسة و عليها هلال رمضان و محطوط عليها ألف خط أحمر و أنها محور الكون كله لو همست بأسمها يبقى ممكن نظام الدنيا يختل!
ثورة 25 يناير قامت عشان تطيح بكل الأفكار المتخلفة دى مش عشان تتكرس أكتر من الأول, خلاص زمن القدسية و الهلالية و الخطوط الحمرا دى أصبح مكانها المناسب دلوقتى صندوق الزبالة فقط.

الاثنين، 12 أغسطس 2013

القصة القصيرة: غرفة بلا أبواب بقلم/ محمود الجعيدى



صداع قوى ضرب رأسي بلا رحمة عندما فتحت عيناي.
مئات المطارق التى راحت تدق على جمجمتى بلا هوادة.
لا يمكنني أن أرى شيء
ظلام ...
ظلام دامس لا يبدده أى بصيص من النور...
أشعر أننى أسبح فى بحر من العدم بلا أى حواجز.
أين أنا ؟..
تحسست بيدي المكان ...كنت ملقى على الأرض لذا لن أحاول النهوض حتى أتبين ما حولى.
أزحف بحذر ...
الأرض كانت عارية خالية من أى غطاء
صلبة ...
باردة ...
القشعريرة تسرى فى جسدى.
أسمع أنفاس أشخاص حولي...
أنفاس تبدو منتظمة قليلا ...
هناك أيضا ما يشبه آنين يأتى من مكان قريب منى.
أنا لست بمفردي...
تحسست بيدي فارتطمت بما يشبه وجه...
وجه إنسان.
يا ألهى من هنا.
قفزت إلى الخلف وأنا أصيح.
- من هنا.
صوت ضحكة مخيفة تصل إلى..أحسست بالخوف...عدت أصيح
- من أنت.. أجب.
الصمت هو ما أجابنى.
الآنين يزداد.
المكان أشعر أنه يزداد ظلمة وبرودة...ما الذى أتى بي إلى هنا؟
آخر ما أتذكره هو ركوبي سيارتي متجها إلى عملي.
مهلا ...هناك ما يبدو أنها نافذه بالقرب من السقف.
أستطيع أن أراها الأن...نور بسيط بدأ يتسلسل منها فأظهرها لى.
لحظات وبدأت أستطيع أن أرى من حولي..ما زلت أشعر بالخوف
مجرد رؤيتي لما أصبحت فيه لم يعطينى الأطمئنان الذى كنت أتمناه بل على العكس زادني رعبا.
أقف فى وسط غرفة صغيرة بلا أثاث و بلا أبواب.
نعم بلا أبواب.
كيف ذلك غرفة بلا أبواب.
هناك فقط تلك النافذة الصغيرة العالية...الوصول إليها صعب كما أن حجمها يجعل الدخول أو الخروج منها مستحيل.
أذن كيف دخلت إلى هنا.
أيضا من هولاء الذين معى.
هناك ما يبدو شخصان آخران معى.
الأول رجل كبير السن يجلس القرفصاء فى أقصى الحجرة والهدوء يبدو عليه.
يبدو أنه الشخص الذى تحسست ملامحه.
الثانى شاب ملقى على الأرض فاقد الوعي وأحيانا يصدر منه آنين مكتوم.
بدأت أستوعب الموقف قليلا...لابد أن أفكر فى كيفيه الخروج من هنا.
اقتربت من العجوز وأنا أتأمل ملامحه الهادئة.
- أين نحن يا سيدي؟
ارتسمت على شفاهه تعبير غريب أقرب إلى الأبتسامة.
لم يرد عدت أسأله.
- من أين أنت؟ ... هل تعرفني؟ ... كيف نخرج من هنا؟ ....هل تعرف من اتى بي ؟ ....لماذا لا ترد؟ ...أجب بالله عليك ...
أمسكته من كتفه محاولا أرهابه لأجباره على الكلام.
- هل ستتكلم أم ... 
قطعت كلامي عندما سمعت صوت الشاب من خلفي وهو يتحرك...يبدو أنه استعاد وعيه.
ألتفت إليه ربما أجد لديه الإجابة
- أين أنا؟
كانت تلك أول كلمة خرجت من فمه مع مزيج من ملامح الخوف والتعجب...
لا أعتقد أنه يعرف شيء عاد يقول
- ما الذى أتى بي إلى هنا؟
أجبته
- صدقني أنا مثلك ولا أعلم أي شي, هل تتذكر شيء؟
رد قائلا:
- كل ما أتذكره هو أنني كنت أركب دراجتي وأسير فى الشارع ثم بعد ذلك فوجئت بنفسي هنا.
صمت للحظات ثم أشار إلى أعلى مستطردا و كانه وجد المخرج
- هذه النافذة.
نعم النافذة أنها الحل الوحيد للخروج من هنا لكنها صغيرة.
عاد يكمل:
- أحملني على كتفك لعلى أرى أحد نطلب منه المساعدة
نظر إلينا العجوز وضحك لكننا لم نعبأ به.
لن نقف ساكنين فى انتظار المجهول.
حملت الفتى على كتفى فأصبح وجهه فى محاذة النافذة راح يصرخ بكل قوته و بصوت عالى ممزوج بالخوف
-النجدة ...النجدة.
قلت له وكتفاي تائنان من الألم بسبب وزنه.
- ماذا ترى؟
لم يجب على و كأنه لم يسمعنى
عاد الصداع يضرب رأسي من جديد ومعه ومضت دقائق أخرى من ذاكرتي المفقودة.
تذكرت نفسي وانا اقود السيارة متجها إلى العمل.
كنت أتحدث فى الهاتف غير منتبه للطريق وفجاه اعترضت طريقي  دراجه مسرعة...
دراجه عليها شاب...
نعم أتذكر الأن..
شاب مثل الذى أحمله على كتفى..
لا أنه ليس مثله..
أنه هو..
هو..
قفزت تلك الصورة إلى ذهني كالقنبلة مع صوت الفتى وهو يقول بتوتر:
- لا أرى سوى شواهد قبور.
أصبح كل شيء واضح الأن..
لم أعد خائف..
أدركت الحقيقة..
نحن داخل مقبرة..
نحن ...
أموات

شعر: عامية - فصحى: حيفا بقلم/ سهى ناصر



جلودنا تتبدل وأعمارنا تمضي
وفي القلب تبقى موشومة "حيفا"
هي للكرامة تيجان تتوجنا
وللكرم ميدان إن داسها ضيفا...
في الدم تسري الى القلب جارية
لا صابها سقم ولا مسّها زيفا
عبِق ربيع الكرمل في شوارعها
وداعبت الامواج شطآنها صيفا
اجوب الارض واعود الى مقاهيها
ظمآنا لا اعرف لماذا او كيفَ
على صدر النصارى تلألأت مجدا
وفي يد الاسلام تربعت سيفا
يمضي الزمان عليها وتتبدل الأمم
وفي الروح باقية حيفا هي حيفا


مقالات دينية: الشهادتان.. ثقافة ورسالة وقيادة بقلم الشيخ/ محمد الزعبى



أركان الإسلام بين الكهانة والديانة- الحلقة الثالثة

ونأتي الآن إلى معنى الشهادتين لندرس أبعادهما الإنسانيَّة والثوريَّة اللغويّة والقرآنيَّة:
أولاً نُحَلِّلُ كلمة «أشهد»: لماذا جاء اللفظ بِهذه الكلمة دون سواها من مثل: أُقِرُّ وأعترف وأُوقِنُ وأومن وأعلم...؟ إذا حَلَّلْنا الأبعاد اللغويَّة والقرآنيَّة لهذه الكلمة "أشهد" سنكتشف شيئاً من أهمية هذه الكلمة، وبالتالي سنقترب أكثر من فَهْمِ فلسفة الشهادتين..
قال أبو هلال العسكري في الفروق اللغوية: «الفرق بين الشهادة والعلم أنّ الشهادة أخصُّ من العلم، وذلك أنَّها علم بوجود الأشياء لا من قِبَل غيرها، والشاهد نقيض الغائب في المعنى ولهذا سُمِّيَ ما يُدْرَك بالحواس ويعلم ضرورة شاهداً، وسمّي ما يُعلم بشيءٍ غيره وهو الدلالة غائباً كالحياة والقدرة... فالشهادة علم يتناول الموجود، والعلم يتناول الموجود والمعدوم».
وفي معجم المقاييس لابن فارس: «الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على حضور وعلم وإعلام، لا يخرُج شيءٌ من فروعه عن الذي ذكرناه. من ذلك الشَّهادة، يجمع الأصولَ التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام. يقال شَهد يشهد شهادةً. والمَشهد: محضر النّاس (وفي كتاب العين للخليل: مجمع الناس). وقال قوم: شهود النّاقة: آثار موضع مَنْتَجِها من دمٍ أو سَلى. والشَّهيد: القتيل في سبيل الله، قال قومٌ: سمِّيَ بذلك لأنّ ملائكة الرحمة تَشْهَدُهُ، أي تحضُره. وقال آخرون: سمِّي بذلك لسقوطه بالأرض، والأرض تسمَّى الشاهدة. فأمَّا قوله جلَّ وعزَّ: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)[آل عمران 18]، فقال أهلُ العِلم: معناه أَعلَمَ الله عزَّ وجلَّ، بيَّن اللهُ، كما يقال: شَهِدَ فلانٌ عند القاضي، إذا بيَّنَ وأعلَمَ لمن الحقُّ وعلى مَنْ هو» [انتهى باختصار عن معجم المقاييس لابن فارس].
فالشهادة إذاً معنى جامع للعلم والإعلام والحضور، فالعلم يقتضي أن يفهم المنتسب للشهادتين ويتبنّى الثقافة التي يتضمّنها مشروع الشهادتين (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)[محمد19]، والإعلام يقتضي أن يعلن صاحب الشهادتين خِيَارَهُ بأنّه مع هذا المشروع ومن أنصاره ومن جماعته وحزبه (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) [آل عمران].
هكذا قام هؤلاء الحواريون بالشهادة، بأن تحرّكوا عمليّاً لمناصرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأعلنوا انضمامهم للشاهدين الذين نصروا مشروع الدعوة، وواجهوا مكر الماكرين، ولذلك جاءت الآية بعدها: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) )[آل عمران]. 
وإذا تخيّلنا الظروف التي كانت تعيشها مكّة وما حولها في بداية الدعوة الإسلامية، من صراع فكريّ وسياسيّ وعقائديّ بين دعوة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وبين نظام قريش الذي كان عبارة عن أعراف وثقافة موروثة عن الآباء يرعاها ويدافع عنها مجموعة من السادة المنتفعين بِها، في خضمّ هذا الصراع العنيف الذي استَخْدَمت فيه قريش حرب الإشاعات والاضطهاد والتعذيب والقتل، كان للشهادتين معنى ثوريّاً عميقاً، كان من يعلن هاتين الشهادتين يعلن أنّه قد تمرّد على الخضوع لإرادة سادة مكة، وأعلن موقفه أنّه قد انحاز إلى هؤلاء الشاهدين بشهادة الحقّ ليحمل معهم عبء الثورة ضد الظلم والباطل لإقامة الحق والعدل، وهي الظروف نفسها التي مرّ بِها كلُّ الأنبياء السابقين، وها هو عيسى عليه السلام يستصرخ أنصار الحقّ وذوي الجرأة والإرادة الحرة (من أنصاري إلى الله)؟ فيخرج من ذلك المجتمع المتحجِّر بل المتصخِّر، يخرج أولئك الحواريّون الأحرار ليعلنوا أنَّهم أنصار الحق، وليشهدوا شهادة الحق، وليعلنوا تمرّدهم على إرادة الظلمة ومكرهم، ولينحازوا إلى الشاهدين .
ومثل ذلك قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)[آل عمران81] فالنبيّون أدَّوا الشهادة بمضمونِها القرآنيّ لا بضمونِها الكهنوتيّ، وهي أن يؤمنوا بالرسالة وأن ينصروها في الواقع، لا أن يُرَدِّدُوها كلماتٍ جوفاءَ فارغةً من المضمون العملي، بذلك شهدوا وبذلك أخذوا عهد الله، وعلى هذه الشهادة شهد الله سبحانه.. 
والحضور يعني أن تكون الشهادتان عنوانَ حضورك في الناس بمعنى أن تعمل لتكون حاضراً أي قائداً للناس بِهذه الشهادة، ولذلك سُمِّي الذين يتصدّرون القوم بـ"الشهداء" لأنّهم الأوعى لثقافتهم ومفاهيمهم وقيمهم، والأكثر حضوراً بِِهذه الثقافة والمفاهيم والقيم، قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[البقرة23] ادعوا «شهداءكم» أي ادعوا مثقفيكم وقادتكم الفكريّين والأيديولوجيّين، ولذلك فَحَمَلَةُ الشهادتين ينبغي أن يكونوا شهداء على الناس أي قادة للفكر والقيم والمفاهيم والثقافة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)[البقرة143]، والشهادة بِهذا المعنى لا بُدَّ أن يُبْذَل في سبيلها تضحياتٌ وجهادٌ (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)[الحج78]، فمُهِمّة الشهادة تقتضي جهاداً في الله وإنفاقاً للمال وتنفيذاً لتعاليم الإسلام، وحتى تقيم الأمّة الشهادة على الناس يجب أن تكون وسطاً أي في وسط قضاياهم ومشاكلهم، وكلّ من يريد أن يؤدّي الشهادتين بحقّها يجب أن يكون شهيداً ووسطاً: شهيداً بحضوره بشهادته، ووسطاً بتوسطه لقضايا الناس، أي بإقحام نفسه في وسط مشاكلهم وقضاياهم ليقدّم لهم الحلّ من خلال مشروع شهادة أن لا إله إلا الله. ولعلّ من هذا المعنى سُمِّي الذي يضحِّي بحياته من أجل نصرة رسالة الإسلام بـ"الشهيد"، فهذا الاسم دون غيره يحمل تلك المعاني السامية، فهو شهيد لأنّه الأكثر تجسيداً لثقافة الإسلام، لأنّ ثقافة الإسلام هي مفاهيم وقيم تتجسّد واقعاً عمليّاً في الفرد أوالمجتمع، وهي معانٍ حيَّةٌ يعيشها الإنسان في الحياة والواقع، وليست مفاهيمَ ذهنيةً بعيدة عن واقع الحياة، وهي ترتكز على معرفةِ حقيقةِ هذا الوجود والإنسان، وعلاقته بالخالق، وما وراء هذه الحياة... وبالتالي فإن الأكثر حضوراً بثقافة الإسلام هو من تتجسّد فيه هذه المعاني أكثر، والشهيد (المقتول في سبيل الله) هو أبرز من يُجَسِّدُ معانِيَ العقيدة، ولذلك هو مثقّف القوم وهو قائدهم، لأن دماءه هي الأكثر تأثيراً في حركة أمته، فقيادته وشهادته على الناس لا تنتهي بقتله، بل هي تبدأ بقتله (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ)[البقرة154] إنّهم أحياء لأنّهم وهبوا مجتمعهم الحياة، إنَّهم لا زالوا بينكم يقودونكم نحو التحرّر والتسامي، لأنه عندما يطول الأمد وتتحجَّر المفاهيمُ ويفقِد الفكرُ روحَه وحياتَه (فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم) وحين تعيش الأُمّة في غيبوبة عن هويتها، عند ذلك يحتاج الغائبون إلى الشاهدين أو الشهداء، ليسقوا بدمائهم تربة الحجارة والصخور التي ستتشقَّقُ وتتفجَّرُ ليفيض منها نَهر الحياة مجدداً...
والشهادة لله تعني أن يحتكم الإنسان إلى شرع الله، وألا يخاف من الطاغوت في أداء شهادته (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)[المائدة44].
وأنت عندما تؤدّي شهادةً لا يمكن أن تؤدِّيَها بمفردك، لأن الشهادة لا بدَّ لها من شاهد يشهد، ومشهود تقام عليه أو عنده الشهادة، وقد أقسم الله سبحانه في سورة البروج بالشاهد والمشهود لِيُنَبِّهَنا إلى كيفيّة أداء مؤمني الأخدود لشهادتِهم، عندما كان خِيارُهُم إعلانَ المواجهة مع الطغيان، بما يملك من بطش وجبروت (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)[البروج]. 
في الحلقة القادمة: شهادة الفطرة الإنسانيّة- اختيار وقرار- "لا" إعلان ثوري


الأحد، 11 أغسطس 2013

شعر: عامية - فصحى: وهكذا كان بقلم/ أميمة محمد


17- 9- 2012

خبطات ولطمات تأتي من كل أتجاه 

أتراني أدمع أم هذي أمطار السماء ؟!

أتراك أوحشتني أم أنه هذي الغربة اللعناء؟

أأتوجع من دوي الرصاص أم أنني صماء ؟

أطرقت الحرية باب بلادي ؟

أم ظلت العصافير خلف قضبان الحديد؟

في المنزل .... الفوضي في كل الحجرات 

البرق يلمع في السماء ..

الكلاب تعوي في أرجاء المدينة ...

وفي المساء وصلت السفينة للميناء ....

نقنقة الضفادع تخترق أذني الصغير ...

غابت حبيبتي في ليلة ليلاء ..

لم أسمع منها كلمة ولا حتي نداء ...

لم أدري ما الذي منعها ..؟؟؟

ولكنها ذهبت ... برغم الخوف ... برغم الضعف ....

وهزالة البدن .... برغم الفقر ....

تمكنت من الرحيل .... وتركتني كالأرض الجدباء ....

أوراق الشجر تطرق علي الشباك ....

هل أفتح أم أنتظر النهار ؟!

لقد تاه عني فصل الربيع ؟

أم أنه جاء ؟

لا أدري؟؟

لساني أعتاد الصمت ...

قلبي جف منه الشوق ...

أهو ألم الفراق أم أنه حنين الروح ؟؟؟

أهي قسوة الموت ... أم أنها قسوة الحياة ؟!

أعجب من عقل يتعذب ولكنه يهوي هذا العذاب؟

في الصباح هرول الخريف إلي برياحه الصفراء ...

توقفت لحظات أمام الباب ...

أتعثر في خطواتي ويتثاقل بدني عن الذهاب ...

سأرحل أنا الآخر فلم يعد لي مكان ...

تناديني اليمامات ... أأتراجع ...؟

كلا.... فلقد فات الأوان ...

وأسلمت نفسي للخريف بأعاصيره الهوجاء ...

ووقفت في منتصف الطريق ....

أنتظر ....موعد الألم بلا أسف أو رجاء ...

وهكذا كان ..........

القصة القصيرة: شكل واحد لكل الأشياء بقلم/ مروان محمد



(1)

كان عاطف يتطلع إلى السماء و لا يرى فى حباتها الفضية المتلألئة ما يبعث على التأمل, تذكر أن السيجارة تنفث دخانا يتراقص فى صعوده الصامت فالتقطها منعلى حافة سور البلكونة يسحب منها نفسا مطولا و يتابع تلاشى الدخان و هو يخرج من فمه كثيفا.

- عاطف تعال.

أدار عاطف رأسه لشكرى الذى يجلس على الفوتيه فى الصالة و يضع على الطاولة المنخفضة شريط فيديو, فدخل عاطف متكاسلا فى خطواته حتى جلس على الكنبة, وجد ابتسامة عريضة تظلل شفتى شكرى فأطل من عينيه التساؤل فقال الآخر:

- جهز العشاء و مستلزمات القهوة لأننا الليلة سنقضى سهرة رائعة.

أشار عاطف بحاجبيه فى لامبالاة إلى الشريط يسأل:

- فيلم أمريكى.

- فيلم ثقافى.

- مراهقة متأخرة يا شكرى .

- أنت مقبل على الزواج, هل نسيت؟

ضحك عاطف و هو ينهض يجهز العشاء و عقله يستدعى نظرة اليأس التى أطلت من عينى سلمى أمس عندما حدثته عن ديستوفيسكى, تذكر أنه لم يقرأ كتابا منذ أن تخرج فى كلية التجارة.

(2)

كانا فى سيرهما يلزمان الصمت إلى جوار الكورنيش, سكان الوجه القبلى و كأنهم تآمروا اليوم ليحولوا بأجسادهم الكثيرة المتلاصقة المتراصة على سور الكورنيش دون وصول هواء البحر لشوارع محطة الرمل, أو حتى إلى رصيف الكورنيش!, لذا لم يشعر عاطف باختلاف الجو هنا عما هو عليه فى وسط البلد.

- اليوم هو الجمعة.

قالها لسلمى دون أى مقدمات فرفعت له عينين تستنكران وجوده معها!, لكنها عادت تشرد مرة أخرى تغمغم فى صوت غير مفهوم تؤيد فيه هذه الحقيقة البديهية !

ألقت نظرة على يده اليمنى فوجدته يدسها فى جيب بنطاله فحولت عينيها إلى تمثال سعد زغلول, اكتشفت فجأة أنهما قطعا شوطا طويلا من الأنفوشى إلى محطة الرمل سيرا على الأقدام كل ذلك فى هالة من الصمت التام, توقف فتوقفت تستطلع أمره.

- أنا أسف يا سلمى؟

- على ماذا؟

- على سيرنا هكذا صامتان لا نجد ما نقوله.

- لا بأس لقد اعتدت على ذلك.

- الدنيا لا تأتى لأمثالنا بما نتمنى دائما لذا أنا لا أدعوك للتحلى بالقناعة بقدر ما أدعوك إلى محاولة تقبلى على أنى زوج المستقبل!

- لم أكن أعرف أنك تحسن الكلام.

- أنا جامعى يا سلمى لا تنسى ذلك.

لم يستغرب الدموع التى تجمعت فى عينيها الحزينتين دائما, بحث فى جيوبه عن أى منديل و لكنه لم يجد, فى حين سحبت هى نفسا عميقا و استأنفت السير تمسح دموعها.

(3)

راقب عاطف الصرصور و هو يتسلق قدم المكتب اليمنى و شاربيه يتراقصان على الدوام, يتوقف للحظات, يواصل السير, يدور حول قدم المكتب و يعود فيقع فى مجال الرؤية, عندما وصل إلى سطح المكتب أطاح به عاطف بكفه الأيمن ليقع على الأرض مقلوبا على ظهره و أرجله الكثيرة تضرب الهواء فى جنون, و ثمة نملة تقترب منه فى حذر تتحسسه فيزداد جنونا, تبتعد النملة عدة خطوات, تحوم حوله, تقترب ثم تبتعد, أثناء مراقبته لما يدور سمع الفراش يهتف:

- ها هو آخر مكتب ناحية الشباك.

ادرك عاطف أنه المقصود فرفع عينين لامباليتين إلى السائل فأدهشه أن يكون العربى حتى أنه صاح:

- معقول, العربى هنا.

تقدم العربى من المكتب فى حياءه المفتعل دائما, صافحه عاطف و ابتسم ابتسامة خبث و هو يدعوه للجلوس قائلا:

- ماذا تطلب؟

- شكرا, لا شىء, أنا أتيت من أجل موضوع هام جدا.

لم يعلق عاطف ولكن لفت انتباهه بالصدفة أن عددا من النمل قد تجمع حول الصرصور الذى يحاول فى أصرار مجنون أن يعود لوضعه الطبيعى.

- لقد نويت الزواج.

رفع عاطف عينيه إليه و هو يقول فى بروده المعتاد:

- حقا, ألف مبروك.

لاحظ العربى بروده فى الرد بشكل جلى و لكنه عزم على الاستمرار و هو يقول بجدية غريبة:

- أريدك معى عند أهل العروس.

- أنا!, لماذا أنا بالذات؟

- لأنك محترم.

- شكرا على المجاملة.

- حقا أنا لا أجاملك أنت محترم لأنك جامعى و ليس فيمن أعرفهم من هو جامعى مثلك.

شعر عاطف بزهو بالغ فى أعماقه لأنه وجد شخصا ما يراه ذو قيمة بعكس ما يرى نفسه دائما خاصة كلما نظر فى عينى سلمى!

(4)


فى مثل هذا اليوم الحار من الممكن أن يكون هواء البحر منعشا حقا و أن يكون لطعم هواءه الملحى مذاقا خاصا, هذا ما أحس به كل من عاطف و شكرى و قد انتخبا أكثر الموائد قربا لحافة الرصيف المطل على شارع الكورنيش و القهوة قد ازدانت نوافذها و أبوابها الألوميتال بتلك الحبال الضوئية المتعددة الألوان.

شعر عاطف بتعارض بين أن يعبىء صدره بهواء البحر السحرى هذا و بين أن يسرب إلى صدره دخان سيجارته الكليوباترا فسحق السيجارة فى الطقطوقة.

- أنظر يا عاطف إلى يسارك و أخبرنى عن شعورك بالمفاجأة.

التفت عاطف يسارا كعادته غير مكترث و لكنه أعتدل فى جلسته قائلا بدهشة:

- هناء و حمدى.

- مفاجأة, أليس كذلك؟

- آخر مرة رأيتهما سويا وقت تخرجنا فى الكلية.

- كذلك أنا.

هناء و حمدى يتحدثان بجدية و طفليهما يتراقصان على مقعديهما و هما يلعقان الآيس كريم, حمدى لا يزال يحتفظ بشاربه و لكنه كان أكثر ضخامة هذه المرة و خصلات شعره تراجعت قليلا للخلف لتكشف عن جبهة طويلة و هناء امتلأت قليلا و لكن لايزال جسدها رشيقا كما عرفاها قديما و الإيشارب كل حين يتراجع إلى الخلف ليكشف عن شعر غير مصفف فتجذب حافته إلى موضعه مرة أخرى, عاد عاطف ليتراخى فى مقعده مديرا رأسه إلى شكرى يسأله:

- هل تغيرت أنا الآخر يا شكرى؟

- أعتقد أن الذين يتورطون بالزواج فقط يا عاطف أنما أنا و أنت لا.

(5)

- تخيلت للحظة أنك لن تأتى.

لم يكن يجرؤ أن يقول أنه كاد أن ينسى لولا أن نبهه شكرى!

- الموصلات كما تعلمين.

- تفضل.

وضع عاطف الاثنين لتر بيبسى على مائدة الصالة و شقيق سلمى يستقبله من ورائها يقول:

- أهلا بالعريس.

كان احتضانه المصحوب بحرارة يبدو متكلفا خصوصا و هو يربت على ظهره بقوة لكن عاطف تقبل الأمر ببساطة.

عندما مرت ساعة على جلوسه لاحظ أن سلمى ترسم ابتسامة روتينية للغاية و شقيقها يخوض فيما يجرى للفلسطنين بآسى زائف لا يختلف ما يحدثه من طنين عما تبثه نشرات الأخبار أما زوجة شقيق سلمى تقاطعه لتحدثهم عن إعلانات مدينة الرحاب لتكهرب الجو فتضفى عليه حيوية لم تكن موجودة!

- الحمد لله أن زوجة أخى لم تلاحظ أزرار القميص الكوكتيل هذه!

ابتسم و لم يعلق لأن زوجه أخيها لاحظت بالفعل كوكتيل الأزرار و عبرت عن امتعاضها بحركات من وجهها أما هو عندما أنصرف شعر بغيظ شديد لأن زوجة شقيق سلمى لم تقدم له طول فترة تواجده كوب بيبسى واحد!


2-11-2001

الإسكندرية