سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الخميس، 12 أبريل 2012

دراسات: نثر -شعر: أمل دنقل إنسان وفنان بقلم أميمة محمد



أمل دنقل أسم غريب ويشد انتباه كل من يسمعه, لعله يتساءل عن معني كلمة دنقل ولعله ايضا لا يعرف من هو امل دنقل ويتبادر الي الذهن من سماع الاسم لاول مره انه اسم لفتاة وهذا بالطبع لمن لا يعرف امل دنقل, انه في حقيقة الامر اسم لرجل , لشاعر, وكاتب, ومناضل , اي انه اسم يجب ان يعرفه كل ابناء وشباب مصر, بل يجب ان يضمنوا قصائده واشعاره في الكتب المدرسيه ليتعلم منه اجيال المستقبل في مصر, يتعلمون كيف كان انسانا وكيف كان فنانا؟, والكثيرون من الادباء والشعراء يعرفون ما هي مكانة امل دنقل في الشعر العربي وانه حقا غني عن التعريف لمثل هذه الفئة من النقاد والكتاب والادباء العظام, ولد امل دنقل سنه 1940 بقرية القلعة مركز قفط في محافظة قنا في صعيد مصر و توفي سنة 1983 اي انه عاش 43 سنة فقط و تزوج من الصحفية عبله الرويني .ولقد اسماه والده امل لانه ولد في السنة التي فاز بها والده بجائزة اجازة العالمية وكان والده من علماء الازهر ولهذا فالقارئ لقصائد امل دنقل يجده تأثر بهذا تأثرا ملحوظاو توفي والده وهو في العاشرة من عمره وعندما انهي دراسته الثانوية التحق بكلية الاداب جامعة القاهرة ولكنه لم يكمل الدراسة بها وعمل بعدة وظائف تركها جميعا لانصرافه الي الشعر وولعه به. صدرت له ست مجموعات شعرية هي:

• البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" - بيروت 1969, 
• تعليق على ما حدث" - بيروت 1971, 
• مقتل القمر" - بيروت 1974, 
• العهد الآتي" - بيروت 1975,
• أقوال جديدة عن حرب البسوس" - القاهرة 1983, 
• أوراق الغرفة 8" - القاهرة 1983
ونجده يكتب شعره باللغة العربية الفصحي ونجده في قصيدة لا تصالح :
لاتصالح علي الدم حتي بدم
لا تصالح علي الراس حتي برأس 
أكل الرؤؤس سواء
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟"
"لا تصالح
ان في القصيدة مسحة حزن عميقة, انه رافض لمبدأ المصالحة الذي نصت عليه المعاهدات التي تتم بين البلدان . انه يرفض الاستهانة بدم وكرامة المقتولين المهدورة حقوقهم وفي نهاية المطاف تتم المصالحة كأن شيئا لم يكن, انه يغير علي دماء ابناء وطنه ويستنكر هذا الفعل.
ونجده في سفر الخروج يقول: (أغنية الكعكة الحجرية) 
(الإصحاح الأول) 
أيها الواقِفونَ على حافةِ المذبحهْ 
أَشهِروا الأَسلِحهْ! 
سَقطَ الموتُ; وانفرطَ القلبُ كالمسبحَهْ. 
والدمُ انسابَ فوقَ الوِشاحْ! 
المنَازلُ أضرحَةٌ, 
والزنازن أضرحَةٌ, 
والمدَى.. أضرِحهْ 
فارفَعوا الأسلِحهْ 
واتبَعُوني! 
أنا نَدَمُ الغَدِ والبارحهْ 
رايتي: عظمتان.. وجُمْجُمهْ, 
وشِعاري: الصَّباح
وهنا نجده يتالم ألما شديدا ونحس بألمه وننتفض معه عندما نحس بالقلب الذي ينفرط كالمسبحة, اي ينفرط شيئا فشيئا فيزداد الالم ونحس بمدي الدمار الذي يملأ المكان, فكل مكان: المنازل والزنازن اصبحت اضرحة واماكن للموت وفقط ولعلنا نلمح تاثره بالمظاهر الدينية في كلمه المسبحةو استخدامه لكلمة انساب تدل علي التدفق الهائل للدم وغزارته وجاء الاختيار موفق, ان امل دنقل يعرف ماذا يكتب بالضبط ويعلم ايضا كيفية اختيار الصور المعبرة المؤثرة في النفس, فتجد نفسك بدون تردد تحس بجميع الصور والمظاهر الشعرية في القصيدة وتلمس معه القضية التي يريدك ان تلتفت اليها وكل ذلك في اطار الفصحي لا يخرج عنه و استخدم صورة الراية: عظمتان وجمجمة ليعطي احساس بالقراصنة, اي اخذ الشئ بالقوة والعنوة . ونجد ان امل دنقل ايضا يختار عناوين قصائده بدقة فائقة فهي تزيد من الحميمية القائمة بين القارئ والقصيدة وتقسيمه للقصائد بعدة اصحاحات وكأنها عدة لحظات او مواقف مختلفة وامثلة متنوعة للفكرة التي يريد ان يعبر عنها.
فنحن نجد انفسنا نعيش القصيدة معه ونحس باحاسيسه عند كتابتها فلقد ابكانا بكاءه في قصيدته
البكاء بين يدي زرقاء اليمامه : أسأل يا زرقاءْ .. 
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء 
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة 
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء 
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء.. 
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة ! 
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء
ففي هذه القصيدة الصور اقرب الي البشاعة والوصف شديد القرب بالواقع, لقد اختزل الصور في كلمات قليلة معبرة تعبيرا صارخا عن فكرة القتل والدم والاهانة البشرية فنجدنا نبكي ونصعق من صورة الرجل الذي كان يهم بارتشاف الماء فثقبت الرصاصة راسه وليس ذلك فقط ولكن في اللحظة التي جاء يلامس فيها فمه الملطخ بالرمال من الزحف الماء ومن الدم الذي يعبر عن كثرة الضرب فيستكثر عليه كل ذلك ويحرمه من رشفة الماء قبل الموت فبعد كل العناء لم يرشف ولو رشفة واحدة فجاءت لفظة يرشف مناسبة بل ومعبرة جدا عن الموقف . وان مثل هذه القصائد ايضا تعكس مدي ثقافة الشاعر حيث انه ادخل لمحة من حياة زرقاء اليمامه التي قتلها الاعداء لنظرها الثاقب والتي لم يصدقها احد من اهلها.
ونجد ان الصورة بها بعض من الفجاجة والقسوه فنجده يقول في قصيده الموت في لوحات (3) و حين ضاجعت أباها ليلة الرعد 
تفجّرت بالخصب و الوعد 
و اختلجت في طينها بشارة التكوين ! 
لكنّها نادت أباها في الصباح .. 
فظلّ صامتا ! 
هزّته .. كان ميّتا
فيالها من صوره ويالها من نهاية فانها ليلة الرعد اي الاعاصير والاصوات المفجعة المفزعة وليلة الخوف والبرق في السماء الذي دائما ما يصاحب الرعد وفي الصباح تجد الصدمة الهائلة الموت قد جاء فاي صوره تلك التى يكتبها هذا الشاعر ؟!
ونجده في قصيدة كلمات سبارتاكوس الاخيرة يحكي قصة هذا الرجل الاسطورة في كلمات قليلة ايضا ويقول من قال لا في وجه من قالوا نعم, لقد لخص كل الموقف, لقد حسم موقف سبارتاكوس و فى هذا احالة الى ان من سيقول لا في وجه هؤلاء سيلاقي نفس المصير فيجب ان تكون مستعدا لمثل ذلك ونجده في المزج الرابع يختتم القصيده باشهر بيتين معروفين عن امل دنقل يلخصوا القضايا كلها والظلم البين للحكام فيقول: 
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان في انحناء 
منحدرين في نهاية المساء 
لا تحلموا بعالم سعيد .. 
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد 
ولقد لازم مرض السرطان امل دنقل اكثر من ثلاث سنوات وبالرغم من ذلك لم يتوقف عن عشقه الاول وهو الشعر فنجده يكتب قصيدة ضد من ويقول واصفا غرفة الانعاش والاطباء وحالة المرض واستياءه منه : 
في غُرَفِ العمليات, 
كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ, 
لونُ المعاطفِ أبيض, 
تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات, 
الملاءاتُ, 
لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن, 
قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ, 
كوبُ اللَّبن, 
كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ
. كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!
فنجده يصف حال المريض الذي لا يجب ان يشعره الناس بمرضه فيكفيه انه يحس ويستشعر الام المرض اللعين و لا يشعر بالمرض الا المريض نفسه فلعلها رسالة لنا كيف نتعامل مع المرضي؟! ومهما تحدثنا عن امل دنقل واشعاره ومدحناه وقلنا عنه كما قال عن نفسه الجنوبي فيكفينا فخرا انه من اهل مصر ومن بلدنا . وكما كتب عنه الشاعر عبد المعطي حجازي لقد جعل صراع الموت والشعر متكافئين.

شخصيات : شخصة شهر نوفمبر: جمال عبد الناصر 3 بقلم/ مروان محمد


عبد الناصر و الأخوان 



عبد الناصر و الأخوان المسلمين: بدايات التلاحم:

الشائع و المعروف تاريخيا أن عبد الناصر كان على علاقة قوية و وطيدة بالأخوان المسلمين قبل قيام الثورة و بعدها لفترة قصيرة و كانت عمر هذه العلاقة الحميمية بين عبد الناصر و الأخوان قبل الثورة ثمانى سنوات تخللها بعض العوائق و لكنها ظلت على تناغم و توافق, و ذلك حينما تمكن عبد المنعم عبد الرءوف من تجنيد جمال عبد الناصر وضمه "للجمعية السرية لضباط الجيش" عام 1944 ، وظل عبد الرءوف طيلة المدة من 1944 وحتى 15 مايو 1948 هو المسؤول عن التنظيم السري داخل الجيش ،متعاونا مع الفريق عزيز المصري والشيخ حسن البنا والصاغ محمود لبيب ،وهناك بعض المصادر التي تشير إلى أن ارتباط عبد الناصر بالإخوان كانت عن طريق الشيخ الباقوريٍ.

في هذه الفترة أعجب بعض ضباط الجيش بما كانت تتميز به جماعة الإخوان من الإنضباط والروح المحاربة ،وقد الحق الإخوان الضباط الذين تجاوبوا معهم بالنظام الخاص بهم و أفرد لهم حسن البنا قسما خاصا يرأسه الصاغ محمود لبيب وكيل الإخوان وقتئذ, و المفاجىء للوهلة الأولى أن الذى أطلق أسم الضباط الأحرار على حركة عبد الناصر كان محمود لبيب , و هو كان عبارة عن قسم تابع للإخوان داخل الجيش.!

بذور الانفصال الفكرى بين عبد الناصر و الأخوان:

ولكن ما لبث حماس الضباط للإخوان أن فتر سنة 1946 فقرروا البعد بحركتهم عن أية صلة بالإخوان وأن تقتصر على الجيش وتولدت لديهم الرغبة في التحرر من ارتباطهم بالإخوان وبدأ عبد الناصر في تحويل ولاء الضباط له دون علم الصاغ محمود لبيب ٍخاصة بعدما ضاق الضباط حين وجدوا أنفسهم وقد سجلت أسماؤهم في فصول لتعليمهم –بواسطة مدنيين- كيفية استخدام البندقية وفكها ،مع أنهم كانوا يتوقعون أن يستعان بهم في التدريب العسكري لأعضاء الجماعة ، كما وجد هؤلاء الضباط مشاكل تنظيمية داخل الجماعة يستحيل معها اختراق حاجز التدرج الهرمي للمراتب و هذا من وجهة نظرى ما كان ليرضى عبد الناصر الذى كان يراوده دائما حلم الزعامة و القيادة و قد وجد أن هذا لا يمكن أن يتحقق بالشكل الذى يرجوه فى أطار سيطرة قيادات مدنية على مقاليد الأمور, فدفع باتجاه انفصال حركة الضباط الأحرار عن الأخوان المسلمين.

وفي عام 1945 بدا أن لجمال عبد الناصر اعتراضات جوهرية على أسلوب الإخوان ومنهجهم في نشر الفكر الإسلامي عن طريق التربية والتعليم حتى تصبح له أغلبية شعبية تضغط على الحكومة لتنفيذ أهدافهم وإلا قاموا بالمظاهرات والإضرابات والعصيان المدني، ورأى عبد الناصر" أن هذا الأسلوب سيطول جدا وربما يتعذر تنفيذه ولا يجعل لهم كضباط الجيش دورا ملموسا وسيكنون تابعين لا متبوعين"., , و هذا يحيلنا مرة أخرى إلى طموحات عبد الناصر فى أن يلعب دور محورى فى أطار هذه الاهداف التى حددتها الجماعة و لكن التسلسل الهرمى للقيادة كان يقف عائقا أمام طموحاته و بموت حسن البنا انقطعت صلة الإخوان بضباط الجيش وبدأ عبد الناصر يستقل بالتنظيم, وقد حدث خلاف بين عبد المنعم عبد الرءوف وجمال عبد الناصر حول تبعية تنظيم الضباط الأحرار للإخوان المسلمين .. وقد بدأ ذلك منذ عام 1943 .. وتدريجيا رفض عبد الناصر وبقية الضباط هذه التبعية فانسحب عبد المنعم عبد الرءوف من لجنة قيادة الضباط الأحرار وحل محله عبد الحكيم عامر عن سلاح المشاة ،وكان لهذا الخلاف جذور ،ومن مظاهره ما حدث عندما قام جمال عبد الناصر وعبد المنعم عبد الرءوف وأبو المكارم عبد الحي وكمال حسين بزيارة السندي بمستشفى قصر العيني – وكان محبوسا في قضية السيارة الجيب - وكان بين الزائرين خلاف كبير في الرأي .. فجمال عبد الناصر يقول إن منهج الإخوان طويل ولا يوصل إلى شيء ،فما جدوى أن تجمع الضباط في مجموعات لحفظ القرآن والحديث ودراسة السيرة ..إلخ ،وما ضرنا لو انضم إلينا ضابط وطني من غير دين الإسلام؟ وهكذا تدرجت الخلافات و تعمقت إلى أن أصبح جمال عبد الناصر هو الشخص الوحيد القائم على تنظيم الضباط الأحرار بعد حرب فلسطين عام 1948 وكان يعرف الضباط كلهم وفي يده كل خيوط التنظيم وابتداء من عام 1950 بدأ عبد الناصر في إعادة التنظيم السري لضباط الجيش والذي توقف عام 1948 وبدأ يضم عناصر أخرى من غير الضباط الإخوان واستطاع ابتداء من هذا التاريخ إقناع الضباط المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين بعدم الاتصال بالإخوان خشية اكتشاف الحركة السرية ضد الملك.

من أجل إنجاح الانقلاب على الملك: عبد الناصر يوطد علاقته مرة أخرى بالأخوان:

و لكنه فى اللحظات الأخيرة استعان أيضا بالاخوان من أجل إنجاح انقلابه العسكرى على الملك و ذمك ليستفيد من شعبية الأخوان لدى العامة و ضمان تأييد العامة لانقلابه على الملك بالإضاف لإضفاء صبغة شرعية على انقلابه بكسب تأييد تيار دينى مثل الأخوان المسلمين و لذلك أبلغ حسن العشماوى وصالح أبو رقيق (مكتب الارشاد) بموعد الانقلاب, وفى صباح 23 يوليو طلب من حسن العشماوى أن يصدر المرشد العام بيانا بتأييد الثورة لكن المرشد بقى بالاسكندرية فى مصيفه ولم يحضر للقاهرة إلا بعد مغادرة الملك البلاد وقابل عبد الناصر فى منزل صالح أبو رقيق، وطالبه بتطبيق أحكام القرآن فقال ناصر إن الثورة قامت حربا على الظلم الاجتماعى والاستبداد السياسى وهى بذلك ليست إلا تطبيقا لتعاليم القرآن، فطلب المرشد أن يعرض الضباط على الجماعة أى قرار قبل إصداره، فقال ناصر إن الثورة قامت دون وصاية ولا تقبل بحال أن توضع تحت وصاية أحد. ومع هذا رأى إعطائهم ثلاث وزارات في وزارة محمد نجيب فى 7 سبتمبر 1952 و كانت هذه أحدى أساليب المكر التى اشتهر بها عبد الناصر فى تصفية خصومه أن يخدرهم ببعض العروض المغرية ثم يبدأ لاحقا متبعا سياسة النفس الطويل فى التخلص من خصومه بدون أن يشعر الأخرون ، فرشحت الجماعة أحمد حسنى وكيل وزارة العدل ومحمد كمال الديب محافظ الاسكندرية، ومنير الدله وحسن العشماوى، لكن عبد الناصر اختار الشيخ الباقورى ففصله المرشد العام من الجماعة.

عبد الناصر ينقلب مرة ثانية و أخيرة على الأخوان:

و يقول الكاتب أحمد الحبيشى فى مقاله "لماذا يكره الأخوان المسلمون عبد الناصر؟" : (كان الإخوان المسلمون حريصين منذ اليوم الأول لقيام الثورة على تحريض مجلس قيادة الثورة ضد الأحزاب وتكوين قناعة بضرورة حلها. وعندما اقتنع قادة الثورة بعدم قدرة الأحزاب على تحقيق التغيير الذي يحتاجه الشعب بسبب فسادها وترهلها طلبت وزارة الداخلية من الأحزاب أن تقدم إخطارات عن تكوينها).

بالتأكيد هناك شىء يستوقفنى لدى قراءة هذه الفقرة و منها تحريض الأخوان المسلمون لمجلس قيادة الثورة على حل الاحزاب, لأن هذه قراءة من وراء الكواليس و لكن المعروف أن القرار خرج به منفردا مجلس قيادة الثورة بإيعاذ من عبد الناصر حتى يتم إخلاء الساحة من أى منافسين سياسين أقوياء ينازعوا عبد الناصر حكم مصر, خاصة مع وجود قطب سياسى كبير كمصطفى باشا النحاس رئيس حزب الوفد وقتها و ما له من شعبية وقتها بين الطبقة المتوسطة و طبقة الأعيان.

ولما ألغيت الأحزاب السياسية في 17 يناير 1953 استثنيت جماعة الاخوان المسلمين لما طلبت وزارة الداخلية من الأحزاب أن تقدم إخطارات عن تكوينها فقدم المرشد العام شخصياً أثناء زيارته لمكتب سليمان حافظ وزير الداخلية وقتها إخطارا رسمياً بأن الاخوان جمعية دينية دعوية، وإن أعضاءها وتكويناتها وأنصارها لا يعملون في المجال السياسي، وأيضا لا يسعون لتحقيق أهدافهم عن طريق خوض أى انتخابات مزمعة، ونفى أن يكون ذلك من بين أهداف جماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي جعل قانون حل الاحزاب الذي أصدره مجلس قيادة الثورة لا ينطبق على الأخوان المسلمين ولما علم المرشد العام بالاتجاه نحو تكوين هيئة التحرير لملء الفراغ السياسى الناجم عن حل الأحزاب حاول إثناء ناصر على أساس أن الجماعة كفيلة بملء الفراغ، فرفض جمال عبد الناصر. 

وفى أوائل يونية 1953 عمل الأخوان على تشكيل تنظيم سرى أخوانى بين ضباط الجيش والبوليس فأتصل عبد الناصر بالمرشد العام معاتبا له لكنه لم يتراجع. ولما أصبح محمد نجيب رئيسا للجمهورية (28 يونية 1953) أتصل بالأخوان المسلمين للتخلص من ناصر و ذلك لأنه استشعر اطماع ناصر فى التخلص منه و الأنفراد بالحكم و قد كانت تخمينات محمد نجيب فى محلها، وكان وسيطه فى هذا الاتصال اليوزباشى محمد رياض الذى قابل حسن العشماوى ومنير الدله عدة مرات فى ديسمبر 1953 فاشترطا تشكيل حكومة ترضى جماعة الأخوان المسلمون و هذا ما جعل عبد الناصر يسرع فى خطة الإطاحة بمحمد نجيب بعد أن أعاد ترتيب الأوراق مع رفاقه من الضباط الأحرار الذين كانوا تقريبا من جيل واحد و بينهم و بين محمد نجيب فارق سنى يجعل التواصل معه أضعف و أقل.

و أنتهت العلاقة الوطيدة بين عبد الناصر و الأخوان المسلمين بحادث المنشية التى تعرض فيها البكباشى عبد الناصر وقتها إلى محاولة أغتيال من أعيرة نارية أصابت المنصة التى كانت يخطب منها بالمنشية بمحافظة الإسكندرية و تروى بعد الأخبار عن فبركة عبد الناصر لهذا الحادث من أجل حشد الرأى العام ضد الأخوان و إكسابه فى نفس الوقت شعبية لدى العامة و هذا ما يؤكده المرشد السابق مهدى عاكف فى تصريح له سابق و أيضا التناقض و التضارب الواضح فى تحقيقات حادث المنشية.

بواكيرتخلية الساحة السياسية للانقلاب العسكرى على الملك: حريق القاهرة:

الحكومة الوفدية الأخيرة التى نالت شعبية كبيرة بعد أن أعلن مصطفى النحاس باشا، في مساء 8 أكتوبر 1951، رئيس الوزراء، إلغاء معاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا، ووضعت حكومته قرارها موضع التنفيذ، فألغت جميع الإعفاءات التي كانت ممنوحة للسلطات العسكرية البريطانية بمقتضى المعاهدة، والتي تشمل الرسوم الجمركية على المهمات والأسلحة والعتاد ومواد التموين والرسوم المستحقة على مرور سفن القوات البريطانية بقناة السويس. كما شجعت حكومة الوفد الحركات الشعبية في تنظيم المقاومة ضد القوات البريطانية الموجودة بمنطقة القناة.

وفي يناير 1952، كانت عمليات المجموعات الفدائية ضد القوات البريطانية قد ازدادت، فقامت القوات البريطانية بمحاصرة قسم البوليس الموجود بمدينة الإسماعيلية، وطلبت من قوات البوليس تسليم سلاحهم والانسحاب من المنطقة إلى مدينة القاهرة. لكن وزير الداخلية المصري - فؤاد سراج الدين - أصدر أوامره بعدم قبول الإنذار والمقاومة حتى آخر طلقة، فقاوم رجال البوليس هجمات الجيش البريطاني، وسقط منهم خمسون قتيلا وما يزيد على سبعين جريحا, و لكن سرعان ما انهارت الآمال المنعقدة حول تلك الحكومة المنتخبة بعد حريق القاهرة الشديد و الذى تشير الكثير من الأدلة لضلوع عبد الناصر و رفاقه فيه لأن الضباط الأحرار هم أول من استفادوا من حريق القاهرة و الدلائل التى تشير بأصابع الاتهام إلى جمال عبد الناصر كالأتى:

أول ما يلفت النظر في هذه القضية هو طلب عبد الناصر- وهو في حالة فزع وخوف- من أصدقائه صلاح شادي وحسن العشماوي وعبد القادر حلمي، نجدته ومساعدته في نقل أسلحة وذخائر ومتفجرات إلى مكان أمين؛ خوفًا من التفتيش:

يقول اللواء صلاح شادي: "في ظهر هذا اليوم 26 يناير سنة 1952 م اتصل بي عبد الناصر تليفونيًا كي أذهب إليه في منزله فوجدته في حالة من الاضطراب لم أعهده عليها من قبل! وطلب مني الإسراع في نقل أسلحة وذخائر موجودة لدى مجدي حسنين في مدرسة الأسلحة الصغيرة لخوفه من تفتيش المكان بمناسبة الحريق! واتفقنا على موعد ذهابي إلى هناك، واتصل هو بمجدي حسنين وأبلغه الموعد.. ولكن استلفت نظري سؤاله المتكرر لي: "هم صح الإخوان ما اشتركوش في الحريق ده؟".. فأجبته بالقطع في عدم اشتراكهم طبعًا، فهذا لا يتسق مع ديننا ولا نظرتنا للمصلحة، فكرر سؤاله جملة مرات مما استوقف خاطري.. ولكن الوقت لم يسمح لنا بطرح هذا الموضوع معه للمناقشة من جانب الحل والحرمة".

وتوجهت إلى مدرسة الأسلحة الصغيرة ومعي الإخوة منير دله وعبد القادر حلمي بسياراتهم والتقينا هناك بمجدي حسنين، ونقلنا هذه الأسلحة والذخائر برمتها إلى منزل الأخ حسن العشماوى تمهيدًا لنقلها بعد ذلك إلى عزبة والده المرحوم محمد العشماوى بالشرقية، وهي نفس الأسلحة التي ضبطها عبد الناصر وقدَّم فيها حسن العشماوى للمحاكمة لإحرازه أسلحة وذخائر بقصد قلب نظام الحكم في يناير سنة 1954 م".

ويعلق صلاح شادي على هذه الواقعة بقوله: "لا أستطيع أن أتجاهل ما تُشير إليه هذه الواقعة التي رويتها عن مخافة عبد الناصر من ضبط الأسلحة بمدرسة الأسلحة الصغيرة في هذا الوقت بالذات، فما دام الأمر بعيدًا عنه فماذا يريبه ويدعوه إلى هذا الاضطراب؟".

ويعلق أيضا حسن العشماوى، وقد نقل أسلحة ومتفجرات من منازل عبد الناصر وزملائه الضباط: "لم أسأل نفسي وقتذاك عن سبب وجود تلك المواد في بيوت عبد الناصر وزملائه، فقد حرصنا منذ بداية تعاوننا في القتال أن نجنبهم الشبهات، وأن نتسلم أولاً بأول ومن محطة القاهرة أو طريق السويس ما يصل من ذخيرة لنخرجه فورًا من العاصمة إلى مواقع استعماله.

لم أسأل نفسي ولم أسأل عبد الناصر سبب وجود تلك الأشياء عندهم، فقد كان كل ما يعنيني أن أنقذ رقابهم في ذلك الوقت العصيب".

عبد الناصر يتهم تارة الأخوان المسلمين فى حريق القاهرة و تارة أخرى الشيوعين:

و يذكر إبراهيم طلعت المحامي الوفدي فى مذكرات "أيام الوفد الأخيرة"

يتحدث عن زيارته لعبد الناصر في مجلس قيادة الثورة بتاريخ 11/10//1953م، وبحضور جمال سالم وننقل منه هذا الحوار:

"وصمت لحظات ثم قال: أنت ما تعرفش أن الإخوان همه اللي حرقوا القاهرة.

ووقع عليَّ القول وقع الصاعقة، وفغرت فمي من الدهشة، ووقفت مذهولاً مما سمعتُ، وقلت له: مش ممكن.. قول كلام تاني.. مش معقول الكلام ده.

وهنا سمعت جمال سالم يضحك بشدة.. ونظر إلى عبد الناصر، وقال بلهجة شبه عسكرية: اقعد.

وجلست مأخوذًا، ودار بيننا هذا الحديث المقتضب:

- أنت مش كنت محامي أحمد حسين في قضية حريق القاهرة؟

- أيوه

- قرأت القضية؟

- طبعًا

- طيب مش عيب وأنت محامي جهبذ ما تلاحظشي الحكاية دي.. دول يا أستاذ حرقوا القاهرة علشان يحكموا، ولما ما قدروش دبوا الراجل الطيب اللي كان زعيمي وزعيمك في يوم من الأيام علشان يتشنق بدلهم، وعلشان كده إحنا أفرجنا عنه وحفظنا القضية.

ولكني بالرغم من هذه المفاجأة التي لم أكن أتوقعها قط قلتُ له بإصرار: - برضه لأ.. مش ممكن.. أنا قرأت القضية، وماشفتش فيها حاجة من دي".

و أيضا إبراهيم طلعت- أيام الوفد الأخيرة- ص 246-257.

21/8/1954 م اتهام الشيوعيين بحرق القاهرة:

في 21/8/1954 م في اجتماع أقيم بالمقر الرئيسي لهيئة التحرير قال عبد الناصر: "إن الشيوعيين الذين ينادون اليوم بالكفاح المسلح، هم الذين انتهزوا فرصة ذهاب المواطنين الأحرار إلى القنال، وحرقوا القاهرة لبث الفوضى وهم مستعدون لذلك دائمًا من أجل سادتهم الذين يمدونهم بالمال".

3- يروي حسن عشماوي في كتابه "حصاد الأيام" ما دار بينه وبين عبد الناصر فيقول:

"وبدأت أناقش في هدوء- ودون دفاع عن وجهة نظر معينة- مدى مناسبة الظروف محليًا ودوليًا للقيام بثورة عسكرية تكون تمهيدًا لثورة شعب.. فلم يستطع عبد الناصر أن يضبط نفسه وقاطعني قائلاً:

لماذا إذن تكبدنا المتاعب والأخطار في سبيل إنزال قوات الجيش إلى شوارع القاهرة، لقد كاد الأمر يفلت من أيدينا، ويأتي حريق القاهرة بأخطر النتائج، ولكننا كسبنا نزول الجيش إلى الشوارع.. وهو يستطيع اليوم أن يستولى على الحكم في ساعة واحدة من ساعات الليل".

و يعضد كلام حسن عشماوى لقاء مع اللواء جمال حماد، الذي كان أحد كبار الضباط الأحرار، أذاعته قناة «الجزيرة» في 17 نوفمبر 2008، وسأله منصور عن العلاقة بين حريق القاهرة وقرار الضباط الأحرار بالإسراع في تنفيذ خطة الانقلاب الذي كانوا يعدون له، فرد جمال حماد قائلا: «يوم 26 يناير ده، يعني (هو) اللي أيقظنا انه لازم نعجل بالثورة.. كان أول تحديد أن الثورة تقوم في 1955.. (لكن) بعد حريق القاهرة، بعدين، حددناه في 1952».

و قد يبدو غريبا لقارىء هذه السطور لماذا يتخبط عبد الناصر فى توزيع الاتهامات أنما لو نظرنا للتكوين الشخصى لعبد الناصر نجد أن توزيع الاتهامات يتلائم مع شخصه الذى يسعى بكل الطرق إلى تصفية المعارضة بشتى الوسائل و كان أكبر جبهتين للمعارضة بعد حل الأحزاب هما الأخوان المسلمين و الجبهة الشيوعية التى تتبنى نفس الأفكار التى قام من أجلها عبد الناصر و رفاقه بالانقلاب على الملك.

قد لا يحلو للبعض أن يتم الزج باسم جمال عبد الناصر فى أحداث حريق القاهرة, قد لا يرضى عن ذلك الناصريون أو من يحب عبد الناصر و يتغنى بأيامه رغم أن الرواية الأكثر شهرة فيمن كان السبب وراء حريق القاهرة هو الملك و أعوانه و قد يجد كل فريق من الأدلة ما يقوده إلى فرضيته و التى يعضد بها كلامه و يؤطر فرضيته بججح منطقية و لطيفة و لكن يبقى السؤال الحاسم للفصل فى المتهم الحقيقى وراء اشعال حرائق القاهرة: من الطرف الوحيد الذى استفاد من حادثة حرائق القاهرة؟, هل هو الملك؟!, لم تعد عليه بأى فائدة, هل هم الأخوان المسلمون؟, لم يحصدوا أى شىء من وراء ذلك و لو كانوا تورطوا فيها بالفعل لفضحهم الوفد و قدمهم إلى المحاكمات و أما الشيوعين فلم يستفيدوا أى شىء بالطبع, أذن بقى المستفيد الوحيد و هو الضباط الأحرار و زعيمهم جمال عبد الناصر لأن ذلك كما قال اللواء جمال حماد سرع بخطة الانقلاب و هو الذى وضع الضباط الأحرار على سدة الحكم و هى خطة تبدو مدروسة و تليق تماما بالضباط الأحرار لقلب الرأى العام ضد الملك و شحن نفوس العامة ضد القصر من خلال تسريب إشاعات أن رجال القصر هم من افتعلوا حريق القاهرة خدمة للاستعمار الانجليزى مما يوفر أرضية خصبة لأى انقلاب مقبل ليلقى قبول و صدى واسع من الشارع المصرى و أيضا تنفيذ أهم مرحلة فى هذه الخطة الجهنمية و هو أن يستدعى الملك الجيش و ينزل به إلى الشوارع و هذا ما كان يتمناه عبد الناصر كما شهد بذلك اللواء جمال حماد.

قد يبدو للبعض إن صوت نظرية المؤامرة عالى فى هذه الجزئية و لكن دعنا نضع كل الافتراضات الموجودة أمامنا على الطاولة و نفندها بكل دقة و موضوعية لأننا نعتمد فى فرضيتنا أيضا على قصاصات من الحقائق و ليس كل الحقيقة لأننا عشنا فى عهود لم تعرف الشفافية و اشتهرت بقلب الحقائق و تزويرها و ألباس الباطل ثوب الحق, إذن لم يبقى لنا سوى التخمين و الافتراض للوصول إلى معلومة قد تكون هى الأقرب إلى الحقيقة.

شخصيات: شخصية شهر نوفمبر: جمال عبد الناصر 2 بقلم/ هانى مراد

هذا هو عبدالناصر الايجابى...(باكورة الاصلاح بالتاريخ المصرى الحديث.) 



11/11/2011

لا يختلف أثنان على مر العصور مهما كانت التوجهات على أن عبد الناصر شخصية مثيرة للجدل، اتفق الكثير واختلف الاكثر على شخص عبدالناصر الانسان والحاكم لكنى اردت ان اتحدث لكم الأن وفى ذكراه عن كم الانجازات التى قام بها عبد الناصر من باب ( اذكرو محاسن موتاكم)
ذلك انى اختلف كثيرا على شخص عبدالناصر كزعيم لانه لبس عباءة اكبر من امكانياته ولربما امكانات من حوله ورغم ذلك ارى لديه العديد من المواقف المشرفة التى اريد ان اتوقف معكم عندها لبعض الوقت

عبدالناصر وحلم الوحدة
..............................
اهم ما كان يميز عبدالناصر انه كان يحكم الشعب كمواطن عربى متحمس ( ربما تكون ايضا من اهم نقاط ضعفه فلا يحمد فى الحاكم انه يحكم بعقلية المواطن العادى وحماسته) لكن عبدالناصر تخطى كل المتوقع باحلامه فى بناء دولة عربية موحدة وسعى بكل طاقته لان يوحد الامة العربية وبكل دأب وباخلاص يحسد عليه وكادت تتحقق امنيته بالوحدة عندما تحقق له جزء من حلمه بقيام الوحدة بين مصر وسوريا التى لم تتجاوز للاسف الثلاث سنوات ولكنها كانت خطوة جريئة ومميزة تسجل فى سجل عبدالناصر من الايجابيات التى لم تساعده عليه لا الظروف السياسية ولا الاطماع التى مازالت تسيطر على اغلب حكام العرب مما جعلهم حائط صد ضد اى محاولات للوحدة

عبدالناصر والتأميم
........................
مما كان يميز عبدالناصر شجاعته واقدامه وقدرته الفريدة على اتخاذ القرارات الشجاعة التى يخاف البعض من الاقدام عليها واضعين فى حساباتهم مصالح الدول الكبرى وخشية ردة الفعل وقد كان عبدالناصر شجاعا عندما اقدم على تأميم قناة السويس متحديا وقتها الدول العظمى ( انجلترا وفرنسا ) فى موقف شجاع يحسب له رد به كثير من حقوق الشعب المصرى فى قناة السويس التى بنيت بدماء وعرق المصريين على ارضها وكان يذهب خيرها لغير المصريين

كما كان لقيام عبدالناصر بتأميم ومصادرة الشركات والكيانات الاقتصادية الكبرى ( بنزيون وعدس وريفولى وعمر افندىالتى كان لها دور كبير فيما بعد فى نهضة ما سمى بالقطاع العام) كان لذلك دور كبير فى تحقيق العدالة الاجتماعية الجزئية وربما كانت نواة لاصلاح مجتمعى واجتماعى كامل لولا استغلال ذلك بطرق اخرى من بعض مراكز القوى التى نشأت فى عهد عبدالناصر استغلال سىء ، ومن تلك النقطة ننتقل الى الاصلاح الزراعى وما عاد به على الفلاح المصرى من خير ونماء فى عهد عبدالناصر

عبدالناصر والاصلاح الزراعى
....................................
حقق عبدالناصر بتأميم ومصادرة العزب والاراضى التى كان يتملكها البكوات والبشوات والاعيان فى عهد الملك واعادة توزيعها على مستحقيها من اصحاب الاراضى الحقيين حقق بذلك نقلة نوعية فى تاريخ الفلاح المصرى بل والمجتمع المصرى كله واعطى مفهوم جديد ورؤية جديدة للفلاح المصرى وجعل ابناء الفلاحين وهم اصحاب مصر الحقيقيين جعلهم يعتلون المناصب المميزة فى الجيش والشرطة والقضاء بعد ان كانت حكرا على البكوات والبشوات.
مازال اغلب الشعب المصرى يدين بالفضل لقوانين الاصلاح الزراعى التى سنها عبدالناصر فى عهده وقدرته على اعادة توزيع الثروات توزيع عادل على ابناء الشعب المصرى المستحق.

السد العالى وفيض الخير الحقيقى لمصر

رغم كل ما قد يقال عن عبدالناصر وعن الحقبة التى حكم فيها مصر من سلبيات وايجابيات الا اننى اعتبر ان قيام عبدالناصر ببناء السد العالى اهم حدث فى تاريخ مصر الحديث كله بل اننى اعتبره الحدث الاهم حتى من الثورة المصرية ( 1952 ) نفسها
قدرة عبدالناصر على تنفيذ فكرة بناء السد العالى وتوفير التمويل اللازم لذلك رغم رفض البنك الدولى وقتها اقراض مصر لبناء هذا الصرح الذى كان سببا فى الخير والنماء للشعب المصرى كله
تلك القدرة التى اذهلتنى انا شخصيا وانا اراجع كيف تحدى عبدالناصر الجميع واقدم على اهم خطوة فى تاريخنا المعاصر ، فتخيلو معى مصر الان بدون السد العالى ، تخيلو معى كيف سيكون حال مصر الان لولا وجود هذا السد الابى وكيف كنا نستطيع استصلاح كل تلك الاراضى الزراعية التى توفر لنا الان بعض من الحياة الكريمة التى يعود الفضل بعد المولى عز وجل الى شخصية عبدالناصر المقدامه
هذا هو عبدالناصر رغم كل السلبيات التى تخلفت من جراء حكمه لمصر فانا ارى انه انسان من طراز فريد.

الأربعاء، 11 أبريل 2012

شخصيات: شخصية شهر نوفمبر: جمال عبد الناصر 1 بقلم / محمد منصور



حبيب الملايين



حبيب الملايين نصير المستضعفين تلك كانت الالقاب التي لقب بها من شعبه الا وهو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
ولد جمال عبد الناصر حسين سلطان على عبد النبي بالأسكندرية قبيل أحداث ثورة 1919 التي هزّت مصر وبالتحديد في15 يناير 1918
وهو من اصول صعيديه فكان به حميه الرجل الغيور المتغلب عليه عادات وتقاليد المجتمع المصري الطيب العريق وكان أبوه حسين عبد الناصر خليل سلطان قد انتقل من قريته بني مر بمحافظة أسيوط ليعمل وكيلا لمكتب بريد باكوس بالإسكندرية، وقد تزوج من السيدة "فهيمة" ابنة "محمد حماد" تاجر الفحم المعروف في المدينة.
وفي منزل والده- رقم 12 "شارع الدكتور قنواتي"- بحي فلمنج ولد جمال
وكان والده دائم الترحال والانتقال من بلدة إلى أخرى؛ نظراً لطبيعة وظيفته التي كانت تجعله لا يستقر كثيرا في مكان.
و لم يكد يبلغ الثامنة من عمره حتى تُوفيت أمه في 2 أبريل 1926 وهي تضع مولودها الرابع "شوقي" بعد أخوته الليثي وعز العرب، وكان عمه "خليل"، الذي يعمل موظفا بالأوقاف في القاهرة متزوجاً منذ فترة، ولكنه لم يرزق بأبناء، فوجد في أبناء أخيه أبوته المفتقدة وحنينه الدائم إلى الأبناء؛ فأخذهم معه إلى القاهرة؛ ليقيموا معه حيث يوفر لهم الرعاية والاستقرار بعد وفاة أمهم.
وبعد أكثر من سبع سنوات على وفاة السيدة "فهيمة" تزوج الوالد عبد الناصر من السيدة "عنايات مصطفى" في مدينة السويس وذلك سنة 1933، ثم ما لبث أن تم نقله إلى القاهرة ليصبح مأمورا للبريد في حي الخرنفش بين الأزبكية والعباسية؛ حيث استأجر بيتا يملكه أحد اليهود المصريين، فانتقل مع إخوته للعيش مع أبيهم. بعد أن تم نقل عمه "خليل" إلى إحدى القرى بالمحلة الكبرى، وكان في ذلك الوقت طالبًا في الصف الأول الثانوي. وكان ذلك في سن 12 سنة.
بعد حصوله على شهادة الثانوية من مدرسة النهضة المصرية بالقاهرة(في عام 1356 هـ / 1937)، كان يتوق إلى دراسة الحقوق، ولكنه ما لبث أن قرر دخول الكلية الحربية، بعد أن قضى بضعة أشهر في دراسة الحقوق. دخل الكلية الحربية، ولم يكن طلاب الكلية يتجاوزن 90 طالبا. وبعد تخرجه في الكلية الحربية (عام 1357 هـ / 1938) التحق بالكتيبة الثالثة بنادق، وتم نقله إلى "منقباد" بأسيوط؛ حيث التقى بأنور السادات وزكريا محيي الدين.
وفي سنة (1358هـ / 1939) تم نقله إلى الإسكندرية، وهناك تعرف على عبد الحكيم عامر، الذي كان قد تخرج في الدفعة التالية له من الكلية الحربية، وفي عام 1942 تم نقله إلى معسكر العلمين، وما لبث أن نُقل إلى السودان ومعه عامر.
وعندما عاد من السودان تم تعيينه مدرسا بالكلية الحربية، والتحق بكلية أركان الحرب؛ فالتقى خلال دراسته بزملائه الذين أسس معهم "تنظيم الضباط الأحرار".

وفي 29 يونيو 1944 تزوج جمال عبد الناصر من تحية محمد كاظم – ابنة تاجر من رعايا إيران – كان قد تعرف على عائلتها عن طريق عمه خليل حسين، وقد أنجب ابنتيه هدى ومنى وثلاثة أبناء هم خالد (على اسم أخي تحية المتوفي خالد) وعبد الحكيم (على اسم عبد الحكيم عامر صديق عمره) وعبد المجيد. لعبت تحية دوراً هاماً في حياته خاصة في مرحلة الإعداد للثورة واستكمال خلايا تنظيم الضباط الأحرار، فقد تحملت أعباء أسرته الصغيرة - هدى ومنى - عندما كان في حرب فلسطين 1948، كما ساعدته في إخفاء السلاح حين كان يدرب الفدائيين المصريين للعمل ضد القاعدة البريطانية في قناة السويس
كانت الفترة ما بين 1945و1947 هي البداية الحقيقية لتكوين نواة تنظيم الضباط الأحرار؛ فقد كان معظم الضباط، الذين أصبحوا- فيما بعد "اللجنة التنفيذية للضباط الأحرار"، يعملون في العديد من الوحدات القريبة من القاهرة، وكانت تربطهم علاقات قوية بزملائهم؛ فكسبوا من بينهم مؤيدين لهم.
وكانت حرب 1948 هي الشرارة التي فجّرت عزم هؤلاء الضباط على الثورة. وفي تلك الأثناء كان كثير من هؤلاء الضباط منخرطين بالفعل في حرب فلسطين.
وكانت آخر مهام عبد الناصر الوساطة لإيقاف أحداث أيلول الأسود بالأردن بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية في قمة القاهرة في 26 إلى 28 سبتمبر 1970. حيث عاد من مطار القاهرة بعد أن ودع صباح السالم الصباح أمير الكويت. عندما داهمته نوبة قلبية بعد ذلك، وأعلن عن وفاته في 28 سبتمبر 1970 عن عمر 52 عاما بعد 18 عاماً قضاها في رئاسه مصر.

شخصيات: ليوناردو دافنشى مثار جدل و عقل عبقرى بقلم/ مروان محمد




ولد ليوناردو دافنشى فى العام 1452 ميلاديا فى مدينة صغيرة بالقرب من فلورنسا, و لم يعترف أبوه ببنوته, فقد جاء نتيجة لعلاقة غير مشروعة, فالأب موثق عقود مرموق و سليل عائلة احترفت هذه المهنة عبر الاجيال, و أمه كاترينا من أصول شعبية و قد تزوجت الأم بعد ذلك من السيد دى بيرو دل فاكا, فى نفس العام تزوج والد ليوناردو السيد بييرو من السيدة البيرا امادورى و قد احترفت أسرة ليوناردو من جهة الاب توثيق و تسجيل كل الاحداث و قد ورث ليوناردو هذه العادة فكان يدون الكثير من الامرو وصلت إلى تدوين حسابات المنزل و اليدون الصغيرة و قد ساعد كل هذا الدارسين فى التعرف عليه بدرحة كبيرة من الدقة.

فى العام 1857 ينتقل ليوناردو للحياة فى منزل أبيه لان الاب لم يرزق من زوجته الأبناء, عاش ليوناردو فى هذا المنزل و هو فى الأصل منزل جده أنطونيو دى بييرو و يتعلف بزوجة أبيه التى كانت تعطف عليه كابن حقيقى و كان عمرها 21 عاما و قد تم تعميد ليوناردوه فى كنيسة القلب المقدس فى ذلك الوقت و هذا يعنى اعتراف الاب به, ينعم ليوناردو فى هذه الفترة من طفولته بحب الأم البيرا و الجد أنطونيو.

فى العام 1458 يلتحق بالمدرسة الابتدائية مدرسة أباكو يتعلم الحساب و اللاتينية و الهندسة و الموسيقا و يتعلم العزف على الهارب و يبدأ الأب فى الاختمام بموهب أبنه فى الرسم و فى العام 1469 تموت زوحة الأب و هى بعد شابة, و كان ليناردو متعلقا بها. تترك العائلة فنشى و تنتقل إلى فلورنسا مع الجدة و زوجة الأب الثانية فرانشيسكا, ينتعش الوضع الاقتصادى للأب و يصبح مراقبا عاما لأعمال دير أنونتشاتا.

يلتحق ليوناردو بمرسم فيروكيو المعلم الكبير و أهم رسامى فلورنسا و كان صديقا لأبى ليوناردو و أطلع على رسومه و هو صغير, فى العام 1470 يتعرف على الفنان الكبير ساندرو بوتسيللى و لكنه يختلف مع و ينتقد طريقته فى التصوير و يتعرف فى نفس الوقت على الفنان بيروجينو معلم الفنان الكبير روفائيل سانزيو و فى العام 1472يظهر اسم ليوناردو لاول مرة فى سجل الرسامين فى فلورنسا, سجل و فى العام 1473 هى تاريخ أول لوحة مؤكدة نسبها إلى ليوناردو و هى لوحة عذارء الجليد يظهر فى الصورة بوضوح تعلق ليوناردو بالأداء الطليعى فى عصره و خاصة فى أداء المناظر الطبيعية فى خلفية اللوحة و من ثم ينجز لوجة النبوءة الموجودة الان بمتحف اوفيتسى بفلورنسا و يقال أنه فى هذا العام ساعده أستاذه فى لوحة تعميد المسيح و يصل فازارى إلى أن الملاك المرسوم أسف اللوحة على اليسار قد رسم بيد ليوناردوو ان اجزاء من المنظر الطبيعى فى الحلفية تعود أيضا لليوناردو و من الواضح أن هناك اختلافا فى طريقة صياغة الملاك عن باقى أجزاء اللوحة و يبالغ فازارى أيضا عندما يقول بأن المعلم الكبير فيروكيو قرر بعد أن رأى الملاك أن يتوقف عن التصوير تماما و فى العام 1476فى الثامن شهر أبريل يظهر أسم ليوناردو فى فضيحة لواط و قد كانت فلورنسا آنذاك , تعج بانواع شتىمن الشذوذ و على رأسها اللواط, و عل الاتهام فى صحيفة على حائط القصر العتيق و كان الاتهام صادرا من أحد شباب البلد و اسم جوفانى و قد اتهم مجموعة من شباب فلورنسا الاغنياء باعداد حفلات ماجنة و ذكر اسم ليوناردو كأحد الذى ارتبطوا معه بعلاقة شاذة.

فى 6 يونيو من نفس العام أعيدت المحاكمة و قضى ببراءة كل أفراد المجموعة المتعمة سابقا بالشذوذ و يرى البعض أن وراء هذا الاتهام خلافا مع الكنيسة إذ أنهم كانوا يشكلون كشباب الفكر المتحرر و المنطلق و انهم كانوا يخضون فى أمور تغضب الكنيسة مثل مركزية الشمس لا الأرض كما انهم لم يقيموا الشعائر أو يترددوا على الكنيسة و أنهم كانوا يشكلون بنمط حياتهم المنفلت خطرا حقيقيا على النموذج السلوكى الذى تسعى إليه السلطة الدينية وقتها و هناك آراء تقول بأن خروج ليوناردو من فلورنسا و ذهابة إلى ميلانو كان هربا من هذه الفضيحة أو لانه ضاق بتشدد الكنيسة الأخلاقى و الذهنى و الذى كان فى الواقع بداية بزوغ نجم الارهاب الدينى و التطرف على يد الراهب سافونارولا الذى حكم فلورنسا وقتها.

تم تكليف ليوناردو من قبل السنيوريا أمراء فلورنسا برسم واجهة المذبح فى أحدى كنائس فلورنسا و يحصل على مقدم لاتعابه مما يعنى أنه قد استقل وقتها عن ورشة فيروكيو و ينجز لوحة عذراء الزهرة الموجودة الان فى متحف الارميتاج بمدينة بطرسبرج و ينجز فى نفس العام لوحة عذراء الرمان أو عذراء دريفوس الموجودة الآن فى واشنطن فى المتحف الوطنى و هناك شك فى نسب هذه اللوحة إلى ليوناردو و فى العام 1480 يترك بيت أهله فى فلورنسا و فى العام 1481 يكلف ليوناردو من قبل رهبان دير سان دوناتو بعمل لوحة عن عبادة المجوس لوضعها على المذبح الرئيسى لكنيسة الدير و بدأ يعمل ليوناردو كعادته بحماس و دأب ثم توقف بعد سنة واحدة و تركه ناقصا مما دفع الرهبان بعد طول انتظار الى تكليف فنان آخر و هو فيليبوليبى و ذلك فى العام 1496 أى بعد مرور 15 عاما من الامل فى أن يكمل ليوناردو ما بدأه و اللوحة الناقصة موجودة الان فىمتحف اوفتسى فى فلورنسا و تعتبر من أعلى انجازت ليوناردو, و من اهم الاعمال فى تاريخ عصر النهضة كله, بدأ ليوناردو فى توسيع معارفه العلمية كما يتضح من الاوراق التى تركها فى تلك الفترة, يكتشف أن الرياضيات و البصريات يمكن أن تشكلا معا قاعدة للربط بين التصوير و العلوم الوصفية و يتسع اهتمامه بعلوم النبات و التشريح و الفلك و الهيدروليكا و قام بعمل مجموعة من الدراسات عن مدينة فاضلة كل من بها أصحاء يدور بها الهواء و تدخلها الشمس من كل جانب, يحدد ارتفاعات المنازل و عرض الطريق و عدد البشر و لكن هذه الدراسة مثل العديد من أفكاره تظل رهينة الاوراق, و ينضم إلى رهط المهندسين و الفنيين العاملين فى خدمة المورو دوق ميلانو و يكلف من قبل الدوق بعمل تمثال مهيب لأمير ميلانو السابق فرانشسكو سفورزا و يقال أن ليوناردو كان قد انتقل من فلورنسا إلى ميلانو لهذا الغرض, و فى العام 1486 ينجز العديد من الدراسات حول حركة الخيول المتصلة بعمل التمثال المكلف به و من ثم فأن ليوناردو يغرق فى عمل هذه الدراسات التى تأخذه بعيدا عن المنطلق الأول لهذه الدراسات و فى العام 1487 شترك فى اعداد مسرحى فى قلعة ميلانو بمناسبة زواج ايزابيللا ابنة ملك نابولى من الدوق جوفانى قطب العائلة الحاكمة و يعد ليوناردو عرضا مسرحيا يقدم فيه الكواكب السيارة و هى تتحرك و تدور مصحوبة بالشعر و الموسيقى و يرجح البعض الى تلك الفترة ابتكار ليوناردو لفكرة المسرح المتحرك الذى يدور على محور امام المشاهد فيسمح للمشاهد بمشاهدة العرض من جوانب مختلفة دون احتياج لستار مسرحى او تغيير ديكور المسرح.

كما أنه اعد دراسات و رسومات لحمام الدوقة ايزابيللا فيبتكر طريقة لخلط الماء البارد و السخن بنسب متوافقة و للاسف لم يتبق من ذكر هذا الحمام سوى الرسومات و الدراسات و فى العام 1488 ينصرف إلى كتابة عدد كبير من الدراسات حول المنظور فى ذلك الوقت حتى و ان كان ذلك على شكل ملاحظات متفرقة, دون ليوناردو أفكاره بخصوص اللغة و قواعدها و يبدأ فى دراسة اللغة اللاتينية بشغف و يدون أفكاره حول اللغة العامية و يقرأ الشروح و التعليقات عىل كتاب العلامة الاسلامى الكندى فى الرياضيات و أيضا يزور مناجم الحديد فى بريشا و يدون ملاحظاته عن الحفريات التى فحصها فى المناجم و ايضا ينشغل بمجموعة من الاعمال الهندسية و المعمارية و يكثف دراساته عن القنوات و المجارى المائية و الطواحين و يكلف بحل المشاكل المتعلقة بمجرى قناة مارتسانا و يكتب مجموعة من القصص و الحكايات الرمزية و النبواءات و الأقوال و يشارك كمتحدث ملهم فى مناقشات بلاط ميلانو و سهراته و محاوراته و فى العام 1495 يبدأ فى لوحته الخالدة العشاء الاخير فى كنيسة القديسة مريم الرحيمة و سلمت إلى الدير فى 9 فبراير من العام 1498 بعد عدد من المشاكل بين الفنان و كبير الأساقفة و يشاع أن ليوناردو قد رسم كبير الأساقفة فى مكان يهوذا فى اللوحة و قد تعرضت هذه اللوحة إلى العديد من المشاكل يرجع جزء منها إلى طريقة ليوناردو فى اعداد السطح للرسم عليه و فى طبيعة الأداء فلارسم أفريسكو يتطلب من الفنان دقة عالية فى الاعداد المسبق لكافة تفاصيل اللوحة و ليوناردو كان يبرع فى التفاصيل الدقيقة و الاعداد لها و لكنه أيضا كان يقوم بتغير بعض التفاصيل وفقا لما ورد فى ذهنه من أفكار جديدة و كان هذا يتعارض مع طبيعة السطح المعد لذلك و الذى لا يحتمل اعادة التغطية و الاضافة .

و توجد الرسومات التحضيرية لهذا العمل و هى كثيرة, فى متحف و ندسور و فى أكاديمية الفنون بالبندقية و فى متحف اللوفر, و فى أوراق ليوناردو المتفرقة, و فى العام 1495 يقطع العمل فى لوحة العشاء الأخير و يسافر إلى فلورنسا كى يدلى برأيه فى قاعة المجلس الوطنى بفلورنسا و أخيرا يسلم ليوناردو لوحشة العشاء الأخيرة للكنيسة و هناك إشارة كتبها لوقا باتشولى عن اللوحة يقول فيها أن ليوناردوقد طبق فى هذه اللوحة الأفكار التى وضعها فى كتابه نظرية التصوير, يحصل ليوناردو على منحة الدوق لودفيكو المورو و هى عبارة عن 16 هكتارا من الأرض المزروعة بالعنب فى منطقة بورتا فرتشيللينا بالقرب من ميلانوو فى العام 1499 يدخل الفرنسيون بقيادة ملكهم لويس الثانى عشر ميلانو و يهرب الدوق لودفيكو و من هنا تبدأ علاقة ليوناردو بفرنسا و يهجر ليوناردو ميلانو و يعود إلى فلورنسا مع لوقا باتشولىعالم الرياضيات و صديقه الكبير و أنهما كانا مكلفان باعطاء آراء معمارية حول قبة كاتدرائية الدومو بفلورنسا و فى العام 1500 يبدأ ليوناردو فى فلورنسا رسم لوحة العذراء و القديسة أنا و يت مايكل أنجلو فى نفس الوقت بروما تمثاله الخالد الرحمة.

قام الجنود الفرنسيون بتدمير النموذج الضخم لصرح دوق ميلانو و الذى عكف على انجازه ليوناردو تمت إلى 16 عاما, و قد جعل الجنود الجواد هدفا للتنافس بالسهام و الرماح فدمروه تماما و قام ليوناردو بعمل دراسات حول نهر الارنو ليجعله صالحا للملاحة من فلورنسا إلى بيزا و فى العام 1501 يرسم لوحة صغيرة للعذراء لحساب أحد مستشارى الجمهورية و قد فقدت هذه اللوحة أيضا و يعود مايكل انجلو إلى فلورنسا حيث يقيم ليوناردو أنذاك و يبدأ فى عمل تمثاله الشهير داود, لم يتمكن ليوناردو من خلق صداقة او حتى علاقة طيبة بهذا الفنان الكبير و الذى كان بدوره يبادل ليوناردو بسخرية و نقد لاذع و فى تلك الفترة تشبع ليوناردو بأفكار مكيافيللى و فى العام 1502 بدأ فى رسم لوحة الموناليزا أو الجوكوندا و هى صورة شخصية للسيدة موناليزا الزوجة الثالثة للسيد فرنشيسكو دل جوكوندو و قد تزوجها فى العام 1495 و قد أحيطت هذه الصورة أيضا بعديد من الاجتهادات التى وصلت فى بعض الأحيان إلى اعتبارها صورة ذاتية للفنان نفسه على شكل امرأة و لكن هناك تواريخ و وثائق تثبت وجود هذه السيدة بالفعل كما أن ليوناردو رسم صورة لنفسه أيضا و ليست هناك درجة من التشابه تسمح بقيام هذه الافتراضات.

بدأ الصراع بين ليوناردو و أحد الفنانين الألمان و قد كان مقيما معه فى قصر البلفدير و كان ذلك الفنان الألمانى على صلة قرابة بعيدة بالأمير جوليانو إذ أخذ هذا الميكانيكى على حد تعبير ليوناردو فى ملء المكان بقطع الزجاج و المرايا بشكل مزعج, و يرسل ليوناردو رسالة إلى الأمير جوليانو يشكو فيها من الوضع الشاذ الذى وجد نفه فيه حيث أصبح من الصعب عليه من القيام بأعماله و لكنه لا يحصل منه على أجابة مرضية و يقرر جيرانه فى البلفدير التخلص منه فيشى به كل من جورجو و جوفانى إلى البابا ليون العاشر و يصفانه بانه ساحر يمزق أجساد الآدميين فيصدر الفاتيكان أمرا بمنع ليوناردو بمنعه من ممارسة دراساته فى التشريح و يمنع من دخول المستشفى الذى كان يمارس تجاربه فيه و قد أرسل الحاقدين من جيرانه قد أرسلوا خطابا دنيئا إلى إدارة المستشفى ضمن خطتهم لطرده من المكان فبدأ الهجوم على ليوناردوو أبحاثه و ذلك لأنه كان يهجر شعائر الكنيسة و طقوسها و كان يتهكم كثيرا على معجزات القديسين و كان ممنا بمركزية الشمس و لم تكن هذه الهجمة ضد ليوناردو وحده و يضيف بهذه الاتهامات فيفكر فى السفر إلى فرنسا مع الملك فرانسيس الاول و تعتبر هذه السنوات التى قضاها ليوناردو فى روما نقطة انطلاقة خارج الحدود الايطالية, ظل كل من ميلزى و سالاى بجوار ليوناردو حتى عندما سافر إلى إيطاليا و قد بقيا معه إلى أن توفهى هناك و نقلا جتمانه إلى إيطاليا.

الثلاثاء، 10 أبريل 2012

شخصيات: شيخ الشهداء بقلم/ محمد منصور



" أني أشم رائحة الجنة علي بعد ميدان التحرير"


تلك كانت آخر كلماته التي تلفظ بها والتي اضاءت مصباح داخل أمة بأكملها وأثرت في كل من يحيط بهو كانت أشهر افتاءته أنه حرم التصويت لصالح فلول الحزب الوطني خاصة بعد ما احدثوه في البلاد خلال الدورات البرلمانية السابقة ليكون رمزا من رموز الوطنية الحالية تلك الوطنية التي كانت تزداد كلما اشتدت الاحداث لتؤكد أنها علي طريق الصواب, من نتحدث عنه هوعماد الدين أحمد عفت عفيفي.


ولد في يوم السبت 11/2/1379هـ الموافق 15/8/1959م. بالجيزة. مصر.


حصل علي ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب جامعة عين شمس بتقدير جيد عام 1991م. وليسانس الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1997م. ودبلومة الفقه الإسلامي العام من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة عام 1999م. ودبلومة الشريعة الإسلامية من كلية دار العلوم بالقاهرة.


كان شيخنا متزوج ولديه أربعة أطفال: ذكرين وأنثيين.


عمل شيخنا الجليل رحمه الله عليه كمدير إدارة الحساب الشرعي بدار الإفتاء المصرية، وعضو لجنة الفتوى بها، بعد أن كان رئيس الفتوى المكتوبة بالدار. وبداية التعيين كانت في أكتوبر 2003م.


كما عمل ايضا كباحث فقهي بـ"دار التأصيل للدراسات الشرعية". وباحث شرعي في شركة "العالمية للبرمجيات صخر". ومُراجِع للكتب الدينية. وفي تجارة الكتب. ومُدخِل للبيانات على الحاسب الآلي.


كان رحمه الله عليه بحمل كتاب الله تعالى. وعنده إجازة بقراءته وإقرائه بقراءاته العشر من طريقَي الشاطبية والدرة، من فضيلة الشيخ/ محمد عيد عابدين- رحمه الله تعالى. وإجازة بقراءة وإقراء: قراءة عاصم براويَيه: شعبة وحفص، والكسائي براويَيه: أبي الحارث والدوري، ورواية ورش عن نافع، من فضيلة الشيخ/ عباس المصري- رحمه الله تعالى. وإجازة بقراءة وإقراء: قراءة ابن عامر براويَيه: هشام وابن ذكوان، من فضيلة الشيخ/ إيهاب فكري- صاحب مجلس الإقراء بالحرم النبوي الشريف حفظه الله تعالى.


كما دَرَس من كتب السنة: البخاري ومسلم وأبا دواد والترمذي والنسائي كواملَ على فضيلة الشيخ/ علي جمعة- حفظه الله تعالى. والكثير من البخاري ومسلم وغيرهما مع الشرح على فضيلة الشيخ/ سعيد الحبشي- رحمه الله تعالى، بالحرم المكي الشريف ثم بالمسجد القطري بمكة المكرمة.


كمادَرَس ايضابعضًا من الفقه الشافعي على: فضيلة الشيخ/ الحسيني الشيخ- رحمه الله تعالى (من شرح المحلي على منهاج النووي)، وفضيلة الشيخ/ علي جمعة- (سمعنا عليه متن منهاج الطالبين، وبعضا من شرح المحلي عليه، وبعضا من شرح الخطيب على متن أبي شجاع.


دَرَس أبوابا وفصولا من "الأشباه والنظائر" للسيوطي على كل من: فضيلة الشيخ/ جاد الرب رمضان- رحمه الله تعالى، وفضيلة الشيخ/ علي جمعة كما درس ايضا "شرح منتهي ابن الحاجب" على فضيلة الشيخ/ القرنشاوي- رحمه الله تعالى. وايضا "لبّ الأصول" للشيخ زكريا الأنصاري كاملا على فضيلة الشيخ/ علي جمعة


قرأتُ بعضا من كتاب "التمهيد" على الشيخ/ الحسيني الشيخ- رحمه الله تعالى.


كما دَرَس المجلد الأول من كتاب "تشنيف المسامع شرح جمع الجوامع" للزركشي على فضيلة الشيخ/ علي جمعة- حفظه الله تعالى.


وتلك كانت مقتطفات من بحر علم دراسة شيخنا الجليل ليتضح لنا مدي عمق هذا البحر الضخم الذي جاد علي وطنه بأغلي مالديه, بروحه فدائا لهاوليقف بجهاده وبفعله أمام من قال لا يجوز الخروج عن الحاكم ولكنه وقف مناديا بالحق والعدل كالأسد الجسور وسط الميدان وليكون نموذج وقدوة يحتذي به في زمن غابت فيها القدوات.


رحمك الله ياشيخنا الجليل ياشيخ شهداء التحرير

دراسات و بحوث: الأختلاف : الاسقاطات الاستبدادية على التاريخ الأسلامى (1) خلافة ابوبكر بقلم: مروان محمد



مرحلة ما بعد تأسيس الدولة الإسلامية

بين قراءة مسيسة و آخرى موضوعية:

من الضرورى إعادة قراءة أحداث بيعة السقيفة خارج ذلك الاطار المقدس الذى يفرضه شرح القدامى لتلك الاحداث التاريخية الهامة , لقد قاموا بوضع تفسير أوحد لا يخرج عنه فكر الأمة و كأن إعادة تفسير و رسم سيناريو آخر لتلك الاحداث التاريخية هى خرق لأحدى الثوابت الدينية و إن المرء ليعجب من ادخال تلك الاحداث التاريخية فى مصنف الثوابت التى لا يجوز إعادة تفسيرها أو شرحها ألا ما تقدم من شروحات الأقدمين فقط. و هذا يعد مصادرة للرأى يمكن أن نرجعه إلى السلطة القهرية التى استمدها فقهاء تلك العصور من السلطة الاستبدادية للحكام فانتقلت عدوى الاستبدادية إلى الفكر و الحجر عليه و وسائل القمع المختلفة التى مارسوها و المحاولة المبتذلة لربط الاحداث التاريخية بثوابت الدين و " المعلوم من الدين بالضرورة " , هى محاولات لتسيس فكر كل باحثين التاريخ و ألزامهم بخط معين لا يجوز الخروج عنه, مع إن إعادة قراءة التاريخ أو نقد بعض أحداثه لا علاقة له بالدين, فالخروج بنتائح مغايرة لما اتفق عليه حول بيعة السقيفة أو ما شابهها من أحداث يعد من وجهة نظر علماء الدين و كأنه ضرب لصلب الدين و خروج من حد الايمان إلى حد الكفر ! و ذلك الربط المتسلط بين الأحداث التاريخية و الثوابت الدينية هو سلاح بعض علماء الدين للسيطرة على العامة و أى فكر آخر فى ذلك المجال, فمصادرة الرأى هو احتكار للسلطة قبل أن يكون دفاع عن التاريخ و لأن فى تلك المصادرة الغير مبررة على تحليل أحداث التاريخ الإسلامى خروج عن المنطقية فأضفاء الشرعية الدينية عليها يعيطها ثوب المقدس و الدخول فى منطقة الحرام و الحلال و يجعلها من الثوابت التى لا تناقش و هو تعطيل للبحث العلمى التاريخى فى أحداث هامة من التاريخ الاسلامى و على هذا الاساس قام عدد كبير من علماء الدين بتحريم مناقشة أحداث الفتنة التى تخص الامام على بن ابى طالب و معاوية بن أبى سفيان. ذلك الحجر الغريب و السيف المسلط من بعض علماء الدين على بعض رموز التاريخ الاسلامى و على رأسهم تاريخ الصحابة الاجلاء, لا مرجعية له من أهل السلف فالامام الشافعى رحمه الله صاحب قاعدة أن " كل ابن آدم يؤخذ منه و يرد ألا صاحب هذا المقام" و أشار إلى قبر رسول الله و هو دليل على أن الحرية النقدية و الفكرية كانت متاحة لكل طالب علم و المصادرة التى تمت فيما بعد ليست ألا من أوامر بعض الرموز السلطوية الاستبدادية الذين أفناهم الدهر و ذهبت ريحهم و ليس من المعقول أن يسيطر على أفكارنا إلى اليوم فرمانات الأموات لهم ما كسبوا و عليهم ما اكتسبوا. فكل مفسرى أحداث بيعة السقيفة يجمعون بشكل غير منطقى بالمرة على أن كل الامة الإسلامية اجمعت على بيعة ابى بكر الصديق و هذا منافى للحقيقة و احداث التاريخ التى لا يمكن أقصاءها و لا تجاهلها بالمرة و التى لا تؤيد تلك المزاعم التى لا أساس لها من الصحة و عدم أجماع كل الامة على أبى بكر لا ينقص من شأنه شيئا و لا يحط من قدره, أذن لماذا هذا التزييف للوعى و القراءة المغلوطة و البعد عن الموضوعية و الميل إلى الاهواء, هل حب أبى بكر الصديق يدفعنا إلى المبالغة و الافراط حتى يفسد علينا القراءة السليمة للتاريخ الإسلامى. و جعلوا من اجماع الامة على بيعة ابى بكر ثابتة من الثوابت التى لا يجوز نقدها أو مناقشتها و من نفاها أو اختلف معها فقد ضل عن السبيل و أصبح إيمانه على حرف !!

بيعة السقيفة و الرؤية الجديدة:

إن أحداث بيعة السقيفة تنفى تمام النفى أن الامة كلها اجمعت على بيعة ابو بكر, فلا يمكن ان ننسى أن عدد من كبار الصحابة لم يبايعوا أبو بكر و لم يحضروا بيعة السقيفة أمثال خالد بن الوليد و أبى بن كعب – سيد القراء – و سلمان الفارسى و عمار بن ياسر و الزبير بن العوام و عبيد الله بن طلحة و كل البيت الهاشمى و العباس بن عبد المطلب عم رسول الله و على رأسهم الامام على بن أبى طالب و زوجته السيدة فاطمة الزهراء التى ماتت و لم تعطى البيعة لأبى بكر, حتى أن الامويين إلى حد ما اتخذوا موقف الجمود السياسى و كان ذلك متمثل بالأخص فى أبو سفيان بن حرب و لما استقرت البيعة لأبو بكر أقترح أبو سفيان على الامام على أن يشنها عليهم حربا حتى تكون الخلافة للامام على و قال فى ذلك أبو سفيان قولته المشهورة" لأملاءنها عليهم خيلا و رجالا " و لكن الامام على عنفه بشدة على ذلك و حال دون خططه و لا يمكن أن ننسى أيضا أن الانصار دعموا مرشحهم للخلافة أمير الانصار سعد بن عبادة ليكون خليفة على جميع المسلمين و لا يفوتنا ما دار من نزاع بين الانصار و المهاجرين فى بيعة السقيفة. و ان الانصار سارعوا بترشيح سعد بن عبادة للخلافة , لماذا نتغافل عن كل تلك الاحداث و نغلق العيون عنها و كأنها مؤشرات لفضائح إسلامية لا يجوز الافصاح عنها و تصنيفها فى مصنف أولى الفتن الإسلامية التى وأد نارها أبو بكر الصديق أو اللجوء إلى محاولات تبرير توفيقية و كأنهم يسعون إلى رأب صدع وهمى غير موجود فى الواقع و لكنه موجود فقط فى روؤسهم , أن كل ذلك لا يقلل من مكانة أو شان ابو بكر و لكن الذى يخرج الحقيقة عن موضوعيتها إلى المبالغات و المزايدات السخيفة هو تسطيح الحدث التاريخى و اختزال هذا الحدث المهم و العظيم و الذى يعد نقطة تحول فى تاريخ الامة الإسلامية إلى جملة واحدة سخيفة و غير منطقية و هى " أن كل الامة الاسلامية أجمعت على بيعة أبى بكر"و من هنا جاء استدلال بعض الشيوخ الجامدين على أنه لا يوجد أحزاب فى الإسلام و لكنها سياسة الحزب الواحد و أن التعددية الحزبية لا تصح وفق منظورهم الإسلامى ضيق الأفق !! و إن المرء ليضرب كف بكف على هذه القراءة المغلوطة التى أما أنها تنبع من نية حسنة أو تنبع من غرض خبيث و هذا فيه تسويغ لما قام به عبد الناصر من حل كل الاحزاب السياسية التى كانت موجودة إبان الحكم الملكى و فرض سياسة الحزب الواحد و هو الحزب الحاكم, و ينبع استدلال آخر من قراءتهم المغلوطة لبيعة السقيفة فى أن وجود تعددية حزبية هى خلق فتنة بين فئات المسلمين و التعددية تمنع من قيام أمة واحدة على كلمة واحدة!! كيف لا يدهش المرء من كل تلك القراءات الغريبة المفتراة التى لا تنبع فقط ألا من وعاظ السلاطين أو اقلام السلطة, أن كل تلك المقولات انما هى تأسيس للحكم الشمولى الاوحد الاستبدادى لذلك تم مصادرة أى قراءة أخرى لبيعة السقيفة من أجل التاسيس لتلك الفكرة الإحادية المغلوطة المسيسة من الاساس, و هى اجماع الامة على شخص واحد و سياسة واحدة و كل ذلك يعطى الشرعية لأى حاكم مسلم أن تكون حاشيته هى الحق الاوحد ووجوده على عرش الحكم منفردا حق دينى مكتسب ووجود أى جبهة معارضة هى اخلال بالثوابت الدينية !!

نحو معرفة أدق لحروب الردة

و لذلك تم أيضا اختزال أحداث الردة فى صورة سخيفة و مبتذلة فى أن حروب الردة كانت فقط موجهة للقبائل التى خرجت عن الإسلام بعد موت الرسول صلى الله عليه و سلم و أعلنت كفرها متمثلة فى مسيلمة الكذاب و مدعية النبوة سجاح و لكن الحقيقة أن حروب الردة انطوت على حروب أخرى لم تكن موجهة للمرتدين فقط بل موجهة لمجموعة من المعارضة المسلحة فى الامة الإسلامية, و لمزيد من التوضيح أن بعض حروب الردة أنما هى موجهة إلى فئة من المسلمين أمتنعوا عن أعطاء الذكاة لأبو بكر و لكنهم كانوا باقين على إسلامهم. هذا الحدث يتم اغفاله أو بالأصح صعلكته و لا نعلم لحساب من يتم ذلك؟!, و يقوم بعض المفسرين بضم فئة المعارضة هذه إلى قائمة المرتدين و لكننا فى الحقيقة يجب أن نفصل بين حروب الردة و الحروب التى كانت موجهة لجماعات إسلامية معارضة. تلك هى المعارضة الاولى التى ظهرت فى الاسلام و لكن يجب أن نفرق بين نوعين من المعارضة , هناك معارضة إيجابية أتخذت قنوات شرعية مثل الامام على و متبعيه فهم ممثلون لفئة المعارضة المنظمة المشروعة فى جسد المجتمع الإسلامى و المعارضة السلبية التى تمثلت فى مانعى دفع مال الذكاة و التى لجئت إلى السلاح فقوبلت بحزم من الدولة و هو الضرب على أيدى الخارجين من أجل الخضوع و الدخول مرة أخرى فى جسد الامة الإسلامية, أذن فالمعارضة فى الإسلام لم تكن غريبة عليه بل كانت مشروعة و معروفة و لكن خلفاء و أمراء العصور المتاخرة عن هذا العصر الأسلامى الاول وظفوا أقلام السلطة و وعاظهم لتحويل فئة المعارضة تلك إلى فئة مرتدين و مارقين عن الدين و بذلك تم حبس هذه المعارضة فى صورة سلبية بالإضافة الى صعلكة الموضوع وو ضعه فى أطار زائف لتخريب وعى الإنسان المسلم فتصبح أى معارضة ناشئة للحكم الاستبدادى القائم هى فئة على غير أساس شرعى و هى تعد بذلك خارجة عن الدين باحالتها إلى أحداث الردة التى تمت فى عهد أبو بكر فينطبق الحكم المغلوط الذى بناه وعاظ السلاطين على أحداث الردة بأنهم مرتدين عن الدين و يتم أسقاطها تباعا على أى جبهة معارضة ناشئة !! هل يعقل أن نحتكم إلى مقولات و أفكار مسيسة من أجل التخديم على مصالح الحكم الاستبدادى ؟, لذا يجب دراسة تلك الاجتهادات و الكتابات التى نقرأها و لا نخر عليها صما بكما عميانا و ندرسها فى ضوء العصر و الظروف و الملابسات التى كتبت فيها.

الشكل الحزبى الاول فى الإسلام

بالنظر إلى أحداث بيعة السقيفة فيجب أن نصبغ عليها منظور جديد و مغاير تماما لما هو قائم بالفعل, لذا قمت بمحاولة لتطبيق الآليات السياسية المعاصرة على أحداث بيعة السقيفة حتى أقرب فهمى المعاصر لتلك الاحداث و وجدتها متماشية تماما و أنها نموذج أولى للتعددية السياسية و فكرة قيام الاحزاب و الدوائر الانتخابية. فلو نظرنا لأجلاء الصحابة و كبار الصحابة باعتبارهم ممثلن لقبائلهم فبيعتهم تلزم أفراد قبيلتهم البيعة و تلك المكانة اكتسبوها بفعل الاسبقية فى الأيمان والجهاد و ملازمة رسول الله صلى الله عليه و سلم فنشئت عنها طبقة جديدة من السلطة و السيادة تختلف عن مفهوم السيادة و الأشراف السابق قبل الإسلام. فابو بكر يعتبر ممثلا لقبيلة تيم أحدى البطون القريشية و بالنظر إليها على أنها حزب و هو رئيس هذا الحزب, فان هذا الحزب يدين بالولاء إلى رئيسه و إذا نظرنا إلى عمر بن الخطاب باعتباره من قبيلة أسد أحد البطون القريشية فهو رئيس لحزب أسد و ولاء الحزب له باعتباره رئيسا جديدا للحزب وفقا لمكانته الجديدة التى أصبغها عليه دخوله فى الإسلام و تاريخه النضالى من أجل الإسلام و كذلك الاوس و الخزرج فى المدينة أو يثرب و كل الصحابة المنتمين إلى مختلف القبائل العربية التى يمكن النظر إليها على أنها احزاب سياسية و الصحابة المنتمين إليها هم الرؤساء الجدد لهذه الاحزاب و يجب أن نتفهم أن البيعة و الشورى فى المجتمع العشائرى القبلى يختلف عن المجتمعات المدنية التى تتبع الاحزاب المختلفة بصرف النظر عن الانتماءات العرقية المحلية و فالمجتمع المدنى يدين بالولاء لاحزاب مختلفة تبعا لبرنامجها السياسى و ليس لاشخاص بذواتهم فقد نجد فى الاسرة الواحدة انقسام فى الولاءات بين الاحزاب الموجودة على الساحة السياسية فى حين أن المجتمعات القبلية تتوحد فى انتمائها لحزب معين دون غيره و هذا هو حال شبة الجزيرة العربية وقتها. أذن فهؤلاء الصحابة المجتمعين فى بيعة السقيفة روؤساء أحزاب و غلبة حزب على الأخر هى نتيجة لموازين القوى و الاستناد إلى المحالفات و التآلف بين الاحزاب و مع ظهور الإسلام طرأ مفهوم جديد استطاع أن يحتل لنفسه مكانة و أهمية و هو تخطى الامر من مجرد انتماءات قبلية إلى انتماءات قبلية لاشخاص بذواتهم فهناك قبائل اخرى تساند حزب أبو بكر و تدين له بالولاء مثل حزب عمر بن الخطاب و عبيدة بن الجراح فكلهم بالمفهوم المعاصر دخلوا فى ائتلاف موحد مع الحزب البكرى مكونين الجبهة البكرية فى مقابل الجبهات الاخرى و نجد هذا التوحد و الائتلاف الجبهوى متوحد فى أعلى صوره فى جبهة أو حزب المهاجرين و الذى هو يعد افراز طبيعى أملته الاحداث الإسلامية السابقة على فترة الخلافة الراشدة فظهر كحزب جديد و انتماء قبلى أوسع رقعة من مجرد البطون القريشية إلى قبائل أخرى فى شبه الجزيرة العربية , كل هذه الانتماءات القبلية على مستوى الجزيرة العربية تتحرك كلها تحت مظلة حزب المهاجرين و الذى ظهر من خلال أحداث بيعة السقيفة كحزب متحد ذات برنامج سياسى محدد و مبادىء حزبية متفق عليها من قبل جميع المنتمين إليها, و لا يظهر أى نوع من أنواع الشقاق فيه بعكس حزب الانصار الذى ظهر فيه تضارب المصالح و الشقاق و عدم تكوين ائتلافات قوية بين قبائل شبة الجزيرة العربية كما فعل حزب المهاجرين بالأضافة إلى دخول بعض الاحزاب اليثربية أو بالمعنى القديم القبائل اليثربية فى حزب المهاجرين و مثال على ذلك بشير بن سعد و اتباعه الذى مال بفريقه إلى حزب المهاجرين ضد ابن عمه سعد بن عبادة لربما لاختلافات فى التوجهات السياسية بينهما و لكن التراث لدينا يصور لنا الامر فى صورة غريبة غير منطقية تبين أن رجحان كفة حزب المهاجرين مستند إلى حديث لرسول الله صلى الله عله و سلم يقطع بان الخلافة فى قريش و لا تصح لغير قريش و هو تناقض و تضارب فى خط سير الاحداث !! و هذا يدعونا لتساؤل هام , هل يعقل أن حزب الانصار قد أغفل هذا الحديث النبوى الهام متعمدين و هم يعدون لبيعة السقيفة و ترشيحهم لعبادة بن الصامت خليفة لجميع المسلمين و إذا تصورنا انهم اغفلوا ذلك الحديث متعمدين فهم بذلك قد خالفوا حكم من احكام الدين الصريحة و القاطعة, فهل نتصور ان اجلاء الصحابة من الانصار آثمين و أذا تصورنا أنهم اغفلوا ذلك الحديث غير متعمدين فذلك مما لا يحتاج إلى تعليق منا و هو بذلك ليس أكثر من محاولة للاستخفاف بعقل القارىء و المتدبر للاحداث. و لا مجال لأن يظهر فجاة حديث نبوى فى مفاوضات بيعة السقيفة لينهى الصراع و المفاوضات و يتم تصويره بأن ذلك الحديث النبوى الذى أورده ابو بكر فى بيعة السقيفة أنه وأد نار الفتنة التى كادت ان تشتعل بين المسلمين و يضعون نقطة نهاية للفقرة كانها اشارة إلى وصول احداث بيعة السقيفة إلى هذه النقطة السريعة الغير منطقية و اللاموضوعية بالمرة , إذا كان هذا الحديث مشهورا بالفعل بين المسلمين حينئذ ما حق للانصار هذا الجدل و الصراع حول السلطة بما انه من المعلوم من الدين بالضرورة !! و لا ننسى ان خلفاء بنى امية و بنى العباس هم القريشين و الحديث يخدم على وجود شرعى مفتعل لهم فى السلطة , وفق ذلك الحديث فان الأنصار قد دخلوا تحت مصنف الردة بارتدادهم عن بعض أحكام الدين و حاشا لله أن يكون هذا ما حدث و لا ننسى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد ربى الامة الاسلامية على أنه لا فضل لاعجمى على عربى و لا لعربى على أعجمى ألا بالتقوى و أنه علم الناس انه لا باس فى أن يولى عليهم عبد أسود أميرا لو علموا فيه خيرا. و لا معنى أيضا للمفاوضات التى جرت بين الانصار و المهاجرين فى بيعة السقيفة بعد أن استند ابو بكر لهذا الحديث, حيث يقول الانصار منا خليفة و منكم خليفة فيرد أبو بكر بأن منهم الامارة و فى المهاجرين الخلافة و أن يؤكد ابو بكر على المشاركة السياسية الموسعة للانصار و دخولهم فى حكومة ائتلافية مع حزب المهاجرين باعتبارهما أكبر الاحزاب الاسلامية وقتئذ حيث أنه كانت توجد أحزاب اخرى فى الظل ذلك الوقت و هما حزب الامويين و حزب الهاشمين و قد بزغ نجم حزب الأمويين فى خلافة عثمان بن عفان و تضخم فى عهد معاوية بن ابى سفيان و كذلك صحوة الموت لحزب الهاشمين فى عهد الامام على بن أبى طالب و لو كان أبو بكر له الاجماع التام من كل قبائل الجزيرة العربية ما كان ملزما له التفاوض مع الانصار للدخول فى حكومة ائتلافية حيث يخبرهم أن المهاجرين لا يقضون أمرا بدون الرجوع إلى الانصار و هى أن دلت فتدل على تقسيم كل مفردات السلطة بين حزب المهاجرين و حزب الانصار. تلك هى النظرة الموضوعية و الدقيقة لمجريات الأمور فى وقت أحداث بيعة السقيفة و أن الفهم المغلوط على أن الأنقسامات و الاختلافات بين فئات الامة الأسلامية أنما تمثل فتنة فهو فهم قاصر أو مسيس بنية خبيثة من أجل مصلحة الحكام الاستبدادين و من منطلق ذلك الفهم المغلوط نشأت الأزمة التى حاول البعض التصدى لها و حلها, أزمة مفتعلة لم تكن موجودة, ابتدعها البعض لأجل مصلحة مسيسة و حاول البعض الآخر تبريرها بدافع الزود عن الاسلام ضد هجمات المستشرقين القذرة و ذلك باعتبارها عيب أو ثغرة وجب سدها !! و هى ليست بالعيب أو الثغرة و لاهى بمأزق أو إشكالية على الاطلاق, أذن فليس من المنطقى أن يفوز شخص مهما بلغت مكانته باجماع الأمة كلها و ألا أننا نسخر من عقولنا و نسخر من إسلامنا و نعطى الفرصة الذهبية لهجمات المستشرقين الخبيثة و هى أيضا تجافى الاحداث المذكورة فى الأثر و أن تأويلات تلك الاحداث المزعومة هى التى خلقت الأشكاليات التى لا وجود لها فى أرض الواقع و بالعودة الموضوعية إلى طبيعة الاحداث نفسها يمكن فهم الامور فى وضعها الصحيح و المفروض هو تفسير الحدث ذاته بنزعه من سياقات و شروحات الاقدمين و من تبعهم من المحدثين. و لا يمكن أن نفوت خطبة أبوبكر الصديق ساعة توليه مقاليد السلطة حيث خطب فى الناس مؤسسا لفكرة شرعية المعارضة السياسية الأسلامية و مؤسسا لفكرة أن ولاية الخليفة تأتى من الامة و برضى الامة وفق القواعد و القوانين التى أرساها لنا الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم و لا يشترط فى البيعة أجماع كل أطياف الامة الاسلامية و أنه كما تمت له البيعة بالرضى يجوز فى ذات الوقت خلع بيعته أذا حاد عن الطريق المستقيم. نلك هى أسس البيعة السليمة التى أسس لها ابوبكر الصديق فور توليه السلطة و بذلك أعطى الضوء الأخضر لوجود مجلس رقابة و محاسبى متكون من الصحابة من كلا الحزبين (الأنصار/ المهاجرين) و لو كانت الامه كلها أجمعت كما يدعى فما الداعى لوجود منفذ للمعارضة طالما اتفق الجميع عليه و كثيرا ما أختلف الصحابة مع ابوبكر فى شأن حروبه ضد المسلمين مانعى الذكاة و أعطوها فيما بعد عن يد صاغرين و كان على رأس جماعة المعارضة وزير و صديق ابوبكر المقرب عمر بن الخطاب.

مانعى الذكاة .... جبهة معارضة مسلحة:

و لكن دعونا نستعرض لماذا اتخذ مانعى الذكاة هذا الموقف؟ , هذا الموقف لا يلقى نصيبا من العرض و الشرح و التحليل و التفنيد الموضوعى لان المفسرين يناؤا عن أن يفسروا ذلك بظهور جبهة معارضة مسلحة ترفض بيعة ابى بكر على جميع الامة الاسلامية. امتناعهم عن اداء الذكاة هو اعلان صريح لرفض بيعة ابى بكر و عدم موافقتهم على تنصيبه خليفة عليهم و نلحظ أنهم لم ينالوا نصيبا من تقسيم السلطات كما نال الانصار النصيب الأوفر من ذلك, و بابعادهم سياسيا و دخلوهم فى نطاق العوام من الرعية و هو ما لم يقبلوه على حد تصورى الشخصى الذى لا يرقى إلى مستوى اليقين المطلق و لكنه اليقين القابل للنقد و الجدل و لكنهم فى ذات الوقت يمثلون قطاع صغير من جملة رعية المجتمع الاسلامى الجديد فى الجزيرة العربية لذا فهى لا تمثل وزنا سياسيا حقيقلا بمثل ما يمثل الانصار من وزن سياسى ثقيل فى المجتمع الاسلامى الجديد لذا فوزنهم السياسى الضئيل لا يستطيع ان ينتزع لنفسه أى مكانة سياسية أو سلطوية فى تلك الحكومة الائتلافية الجديدة و لا يمكن إحالة معارضتهم بأى حال من الاحوال إلى أنهم معارضين لولاية ابى بكر لأن الولاية منصوصة للامام على بعد الرسول صلى الله عليه و سلم و الدليل على ذلك أنهم اذعنوا فى نهاية الامر لسلطة الحكومة الجديدة و لم نعرف فى التاريخ الاسلامى أنهم امتنعوا عن اداء الذكاة من أجل اغتصاب ابوبكر لولاية الامام على المنصوص عليها من قبل الله سبحانه و تعالى و لم يذكر فى التاريخ أن الامام على أنضم إليهم باعتبارهم جبهة معارضة مسلحة و لم يؤيد و لا حتى بارك خروجهم على ابوبكر ,هذا هو ما أثر عن التاريخ الاسلامى المدون فى أمهات الكتب و ما عاداه فلا علم لى به. فجبهة المعارضة العلوية جبهة معارضة تستخدم القنوات الشرعية بالمفهوم المعاصر و هى جبهة معارضة مشروعة و تمثل قلة فى جسم المجتمع الاسلامى وقتها و هناك جبهة المعارضة المسلحة لمانعى الذكاة و التى عبرت عن المعارضة باستخدام القوة و كان من حكمة أبو بكر أن قابل عصيانهم المسلح باخضاع مسلح من جهته, و ذلك لانه لو كان امتثل لمشورة الصحابة و على رأسهم عمر بن الخطاب لخرجت كل قلة بما رأت و هوت و انفصلت و بذلك لتحولت الدولة الاسلامية الناشئة لدويلات صغيرة متصارعة متناحرة و لعادت مرة أخرى قبائل عربية متشرذمة تتصارع على مواقع السلطة الجديدة و هى رؤى بعيدة المدى و حكمة صائبة من ابوبكر الصديق لتثبيت دعائم الدولة حديثة الولادة , فهو أسس لفكرة المعارضة الايجابية و رفض المعارضة النازعة لاستخدام القوة و تلك تعد من جهته تربية ديموقراطية قام بها للامة كانت فى مهدها وأد نموها معاوية بن ابى سفيان بتحويلها إلى ملك عضود و لم يعطى الفرصة لقيام دولة اسلامية نموذجية تقوم على أركان الديموقراطية و التعددية الحزبية و لكن بمفهوم إسلامى بحت.

البيعة...أفكار طليعية فى فخ اجتهادات التخريب:

فى قرون لم تكن تعرف غير النظام الملكى الاستبدادى و الحكم المطلق و رفض مبدأ تداول السلطة و اختيار الأمة لحكامها, كلها كانت أفكار تنويرية طليعية لم يعرفها العالم فى ذلك الوقت و لم تظهر له أى بوادر ممهدة لمثل تلك الافكار فى أى بقعة من بقاع العالم ألا أن تلك الافكار كانت مكتملة النضج و قابلة للتطبيق الفورى فى المجتمع الاسلامى الذى أسسه رسول الله صلى الله عليه و سلم, فى الوقت الذى كان كل العالم غارق فى ظلمات الجهل الدينى و السياسى و الاجتماعى خرج للعالم من تلك البقعة المباركة أول نموذج ديموقراطى بصبغة إسلامية تحمل مقومات الدولة الحضرية التى لم تمهلها الدولة الاموية فرصة النمو و قتلتها فى مهدها و عادت لتؤسس مرة أخرى لأفكار الحكم الاستبدادى فتتلمذ فى العصور التى تلت عصر الخلفاء الراشدين على أيدى أمراء الظلم و خلفاء الاستبداد فقهاء يتمتعون بجهل سياسى و يسوغون ولاية الحاكم الفاسق المستبد كما ثبت أركانها الماوردى و ابن تيمية و الغزالى فى عصور شهدت موت الديموقراطية الإسلامية لتفتح المجال أمام عصور الاستبداد الملكى و توريث الحكم و تعبيد الطريق للظلم تحت مظلة أسلامية ابتدعها فقهاء السلطة و ما أنزل الله بها من سلطان و قد بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم ليحارب كل أشكال الحكم الملكى المستبد و اشكال توريث الحكم و اغتصاب الحكم و اقصاء دور الشعب فى انتخاب حاكمه و كل اشكال السلطة السلبية المنافية لروح و جوهر الاإسلام و لا ننسى أن الله القائل على نفسه " و ما ربك بظلام للعبيد" فأن الله الذى لا يرضى الظلم علينا لا يرضى أيضا أن يحكمنا من استبد بنا و ظلمنا ؟, لا يمكن أن يرضى ابدا بحاكم مستبد, فاسق, ظالم و لكنها أفكار أنتجتها دول الظلم و القهر مثل الدولة الاموية كبذرة اولى و رسختها بقوة الدولة العباسية حتى أضحت من أصول الفقة و التشريع السياسى فى الإسلام و جعلت من الثوابت التى لا يجوز نقدها أو التجريح فيها. و لذلك تم تسيس قراءة التاريخ الإسلامى للجيل الأول و نزع الروح السياسية الإسلامية العادلة عنه و تحويله إلى قراءة مبسطة تخدم على أفكار كل الحكام الاستبدادين بمساعدة فقهاء عصرهم سواء بسوء نية منهم أو بجهل منهم و كلاهما أضرا بالإسلام ضررا عظيما و الإسلام برىء مما نسب إليه من اجتهادات فقهاء تلك العصور و نتج عن ذلك أن تصيد لنا اعداء الدين من المستشرقين الغربيين و الآن الباحثين العرب اللادنيين العديد من الثغرات و كأنهم اكتشفوا للاسلام عيبا يباهوا به أنفسهم و لكنهم يباهون به جهلهم و هو وجوب التفريق بين شرائع و أحكام الإسلام و بين اجتهادات فقهاء أمثال هؤلاء لا يمت عملهم للإسلام بصلة من قريب أو بعيد. فيخرج الكثير منهم بأن اجماع الامة كلها على بيعة أبو بكر هو نوع من الاكراه و التسلط الذى مارسه ابوبكر على الامة الإسلامية ليجمع الأصوات عليه و يستبد بالخلافة و جعلوا بيعته مؤشر جلى و واضح للاستبداد و ذلك نتيجة للقراءات الغير منطقية التى فرضها فقهاءنا على النصوص التاريخية و انزلوا بها بما ليس فيها فزينوا لشياطين الغرب أعمالهم و وثقوا لهم كاحسن ما يكون و لكن يستقيم أن تتم البيعة لأبوبكر بين معارض و مؤيد و هذه هى سنة الحياة و هكذا تسرى الامور و ماعادا ذلك ليس منطقيا و ليس مقبولا و هو من باب المزايدات و المغالاة و تحميل الامور ما لا تحتمله. و قام علماء ديننا بتسطيح أحداث الردة و خلطوا الاوراق ببعضها البعض و جعلوا المرتدين مثل مانعى الذكاة و كلهم مرتدين فمهدوا الطريق للمستشرقين أن يطعنوا فى نزاهة أبو بكر و جعلوه رمز للاستبداد و الظلم و انه الرجل الذى يقبر أصوات المعارضة له و يستندون فى أدلتهم إلى بعض أقوال علماءنا الكرام فى ذلك لمحاربته مانعى الذكاة الذين لم يرتدوا عن الإسلام و رغم عن ذلك حاربهم أبوبكر باعتبارهم مرتدين و كل ذلك نجم عن الخلط بين الاوراق التى احدثها بعض علماءنا الكرام فى هذه الاحداث بحجة الدفاع عن الإسلام, فحسبوا أنهم أحسنوا صنعا فى حين انه حبطت اعمالهم. هؤلاء الفقهاء و علماء الدين و مفسرى التاريخ خلفوا تراثا من الاجتهادات المسيسة فى قراءة تاريخ الجيل الأسلامى الاول أقتفى على أثارهم فقهاء عصور لاحقة سارت على ضربهم بدون تحليل و تمحيص باعتبار اجتهاداتهم هى من أصول التشريع الإسلامى و بدلا من رفضها أسسوا لها أكثر و أكثر حتى رسخت مكانتها بيننا و أصبحت مقدسة لا تقبل المناقشة أو النقد. بينما تلك التفسيرات أساءت كثيرا لأبوبكر و لو أنهم اقتنعوا بالتفسير الموضوعى فى تحليل الأحداث لكانت فى صف أبوبكر أكثر من أن تكون ضده لو أنهم أعملوا القليل من الفهم فكما سبق و أسلفنا لا يضره أن يبايعه الكل فهذه حتمية بشرية و لا يستوى أن يبايعه الجميع كمثل أن يحصد 99.9% من الأصوات لأننا لو سلمنا بهذه الفكرة لاعتبرنا أن هناك خلل قد يعود بالسوء على هؤلاء الصحابة الأجلاء بأكثر مما ينصفهم.

نص الولاية بين الثبوت و الأسطورية

و طبقا للاعتقاد الشيعى فى النص بالخلافة للامام على و أنها أمر ألهى, أمتنعت الأمة كلها عن الأمتثال له و بذلك يؤسس الاعتقاد الشيعى لفكرة بداية الظهور الاول للفكر العلمانى فى العقل البشرى و التجرد من الحاكمية الالهية و الامتثال لحاكمية البشر و ذلك لأنكار جميع الامة الاسلامية حق الأمام على الألهى فى الخلافة و السكوت عن تلك المخالفة الألهية التى قام بها أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم المنشقين عنه و هذا مما لا يسوغه عقل و لا يقبله إنسان لأن الاسلام جاء ليقضى على كل الأفكار المتصلة بالحق الألهى المكتسب فى كرسى الحكم و عمل الشيعة على التأصيل لأفكار التخلف السياسى من منطلق النص الألهى للولاية و إخراج الفكر السياسى الإسلامى من طور الصلاحية الأزلية لطور الرجعية و التخلف و إحالة بيعة الأمة الإسلامية للامام على على الخلافة على أنها عودة لمبايعته على حقه الألهى المكتسب فى الخلافة, و هل هذا يجيب على التساؤل القائم بافتراض صحة مذهبهم فما هى حاجته لاخذ الييعة من المسلمين على خلافته بما أنها حق ألهى مكتسب و لماذا قبل بالتحكيم بينه و بين معاوية بعد معركة صفين. بتلك الفكرة المبتذلة عن النص بالولاية قضوا على أى منفذ ضوء يعلن للعالم الغربى الظهور الاول للنموذج الديموقراطى فى العالم الإسلامى من أربعة عشر قرنا مضت الذى يدعون ابتكراه, سابقة فى التاريخ الإسلامى لم يصل إليها أى مجتمع و جردوا بيعة الامام على القائمة على الأرادة الحرة للأمة الاسلامية و أجماع القلوب على الامام على لحقوقية ألاهية لا دخل للبشر فيها و يتحول بها الامام على من خليفة منتخب من الامة إلى خليفة مقدس يمثل ظل الله على الأرض مفوض من الله و ليس مفوض من الامة مغفلين الآيات الواردة فى آمر الشورى " و شاورهم فى الامر" ... " أمرهم شورى بينهم" و ذلك من أجل التخديم على فكرة لمن تكون التبعية و لمن تكون مقاليد السلطة فهم استنادا لذلك الاعتقاد المسيس جعلوا من الخلافة الالهية للامام على شرعية لاتباع المذهب الشيعى و دعوة مضمنة لحقهم فى قيادة الامة الاسلامية بواقع تلك الحقوقية الملفقة و تسويغ فكرة أن يلعبوا دور القادة و أن تعلب باقى تيارات الامة الإسلامية دورالمتبوع, ليس استنادا إلى الكفاءة و القدرة و الخبرة و لكن نتيجة لغطاء دينى مزعوم يخدم على مصالح الصفوة و فقط!! , و فى كل تلك القراءات المسيسة أيضا من جانب أهل السنة تجريد لحقيقة البيعة و مفهوم الخليفة و مبدأ الشورى الذى لا ننكر أن معاوية بن ابى سفيان قد حطمه و طمسه طمسا حتى نسى تماما و حولوا طبيعة الصراع بين الامام على و معاوية بن ابى سفيان إلى خلافات اجتهادية و رفع معاوية إلى مرتبة الصحابى الجليل كاعطاءه نوع من الحصانة ضد الانتقاد و النبش فى فتنة عصره التى ابتدعها , و قد أصبح مفهوم الصحابى عند أهل السنة بمقام الحصانة الممنوحة لعضو مجلس الشعب كما هو الحال لدى الشيعة فيما ينظرون لأل البيت و متبعويهم. فكرة الحصانة و القدسية و الهلالية و التحصين و غلق باب البحث و التفنيد فى شخوص هؤلاء عند كلا المرجعيتين أهل السنة و أهل الشيعة نفس ما يمكن أن نراه متجليا اليوم فى نواب الحزب الوطنى فى مجلس الشعب و مسئولى الحكومة الذين هم اعضاء الحزب الوطنى و الذين يعلون فوق سوط القانون و المساءلة و المحاسبة أو أى قرارات بسحب الثقة من مسئول معين أو توجية أى نوع من الاتهامات ضد كل من هو وطنى.

حرية التعبير .... لماذا يتم أغفالها ؟!

أعطوا الضوء الأخضر بقراءتهم المغلوطة هذه للافكار الاستبدادية أن تمر مرور الكرام و صعلكة ما قام معاوية و اختزاله فى حدث مفرغ المضمون و هى مظلة الخلافات الاجتهادية بين أثنين من اجلاء الصحابة , تبسيط و تسطيح للفكرة يخرج الدين الإسلامى من طور العقلانية لطور التخلف و الرجعية و ترسيخ لكل مبادىء الظلم و الاستبدادية لذا على صوت الرافضين لربط الدين بالسياسة متكئين على تلك القراءات المغلوطة فى التاريخ الإسلامى و التى لهم الحق فى رفضها بل و التجريح فيها أيضا و التى لا يسوغها أى عاقل و الأسلام يتبرأ منها فى أصله النقى, فلا يستقيم أن يخطب أبوبكر فى الناس أن يطيعوه ما دام يطيع فيهم الله و رسوله و أن يقوموه إذا لم يطع فيهم الله و رسوله فشخص يحمل فى جعبته احاديث تسوغ له حكم جائر ظالم استبدادى لا يخضع للمحاسبة او المساءلة و أيضا لديه ما يحصنه من أحاديث إذا كان فاسقا يخلع برقع الحياء و يلبس برقع الفجور و السفور , من لديه مثل كل تلك الحصانات الشرعية لا حاجة له لان يواع الامة و يلاطفها بينما هو مسلح باحاديث قوية مروية عن رسول الله تطلق يده لتصنع ما يشاء و أن مثل هذه الاحاديث تذكرنى بثلاثين مادة فى الدستور المصرى تعطى صلاحيات مطلقة لرئيس جمهوريتنا ليصنع بنا ما يشاء. و هل يغيب عنا معارضة امرأة لعمر و هو خليفة لكل الامة الاسلامية أى رئيس جمهورية بالمفهوم المعاصر و قد كان ذلك فى وسط جمع غفير للمسلمين و وسط صحابته و صحابة الرسول الكريم اى النخبة الحاكمة و القائمين على أمور إدارة البلاد فينزل عمر بن الخطاب إلى قولها قائلا: " أصابت امرأة و اخطا عمر" بعيدا عن شيم التواضع و الاخلاق الحميدة و كل ما يتغنى به وعاظ المساجد حول عمر بن الخطاب و هو اهلا لها و لكن يجب الرجوع إلى ظروف عصره و ملابساته التى لا نفصلها أبدا عن السياق العام للحدث و من ثم بناء احكام لا تتسق مع طبيعة الامور لا شان لها ألا اسطرة كل المرويات و تحويلها إلى مفاخر و مآثر عن هؤلاء الصحابة الاجلاء بينما لو عدنا إلى ظروف ذلك العصر الذى عاشته الامة الإسلامية أيبان الخلافة الراشدة نجد أن ذلك لم يكن جنونا أو جراءة بالغة من المرأة بقدر ما هو نابع من شيم و أخلاق و مبادىء هذا العصر , مناخ و جو بيئى يملى على الجميع توافر جو الحرية سواء أبى أو شاء عمر و لكن اتفقت المشيئة العمرية مع ظروف العصر أينذاك المتسم بمناخ الحرية , ظروف ذلك العصر هى التى اقرت وجود جبهة معارضة دائمة فعالة قوية حاضرة للمحاسبة و المساءلة و مراقبة الحكام و المسئولين و القائمين على أمور و إدارة البلاد يقفون للنخبة الحاكمة بالمرصاد و الكل يدور فى فلك و أطار الشريعة الإسلامية و تطبيق الاحكام متبعين كلهم كتاب الله و سنة نبيه, و أن القرآن دستور الامة و هى شريعة التعاقد بين كلا الطرفين الحاكم و المحكوم كما بين خطوطها الرئيسية أبو بكر الصديق فى خطبة توليه الخلافة الإسلامية.

مصدر: عقائد الشيعة - طارق العماوى - دار الفكر الحديث

دراسات و بحوث: الأختلاف : الأسباب و الدوافع بقلم/ عماد منسى و مروان محمد

الاختلاف بين الناس

بقلم/ عماد منسى

الاختلاف بين الناس في شئون دينهم وفي شئون دنياهم ، أمر قديم ، وسيبقي هذا الاختلاف بينهم الي أن يرث الله الارض ومن عليها . وهذه الحقيقه قد اكدها القرأن الكريم في كثير من أياته ، ومن ذلك قوله تعالي :
" ولوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين ، الا من رحم ربك ولذلك خلقهم "
سورة هود الايتان 118 و119

أي : ولوشاء ربك - أيها الرسول الكريم - الحريص علي ايمان قومه ، أن يجعل الناس جميعا أمة واحده مجتمعه علي الدين الحق لجعلهم ، فان مشيئته لايمنعها مانع ، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك ، ليتميز الخبيث من الطيب ، ولايزال الناس مابقيت الدنيا مختلفين في افكارهم ، واتجاهاتهم ، ومقاصدهم ، وامالهم ... الا الذين اصابتهم رحمة ربك ، فاهتدوا الي طريق الخير فاتبعوه ..

واعلم أن الحكمه الالهيه قد اقتضت أن يكون الناس مختلفين ، وأن رحمة ربك التي وسعت كل شئ ستشملهم ، مادام اختلافهم من اجل الوصول الي الحق والصواب . وشبيه بهذه الايه قوله تعالي :
"ولوشاء الله لجمعهم علي الهدى فلاتكونن من الجهلين " سورة الانعام الايه 35

والاختلاف بين الناس في القضايا الدينيه أو الدنيويه ، له اسباب متعدده ، وبواعث متنوعه ، منها : الظاهر الجلي ، ومنها الباطن الخفي ومنها : مايكون الدافع اليه : معرفة الحقيقه علي الوجه الاكمل والاوفق ، واقامة الادله والبراهين علي ذلك ، وهذا مايسمى في عرف علماء البحث : بالمناظره أو الجدل . ومنها : مايكون الدافع اليه سوء النيه ، واللجاج ، والغرور ، والتباهي وهذا مايسمي بالمكابره والمعانده .

ومن اسباب الاختلاف بين الناس :-
- عدم وضوح الرؤيه للموضوع من كل جوانبه ، فهذا فهمه من زاويه معينه ، واخر فهمه
من زاويه اخري ، وثالث فهمه من جهه تختلف عن جهتي الاول والثاني ..

وقد قال الحكماء قديما : أن الحق لم يصبه الناس من كل وجوهه ، ولم يخطئوه من كل وجوهه ، بل أصاب بعضهم جهة منه ، وأصاب أخرون جهة أخري . وقد مثلوا لذلك بجماعه من العميان ، انطلقوا نحو فيل ضخم ن فوضع كل منهم يده علي قطعه من جسده ، ووصفه بالصوره التي تصورها ، فقال الذي وضع يده علي رجل الفيل :
- ان هذا الحيوان هيئته كالنخله الطويله المستديره . وقال الذي وضع يده علي ظهر هذا الفيل : _
- ان هيئته اشبه ماتكون بالهضبه العاليه ، والارض المرتفعه ...

وهكذا كل واحد منهم وصف الفيل بالوصف الذي مسته يده ، وهو من هذه الناحيه صادق ، ولكنه من ناحية تكذيبه لغيره مخطئ . وهذا اللون من الاختلاف ربما يعد أيسر الوانه ، لانه من المتوقع ان يضمحل أويزول ، بعد معرفة الحقيقه كامله ، وبعد معرفة المساله من كل وجوهها ، وبعد أن يحرر موضع النزاع ، ولذا قالوا : اذا عرف موضع النزاع بطل كل خلاف .

ومن اسباب الاختلاف بين الناس ايضا :-
- العكوف علي تقليد الاخرين دون دليل أو برهان . وأن تقرأ القرأن الكريم ، فتجد كثيرا من أياته ، تنعي علي الغافلين والجاهلين والضالين عكوفهم علي تقليد سواهم من الاباء أو من الرؤساء .. ومن الايات التي وردت في ذلك قوله تعالي :-
" واذا قيل لهم اتبعوا ماأنزل الله قالوا بل نتبع ماألفينا عليه أباءنا أولو كان اباءهم لايعقلون شيئا ولايهتدون ." سورة البقره الايه 170

أي : واذا قيل لاولئك الذين أثروا الضلاله علي الهدي ، والغي غلي الرشد ، اتبعوا ماأنزل الله تعالي علي رسوله صلي الله عليه وسلم من قرأن يهدي الي الحق ، أعرضوا عن سماع النصيحه ، وقالوا بسفاهه وعناد : بل نتبع ماوجدنا غليه أباءنا من عبادة الاصنام ، ومن خضوع للرؤساء .

ويرد القرأن عليه بأسلوبه الساخر من التقليد والمقلدين فيقول :-
" أولو كان أباؤهم لايعقلون شيئا ولايهتدون " سورة البقره الايه 170
ان التقليدللأباء والرؤساء وغيرهم ، من أشد أسباب الاختلاف بين الناس ، لاسيما اذا كان عن عناد ، وجحود للحق ، وانقياد للهوي والشهوات ...

ومن اسباب الاختلاف بين الناس التعصب للرأي ن والحسد لألاخر علي ماأتاه الله من فضله ، والحرص علي المنافع الخاصه ، دون التفات الي سواها ، والانقياد للهوى، ولتطلعات النفس الاماره بالسوء ... وكل من يدقق النظر في اكثر الخلافات التي دبت بين البشر قديما وحديثا يري معظمها مرده الي هذه الاسباب المرذوله .

ولقد حكي لنا القرأن في كثير من أياته ، أن بعض المشركين ، كانوا يعرفون أن الرسول صلي الله عليه وسلم صادق فيما يبلغه عن ربه ، الا أن العصبيه والاحقاد والغرور والعناد، كل ذلك حال بينهم وبين اتباعه ، وحملهم علي أن لايخالفوه ، بغيا وظلما . ومن الايات التي قررت هذه الحقيقه قوله تعالي :
" قد تعلم انه ليحزنك الذي يقولون فانهم لايكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون "
سورة الانعام الايه 33

قال الامام ابن كثير عند تفسيره لهذه الايه ماملخصه : يقول الله تعالي مسليا لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم في تكذيب قومه له ، ومخالفتهم أياه : قد أحطنا علما بتكذيب قومك لك، وهم لايتهمونك بالكذب ، ولكنهم يعاندون الحق .. كما قال ابوجهل للنبي صلي الله عليه وسلم انالانكذبك يامحمد ، ولكننا نكذب ماجئت به .

وقال ايضا عندما سئل عن النبي صلي الله عليه وسلم : والله اني لأعلم أنه نبي ، ولكن متي كنا لعبد مناف تبعا ؟!!

والخلاصه ان كثيرا من الخلافات التي تدور بين الناس مردها الي عدم فهم الموضوع من كل جوانبه أو الي التقليد العقيم أو الي التعصب الذميم أو الي الأنقياد للهوي والمنافع الخاصه ، أو الي الحسد والبغي والعدوان ، أو الي حب الشهره والتفاخر ، أو الي اثبات الوجود عن طريق الكلام ، أو الي اختلاف العقول والافهام ، أو الي حب الرياسه والسلطان ، أو الي سيطرة الاوهام ، أو غير ذلك من الاسباب التي منها القبول ومنها المرذول .

فقه الاختلاف

بقلم: مروان محمد

هو الفقه الذى يفتقد اليه معظم الناس, فقه نحن فى الظرف الراهن فى امس الحاجة اليه و لكننا لا نلتمس الطريق اليه باى حال من الاحوال, لا نعرف كيف نختلف و متى نختلف و كيف نحترم بعضنا البعض فى ظل الاختلاف, اصبح الاختلاف و احادية التفكير و الاعتزاز بالراى ثمة لا تصطبغ بها جماعة او فئة او تيار و لكن يصطبغ بها كل فرد.
تحولنا من اجهزة استقبال و ارسال الى اجهزة ارسال فقط, لا يسمع كل طرف الاخر و لكن ينجرف فى لفظ ما يريد ان يلفظه امام غريمه دون ان يكلف نفسه عناء الاستماع الى غريمه او الطرف الاخر و اصبح التشبث بالراى من كرامة كل فرد و كل جماعة و اصبح احتكار معرفة الحقيقة هى الفكرة المحورية التى تؤسس عليها مختلف الحركات و الجماعات.
هل من حل لنعيش فى ظل التعددية و ثقافة الاختلاف ام ان الراى الواحد سيظل هو سيد الموقف و المحرك الاساسى لجميع الفتن مع الاسف الشديد, اصبح هو الوقود المحرك لكل التعصبات و اصبح سمة تميز كل جماعة عن الاخرى و الفرد دون الاخر, كم منا يمتلك اذان صاغية ليستمع الى الطرف الاخر و يتقبل الاختلاف معه بصدر رحب, كم منا لا يبدأ عبارته بمثل: " الحقيقة هى دى" أو " هو ده الكلام الصح" أو " اللى بتقوله ده غلط", " اصل انت مش فاهم" , " دى حاجة معروفة و معلهاش خلاف" , " انت حتفهم اكتر منهم" و الكثير من الكلام الذى لا يؤسس ابدا للتعددية و التعايش فى ظل الاختلاف و لكنه يؤسس للفرقة و البغضاء و الكراهية و الطائفية.
هى فكرة عادات و تقاليد و ثقافة معينة نشا عليها مجتمع بالكامل او تسربت كالسرطان الخبيث الى جسم المجتمع و اصبحنا نتباهى بالاختلاف و نرفض تقريب وجهات النظر او الوصول الى حلول وسطى او حتى الاعتراف بالاخر, و ترتب على ذلك ان كل مسئول جديد يهدم كل ما انجزه المسئول السابق باعتبار ان الخطط التى سيقوم بتنفيذها المسئول الجديد هى الافضل و الاجود و ... ألخ
الى متى سنترك جرثومات خبيثة مثل هذه تهاجم جسد المجتمع المصرى المنهك اساسا, لماذا لا تتعدد الرؤى و الافكار و التفسيرات و نعيش كلنا فى ظل هذا الثراء المعرفى الغنى بالتنوع, الغنى باشكال و اطياف و الوان مختلفة من المعارف و الشروحات, لماذا يتم الحجر و المصادرة لكل الافكار و تثبيت فكرة واحدة و يتيمة لا تتجدد بفعل التنوع و لكنها تشيخ و تتحجر على ما هى عليه و لا يقبل فيها تعديل و لا تغير و لا تطوير و لكن تترك على حالتها دون المساس باعتبارها الحق الوحيد و السبيل الاقوم الى غير هذا من كلمات لا تفى الشىء حقه باكثر مما تكرس للكراهية و جو من العدوانية و التحفز الدائم, يمكننا ان نجلس و نتذكر سويا كم من مجلس حضرناه و اختلفنا فيه و لم يسمع كلا منا الطرف الاخر و تحول النقاش من ان يكون الهدف فيه الوصول الى منطقة وسطى او تحرى الحقيقة الى تمسك كل طرف بالحقيقة التى يملكها و يعتز بها لانها اصبحت تمثل كرامته و اى مساس بها اهانة شخصية موجهة الى صاحب هذه الفكرة!!
كم منا لم يكن يسمع الطرف الاخر و ظل يصم اذنيه عما يقول و يتلقى منه الكلمات و لكن دون ان يعيها او يفكر فيها و ينتظر دوره حين ينتهى الطرف الاخر من الارسال ليبدأ هو ايضا الارسال و تتلاقى الموجات لتحدث ضوضاء و يكون الحوار غوغائى غير حضارى و اللافت للنظر ان كل المناظرات التيفزيونية فى برامجنا العربية دائما ما تحفل بالتلاسن بين طرفى المناظرة و لا تسمع اى شىء من الطرفين لان الاثنين عزما على الكلام فى نفس الوقت و فى ارسال الشتائم و القوائم الجاهزة و المقولبة للاتهام و التخوين و التفسيق و كلا منهما يطلق ما فى عجبته بدون ان يعطى لنفسه و لو ثانية واحدة ليسمع الطرف الاخر.
افتقدنا اداب الحوار و اصبحنا ننبذ الاختلاف فى الرأى و نكره تعدد الراى و اصبحنا نقدس الراى الواحد و الالتفاف حول الراى الواحد باعتبار التفافنا جميعا حول راى واحد و منهج واحد هو مفتاح الامان و الاختلاف فى الراى لا مجال للتعايش معه و انه مفتاح الفتنة و التشرزم بينما حقيقة الامر ان الوضع الراهن الذى يعيشه المجتمع المصرى هو آفة من آفات رفض الاختلاف فى الراى و تقبل الراى الاخر, الوصايا التى يفرضها كل طرف على الطرف الاخر بدون وجه حق.
هل من الجائز ان يتغير هذا السلوك الشائن و ان نتعامل معه على انه سلوك مبنوذ مرفوض غير مرحب به, ضيف غير مرغوب فيه, هل من الممكن ان نفعل دور اذاننا فى الاستماع الى الاخر و نعطى اجازة لالسنتنا التى تهوى سلق الاخرين و النيل منهم و التنكيل بهم عبر كلمات جارحة, هل من الممكن حينما يفلس طرف من الاطراف فى الحوار او يفشل فى اقناع الطرف الاخر حتى ان يلتقيا فى منطقة وسطى الا يبدأ فى ارسال عشرات الاتهامات الظنية القاسية و التجريج و التشكيك فى نوايا الطرف الاخر. هل من الممكن ان يحدث كل ذلك, هل من الممكن ان نجلس لمرة واحدة و نسترخى فى مقاعدنا و نسند ظهورنا الى ظهور مقاعدنا و نفكر للحظة واحدة ما الضرر فى ان يختلف معى الاخرون و فى نفس الوقت احترمهم حتى اكسب احترامهم وودهم.

دراسات و بحوث: الفكر السلفى بقلم/ مروان محمد



البيئة التى كونت فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب

تم تأسيس المذهب السلفى على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب و قد نشأ الشيخ محمد عبد الوهاب فى بيئة كانت تمتلىء بالبدع و الاساطير و الخزعبلات و الشعوذة و الدجل و كان هدف الشيخ هو مكافحة كل أشكال البدع و الشرك و الدجل و الشعوذة التى دخلت إلى الإسلام و تنقيته من هذه الشوائب التى لحقت به فى شبه الجزيرة العربية و قد تبين له أن هذا الجانب من الخزعبلات و الدجل و البدع قد أحتل مكانه عظيمة بين عوام أهل شبه الجزيرة العربية و سيطر عليهم سيطرة تامة و قامت أنواع عديدة من الشرك منها التضرع إلى الأولياء و طلب الشفاعة و السؤال و الحاجة من أصحاب الأضرحة و التبرك بهم و لو أن الدكتور محمد الدخيل المفكر الليبرالى السعودى يختلف مع هذه الرؤية و يطرح تصور آخر لسبب قيام الدعوة السلفية و هى نتيجة للشقاق و التصدع القبلى الذى أثمر فكرة الوحدة السياسية من خلال طرح مفهوم التوحيد و الذى كان يمثل الركيزة الأساسية لدعوة الشيخ عبد الوهاب و لكن بالرجوع إلى الأسباب التاريخية التى يرويها أتباع الدعوة الاصلاحية للشيخ عبد الوهاب كما يسمونها كانت خطة الشيخ عبد الوهاب هى القضاء على كل تلك المظاهر السلبية و دعوته من خلال الخطابة الدينية استطاعت أن تحدث حراك دينى فى هذه البيئة الصحراوية و لكنها لم تؤتى الثمار التى كان يرجوها الشيخ محمد بن عبد الوهاب فأدى ذلك إلى أن يتطور تفكيره من مرحلة الدعوة بالكلمة و تغير المنكر باللسان إلى تغيير المنكر بالقوة و حتى يتسنى له تحقيق هذا الشرط فينبغى له أن يستند إلى قوة عسكرية تعينه على تحقيق مراماه خصوصا و أنه تلقى هجمات شديدة من العديد من رجال الدين وقتها الذين يتبعون الصوفية و بدعها على حد قول اتباع الدعوة السلفية و أيضا تعرض لنبذ و الطرد من مريدي الطرائق الصوفية و كانت الفكرة المحورية و الاصلاحية كما سماها الاتجاه السلفى من اتباع الشيخ فيما بعد تقوم على ركيزة التوحيد و نبذ كل أشكال الشرك بالله و لذلك ألف العديد من الكتب و الرسالات فى مفهوم التوحيد و شهادة لا أله ألا الله و تفسير مختصر لسورة الفاتحة التى أتخذت فيما بعد على يد اتباع المنهج السلفى الركائز الاساسية لمنطلقات الفكر السلفى.

ملامح تكوين الفكر السلفى

أيضاً وصفه الشيخ محمد الغزالى رحمه الله أنه كان شيخ مجتهد و لكنه قليل العلم و ذلك يمكن إرجاعه لظروف عصره و بيئته التى كانت ضحلة فى مجال الاجتهاد الدينى و العلوم الشرعية إينذاك فى شبه الجزيرة العربية و أيضاً تتدخل فى تلك الظروف البيئية التى نشأ فيها جو من الخزعبلات و الدجل و الشعوذة و لا توجد مجامع علمية دينية حقيقية تصحح الافكار على هدى الإسلام الصحيح و كان علماء الدين المتفقهين قلة و ليست لديهم الجرأة الكافية لتصحيح الأعتقاد الدينى و إعادته لمنابعه الصافية و عاب عليه الشيخ محمد الغزالى رحمه الله أنه من جملة الاحاديث الضعيفة التى استند إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب حديث الغرانيق و هو من الأحاديث الضعيفة التى تشوه صورة الإسلام و تفتح الباب أمام المغرضين و أعداء الإسلام لأن ينالوا من هذا الدين الحنيف و من هذا المنطلق من الممكن أن نلتمس أن نقد الشيخ محمد الغزالى له ينطوى على دليل موضوعى ينم عن قلة علم الشيخ عبد الوهاب و قلة المصادر الموثوقة التى يستقى منها علومه الدينية إينذاك فى شبه الجزيرة العربية, و هذا أدى إلى أنه نشأ فى بيئة ضعيفة من الناحية الدينية فأثر ذلك على مستواه الدينى إلى حد كبير و الكثير من أرائه الدينية و أفكاره الإسلامية و ذلك لاستقواءه بأحاديث ضعيفة فى بعض الأحيان و يرى أتجاه من المنتقدين للشيخ عبد الوهاب أن منطلقاته كلها فى تعليم الدين تقوم على مبدأ التفسير الحرفى للنص بدون الخوض فى علم التأويل فقادت الكثير من أحكامه إلى ترسيخ مبدأ الفهم الحرفى للنص بدون النظر إلى ملابسات النص و ظروف تكوينه و أيضا اعتماده الكلى على المرويات و الاحاديث و جعلها فى المقام الأول المؤسسة لفكره و منهجه و احتلال القرآن كمصدر و حجة المرتبة الثانية فى تراتبها مع الاحاديث و المرويات, و رفض مبدأ إعمال العقل بأى شكل من الأشكال و قدم كل ما هو نقلى على ما هو عقلى و ذلك أدى إلى جمود المذهب السلفى و الاستقواء بالاحاديث و المروايات دون النظر إلى متنها و الاكتفاء بصحة السند فيها فقط و كذلك الاعتماد الكلى على شروحات الاقدمين دون النظر فيها أو جواز نقدها او حتى الإضافة إليها, و يمكن أن نلفت الأنظار أيضا إلى أن الظروف المحيطة بالشيخ عبد الوهاب هى التى حددت منطلقات دعوته و تركزت بشكل أساسى فى نقض كل ما يخالف عقيدة التوحيد من ألوان الشرك و أعمال السحر و الدجل و الشعوذة و التبرك بالأولياء و غيرها من أفعال الجاهلية التى جاء الإسلام ليقضى عليها فكان جل تركيزه على تلك النواحى بأكثر من تركيزه على النواحى الفقهية و الأحكام الشرعية و أحكام العبادات و غيرها من فروع الدين و بالأخص الأحكام الشرعية التى تعنى بالضوابط الاجتماعية لأن السواد الأعظم من فكر الشيخ اعتمد على محاربة كل أشكال الشرك التى كانت منتشرة أينذاك فى شبه الجزيرة العربية و التركيز على مفهوم التوحيد و القاء معظم الضوء عليه دون سائر الموضوعات التى تهم المسلم فى حياته اليومية, و يعلق الدكتور محمد الدخيل على ذلك بأن تركيز الشيخ عبد الوهاب على فكرة التوحيد وحدها و اعطائها جل اهتمامه كان بهدف التخديم على السلطة السياسية المتمثلة وقتها فى حليفه القوى محمد بن سعود و إن فى إرساء فكرة التوحيد فى نفوس العوام هو غرس أيضا لفكرة الحاكم الواحد و الحزب و الواحد و الفكر الواحد و مذهب دينى واحد و نبذ ما عاداه من مناهج أخرى و رفض لمبدأ التعددية باعتبارها مسببة للفتن و أثارة النزاعات و الصراعات ففكرة التوحيد فى العقيدة هى فكرة الأجماع على محمد بن سعود فقط دون غيره و عدم الميل إلى رفضه أو التفكير مستقبلا فى أى شخصية أخرى كبديل لآل سعود, و من جهتى أقول أن فكرة التوحيد التى قامت عليها دعوة الشيخ عبد الوهاب هى التى حددت المنطلقات الفكرية فيما بعد لاتباع الاتجاه السلفى فى نبذ أراء كل الفرق و التيارات الإسلامية الأخرى و نبذ التعددية الفكرية و القبول بمنهج واحد و فكر واحد و هو المنهج و الفكر السلفى فقط كطريق وحيد لفهم الإسلام و ترسيخ أن الحقيقة هى فى يد اتباع المنهج السلفى دون غيرهم,و لذلك أن من أهم الادوات التى يتسلح بها علماء السلف اليوم هى التنقيب و البحث فى أخطاء كل من كان ليس على مذهبهم و محاولة الكشف عن عيوبه و سقاطاته و ذلاته من وجهة نظرهم فوجه علماء السعودية العديد من الهجمات الشرسة فى العقدين الأخريين و الانتقادات اللاذعة للشيوخ الأزهرين فى مصر و أيضا توجيه اتهامات لاذعة للأخوان المسلمين على أساس انهم يظفون الدين فى اللعبة السياسة من أجل الوصول إلى الحكم و تحقيق مصالحهم الشخصية و اسقاط فروض من الدين من وجهة النظر السلفية بغرض ملاطفة اصحاب الاتجاهات العلمانية و الليبرالية و اليسارية و القومية و لكن تغير هذا الفكر بدرجة ملحوظة بعد ثورة 25 يناير و أيضاً لا يمكن أن تجد شيوخ السلف فى السعودية و مصر يدعمون بأى شكل من الأشكال و لو على المستوى المعنوى فقط فى خطاباتهم الدينية المقاومة الفلسطينية الإسلامية حماس لأنها تنتمى إلى الاتجاه الأخوانى و أيضا تخليهم عن رفقائهم السلف الجهاديين بأوامر من النظام الحاكم فى السعودية بعد أن تسلم النظام السعودى أوامر أمريكية برفع يد الدعم عن الجهادية السلفية و أخص هنا بالذكر المجاهدين العرب فى أفغانستان و قليل من علماء السلف هم من يخرجون عن هذا الخط.

تكوين المذهب السلفى: أهم السمات

و من الممكن القول أن المصادر الاساسية التى أعتمد عليها الشيخ محمد عبد الوهاب فى تكوين ملامح الفكر السلفى هى مجموعة من علماء العصور القديمة أمثال ابن تيمية و ابن القيم و سيرة ابن هشام و بعض الصحاح و هى من الواضح فى بنية مجتمع شبه الجزيرة العربية مصادر قليلة لا تتميز بالتنويع و كان هذا هو المتاح تقريبا أمام الشيخ عبد الوهاب و لو كان لديه تنوع فى المصادر لربما استقى منها جميعا أفكاره و توجهاته السلفية و لربما أيضاً تغيرت بعض توجهات و ملامح الفكر السلفى و لكن لقلة المصادر و ندرة تنوعها كان يكتفى ببعض المصادر التى لم تغنى الكثير و لكنها ساهمت أيضا بشكل فعال فى القضاء على الكثير من ألوان الشرك و الخزعبلات التى كانت منتشرة فى شبه الجزيرة العربية و كان الاستاذ الانموذج بالنسبة للشيخ عبد الوهاب هو ابن تيمية و ذلك لأن هذا الشيخ الملقب بحجة الإسلام كان يواجه نفس ظروف الشيخ محمد عبد الوهاب و كان الشيخ ابن تيمية قد لاحظ أن الاتجاه الصوفى فى سوريا قد أحدث الكثير فى الدين و أدخل إلى الدين الكثير من ألوان الشرك و الخزعبلات و تصدى لها شيخ الاسلام ابن تيمية بقوة لمحاربة الصوفية فى سوريا و لذلك اتخذه عبد الوهاب استاذا له نتيجة لتشابه الظروف بين كلا الرجلين و سار اتباع المذهب السلفى على خطى الشيخ محمد عبد الوهاب بدون أضافة أو تعديل أو تطوير للمنهج الفكرى للشيخ محمد بن عبد الوهاب و التزام الخطوط الحمراء التى وضعها لنفسه بدون مراعاة الظروف التى نشأ فيها ذلك الشيخ و قلة العلم الذى تلقاه و اعتمدوا منهج الفهم الحرفى للنصوص فقط و أخذ الكثير من النصوص على ظاهرها بدون تأويل النصوص و فهم دلالات النصوص و الظروف التى نشأت فيها تلك الأحكام أو صدرت فيها تلك التشريعات, و التركيز على الشكليات دون الخوض فى المضمون و لاستبيان الأمور بطريقة أوضح, نرى أن الاتجاه السلفى معنى كثيرا بالقضايا الفرعية دون الاهتمام بقضايا أخرى جوهرية و من أمثلة القضايا الفرعية اطلاق اللحية و لبس الجلباب و تقصير السروال و فرض النقاب على المرأة و جعلوا هذه القضايا الفرعية من أهم السمات التى تميزهم عن سائر التيارات الإسلامية و اطلاق الأحكام على باقى التيارات الإسلامية بعدم سيرها على الطريق الصحيح للإسلام و ذلك لاختلاف سائر التيارات معهم فى مثل تلك القضايا الفرعية. و أيضاً من القضايا الأخرى الخلافية التى يرفض الاتجاه السلفى أن يعترف بأنها من جملة القضايا الخلافية هى الفنون فى جملتها مثل فن التصوير الضوئى و رسم الاشخاص و الحيوانات و الموسيقى و تحريم فن التمثيل و كتابة القصص و اعتمدوا على مرويات مستقاه من الاحاديث النبوية و السيرة النبوية و سير الصحابة و فهم النصوص على ظاهرها دون النظر إلى سياقات النصوص و أسباب احكامها و رفضوا اعتبار مثل هذه القضايا من الأمور الخلافية و لكن النظر إليها باعتبارها قضايا محسومة و عليها إجماع من علماء الامة و فى نظرهم أن علماء الامة التى يقع عندهم الاجماع هم فقط اتباع المنهج السلفى كما يتهمهم البعض و أما من كان خارج هذا التنظيم فهو يسقط من قائمة علماء الامةأو جمهور العلماء, و بشكل خفى غير مباشر سيرا على خطى الشيخ محمد عبد الوهاب يعنى اتباع المذهب السلفى كثيرا بالاحاديث النبوية و اعتبارها مرجعية أولى فى التشريع و فى فهم و تفسير القرآن و إصدار الفتاوى و التثبت من الأحكام و الأوامر و النواهى و أن كانوا لا يقولونها صراحة و لكن من كتابتهم و اجتهاداتهم الفقهية يقدمون السنة على القرآن و يقولون أن بعض الاحاديث تنسخ الآيات القرآنية فى بعض المواضع منها و على سبيل المثال حديث رجم الزانية المحصنة بالاستناد إلى الاحاديث الواردة فى صحيح البخارى و مسلم و أنها نسخت الاية التى تقول: " و اللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا" سورة النساء الآية رقم 15 و يرفض القرآنيين حد الرجم الوارد فى السنة استنادا الى هذه الآية و يرفضون تفسير أن ذلك الحديث قد نسخ تلك الآية, و على الرغم من أن الاحاديث ظنية الثبوت و القرآن قطعى الدلالة ألا أنهم يجيزون نسخ الاحاديث لآيات قرآنية و لتحرى الموضوعية هذه ليست مقولة السلفيين وحدهم و لكن مقولة أغلب علماء أهل السنة و الجماعة و لكن لا يفوتنا أن نقول أن الاتجاه السلفى يعظم السنة و يقدمها فى كثير من الأحيان على القرآن و يفسرون أن الاحاديث التى تتعارض صراحة مع القرآن هو مجرد تعارض ظاهرى و لكنه يحتاج إلى تاويل و بذلك يجيزون استخدام علم التأويل فيما خص الاحاديث التى تتعارض مع القرآن فقط و لا يقبلون بتأويل الاحاديث الاخرى و يأخذونها على الظاهر فقط دون البحث فى حيثيات الحديث و الحكم الوارد فيه.

و يمكن تلخيص أهم سمات الاتجاه السلفى فى الأتى:
1- حرمانية الصلاة فى المساجد التى بها قبور أو أضرحة و ذلك من أجل الايضاح يدخل فى باب فقه سد الزرائع و هو الاعتماد على مبدأ التحريم لدرء فتنة محتملة و أهم حديث يعتمد عليه السلف فى هذه القضية و هو خرجه مسلم فى صحيحه يقول فيه النبى صلى الله عليه و سلم: " ألا و إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم و صالحيهم مساجد, ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فأنى أنهاكم عن ذلك"و يرفضون الاحتجاج بالآية الكريمة المذكور فيها: " قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا"و يعتبرون أن الآية هذه تتحدث عن شرائع كانت موجودة فى الديانات السابقة و جاء الإسلام و نسخها و يعتبرون أن هذا الحديث ينسخ تلك الآية التى تتحدث عن شرائع سابقة و هى قضية خلافية يرفض الاتجاه السلفى اعتبارها قضية خلافية و يتهمون بمن يحتج عليهم بالقرآن بأنه قرآنى منكر للسنة. 2- وجوب اطلاق اللحية بطول قبضة يد مضمومة و فى أقوال أخرى تتجاوز حد القبضة المضمومة و يصل الاختلاف أيضاً إلى حد غريب فى شكل اللحية الواجب اطلاقها, و منها وجوب البعض حلق الشارب و ترك اللحية فقط و ذلك استنادا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم الذى يقول فيه:" جزوا الشوارب أرخوا اللحى و خالفوا المجوس" و هى من الأمور الجوهرية لدى أتباع المنهج السلفى و قناعتهم بأن تارك اللحية آثم و عاصى لربه لاعتقادهم فى أنها فرض و يرفضون الخلاف الفقهى فى هذا الشأن. 3- وجوب تقصير السروال إلى ما فوق الكعبين و هى من الأمور التى يعتبرونها أمر صريح من الرسول صلى الله عليه و سلم و فى مخالفته آثم و يستندون إلى الحديث المروى عن النبى صلى الله عليه و سلم : " ما تحت الكعبيين من الآزار ففى النار" و يطبقون ذلك الحديث على ملابس من الممكن أن يرتديها الرجل و أهمها السروال و على الرغم من أنه لم يرد فى الاحاديث صراحة لفظ سروال ولكن يأبى شيوخ السلف ألا تطبيقه أيضاً على السروال و تقصيره ما فوق الكعبين. 4- وجوب أن تلزم المرأة البيت و لا تخرج الى الشارع ألا عند الضرورة فقط استنادا إلى الآية الكريمة القائلة: " و قرن فى بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" سورة الأحزاب و منها استنبطوا الحكم بتحريم العمل على المرأة. 5- فرض النقاب على المرأة باعتباره فرض و لكن هناك بعض اتباع المنهج السلفى ينزلون عند هذا الحد إلى السماح بالخمار و ذلك على مضض مع تزييل هذا الترخيص بأن أرتداء المرأة للخمار فقط هو أقل ما يوجبه الشرع و يرون فى أن أرتداء المرأة للنقاب أجماع لعلماء الأمة كما يقول اتباع المنهج السلفى و يأولون آية الحجاب فى القرآن على أن المقصود بها هو النقاب كما جاء فى نص فتوى للشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز. 6- يصل بعض السلفين المتشددين إلى تحريم نزول المرأة للعمل و البعض منهم يجيز نزولها إلى العمل أذا كان لحاجة ماسة يتطلبها البيت و منها أنها العائل الوحيد للأسرة. 7- ترسيخ مبدأ تعدد الزوجات و أنها من السنن المهجورة و تشجيع رجال السلف عليها و ترويض المرأة المنتمية للاتجاه السلفى على تقبل هذه الظاهرة التى ربما تلقى تجاوب فى المجتمعات الخليجية و ذلك لطبيعة المجتمع التى تتقبل ظاهرة تعدد الززجات و لكنها غير موجودة فى سائر المجتمعات العربية المتمدنة.
8- تحريم الغناء و الموسيقى أو المعازف باعتبارها عملا من أعمال الشيطان و أيضا فن التصوير ألا عند الضرورة كالبطاقة الشخصية أو جواز السفر و المعاملات الحكومية المختلفة التى تتطلب صور ضوئية و تحريم رسم الاشخاص و الحيوانات و أيضا فن النحت و يستندون فى تحريم الموسيقى و الغناء و المعازف إلى عدد من الاحاديث التى يحرم فيها الرسول صلى الله عليه و سلم الغناء و المعازف و يطبعون تفسير خاص للآية الكريمة التى تقول: " و من الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم و يتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين"و يفسرون لهو الحديث بأن المقصود به الغناء و هى أحدى استخدامتهم القليلة لعلم التأويل فى تفسير النصوص الدينية و يدعمون أيضا حكم التحريم بعدد آخر من الأدلة التى ترد فى أكثر من ستة عشر حديث نبوى, نذكر منه الحديث: " ليكونن من أمتى أوأم يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف" و على الرغم من مخالفة شيوخ آخرين لهذا الحكم ألا أن السلف يصرون أن هذا التحريم فيه إجماع من قبل علماء الأمة و للشيخ يوسف القرضاوى قول فى مسألة الغناء و المعازف يخالفه فيه اتباع السلف. 9- تحريم كتابة القصة أو الرواية باعتبارها خبر كاذب 10- التحريض على كره الشيعة و تكذيبهم و عند بعض المتشددين تكفيرهم و وجوب قتالهم و أنهم أشد خطرا على المسلمين السنة من اليهود و المسيحين و إجازة التعامل مع اليهودى أو المسيحى و منع التعامل مع الشيعى منعا باتا و لا يتسع المجال هنا لسرد خطابات كثيرة من علماء السلف فى هذا الصدد فى الحض على كره الشيعة و تكفيرهم و التنبيه من أنهم أشد خطرا من اليهود و النصارى. 11- الاعتداد بعلماء الاتجاه السلفى فقط كعلماء الأمة و التقليل ممن لا ينتمى إلى فكرهم و يصل عند بعض المتشددين إلى حد التحقير و الاتهام الصريح بالجهل الدينى و عدم جواز أخذ العوام عنهم و ترسيخ مبدأ الأخذ عن علماء الاتجاه السلفى فقط و التشديد على هذه النقطة. 12- عدم جواز الخروج على الحاكم حتى و لو كان فاسق فاجر بالاعتماد على فتاوى الماوردى و ابن تيمية و أبو حامد الغزالى. 13- المصدر الاساسى و المرجعية الدينية لدى كل اتباع المنهج السلفى هم أئمة و علماء المملكة العربية السعودية فقط و شرط الإجازة فى الإنتماء للمنهج السلفى من طالبى العلم فى سائر الدول الأخرى أن يتتلمذوا على يد علماء و أئمة الدين فى المملكة العربية السعودية فقط باعتبارها المقصد الأول و لا يجوز نقدهم أو مغالطتهم أبدا با عتبارهم اعلم اهل الأرض فى العصر الحالى. 14- واجب على كل متبع للمنهج السلفى أن يعتنى بتحصيل العلم الدينى و تقديمه على سائر العلوم باعتبار أن عدم التفقه فى الدين عند بعض علماء السلف آثم يلحق بصاحبه أن لم يؤديه و أدنى مراتب التحصيل الدينى المفروض على عوام السلف هو فهم عقيدة التوحيد و الاعتناء الشديد بالأمور الفرعية و ووجوب التفقه فيها مثل اطلاق اللحية و تقصير الثوب و إقامة الشعائر الدينية بالشكل الذى يحدده علماء السلف فقط حتى اختلط على عوام السلف أن ما عادا ما يأمرونهم به علماء السلف هو خطأ و يصل إلى حد إبطال العبادات و من أمثلة ذلك أن الذى يصلى و يداه مرسلتان تبطل صلاته و من يصلى و قد وضع اليمنى فوق اليسرى و كانت فوق سرته ابطلت صلاته و غيرها من الأمور الشكلية و الإجرائية التى يعنى بها عوام السلف و منع علماء السلف عليهم الخوض فيما دون ذلك لقصر فهمهم و عدم قدرتهم على استيعابه و تتراتب بعد ذلك مراتب التحصيل الدينى فيتدرج بعد تشربه لمفهوم التوحيد فهم السنة و من ثم السيرة النبوية و لتمييز عوام السلف عن غيرهم من عوام التيارات الإسلامية الأخرى يفرض عليهم حفظ سور من القرآن و أن ترك حفظ القرآن يجعله آثم و يتعدى الأمر هذا الحد إلى أن حفظ آيات القرآن من غير تشكيل أو فهم لاحكام التجويد هو آثم و يزيد البعض عن ذلك ضرورة حفظ عوام السلف جملة من الاحاديث النبوية و قراءة و دراسة الأربعين النووية .
15- عدم زيارة أضرحة و مقامات الأولياء أو التبرك بهم أو طلب الشفاعة منهم أو سؤالهم الحاجة سواء كان استغاثة أو رزق أو فك كرب باعتباره لون من ألوان الشرك بالله و هذه من الأمور الإيجابية التى تحسب للاتجاه السلفى.
16- عدم جواز مخالطة الكتابيين أو إنشاء علاقة صداقة معهم باعتبار مصادقة الكتابيين هو الاعتراف بالولاء لهم و اتباعهم مما يؤدى إلى الضلال و الشطط و هو يدخل لديهم فى باب الولاء و البراء 17- الهجوم على الصوفيين و اتهامهم بالشطط و الضلال و الخروج عن الطريق المستقيم و إدخال البدع إلى الدين و إحداث فى الدين ما ليس فيه و نبذ الصوفيين و التنفير منهم و أظن أيضا أن هذه من النقاط الإيجابية التى تحسب للسلف و إن كان من المفروض أن يستبدلوا مبدأ التنفير منهم بمحاولة إقامة جسور للتواصل مع التيار الصوفى و محاولة رده إلى جادة الصواب. 17- تحريم التظاهر بكل أشكاله أو انتقاد الحكام فى أى مسلك من سلوكه و على الرغم من موقفهم السلبى من التظاهر أثناء ثورة 25 يناير ألا أن هذا الفكر تغير إلى حد ما بعد الثورة و لكن ليس بالشكل المرجو.
18- تحريم الحديث فى الفتنة الكبرى بين الإمام على و معاوية بن أبى سفيان و أن البحث فى أسباب الفتنة الكبرى هو الخروج عن الخطوط الحمراء و يجلب الذنب و الآثم على صاحبه. 19- صوت المرأة عورة ليس فقط فيما اختص بغناء المرأة و لكن أيضا فى أن تتحدث الى أى رجل أجنبى و أن تبذل كل جهدها فى أن تعتمد على لغة الإشارة بقدر المستطاع و لا تظهر صوتها إلا عند الضرورة القصوى فقط. 20- تحريم مشاركة المرأة فى الانتخابات أو أى مناصب تقوم فيها مقام المدير أو الرئيس باعتبارها ولايات كبرى لا تجوز للمرأة و إن كان الموقف الرافض من مشاركة المرأة بالتصويت فى الانتخابات تغير إلى حد ما بعد الثورة. 21- مكروه لدى رجال الدين السلفيين أن تكون المرأة عالم دين أو متفقه تفتى العوام أو تخطب فيهم فيما خص الدين ألا لو كانت إمراة مثلها و أيضا فى حدود ضيقة. 22- تحريم تعطر المرأة خارج البيت باعتبار المرأة المتعطرة زانية أو أن تضع المكياج أو تزجيج الحواجب أو صبغ الشعر بلون مختلف مع جواز فعل ذلك فى أن تتزين فقط لزوجها فى البيت فقط. 23
- يختلف رجال الدين السلفيين بين الحكم على كل المشتغلين بالالعاب الرياضية بين التحريم و الاستكراه باعتباره لهو يلهى عن ذكر الله و مضيعة للوقت.
هذا كان باختصار أهم سمات و ملامح الفكر السلفى و لربما كان هناك ما هو أكثر من ذلك ليتم سرده و لكن نحن نكتفى فى هذا الصدد بأهم ملامح الفكر السلفى.

دور آل سعود فى نشر المذهب السلفى: النشأة و التطور

و نلاحظ دور آل سعود فى تقوية المذهب السلفى أيضا و إنفاق ملايين الدولارات لنشره فى كل العالم الإسلامى لما له من خلفيات سياسية و تبعية أكيدة و أيضا قديما لاتحاد محمد بن سعود مع الشيخ محمد عبد الوهاب فى حملته ضد الجهل الدينى فى شبه الجزيرة العربية و استخدام محمد بن سعود لمحمد عبد الوهاب كغطاء شرعى و دينى فى حملته العسكرية على كل القبائل العربية فى شبه الجزيرة العربية بحجة مكافحة الجهل الدينى و ألوان الشرك المنتشرة لإخضاع كل هذه القبائل تحت سيطرته و حكمه و إقامة الدولة السعودية الأولى و هو المؤسس الأول للمملكة العربية السعودية و اعتبرها المؤرخين الدولة الأولى فى تاريخ نشأة المملكة التى قضى عليها بكل قوة إبراهيم باشا بن محمد على باشا بأمر من السلطان العثمانى و لكن كل ذلك لم يسهم فى القضاء على المذهب السلفى الذى كان منشأه السعودية أو بلاد الحجاز فيما يعرف قديما و كان محمد بن سعود من الدرعية و كان يسعى إلى السيطرة على شبه الجزيرة العربية كلها بما فيها مكة و المدينة و حتى أن التسمية الغالبة على نجد الأن هى ديار الاسلام باعتبار أن كل ما عادا نجد لم يكن ضمن جملة ديار الاسلام من منطلقات الشيخ محمد عبد الوهاب و أنهم حادوا عن جادة الصواب و الطريق المستقيم و كانت الاستفادة متبادلة بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب و محمد بن سعود فالأول يريد فرض سلطانه على الجميع و الشيخ محمد عبد الوهاب يريد أن يكون الإمام المصلح لكل رعايا شبه الجزيرة العربية و أن يكون هو الإمام الدينى لهذه المنطقة و هو التزاوج التاريخى بين السلطة العسكرية و السلطة الدينية فاجتمعت مصالح الرجلين و هو معنى اعتبارى و أيضا استفادة محمد بن سعود من ذيوع سيط الشيخ عبد الوهاب بين أبناء شبه الجزيرة العربية,فنبذ علماء الدين وقتها الشيخ محمد بن عبد الوهاب و مهاجمة أنصار هؤلاء الشيوخ للشيخ عبد الوهاب استلزم منه أن يرتكن إلى قوة عسكرية تؤهل له إزاحة هؤلاء الشيوخ عن طريقه ليتسيد هو المكانة وحيدا فى ريادة أمة شبة الجزيرة العربية فى المجال الدينى و أيضا السيادة العسكرية لمحمد بن سعود و توسيع رقعة سلطانه لتشمل شبه الجزيرة العربية و إسقاط كل الأمراء وقتئذ ليخلو له المكان للجلوس فوق عرش شبه الجزيرة العربية.

أنتشار المذهب السلفى حديثا

و قامت دولة السعودية الثانية على يد رجل من أسرة آل سعود فى أعقاب الحرب العالمية الأولى بعد أن خطط الاستعمار البريطانى لتقسيم شبه الجزيرة العربية لمجموعة دويلات يحكمها أمراء القبائل بالتنسيق مع المخابرات البريطانية و قادة الاستعمار البريطانى و كانت تلك هى منطلقات نشأة المملكة العربية السعودية الثانية و خروجها عن الحكم العثمانى و ذلك للضعف الذى اعترى الخلافة العثمانية و ظهور الدولة السعودية الثانية و استقوائها أيضا برواد المذهب السلفى اتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذين انتشروا فى شبه الجزيرة العربية و اصبحوا أئمة السلطان الدينى فى تلك المنطقة مما يقتضى تجديد التحالف القديم مرة أخرى بين آل سعود و بين اتباع الشيخ محمد عبد الوهاب ووعود كثيرة بترسيخ مكانة رجال الدين الجدد الذين حلوا مكان الحرس القديم الذى و نتيجة للانتشار السلفى السريع فى أرجاء تلك المنطقة و الفضل يعود فى ذلك أولا إلى التحالف الدينى العسكرى الأول بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب و الأمير محمد بن سعود و بدأ منذ العهد النفطى لدول الخليج أن تتجه أنظار آل سعود إلى صرف ملايين الدولارات على نشر المذهب السلفى فى كافة أرجاء العالم الإسلامى و ذلك فى صراعها المرير مع الدولة الشيعية فى إيران و رغبة منها أيضا فى أن تكون الدولة الرائدة فى العالم السنى وانتزاع هذه المكانة من مصر باعتبار الأزهر الشريف منارة العالم الإسلامى السنى و حاربت كل اشكال تقريب المذاهب بين الأزهر الشريف و مرجعيات الشيعة التى تمت فى عهد الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر سابقا فى العهد الناصرى و استخدم آل سعود نقود النفط للصرف على نشر المذهب السلفى عن طريق شرائط الكاسيت لشيوخ السلف السعوديين و طباعة كتب الشيوخ السعودين السلفيين طباعات فاخرة فى سبعنيات و ثمانينات و تسعنيات القرن المنصرم و إهداء آلاف النسخ إلى المقيمين على أراضيها من كافة الدول العربية و بالأخص بنشره بين المصريين و نجح المذهب السلفى فى أن ينتشر فى مصر بقوة و خاصة على يد المصريين العاملين بالمملكة العربية السعودية الذين قاموا بنشر الفكر السلفى و ظهرت اقتصاديات سلفية قوية فى مصر فى حقبة الثمانينات تتمثل فى الريان و الشريف و السعيد و غيرهم ليعلنوا عن تكتل اقتصادى سلفى قوى و لكن قامت أجهزة الأمن المصرية بالقضاء على تلك الكيانات الاقتصادية و لكنها لم تقضى على التيار السلفى الذى انتشر بين العوام و خاصة بين الطبقات الاجتماعية الفقيرة فى مصر و الطبقة المتوسطة و أصبح هناك اتباع للتيار السلفى فى مصر و تكون فى مصر فى نهايات القرن العشرين و بدايات القرن الحادى و العشرين نواة جيدة من شيوخ بارزين تتلمذوا على يد شيوخ سعوديين أمثال ابن العثيمين و بن باز و من أمثال هؤلاء الشيوخ المصريين السلفيين محمود المصرى و محمد حسين يعقوب و محمد أسماعيل المقدم و أبو اسحاق الحوينى و الشيخ محمد حسان و ياسر برهامى و أيضا انفقت السعودية ملايين الدولارات على إنشاء مدارس دينية فى باكستان و أفغانستان لمحاربة التواجد الشيعى فى كل من أفغانستان و باكستان و لفرض التبعية للملكة العربية السعودية عن طريق نشر المذهب السلفى فى كلا الدولتين و ظهرت على أثرها مدارس طالبان التى أدت إلى نشأة حركة طالبان الدينية و تكوين سلفية جهادية على يد المحاربين العرب فى افغانستان و بالأخص قوامها الاساسى من السعودين إيبان الاحتلال السوفيتى لافغانستان و دعم المجاهدين الافغان والعرب هناك بضوء أخضر من الولايات المتحدة الامريكية و دعم أمريكى أيضا واضح فى ظل الحرب الباردة بين قطبى العالم وقتها الاتحاد السوفيتى و الولايات المتحدة الأمريكية.

أنقلاب بعض رموز التيار السلفى على الراعى

انقلب بعض من رموز التيار السلفى على الحكم الملكى فى السعودية أو آل سعود على وجه الدقة حلفاء الماضى و أعداء اليوم الذى كان يرعاهم و يتعهد بنشر مذهبهم السلفى كما كان معهود فى القرن العشرين و لكن حدث اختلاف فى المصالح و الرؤى بعد دخول الامريكين لمنطقة الخليج و إنشاء قواعد عسكرية فى المملكة العربية السعودية عقب حرب الخليج عام 1991 و أيضا تأزمت العلاقة بين التيار السلفى و الأسرة المالكة الحاكمة فى أعقاب تفجير 11 ستمبر 2001 و غزو الأمريكان لافغانستان و إنشاء جبهة ما يسمى بمكافحة الأرهاب المعروفة بأسمها الآخر الجهادية السلفية الذى كان يتم برعاية سعودية للقاعدة و طالبان فى فترة الاحتلال السوفيتى لافغانستان و أطلاق مصطلح منظمات أرهابية على تلك الحركات التى كانت تدعمها الحكومة السعودية أيضا فى الشيشان و تخلت الحكومة السعودية بأوامر أمريكية عن مساعدة التيارات الجهادية السلفية فى افغانستان و باكستان و الشيشان و أيضا الصراع المرير الذى خاضته أجهزة الامن المصرية ضد الجهادية السلفية فى مصر التى كانت متمثلة فى "الجهاد" و "التكفير و الهجرة" و "التبليغ و الدعوة" و غيرها من الحركات الإسلامية المسلحة و صراع المملكة العربية السعودية فى العقد الأول من القرن الواحد و العشرين مع تنظيم القاعدة فى السعودية, ذلك الصراع العسكرى الذى صحبه تفجيرات لمقرات أمنية سعودية و مجمعات سكنية للرعايا الأجانب الامريكان, كل تلك العوامل أدت الى انشقاق فى صفوف التيار السلفى فى العقود الثلاثة الأخيرة و هو تيار جهادى سلفى و تيار سلفى آخر مسالم و موالى للنظام الحاكم و يكفل أيضا له غطاء شرعى لوجوده فى الحكم و يكتفى التيار السلفى المسالم بخطوط حمراء وضعها له النظام الحاكم لا تتجاوز العبادات و الاخلاق و الدخول فى نفق الخلافات الشكلية مثل اللحية و الجلباب و النقاب و انخراط التيار السلفى فى الصراع الشكلى فقط مع باقى التيارات الإسلامية الغير سلفية و أيضا فى صراعه الثانوى مع الصوفية و صراعه الاساسى مع الاتجاه الشيعى الإيرانى الحالى لأن النظام الحاكم فى السعودية يوجه كل طاقات الاتجاه السلفى الموالى للنظام على محاربة الفكر الشيعى و تكفيرهم و شحذ مشاعر الكراهية ضدهم و محاربة الجزء السلفى الجهادى المنشق عن النظام الحاكم السعودى بالتآزر و التحالف مع القوى الأمريكية و الغربية و إن كان هناك وجهة نظر معتبرة فى محاربة الفكر الشيعى التى تحاول الثورة الإسلامية فى إيران تصديره إلى العالم العربى السنى ألا أنها فى الاساس غطاء للأسرة الحاكم فى السعودية فى صراع سياسى خفى مع النظام الإيرانى و لقد انتج هذا الفكر من رفع حالة الاستعداء ضد الفكر الشيعى ان غرقت العراق فى مستنقع الطائفية بين السنة و الشيعة و لا يفوتنا فى هذا المقام أن نذكر أيضا فى هذا المقام أن العقيدة الأثنى عشرية أو الامامية الشيعية تجيز قتل المسلم السنى و تكفره و تسبيح ماله و عرضه و لكن لهذا المقام مقال آخر نتناول فيه الفكر الشيعى المؤسس على تكفير السنة و استعدائهم أيضا و الحض على كراهيتهم و نبذهم إلى حد صادم و مؤسف إلى أقصى حد.