سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الجمعة، 12 يوليو 2013

القصة القصيرة: إنذار من ليلة صيفية بقلم/ مصطفى المأمور


استقر الجميع على عقاب ذلك النكرة فقد تعدى حدوده إلى أعلى درجة .. وقفوا بساحة القرية الكبيرة ليبتوا في أمره و لما لايتفقوا و قد ظل يشككهم في ساحرهم الذي طالما اتخذوا منه إماما في شتى أمورهم .. و قد حاول ذلك الأبله أن يزرع فيهم الريبة تجاهه و أنه من اغتصب صابحة ابنة القرية الجميلة و التي تنام فاقدة للنطق بعد هول صدمتها و عندما يسألونها فلا تستطيع حتى أن ترفع يدها لتشير نحو المجرم الذى فعل فعلته المشينة .. وقف الجميع يتطاير الشرر من أعينهم و كل منهم يرفع حنجرته ليثبت وجوده بأي رأي في كيفية الفتك بذلك الرجل الذي أوشى بساحرهم الذي طالما كان يشحذ هممهم و يوجههم كيفما شاء و يوهمهم بأن ذلك في صالحهم حتى افتتنوا به فأصبحوا يطيعونه طاعة عمياء حتى و إن أمرهم بما لا يطيقون .. أصوات تعلو بسحله بالطرقات و أخرى بإغراقه بترعة القرية حتى استقروا على شنقه بالساحة و بقاء جثته مرفوعة حتى يصيبها العفن .. .. نظروا إلى ساحرهم ليتفحصوا ردة فعله حول القرار و الذي أجابهم بإيماءة القبول و الموافقة و لم يستطع أن يخفي ابتسامة غريبة لا تخطئها أعين الأذكياء .. ! .. نصبوا المشنقة و أحضروا الرجل عنوة و الذي كان يصرخ مدعيا البراءة و صدق اتهامه لساحرهم .. و هم مستمرون بلا مبالاة .. كان يصرخ فتسمع أصداء صوته السماء فتنتشر حتى أنك تشعر بأن القرى المجاورة بلغها الأمر هي الأخرى .. في ذلك الوقت تلبدت السماء بالغيوم و تخفي عن استحياء الشمس التي توشك أن تأفل فتتلون السحب بلون أحمر شاهق و كأنها نار حامية .. رفعوا الرجل إلى المشنقة الكبيرة و طلبوا منه أن ينطق الشهادتين .. حاول أن يلملم أجزائه المبعثره .. حاول أن يتماسك بعدما أيقن أنه لا مفر من المصير .. كان يرتعد برغم حرارة الجو القاسية .. بذلوا مجهودا كبيرا حتى سيطروا عليه و علقوا الحبل حول عنقه .. و انتهى الأمر و زهقت روحه .. فقاموا بالتهليل : الله أكبر الله أكبر .. حتى فوجئت آذانهم بصوت امرأة من بعيد تجري و تقترب نحوهم ثم تسقط أرضا .. فتنهض و تترنح حتى عرفها أحدهم فصاح : إنها صابحة فهرولوا نحوها و أحاطوها فرمقتهم بعينيها بنظرة قاسية تسربت إلى أجسادهم فلم يفهموا أسبابها و سرعان ما عرفوا عندما أفصحت عن المجرم الذي اغتصبها .. ذهلوا جميعا فبالفعل هو ساحرهم الذي ارتكب الجريمة فصرخوا و انحطوا أرضا ثم سرعان ما تلصصت العيون سريعا على ساحرهم الذي عرفوا حقيقته فلم يجدوه .. فقد تسلل من بينهم بعدما رأى الفتاة و قد عاد للسانها الكلام .. هرب الساحر فهرب العقاب .. الجميع لا يجرؤ على الإلتفات نحو البراءة المعلقة بالمشنقة .. ماتت البراءة فأخذت معها كل جميل .. رحلت و معها العقول .. فانقلبت السماء رعدا و برقا رغما عن موسم الصيف .. شعروا و كأنها ترميهم بحجارة من سجيل .. فارتجلوا و نظروا للخلف فوجدوا الشهيد معلقا و على وجهه الإبتسامة .. لكن جثته لم تخفي من خلفه سماء منذرة بليلة مرعبة تضج بالأشباح ....!