سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الأربعاء، 7 أغسطس 2013

شعر: عامية - فصحى: القلوب المجروحة كشجرة الكينا بقلم/ ناردين دمون




الشوق سيدي نافذة تطل على الذل و الانكسار ...لذا سأظل هنا أرسم لوحاتي بخيوط الشمس ،و أنا في مرج صغير أستنبت فيه ذكريات أخرى بلا أحزان ،و أزهار نرجس ناصعة البياض تحاول أن توقظ بأريجها فرحي الهارب إليك ...لا تبتسم هكذا ساخرا ،و لا ترتدي أسمال الصمت فهي لا تناسبك أبدا، فصمتك هزيمة و اعتراف فكن رجلا شرقيا ودافع عن كبرياء إداعاءاتك ... و تذكر " سيدي الأثير أن القلوب المجروحة كشجرة الكينا حتى و إن بترت تنمو لها فروع جديدة و تخضر نكاية في الحطّاب الذي قطع بلا شفقة تاج عنفوانها ...و رغم فيافي الصمت صوت خافت يهمس لي :
ـ لا تقلقي صغيرتي ...سيعود حتما عندما تضيق به دروب خياناته ...لكن أتسامحينه إن عاد ؟؟؟ و إن لم يعد كنت دوما وحيدة حتى في ظلال هواه ...فأصمدي فأبواب الهوى التي شرعت لك مرة ستفتح لك من جديد ...



شعر: عامية - فصحى: ذكريات سنين ولت بقلم/ محمد حميدة



هل تذكرين؟....

أيام كنا عاشقين مغرمين

كان هذا من عامين

أتذكرين كيف كنا وردتين؟

من عبير من ريحان 

لا نقول الإ إنا عاشقين

أكنا حقا عاشقين 

أم كنا مجرد مراهقين؟

كانت الدنيا بسيطة 

لا يشغلنا فيها الإ خاتمين 

بأسمين أنا و أنت ليس إلا خاتمين 

نملك الدنيا بهما دون شئ غيرهما

تلك سنين ولت 

أيام كنا عاشقين 

أم أنها كانت مجرد .... 

هلاوس مراهقين

الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

مقالات سياسية: الاستعمار ألفلاحي وتحطيم البنية الجسديّة للآلة بقلم/ مختار الأحولى

 " صحفى من تونس"

لا ننكر ما للعلوم من فوائد على حياة الإنسان عموما وما له من تطويرات مسّت أهم نواحيه وعلى رأسها الطب وغيره مما أكسب الإنسان قدرة على العيش أطول زمن ممكن مقارنة بما كان عليه الإنسان قبلها.لكن ما تفطّننا إليه أن ما يصلنا منه ليس سوى ذرّة في بحر وبالتالي هو متجاوز الصلاحية وفيه من النقائص ما أضر بنواحي أخرى ولعصر الصراع بين القطبين(أعني الرأسمالي والاشتراكي) والمزاحمة في إقناع محيطاتها بقربها واهتمامها به وبصحّته لما بلغنا ما بلغنا.ولن أتحدث عن ماضي هو مضى من أيام أنتجنا فيها المادة الأولية للعلم أيام كانوا في عصر الظلمات ولم نكن حسبما بلغني من التاريخ نبخل عليهم بجديده رغم الاختلافات الدينيّة التي كانت تمييز حتى العرقي.لكن وبعد تفوّقهم وفي زمن قياسي نتيجة اهتمامهم الكبير بالعلم ومنتجاته واهتمامنا نحن بالمقابل بترهات وهرطقيات مغلّفة بالدين من أجل اعتلاء الكراسي وصراعات العائلات المتهافتة على الحكم بأي شكل وتحت أي ذريعة وعلى حساب دم الشعب المفقّر الكادح. وبعد أن اكتشفت الرأسماليّة الجدوى من تصنيع وتسليع العلم في كلّ مجلاته (حتى أننا نعيش عصر صناعة وتجارة الأدوية)وغيرها من ضروريات ديمومة الآلة التي هي جسد الكادح أطول فترة من الزمن ممكنة وليستثمر جهده وعرقه أطول فترة ممكنة(خصوصا بعد تراجع نسب الولادات مقارنة بالوافيات خصوصا في محيطات جغرافيّة حاسمة وأعني أوروبا وأمريكا خصوصا).
ومن أهم العناصر الحيويّة لديمومة الآلة(الجسم الإنساني الكادح)هي التغذية وأساسها الفلاحة.هذا الميدان الذي كان يميّز تونس حتى نعتت(بالخضراء)ولم يكن الناس وقتها لا يعرفون لاأمونيتر ولا أزوت ولا غيره بل سماد و فلاحة بعليّة وأخرى سقويّة. وكان من تحوّلات البلاد أن أدخلت على الفلاحة برامج قتلت الأساس الطبيعي الصحّي لمنتجنا وقتلت استقلالية الفلاّح الذي حتى وقت متأخر كان يرمز به للثراء والبساطة. وبعد أن كان الفلاح لا يشتكي سوى من الأثر الطبيعي(الأمطار والمياه عموما)وكانت بذرته تنتج من ذات غلّته.أدخل عليه المواد الكيميائيّة مبشريه بزيادة الإنتاج وبالبذر الهجينة الوافدة من مخابر الغرب والتي أصبحنا لا يمكن أن تكون لدينا فلاحة ولا محاصيل بدون أن نشتريها من المصدر أو من المصانع التي ركّزت على عين المكان والتي نشتري في كلّ الحالات موادها الأوليّة.هذه الوفرة في الإنتاج المأمولة ظنّوا أنها ستزيد في تصدير موادنا الفلاحة والحال أنّنا نسينا أنّ صاحب الشأن هو من يملك أيضا أراضي وفلاحة ولولا شكّه الكبير في صلاحية مواده الكيميائيّة ومخابر التهجين العلميّة لما كان يشتري منّا فلاحتنا الطبيعيّة(التي مؤخّرا عادوا بعد أن عدّلوا في برامجهم إلى المنتج الطبيعي ويوفّرونه على قلّته إلى الخاص القادر على شراءه)وفي لفتة بسيطة بخصوص المواد الفلاحيّة التي يشتروها منّا سنجد على رأس القائمة وفي ذيلها موادنا التي بقيت على طبيعتها(زيت الزيتون القوارص الغلال).أمّا الباقي فهو يروّج في السوق الداخليّة بما يحتويه من أمراض وتأثيرات باتت كارثيّة على صحّة الإنسان وحتى تواصل سلالته فالتغذية السويّة هي أحد العوامل الرئيسيّة في إنتاج السلالة.ففي زمن قصير تراجع مستوى الإنجاب إلى حدود قالوا لنا أنها معقولة والحال أنّ الآلة(الجسم الكادح)لا يقوى على المزيد لما يحتويه من نقص في مواد رئيسيّة نتيجة التغذية وعوامل أخرى كالضغط النفسي الناتج عن ضعف البنية الجسديّة عن تحمّل الضغط العالي لدكتاتورياتنا.وليس هذا وحسب وإنما ولغياب هذا المعطى ألفلاحي المهم نتجت أمراض ومنها المزمنة التي لم نكن نسمع بها في السابق إلاّ حين تصلنا أخبار العالم.زد على ذلك ما يحرمونا منه من وسائل وأدوية استنبطوها حلولا لهذه المشاكل والأمراض في بلدانهم(وإن وصل فهو متأخّر عن
ظهور العلل)ويبيعوننا إياه بأسعار تترجم على أرض واقعنا بما برز من تجارة الدواء(أو تقسيمه إلى ضروريّ ويكون شبه في المتناول(المدعوم) وغيره تجاريّ ويباع حسب السوق)مع قلّة موارد البلاد التي تعجز من خلال عوامل عدّةعن التفاعل والمستحدثات الطبيّة الجديدة الابتكار والضروريّة للنسب المرتفعة من المرضى. نكون قد خلقنا بمسارنا هذا مجتمعا وشعبا أسير آلة لا تتم إدامتها بغير الأدوية.زد على ذلك أن هذا المشروع هو أساس تورّط الفلاح الذي وجد نفسه بين حلّين إمّا الاقتراض من البنوك ليواصل وجوده في ملكه أو بيعه والنزوح إلى ما يتخيّلها الجنّة.تلك التي كان ينزل إليها عند كلّ بيع )لصابة( ليترفّه ففضائه لا يحتوي على ما يمكن أن يؤسس له حياة متكاملة بين العمل والترفيه ومع ما ندّعيه منذ زمن بورقيبة من لا مركزيّة الإدارة نجد الحالة أن بلا عاصمة لا وجود لاستمرارية العمل الفعلي للإدارة في النسبة الأعظم من خدماتها. والرابح الأكبر هو من كان مدعوما من جهة ما ليواصل عمله وشراء ما يبيعه غيره(حتى أن مافيا الحكم أصبحوا يفقهون في الفلاحة ويفتكون الأراضي ويشترونها ببخس الأثمان.والفقراء الكادحين هم حطب نار تلك الأرض وعمّالها الذين زاد فقرهم فقرا حين حوصرت قراهم وأريافهم حتى لا يعرف القاصي والداني من خلف فقرهم ونزوح العدد الأكبر منهم إلى عاصمة لم يكن يمتدّ شعاعها إلى أكثر من 30كلم وأصبح الآن يبعد عن60كلم بقليل ومازال التمدّد متواصلا فالفقر لا ينتج سوى فقرا مزمنا. وحين يدمن الناس الفقر تكون النتيجة نار موقدة في صدور تمّ توجيهها بطرق شتّى تهيأت أخيرا لتكون ثورة.ولكن هل تنجح في تأسيس ما يرغبه هؤلاء من مستقبل حرّ كريم مستقلّ وفاعل وسط الضغوط ومؤامرات المستعمر؟ثمّ كان دور التعليم كسلاح من أسلحة الشعوب المستعمرة للتنوير والتطوير والتقدّم.ولأنّ الحركة التعليميّة نجحت في تونس بفضل تعطّش أبناء الشعب للعلم واحتداد صراع القوّتين من خلال عوامل الوعي عند فريق والتبعيّة الفكريّة عند الآخر.مما فتح المجال لظهور طاقات وطنيّة هي كانت مفخرة بارزنا بها الأمم وأسسنا من خلالها ما هو اليوم سلاحنا الوحيد تجاه التآمر رغم قوّة الصراع وكان هذا العقاب السريع مدمّرا للخلف وإليكم وسائله ونتائجه.

القصة القصيرة: وردى ... أسود ... كل الألوان بقلم/ مروان محمد



(1)

- الشهر القادم سأقبض الجمعية و سيكون معى ألفين و بذلك سيكون معنا نصف ثمن مقدم الشقة.

لم يدغدغ هذا الخبر حواسه الخاملة بل ألفته باردا و هو يقول:

- جميل.

أحبطها أن يستقبل خبر كهذا بفتور, توقف عندما توقفت و رأسها تتجه إلى الرصيف المقابل, تتطلع إلى سينما أمير, هتفت فى حماس طفولى:

- أريد أن أدخل السينما.

للمرة الثانية لم تستقبل منه ردا فأدارت له رأسا محتقنا فوجدته يهرب بنظراته بعيدا و قد أحمرت وجنتيه بعض الشىء.. تمتم:

- للأسف النقود التى معى لا تكفى ثمنا لتذكرتين.

ربتت على يده فى إشفاق قبل أن تقول فى صوت رقيق:

- لا بأس فليكن تعاملنا أنجليزى, ما رأيك؟

تدفق بعض الحماس إلى خلجات وجهه المضطربة و قال:

- أى فيلم سنشاهده؟

- هانيبال.

- من هذا الهنيـ .....؟

رفع عينيه إلى البوستر الضخم الذى يحمل على جانب منه وجه أنتونى هوبكينز و قد أحمرت عينيه فسرت ثمة برودة فى جسده حاول أن يواريها و لكن ملامحه تقلصت فى ضيق و هو يقول ببطء:

- لماذا هذا الفيلم الدموى؟, دعينا نضحك قليلا مع فيلم صعيدى رايح جاى.

- أرجوك هذه الأفلام تصيبنى بالغثيان.

مدت يدها اليمنى له و هى تردف لتحول دون استطراده:

- ثمن التذكرة لو سمحت.

نقدها ثمن التذكرة متأففا و هتفت به و هى تعبر الشارع كفراشة تتفجر بالحيوية:

- أشترى لى سندوتشين فول و فلافل, سأكون دفعت ثمن التذاكر.

لاحظ لأول مرة أن هذا الفستان ... أسود و أيضا قطعة واحدة لا تغيره كثيرا!

كما لاحظ نحولة ردفيها و تخاذلهما عن البروز و بطنها المتكورة, بالتأكيد لم يستطع أن يتجاهل نهديها الصغيرين كأن بهما كسوف من إبراز الذات.

ربما ما تبقى منها ليعده جميلا هو عينيها العسليتين.

(2)

رفع عاطف كوب الشاى الأسود أعلى من مستوى نظره يتأمله ثم أرتشف منه فى تلذذ, أغمض عينيه و جلس القرفصاء على الكنبة.

- الشاى يا شكرى.

ظهر شكرى من ممر ضيق يلف عنقه بفوطة طويلة, مبلل الشعر, غمغم:

- - شكرا يا عاطف.

التقط كوب الشاى و ذهب من حيث أتى, نشر الصمت شياطينه و عاد ليلملمهم بعد حين حينما عاد شكرى من الحجرة المطلة على صالة الشقة وهو:

- هل حددت ميعاد للفرح يا عاطف؟

- كلا, لقد أجلنا الأمر لحين أكتمال مقدم الشقة.

- ماذا كان سيضيرك لو كنت قبلت فرصة العمل التى وفرتها لك كنجار فى البحرين؟

- هذه المهنة كانت لتغطية مصاريفى الجامعية فقط و هى مرحلة ذهبت بكل ما حملت من قرف.

انتهى شكرى من شرب الشاى ثم قال و هو يتذوق البقية الباقية من الشاى العالقة بلسانه:

- على العموم الشاى طعمه سىء للغاية.

(3)

نظر عاطف إلى ساعته فوجدها الثانية و النصف ظهرا, بدت الشمس حانية و هى تتوسط السماء, هناك سعادة روتينية تسرى فى عروقه إذ أن يوم العمل أوشك على الانتهاء, وجد قدماه رغما عنه تقوده إلى شارع النبى دانيال و هو يسير على مهل يتأمل البضاعة المصفوفة على جانبى الشارع من كتب و شرائط كاسيت و فيديو و ساعات و سجائر.

تحسس النقود فى جيبه فأطمئن إلى أن المرتب لازال دافئا فى جيبه, بعض المارين يتوقفون للمشاهدة التى لا طائل من ورائها.

آخرون يماطلون البائع فى سعر البضاعة و من ثم لا يشترون !!

بعض الشباب يترددوا بين أن يتركوا البائع و بين أن يشتروا المجلة التى تتصدر غلافها صورة إمرأة شبه عارية !

" يالا الكتاب بربع جنيه... يالا أتعلم... بربع جنيه عشان ماما سوزان تفرح!"

تجاوز تقاطع شارع فؤاد مع شارع النبى دانيال و سار يتأمل الفاترين المعبئة بالأجهزة و الملابس و مول زنقة الستات, حاول أن يتوقف أمام محل عصير القصب و لكن قدماه أبت أن تنصاع له للمرة الثانية, أكمل سيره باتجاه البن البرازيلى.

عند هذا الحد ترددت قدماه بين الدخول و بين متابعة السير بلا هدف كما تعود عقب قبضه لمرتب كل شهر.

" أريد واحد كابتشينو"

تبسم له العامل من خلف ماكينة القهوة الأكسبريسو ثم شرع فى أعداد الكوب له, حاول أن يتغاضى عن سعر الكوب, تفتحت كل حواسه الخاملة عندما وضع العامل أمامه الفنجان و رسمت شفتيه ابتسامة واسعة.

(4)

دفع عاطف البوابة الحديدية الصغيرة و خطى فوق الممر الحجرى متجها إلى باب الفيلا الصغير المكون من طابق واحد.

لا يضىء الحديقة الصغيرة سوى ضوء القمر و ثمة بصيص من الضوء يتسرب خارج باب الفيلا, ضوء أبيض, سحب عاطف نفس عميق من سيجارته و ألقاها على أرض الممر, توقف عند الباب الموارب ليرى صالة صغيرة مؤثثة بأثاث قديم بعض الشىء, قليل العدد, يتدلى من سقف الصالة الواسعة نجفتان خشبيتان.

دق باب الفيلا الداخلى ثلاث مرات و أنتظر, حوائط الصالة قد طليت بطلاء أبيض و لكن تناثر هنا و هناك بعض التشققات.

"أدخل"

تقدم عاطف خطوتان يشوبهما حذر, لمح فى ركن الصالة الأيمن رجل عجوز يجلس على فوتيه واسع يكاد يبتلعه, تقدم منه يصافحه بيد باردة و هى باردة ليست لفتور اللقاء و لكن لأن الجو الصحراوى بارد فى الليل!

- أجلس يا عاطف.

دارت عينى عاطف فى المكان فوجد كرسى بلاستيك, التقطه و جره حتى جلس قبالة الرجل العجوز الذى يتابعه فى صمت, فبادره عاطف قائلا:

- كيف حالك؟

- بخير و أنت.

- الحمد لله ... سأتزوج قريبا.

- جميل.

كان لابد من الصمت أن يتسلل لأن كليهما لا يجد ما يقوله, سأله عاطف بعد فترة من الصمت:

- لماذا أرسلت تطلبنى؟

- أريد أن أشرب شاى.. هل تريد أنت؟!

نهض عاطف و هو يقول:

- أين المطبخ؟

- السبرتاية خلفى... يتبقى أن تغسل الكوبين و البراد.

نفذ عاطف ما طلبه العجوز و جلس قبالته يتابع السبرتاية و قد أعاد علبة الكبريت إلى جيبه يسأل:

- هل هذا البيت حصيلة اشتغالك بالفن؟

كان يبدو فى رنة صوته الاستهزاء و لكن الرجل العجوز تجاهل هذا و هو يجيب:

- كلا, لقد عملت لسنوات طويلة فى الكويت مدرس تربية فنية.

- لماذا لم تتزوج أذن؟

- سؤال سخيف يا عاطف.

تصاعد البخار من فوهة البراد الصغير, فكشف عاطف عن غطاءه و هو يلقى إلى الماء المغلى بثلاث ملاعق شاى, رفع البراد عن النار و أطفىء السبرتاية.

- أنا سمعت أن جدتك ماتت, الباقية فى حياتك.

ناوله عاطف كوب الشاى قائلا:

- لا أحب كلمات العزاء.

رشف العجوز من الكوب ثم قال:

- مزاجك فى الشاى سىء مثل أبوك رحمه الله, الشاى مر.

تمعن عاطف فى اللوحات المركونة إلى الحائط و ذلك الحامل الصغير المثبت إليه لوحة لم تكتمل بعد.

- عاطف.

أدار عاطف رأسه له فأردف العجوز:

- أنا محتاج إليك فى هذه الفترة بالذات, و لا تفعلها من باب أن ترث عمك بعد موته لأننى سأعيش طويلا و ربما أرسلك إلى القبر أولا!

لم يجد عاطف ما يقوله و شرب الشاى الساخن ليغالب به على تلك البرودة الصحراوية.

(5)

كان يجلسان على حافة سور الكورنيش,, ينظران إلى ذلك البحر المظلم .... المظلم تماما.

- تعرف ديستوفيسكى.

هم بأن يرد و لكنه أطبق شفتيه يحاول أن ينبش فى عقله عن أى خلفية لصاحب هذا الأسم, فهو واثق من أنه سمع هذا الأسم مرارا فى برنامج " العالم فى مئة عام!"

- أليس هو أحد الحكام الشيوعين مثل لينين؟!

شعر بفرحة, فعلى الأقل وجود أسم هذان الشخصان فى رأسه أنما يعنى أنه كان يوما ما جامعى!

عادت تتأمل البحر و هى تهمس:

- ديستوفيسكى مثل لينين ... هييييه!!

شعر بأن هناك خطأ ما قد ارتكبه بشأن معلوماته عن ديستوفيسكى و لكن ما شغل تفكيره فى فترة الصمت التى سادت بينهما هو هل ستوافق الإدارة على طلب نقله إلى مصلحة بريد العامرية أم لا؟!

مقالات دينية: الشهادتان وعي وجوديّ وقرار ثوريّ بقلم الشيخ/ محمد الزعبى

 أركان الإسلام بين الكهانة والديانة- الحلقة الثانية

شهادة الكهانة :

الشهادتان في المفهوم الكهنوتيّ تعني أن تقرَّ وتعترف "موقناً"(!) أنّه لا إله إلا الله، وأن محمّداً رسول الله، دون أن يترتّب على هذه الشهادة أيةُ مسؤوليّة اجتماعيّة وإنسانيّة. وحتّى تطمئنَّ أنّك تؤدِّي حقَّ الشهادتين حاولْ أن تكرِّرها عدّة مرّات في اليوم، وكلّما شعرت بخطر يُحْدِقُ بك سارِعْ إلى النطق بالشهادتين ليكون آخر كلامك «لا إله إلا الله محمّد رسول الله» وهنيئاً لمن استطاع النطق بِها قبل موته حتّى لو كان في حياته عميلاً لأعداء الأمة؛ ويا تعس من عجز عن النطق بِها قبل موته فإنّها علامة سوء الخاتمة مهما قدّم وبذل في سبيل سموِّ الإنسان، حتى لو بذل دماءه انتصاراً للحقّ ودفاعاً عن المظلومين والمستضعفين.
شهادة الكهانة تمنحك أماناً يقينيّاً بنجاتك الفردية، وتُؤَكِّد إمكانيّة النجاة الفردية: أي بإمكان الفرد أن يُخَلِّصَ نفسه في الآخرة بمجرَّد أن ينطق ويقرَّ بالشهادتين، وليس عليه بعد ذلك أن يُضَلَّلَ الإنسان أو أن يُقْهَرَ أو أن يُذَلَّ، وأمّا جهاد الأنبياء والأولياء وتضحياتُهم فهي على سبيل الندب لا الوجوب، وهي تعبِّر عن سموٍّ لا يستطيع كلُّ الناس أن يصلوا إليه، فالفرد العاديُّ لا يُطالَب بِهذه السبيل، إنما يكفيه نطقُ الشهادتين والإقرارُ بِهما, وأن لا ينكر معلوماً من الدين بالضرورة!!!

شهادة الديانة :

وقبل أن نبدأ الحديث عن المفهوم القرآني للشهادتين نسأل كلَّ الذين عَلَّموا أركان الإسلام تعليماً يمسخ صورة الإسلام: ترى هل يكفي الإقرار بالشهادتين ليضمن المرء نجاته؟ وهل ما يريده الله سبحانه من الإنسان هو مجرّد إقرار وتوقيع؟! فما معنى قوله تعالى إذاً: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)[العنكبوت2] لو كان الإيمان قولاً وتصديقاً فما قيمة التجربة؟ إنّ الإيمان الذي لا ينعكس حركة في الواقع لا قيمة له عند الله، وطريق الجنّة واحد لا يتعدَّد مهما حاولَتْ بعضُ كتب العقائد والمتون وحواشيها أن تقول غير ذلك (أو مهما حاول كهنة الدين أن يُقَوِّلوها غير ذلك): إنَّها طريق الأنبياء الذين رفعوا شعار تحرير الإنسان من عبوديّة الطغيان والهوى والاستكبار، وأخذوا على عاتقهم كفاحَ الظلمِ والجهلِ وتزييفِ الوَعْيِ لأجل استغلال الأقوياء للضعفاء، إنَّها طريق التضحية بالذات لإنقاذ الغير إرضاءً لله سبحانه، إنّها طريق البأساء والضرَّاء التي أكّدها القرآن طريقاً وحيداً خالداً لدخول الجنّة: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)[البقرة214] وقال تعالى: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)[آل عمران] إذاً فنصوص القرآن واضحة صريحة تخاطب كل الواهمين ألا تحلموا بالجنّة إلا من خلال سبيل الذين سبقوكم من الأنبياء والأولياء الذين تحمَّلوا كلّ الأذى والاضطهاد من طغاة التاريخ، حين رفعوا الصوت عالياً لإنقاذ الإنسان من الخضوع أو العبودية لغير الله، فعاشوا الصراع مع الطاغوت والكفاح ضدّ الملأ الذين سَخَّروا سلطتهم السياسيّة والدينيّة لاستغلال المستضعفين وتزييف وعيهم ومسخ إنسانيتهم، عاشوا هذا الصراع بآماله وآلامه وأحلامه ومخاوفه ويأسه وقلقه (متى نصر الله).. أمّا الذين لم يعيشوا صراعاً ضدّ الطاغوت ولم يعانوا التأرجح بين أحلام النصر وكوابيس اليأس فهؤلاء يخاطبهم القرآن بأن أملهم بالجنّة وَهْمٌ في وَهْمٍ (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ...)، إنّ مجال العقيدة ليس محصوراً في الضمير، بل لا بدّ أن ينعكس في الواقع، فمن شهد الشهادتين بحقِّها وَجَدْتَهُ يبذل نفسه من أجلها، وهذا علامة صحة شهادته، وأما الذين قالوها بلسانِهم، وعاشوا الشكَّ والريب في حقيقتهم فهؤلاء سيتهرّبون من مسؤوليّة الشهادتين ومقتضياتِها (لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ)[التوبة].

شهادة للحياة لا للموت:

ثمّ هل صحيح أن النطق بالشهادتين قبل الموت يمحو كلَّ جرائمِ الإنسان في حياته؟ وهل صحيح أن العجز عن النطق بِهما قبل الموت يُضَيِّع كلَّ جهاد الإنسان في حياته وهو علامة سوء الخاتمة؟ أبداً لا يمكن أن يُخْتَصَر الإسلامُ بِهذا الفهم الساذج، ولا يمكن أن نُبَسِّطَ كلَّ تضحيات ومعاناة الأنبياء باختصارها بجعل الإنسان يَخْتِمُ حياته بكلمةٍ!! إنَّ الشهادتين هما إعلان لبدء الحياة لا لنهايتها، إنَّهما قرارٌ واعٍ باختيارِ نموذجٍ سامٍ من العيش، إنَّهما ساعة الصفر لانفجار ثورة جارفة واعية ضد الطاغوت المُسْتَعْبِدِ للإنسان..
لذلك واجه الطغيانُ هذه الشهادةَ، وأُقسم لو كانت مجرّد طقوس للموت لما كانت تلك المواجهات العنيفة عبر التاريخ.
وأمّا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» [صحيح البخاري ومسند أحمد] فإنّه فُهِم على غير وجهه، فالنصّ هنا مطلق كما في علم أصول الفقه، فإذا ورد نصٌّ مقيّد فيجب حمل المطلق على المقيّد، وقد ورد اللفظ مقيّداً بالإخلاص في روايات أخرى، وطبعاً لا يكون مخلصاً بـ "لا إله إلا الله" من كان يخاف أولياء الشيطان، ويخشى الناس أكثر ممّا يخشى الله، ويرضى أن يَتَأَلَّهَ على الناس طاغوتٌ من الطواغيت، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يا أيّها الناس إنّه من لقي الله عزّ وجلّ يشهد أن لا إله إلا الله مخلصاً لم يخلطْ معها غيرها دخل الجنّة. فقام عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأبي أنت وأمّي وكيف يقولها مخلصاً لا يخلط معها غيرها؟ فَسِّرْ لنا هذا حتى نعرفه. فقال: نعم، حرصاً على الدنيا وجمعاً لها من غير حِلِّها، ورضى بِها، وأقوام يقولون أقاويل الأخيار ويعملون أعمال الجبابرة، فمن لقي الله عزّ وجلّ وليس فيه شيء من هذه الخصال، وهو يقول: لا إله إلا الله فله الجنة، فإن أخذ الدنيا وترك الآخرة فله النار. ومن تولّى خصومةَ ظالم أو أعانه عليها نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنة الله ونار جهنّم خالداً فيها وبئس المصير. ومن خَفَّ لسلطان جائر في حاجة كان قرينَهُ في النار، ومن دَلَّ سلطاناً على الجَوْر قُرِنَ مع هامانَ، وكان هو والسلطان من أشدِّ أهل النار عذاباً، ومن عَظَّمَ صاحب دنيا وأحبَّه لطمع دنياه سخط الله عليه وكان في درجته مع قارون في التابوت الأسفل من النار. ومن بنى بنياناً رياءً وسمعةً حمله يوم القيامة إلى سبع أرضين ثم يُطَوَّقه ناراً توقد في عنقه، ثم يرمى به في النار. فقلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يبني رياء وسمعة؟ قال: يبني فضلاً على ما يكفيه أو يبني مباهاة، ومن ظلم أجيراً أجره أحبط الله عمله وحرّم عليه ريح الجنة، وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام» [أورده الحافظ البوصيري الشافعي في إتحاف المهرة بزوائد المسانيد العشرة والهيثمي في الزوائد]، وفي رواية أخرى: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من قال: "لا إله إلا الله" مخلصاً دخل الجنّة وإخلاصُهُ بِها أن يحجزه "لا إله إلا الله" عما حرّم الله عزّ وجلّ» [رواه الطبراني في المعجمين الأوسط والكبير وابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم]، وفي سنن النَّسَائِيِّ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما قال عبد "لا إله إلا الله" مخلصاً إلا فُتحت له أبواب السماء حتّى تُفْضِيَ إلى العرش ما اجْتُنِبَتِ الكبائرُ» إذاً هكذا تُبَيِّنُ لنا سنّةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف يمكن لـ «لا إله إلا الله» أن تكون سبيل نجاة: إنَّها تشترط عدمَ الولاءِ للطغاة والظَلَمة واجتنابَ المحارمِ والكبائر؛ وكثير من الناس لا يعلمون أنَّ من أكبر الكبائر تَرْكَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالتالي فقدان الشعور بالمسؤوليّة، والرضا بالظلم والجهل، ولا يعرفون أنَّ من أعظم الآثام أن تأتيَ إلى الحياة وتمضي دون أن يكون لك أثر وموقف في قضيّة تحرير الإنسان..
من هنا وجب علينا أن نعيد النظر في فهمنا لحديث: «الأعمال بخواتيمها» [البخاري] الأعمال بخواتيمها لا يعني أن الحساب يُخْتصَرُ يوم القيامة بآخر لحظات العمر، ولا ينسخ قوله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزلزلة] بل مفهوم الحديث أنّ حقيقة الأعمال قد تنكشف وتظهر عند الخاتمة، فربما مثلاً تجد أباً يتفانى في سبيل أولاده، ويُؤْثِرُ هَناءَهم على هنائه، ولكنّه عندما يشعر أنّه على وشك الموت يبدأ يتحسّر على أنّه يرحل وحيداً فيما أولاده يتنعّمون بجنى عمره، هنا تنكشف دوافعه في خاتمته، ويظهر أن كل سعيه لأولاده في السابق كان أنانياً ذاتياً يتلبَّس بلباس الإيثار والغَيْرِيَّةِ، إنه كان يُضَحِّي حُبّاً لذاته أكثرَ منه حبّاً لأولاده، كان يريد أن يتفاخر بحديث الناس عمّا حقَّق لأولاده، وهذه الدوافع الحقيقيَّةُ كَشَفَتْها الخاتمةُ.. وقد تجد إنساناً حريصاً أشدَّ الحرص على الالتزام بالإسلام ولكن ربما حين تأتي لحظةُ الموت، لحظةُ الصدق مع الذات، تبدأ الشكوك والمخاوف تراوده، فالخاتمة هي لحظة الصدق التي تكشف حقيقة الأعمال، وتُعَرِّيها من زيف النفاق الاجتماعيّ، فمن أراد أن يعرف خاتمته فلينظر إلى حاضره: أين أنت الآن؟ ستنتهي حيث أنت الآن، فإذا كنت لامبالياً ستنتهي لامبالياً، وإذا كنت هارباً من شكِّك ستنتهي مواجهاً لِشَكِّك، وإذا كانت ذاتُك تحاصرك بالأنانية والفرديّة والنفعيّة فستنتهي وهي تحاصرك، وإذا كانت الدنيا أكبر هَمِّك فستموت مهموماً بِها... ولذلك من أراد لنفسه خاتمة سعيدة مطمئنّة فلينتفضْ من الآن ضدّ واقعه، وليكسرْ طوق الذات ليسموَ في مراقي الفلاح، فمن كانت بدايته كما كانت بداية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مضى عهد النوم يا خديجة» ستكون خاتمته كما كانت خاتمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة» [صحيح مسلم] وكما يقول العارفون: «من كانت بدايتُهُ مُحْرِقةً كانت نِهايتُهُ مشرقةً».
فالنطق بالشهادتين إذاً قبل الموت أمر عاديٌّ يصدر عن أيّ مسلم يحاول إنقاذ نفسه في اللحظة والفرصة الأخيرة، والإنسان يبقى عاقلاً مدركاً لمصالحه حتّى الرمق الأخير من حياته، ولكن لو أنّ عميلاً متآمراً على الدين والأُمَّة، قضى معظم عمره في خدمة أعداء أمّته، ثمّ حاول وهو على فراش الموت أن يَمْسَحَ تاريخَه وخياناتِهِ بالنطق بالشهادتين: هل ينجح في ذلك؟ طبعاً لن نتألَّى على الله الذي يغفر لمن يشاء ويُعَذِّبُ من يشاء، ولكن الأصل أنَّ الإنسان يحاسَبُ عن كلّ أعماله حتّى مثقال الذرة، والأصل أنَّ الشهادتين لا تنفع إن كانت مجرّدَ كلام ولم تكن مشروعاً للإنسان والحياة..
من ناحية أخرى فإنَّ عدم القدرة على النطق بالشهادتين يتعلّق بحالة الموت وظروفها التي قد تمنع الإنسان أن ينطِقَ أيَّ كلمة، وكذلك شكل الوجه وأساريره لا تدلُّ على صلاح الإنسان أو فساده، فسكرات الموت مؤلِمَة، وقد يَقْبِضُ الإنسانُ عضلاتِ وجهه من شدّة الألم فيموت على هذه الحالة، فلا يكون عُبوسُ وجهه دلالةً على سوء منقلبه، وقد تتراخى عضلات وجهه قبل الموت فيموت على هذه الحالة فيظنّه الناس مبتسماً لما بُشِّر به... والحقيقة أنَّ حُسْنَ المنقلب أو سوءه إنّما يُعرفان من حياة الإنسان لا من موته، وفي كلّ حال هي معرفة ظنّيّة.

في الحلقة القادمة: الشهادتان.. ثقافة ورسالة وقيادة!

القصة القصيرة: النقت بقلم/ محمد كماشين



يسكنكما ما يسكنني من قنوط ينسل من بين أهداب العينين الأمهقين ، كما لو كنت نواة يصعب تكسيرها تتخيلني وأنت ترصد سكناتي ، بالأمس كنت تستخف بي، تنعتني بأرذل النعوت ، ولا تتوانى عن طرد النوارس من مرافئ الدفء ، وبث شباكك بالزوايا القصية لاصطياد هنيهة فرح !؟
خواطر تصارعت بالرأس الكبير ، وهو يرسل النظر بعيدا يرقب زرقة البحر وصفاءه ، يتنهد ، يدير ظهره ،ومن فوق السياج الحديدي القصير ، يحملق في الوجوه العابرة يعتريه شعور بأنه من طينة أخرى غير هذه السحنات الحاملة لألوان غثيانية .
" لكي أعرف أطول شعاع تعين معرفة نقطة المركز " ، لعن القطر وما تولد عنه ،، وبرح مكانه ليندس وسط الطينات، مديرا ظهره لعشاق الحذلقة .
أجساد وأشباه رجال، جثت فوق الكراسي منبطحة يمينا لا تكف عن ممارسة الهواية اللعينة، تخيلهم أحجارا تتكوم، أيادي بضة تحملها تقذف ،،، كلت طبلة أذنه من أزيز ملأ انقباض صدره، وترهل أيامه ، ومن السهر المسائي ، وأخيلة العوالم الوردية .
يرسل نظرة للجهة الأخرى يدلف القاعة ،تحاصره الإطارات يحس بالضيق بالضجر بالتثاؤب ..يدنو من الإطار المواجه ، ترتسم الشفتان تبتسمان ، يتوهم بل يتذكر سخريتهم يغادر زحمة الألوان لزحمة الكتل المنبطحة المحدقة التي لم تتكوم بعد .
يطلق لرجليه العنان تقوداه ، ينحدرا به يوفظا في المشي، كل الأنظار تتجه إليه، يعدو يعي نظرات الدهشة !!!!! 
يفسحون له الطريق ، رافل وسط " نهج الحرية " يلفظه إلى " سوق بارا " ، حتما "بارا" خارج أوبئة الوحل، دائرة الكتل المسترخية....يطوح بيديه يطوح تتملكه النشوة يقذف يطوح باللاشيء، بالفراغ ، ينهار يتمالك نفسه يعتدل في مشيته يتجاهل تمتمات الهذيان الفضولي ، يندس بين الحوانيت الصغيرة قاصدا إحداها ،،،يسأله النادل ، يجيبه بكل برود : زليفة ببصارة، قطعة خبز، برتقالة ،وصحن حجارة .


الاثنين، 5 أغسطس 2013

القصة القصيرة: فى انتظار الشمس بقلم/ محمد حميدة



فى زمن بعيد قال لى صديقى الوحيد لا تيأس فالشمس قادمة إليك فى عمرك المديد ، لا تيأس فالشمس أن جاءت إليك فاليوم يوم عيد ، لا تيأس فأنها تأتى بالخير و العون المديد ، لا تيأس فأنها أتيت و تأتى لكل صبار عتيد ، و مرت الأعوام و السنين و مات صديقى الوحيد و أنا جالس فى انتظار الشمس!

شعر: عامية - فصحى: محاولات صغيرة بقلم/ حميد الناعس



ياصغيرتي
لذة الغواية
تكون حتما
انسجة مشحونة
تلتهب
هي ذروة الخطيئة
انتهاكا للكثافة
محاكاة لحذف اواصر المعنى
وتحد
متهكم للاسئلة.
…………..
ربما تدوي صرخاتك
تخرج معلنة
استغاثاتك
لكنها تظل في قبوك/الارض
محبوسة
تمرح دون جدوى.
……………..
الم يخترك الجنون لترتاد العوالم
الفضية
وحدك تخشى ان يسرقك الكاس
لنهاية تهزأ بامنياتك
وحدك تنهش في وحدك
كاي يوم غادر او يوم ياتي
كأي اعتراف لايجلب الدهشة
…………….
ها انت تذوي
بين محسوس لامرئي
لاتتهجأه اللغات
وبين خيال يرتعب
من جذام الافكار.
……………….
خلف تلك الفجوة
أشارات
تغادر الارقام
تعبث بالقوانين
يدور الوهم
ليبدأ تارة اخرى.